الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّائِلَ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَعْنِي عَنْ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَالْحَامِلِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه وَأُخْرِجَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] إنْ لَمْ تَعْلَمُوا الْحَيْضَ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُكْتَفَ بِقَوْلِهِ {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] عَمَّا قَبْلَهَا قُلْت الْآيِسَةُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا حَاضَتْ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا حَيْضَ لَهُنَّ أَصْلًا إمَّا لِلصِّغَرِ أَوْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ فَلِذَا أَفْرَدَهَا.
(قَوْلُهُ وَلِلْمَوْتِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) أَيْ:
عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
بَعْدَ نِكَاحٍ صَحِيحٍ إذَا كَانَتْ حُرَّةً أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أَيْ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ عَدَدَ الْأَيَّامِ أَوْ اللَّيَالِيِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الْآخَرِ وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ إنَّ الْعِدَّةَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ أَخْذًا مِنْ تَذْكِيرِ الْعَدَدِ أَعْنِي الْعَشْرَ فِي الْكِتَابِ كَمَا سَمِعْت، وَفِي السُّنَّةِ فِي حَدِيثِ «لَا حِدَادَ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ وَعَشْرِ لَيَالٍ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ جَازَ هَكَذَا فَرَّعَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَتَبِعَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حُكِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فَقَالَ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ قَالَ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْعَشْرَ مُذَكَّرًا وَجَمَعَ اللَّيَالِيَ بِذِكْرِ لَفْظِ التَّذْكِيرِ وَجَمَعَ الْأَيَّامَ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ فَعَلَى قَوْلِهِ تَزِيدُ الْعِدَّةُ بِلَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ اللَّيَالِيَ إنَّمَا زَادَ لَا أَنَّهُ نَقَصَ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَتَرَبَّصَتْ الْأَهِلَّةَ الْأَرْبَعَةَ فَإِنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِمُضِيِّ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ الْخَامِسِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَ الْعَاشِرِ عَلَى قَوْلِ الْفَضْلِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ تَنْقَضِي بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَ أَحْوَطُ، وَفِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْعَشْرَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ عَشْرُ لَيَالٍ وَتِسْعَةُ أَيَّامٍ اهـ.
وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْعَدَدَ إنَّمَا يَكُونُ عَكْسَ الْمَعْدُودِ تَذْكِيرًا وَتَأْنِيثًا حَيْثُ كَانَ الْمَعْدُودُ مَذْكُورًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْذُوفًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي الْعَدَدِ الَّذِي مَعْدُودُهُ مُذَكَّرٌ كَقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْأَلْفِيَّةِ وَذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَالنُّكْتَةُ فِي عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالتَّاءِ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ أَنَّ هَذِهِ أَيَّامُ الْحُزْنِ
ــ
[منحة الخالق]
[عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا]
(قَوْلُهُ أَيْ عَشْرَةَ أَيَّامٍ) يَعْنِي أَنَّ تَمْيِيزَ عَشْرًا هُوَ الْأَيَّامُ لَا اللَّيَالِي لَكِنَّ بِنَاءَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُقَدَّرَ فِي الْآيَةِ اللَّيَالِي لَا الْأَيَّامُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ فِي الْجَوَابِ عَنْ كَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ قُلْنَا: الِاسْتِعْمَالُ فِي مِثْلِهِ أَنَّ بِذِكْرِ عِدَّةِ اللَّيَالِيِ يَدْخُلُ مَا بِإِزَائِهَا مِنْ الْأَيَّامِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي التَّارِيخِ حَيْثُ يُكْتَبُ بِاللَّيَالِيِ فَيُقَالُ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مَثَلًا وَيُرَادُ كَوْنُ عِدَّةِ الْأَيَّامِ كَذَلِكَ اهـ.
فَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى تَسْلِيمِ كَوْنِ الْمُقَدَّرِ اللَّيَالِيَ لَا الْأَيَّامَ وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَتَأْنِيثُ الْعَشَرَةِ بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِي لَعَلَّ صَوَابَهُ وَتَذْكِيرُ الْعَشْرِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْقِيَاسُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَعْدُودُ مَحْذُوفًا كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ اللَّيَالِيَ إلَخْ) أَيْ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْخَانِيَّةِ فَعَلَى قَوْلِهِ تَزِيدُ الْعِدَّةُ بِلَيْلَةٍ وَجَعْلُهُ إيَّاهُ الِاحْتِيَاطَ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا صَوَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِمَا إذَا مَاتَ قُبَيْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَمَّا لَوْ فَرَضْنَا مَوْتَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَتَرَبَّصَتْ الْأَهِلَّةَ الْأَرْبَعَةَ فَإِنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِمُضِيِّ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ اللَّيَالِيِ أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْأَيَّامِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِي تَارَةً تَزِيدُ فِيهِ الْعِدَّةُ بِلَيْلَةٍ وَتَارَةً تَنْقُصُ بِيَوْمٍ وَكَانَ مُرَادُ الْخَانِيَّةِ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْمَشْهُورِ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَا نَصُّهُ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ لِزِيَادَةِ لَيْلَةٍ كَمَا فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ زِيَادَتَهَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ اهـ.
وَكَانَ مُرَادُهُ بِالتَّأَمُّلِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي الْعَدَدِ إلَخْ) اُقْتُصِرَ عَلَى تَرْكِ التَّاءِ لِكَوْنِ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ يَجُوزُ إثْبَاتُهَا فِي الْعَدَدِ الَّذِي مَعْدُودُهُ مُؤَنَّثٌ قَالَ الشَّمْسُ مُحَمَّدٌ الدَّاوُدِيُّ فِي حَوَاشِي ابْنِ عَقِيلٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُسْتَاذَ الصَّفَوِيَّ نَقَلَ فِي شَرْحِ كَافِيَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا أَنَّ زِيَادَةَ التَّاءِ لِلْمُذَكَّرِ وَتَرْكَهَا لِلْمُؤَنَّثِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ الْمُمَيِّزُ مَذْكُورًا بَعْدَ اسْمِ الْعَدَدِ، وَأَمَّا إذَا حُذِفَ أَوْ قُدِّمَ وَجُعِلَ اسْمُ الْعَدَدِ صِفَةً فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إلْحَاقُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا مَعَ كُلٍّ مِنْ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَقَالَ الصَّفَوِيَّ: فَاحْفَظْهَا فَإِنَّهَا عَزِيزَةٌ وَخَرَّجَ عَلَيْهَا الشَّنَوَانِيُّ فِي حَوَاشِي الْآجُرُّومِيَّةِ قَوْلَ مُؤَلِّفِهَا وَالْمُضَارِعُ مَا كَانَ فِي أَوَّلِهِ إحْدَى الزَّوَائِدِ الْأَرْبَعِ وَالزَّوَائِدُ جَمْعُ زَائِدَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَحَدَ الزَّوَائِدِ وَالْعَلَّامَةُ الْغُنَيْمِيُّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سِتَّةٌ وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِقَوْلِ الْأَكْمَلِ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ سِتٌّ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ
وَالْمَكْرُوهِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَيَّامِ تُسَمَّى بِاللَّيَالِيِ اسْتِعَارَةً كَقَوْلِهِمْ خَرَجْنَا لَيَالِيَ الْفِتْنَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي الْمُحِيطِ إذَا اتَّفَقَ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَتْ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ أُنْقِصَتْ عَنْ الْعَدَدِ وَإِنْ اتَّفَقَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ تُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ فَتَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ بِتِسْعِينَ يَوْمًا، وَفِي الْوَفَاةِ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَعِنْدَهُمَا يَكْمُلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَخِيرِ وَمَا بَيْنَهُمَا بِالْأَهِلَّةِ وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالْيَمِينِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَالْإِجَارَةُ سَنَةٌ فِي وَسْطِ الشَّهْرِ وَسِنُّ الرَّجُلِ مَتَى وُلِدَ فِي أَثْنَائِهِ وَصَوْمُ الْكَفَّارَةِ إذَا شُرِعَ فِيهِ مِنْ وَسْطِ الشَّهْرِ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ اهـ.
وَقَدَّمْنَا عَنْ الْمُجْتَبَى تَأْجِيلَ الْعِنِّينِ إذَا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ الْخِلَافِ لَوْ طَلَّقَ الْحَامِلَ فِي وَسْطِ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ طَلَاقَيْنِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَبَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَهُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْأَهِلَّةِ فِي جَمِيعِ الْعِدَّةِ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا الشَّهْرَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِالْهِلَالِ فِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرُبَّمَا يَنْقُصَانِ يَوْمَيْنِ فَمَتَى اعْتَبَرْنَا الْفَاصِلَ بَيْنَ الطَّلَاقَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَبْقَى بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ وَلَا يَجُوزُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الصُّغْرَى وَاعْتِبَارُ الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ اهـ.
وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةُ الْغَائِبِ إذَا أَخْبَرَهَا رَجُلٌ بِمَوْتِ زَوْجِهَا وَأَخْبَرَهَا رَجُلَانِ بِحَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَ بِمَوْتِهِ شَهِدَ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ أَوْ جِنَازَتَهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ هَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ شُهُودِ الْحَيَاةِ مُتَأَخِّرٌ فَشَهَادَتُهُمَا أَوْلَى، وَفِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَائِبٌ أَخْبَرَهَا رَجُلٌ بِمَوْتِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا فَجَاءَ آخَرُ وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ حَيٌّ فِي بَلَدِ كَذَا وَأَنَا رَأَيْتُهُ فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا الْمَقَامُ مَعَ الثَّانِي؟ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ صَدَّقَتْ الْمُخْبِرَ الْأَوَّلَ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُصَدِّقَ الْمُخْبِرَ الثَّانِيَ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ الثَّانِي وَلَهُمَا أَنْ يَقِرَّا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ، وَفِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ سَمِعْت أَنَّ زَوْجَك مَاتَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا فَإِنْ تَزَوَّجَتْ آخَرَ وَأَخْبَرَهَا جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ حَيٌّ إنْ صَدَّقَتْ الْأَوَّلَ صَحَّ النِّكَاحُ كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ، وَفِي الْمُنْتَقَى شُرِطَ عَدَالَةُ الْمُخْبِرِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهَا، وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ عَدْلًا لَكِنْ أَعْمَى أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ جَازَ.
وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلٌ أَنَّ زَوْجَهَا ارْتَدَّ هَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لِلسِّيَرِ لَا يَجُوزُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَأُطْلِقَ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ لِلْمَوْتِ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ تَحْتَ الْمُسْلِمِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً أَوْ آيِسَةً سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إلَّا الْحَامِلُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْوَضْعِ فِي الْوَفَاةِ أَيْضًا وَلِذَا أَخَّرَ عِدَّةَ الْحَامِلِ عَنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى عُمُومِهَا كَمَا سَتَرَى، وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ سَبَبَهَا الْمَوْتُ وَشَرْطُ وُجُوبِهَا النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَلَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ مَبْدَأَهَا مِنْ وَقْتِ الْوَفَاةِ لَا مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ النِّكَاحِ صَحِيحًا إلَى الْمَوْتِ فَلَوْ فَسَدَ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلِهَذَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لَمْ تَجِبْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ أَصْلًا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَتَيْنِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهُمَا مَمْلُوكَانِ لِلْمَوْلَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَقُلْنَا عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ تَحِدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِنْتَ مَوْلَاهُ فَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ عَنْ وَفَاةٍ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَإِلَّا لَمْ تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ.
(قَوْلُهُ وَلِلْأَمَةِ قُرْآنِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ) أَيْ: وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ فِي الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَإِلَّا فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ فِي الطَّلَاقِ وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَوْ طَلَّقَ الْحَامِلَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ الْحَائِلَ بِالْهَمْزِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْآيِسَةُ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْحَمْلِ عِدَّتُهَا وَضْعُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي تَأَمَّلْ