المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حلف ليهبن فلانا فوهب له فلم يقبل] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌[حلف ليهبن فلانا فوهب له فلم يقبل]

إلَّا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّوْعِ. اهـ.

وَمَا قَالَهُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي مِصْرَ وَيَشَمُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالشَّيْنِ مُضَارِعُ شَمَمْت الطِّيبَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ الْفَصِيحَةُ. وَأَمَّا شَمَمْته أَشُمُّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ فَقَدْ أَنْكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ وَصَحَّحَ عَدَمَهُ فَقَدْ نَقَلَهَا الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ ثُمَّ يَمِينُ الشَّمِّ تَنْعَقِدُ عَلَى الشَّمِّ الْمَقْصُودِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشَمُّ طِيبًا فَوَجَدَ رِيحَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ وَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

قَوْلُهُ (الْبَنَفْسَجُ وَالْوَرْدُ عَلَى الْوَرَقِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا أَوْ وَرْدًا فَاشْتَرَى وَرَقَهُمَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنَهُمَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ عَلَى الْوَرِقِ دُونَ الدُّهْنِ فِي عُرْفِنَا كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى وَرَقَ الْبَنَفْسَجِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنَهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَنَفْسَجِ إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ الدُّهْنُ وَيُسَمَّى بَائِعُهُ بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ فَيَصِيرُ هُوَ بِشِرَائِهِ مُشْتَرِي الْبَنَفْسَجِ أَيْضًا، وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْوَرَقِ كَالدُّهْنِ، وَهَذَا شَيْءٌ يُبْتَنَى عَلَى الْعُرْفِ، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بَائِعُ الْوَرَقِ لَا يُسَمَّى بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَائِعَ الدُّهْنِ فَبَنَى الْجَوَابَ فِي الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ شَاهَدَ الْكَرْخِيُّ عُرْفَ أَهْلِ بَغْدَادَ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ بَائِعَ الْوَرَقِ وَبَائِعَ الْبَنَفْسَجِ أَيْضًا فَقَالَ يَحْنَثُ وَبِهِ، وَقَالَ هَكَذَا فِي دِيَارِنَا أَعْنِي فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يُقَالُ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً، وَفِي الْآخَرِ مَجَازًا بَلْ فِيهِمَا حَقِيقَةٌ وَيَحْنَثُ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ، وَالْيَاسَمِينُ قِيَاسُ الْوَرْدِ لَا يَتَنَاوَلُ الدُّهْنَ؛ لِأَنَّ دُهْنَهُ يُسَمَّى زَنْبَقًا لَا يَاسَمِينًا، وَكَذَا الْحِنَّاءُ يَتَنَاوَلُ الْوَرَقَ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَقَالَ فِي الْكَافِي فِي الْحِنَّاءِ تَقَعُ فِي عُرْفِنَا عَلَى الْمَدْقُوقِ.

[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

قَوْلُهُ (حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ، وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ وَبِالْفِعْلِ لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجَازَةِ بِالْقَوْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ التَّزَوُّجُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْقَوْلِ، وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةِ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ لِلْفُضُولِيِّ حُكْمُ الْوَكِيلِ، وَلِلْمُجِيزِ حُكْمُ الْمُوَكِّلِ، وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ بَعْثُ الْمَهْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ إلَيْهَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَقِيلَ سَوْقُ الْمَهْرِ يَكْفِي سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِالسَّوْقِ وَبَعْثُ الْهَدِيَّةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ جَامَعَهَا تَكُونُ إجَازَةً بِالْفِعْلِ لَكِنْ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِقُرْبِ نُفُوذِ الْعَقْدِ مِنْ الْمَحْرَمِ.

وَلَوْ أَجَازَ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِالْكِتَابَةِ هَلْ تَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ ذَكَرَ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ فِي الْفَتَاوَى إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقُولُ: لِفُلَانٍ شَيْئًا فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا لَا يَحْنَثُ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَيَّدَ بِكَوْنِ التَّزَوُّجِ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَأَجَازَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْقَوْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَفِيهِ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ فَبِالْإِجَازَةِ أَوْلَى.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَأَجَازَ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مُتَوَقِّفٍ عَلَى إذْنِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي ابْنِهِ وَابْنَتِهِ الصَّغِيرَيْنِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَا كَبِيرِينَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَتَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ الْعَقْدَ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْعَبْدَ أَوْ الِابْنَ فَزَوَّجَهُ مَوْلَاهُ، وَهُوَ كَارِهٌ أَوْ أَبُوهُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ حَيْثُ لَا يَحْنَثَانِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً دُونَهُمَا.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ، وَفِي رَقْمِ حُرٍّ فَحِيلَتُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهِمَا فَيُجِيزُهُ هُوَ فَيَحْنَثُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ثُمَّ تُجِيزُهُ هِيَ فَإِجَازَتُهَا

ــ

[منحة الخالق]

كَوْنِ الْجَزَاءِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ كَوْنِهِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَمْ تَبْقَ امْرَأَتُهُ فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ حَسَنٌ جِدًّا. اهـ.

قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا فَاعْتِبَارُ التَّقْيِيدِ فِي الْإِضَافَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَهَا لَا غَيْرَهُ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْمُحِيطِ تَأَمَّلْ.

[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ التَّزَوُّجُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَبِهِ انْدَفَعَ (قَوْلُهُ: وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ بَعْثُ الْمَهْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ) قَالَ فِي الْقَاسِمِيَّةِ، وَقَوْلُهُ ادْفَعْ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا إجَازَةٌ مِنْهُ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ حَصَلَتْ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا، وَقَالَ هَذَا مَهْرُك قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ يَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً يَبْعَثُ إلَى وَلِيِّهَا، وَهَلْ تَكُونُ الْخَلْوَةُ إجَازَةً قَالَ فِي الْفُصُولِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ إجَازَةً كَذَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْسُ الْخَلْوَةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً

ص: 402

لَا تَعْمَلُ فَيُجَدِّدَانِ فَيَجُوزُ زَادَ الْيَمِينُ انْعَقَدَتْ عَلَى تَزَوُّجٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا إذَا قَالَ فِي حَلِفِهِ وَأُجِيزُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ قَالَ النَّسَفِيُّ يُزَوِّجُ الْفُضُولِيُّ لِأَجْلِهِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا إذْ الشَّرْطُ تَزْوِيجُ الْغَيْرِ لَهُ مُطْلَقًا، وَلَكِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ أَقُولُ: فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمِلْكِ مُحَالٌ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَهِيَ طَالِقٌ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِيرُ حَلَالًا لِي، وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى فُضُولِيٌّ عَبْدًا فَأَجَازَ هُوَ بِالْفِعْلِ يَحْنَثُ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ لِلْمِلْكِ أَسْبَابًا كَثِيرَةً. اهـ.

وَعَلَّلَ فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ هُوَ النِّكَاحُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَهُ أَوْ لَا. اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَإِنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ بِيَدِهَا. اهـ.

وَهَاهُنَا تَعْلِيقٌ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي مِصْرَ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ فَهِيَ طَالِقٌ فَهَلْ لَهُ مُخَلِّصٌ؟ . قُلْتُ: إذَا أَجَازَ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِي وَالْعَامِلُ فِيهِ تَزَوَّجْت، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى إجَازَتِهِ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي أَوْ فِي عِصْمَتِي فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الدُّخُولَ فِيهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ، وَلَوْ بِفِعْلٍ فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُتَزَوِّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَدَارُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَسْكَنُ عُرْفًا فَدَخَلَ مَا يَسْكُنُهُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ مِلْكٍ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْمَجَازِ لَا بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ قَيَّدْنَا بِأَنْ تَكُونَ مَسْكَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا، وَهِيَ مِلْكُهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا بَيْنَ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ، وَفُلَانٌ سَاكِنُهَا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَطْلَقَ فِي الْمِلْكِ فَشَمِلَ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهُ فُضُولِيٌّ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ) أَقُولُ: مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا إلَخْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ وَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي وَبَيْنَ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي أَوْ تَصِيرُ حَلَالًا لِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَيْنِ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إلَخْ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَظَاهِرٌ أَنَّ تَزْوِيجَ الْغَيْرِ يُوجَدُ بِدُونِ الْإِجَازَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَتَزَوَّجُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَزَوُّجُهُ بِدُونِهَا. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِي فَإِنَّهُ مِثْلُ أَتَزَوَّجُهَا لَا مِثْلُ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي، وَأَنَّهُ بِتَزْوِيجِ الْفُضُولِيِّ لَا تَدْخُلُ فِي عِصْمَتِهِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُتَزَوِّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ) أَقُولُ: مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ عَدَمُ الْحَاجَةِ إلَى الرَّفْعِ إلَى الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهِمَا فَيُجِيزُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ وَلَوْ بِالْفِعْلِ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرُهَا لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدَارُهُ بِالْمِلْكِ وَالْإِجَارَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَالْوَاقِفُ عَلَى السَّطْحِ دَاخِلٌ عَنْ الْمُجْتَبَى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرٍو فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَدَخَلَ دَارَ زَيْدٍ، وَهِيَ فِي يَدِ عَمْرٍو بِإِجَارَةِ يَعْتِقُ وَتَطْلُقُ إذَا لَمْ يَنْوِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا صُدِّقَ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْمِلْكَ هُنَا خَاصَّةً يَصْدُقُ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ: قَيَّدْنَا بِأَنْ تَكُونَ مَسْكَنَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَإِنْ جَعَلْت بُسْتَانًا أَوْ حَمَّامًا إلَخْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ لَوْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانِ وَفُلَانٍ لَا يَسْكُنُهَا يَحْنَثُ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَسْكُونَةً لِغَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً فَيَحْنَثُ إذْ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهَا عَنْهُ، وَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ حَذْفُ لَا مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ وَالسِّبَاقُ وَالسِّيَاقُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَدَوَامُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ حَيْثُ قَالَ عَازِيًا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا مُشْتَرَكَةً

ص: 403

فَدَخَلَ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ، وَفُلَانٌ سَاكِنُهَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ تُضَافُ إلَيْهِ بَعْضُهَا بِالْمِلْكِ، وَكُلُّهَا بِالسُّكْنَى، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سُكْنَى فُلَانٍ بِهَا لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانَةَ فَدَخَلَ دَارَهَا وَزَوْجُهَا سَاكِنٌ فِيهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تُنْسَبُ إلَى السَّاكِنِ، وَالسَّاكِنُ هُوَ الزَّوْجُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا فِي بَحْثِ الدُّخُولِ.

قَوْلُهُ (حَلَفَ بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ مَلِيءٍ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً، وَلِهَذَا قِيلَ إنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ وَلِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ مِثْلُهُ فَالْتَقَى الدَّيْنَانِ قِصَاصًا فَصَارَ غَيْرُهُ حَقِيقَةً وَشَرْعًا أَمَّا الْحَقِيقَةُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الشَّرْعُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إسْقَاطِ اعْتِبَارِهِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ وَالْمُفَلَّسُ بِالتَّشْدِيدِ رَجُلٌ حَكَمَ الْقَاضِي بِإِفْلَاسِهِ وَالْمَلِيءُ الْغَنِيُّ ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[منحة الخالق]

بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ إنْ كَانَ فُلَانٌ يَسْكُنُهَا يَحْنَثُ، وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ قَبْلَهَا عَازِيًا إلَى الْمُحِيطِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ، وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ إنَّمَا لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى دَارِ الْغَلَّةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ دَارِهِ مُطْلَقًا دَارٌ يَسْكُنُهَا (قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ) أَقُولُ: يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَدَوَامُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ إلَخْ مَعْزِيًّا إلَى الْخَانِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ ابْنَتِهِ وَابْنَتُهُ تَسْكُنُ فِي دَارٍ لَا يَدْخُلُ دَارَ أُمِّهِ وَأُمُّهُ تَسْكُنُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا فَدَخَلَ الْحَالِفُ حَنِثَ. اهـ.

وَكَذَا ذَكَرَ فِي النَّهْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَفِي طَارِقِ الْبَابِ لَا مَا نَصُّهُ، وَلَا فَرْقَ فِي السَّاكِنِ بَيْنَ كَوْنِهِ تَبَعًا أَوْ لَا حَتَّى لَوْ حَلَفَ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ عَيَّنَ الْفَرْعَ الْمَنْقُولَ هُنَا عَنْ الْوَاقِعَاتِ، وَقَالَ فِي جَوَابِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ تِلْكَ الدَّارَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى تُضَافُ إلَى الزَّوْجِ لَا إلَى الْمَرْأَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الدَّارَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِلْمَرْأَةِ أُرِيدَتْ السُّكْنَى بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، وَلَمَّا كَانَتْ الدَّارُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِلْكًا لَهَا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى السُّكْنَى بِالْأَصَالَةِ، وَلَمَّا كَانَ زَوْجُهَا سَاكِنًا مَعَهَا صَارَتْ تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهَا تُضَافُ حِينَئِذٍ إلَى الزَّوْجِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ لَكِنْ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَا يُفِيدُ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ حَيْثُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْوَاقِعَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ عَنْ الْمُنْتَقَى ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ مَا ذُكِرَ.

ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْفَضْلِيِّ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ دَارٌ أُخْرَى تُنْسَبُ إلَيْهِ يَحْنَثُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْمُنْتَقَى. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ قَالَ، وَفِي الْمُنْتَقَى اخْتَارَ الْحِنْثَ مُطْلَقًا اعْتِبَارًا بِالْمُسَاكَنَةِ إلَّا إذَا نَوَى دَارًا مَمْلُوكَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

ص: 404