الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ امْرَأَةٍ أَنَّهَا مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ، وَالزَّوْجُ يَقُولُ لَا بَلْ مُطَلَّقَةُ الثِّنْتَيْنِ لَا يَسَعُ لِمَنْ سَمِعَ مِنْهَا أَنْ يَحْضُرَ نِكَاحَهَا، وَيَمْنَعَهَا مَا اسْتَطَاعَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَتَزَوَّجَهَا لَا يُفَرِّقُ انْتَهَى، وَفِيهَا قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَتْ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا مِنْهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَمْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا. اهـ.
وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ، وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ لِأَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُهَا، وَاحْتِمَالُهَا أَنْ يُذْكَرَ لِكُلِّ عِدَّةٍ مَا يُمْكِنُ، وَهُوَ شَهْرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتِسْعَةٌ، وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عِنْدَهُمَا تَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ، وَلَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ بِرَقْمِ شب قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ أَسْقَطْت سُقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ تُصَدَّقُ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِسَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ فَفِي بق إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ تُصَدَّقُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ سَقَطَ لِاحْتِمَالِهِ بو خِلَافُهُ اهـ فَقَوْلُهُمْ الْإِمْكَانُ بِشَهْرَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ تَقُلْ أَسْقَطْت سُقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ، وَجَزْمُهُمْ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ قَوْلِهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ لِاحْتِمَالِ سُقُوطِ سُقْطٍ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ مِنْهَا بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ الْإِيلَاءِ]
لَمَّا كَانَ الْإِيلَاءُ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ فِي ثَانِي الْحَالِ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَوْلَاهُ بِهِ، وَهُوَ لُغَةً الْيَمِينُ، وَشَرْعًا قَوْلُهُ (هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَهُوَ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ قِسْمَيْ الْإِيلَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ آلَيْت أَنْ لَا أَقْرَبَك أَوْ حَلَفْت أَوْ، وَاَللَّهِ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك مُولٍ قَاصِدًا بِهِ الْإِيجَابَ أَوْ أَنْتِ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَا مِنْك حَالِفٌ، وَكَذَا الثَّانِي يَئُولُ إلَيْهِ فَانْحَلَّ إلَى الْقَسَمِ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ، وَهُوَ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ فَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ ابْنُ الْهُمَامِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ مَا لَا يَسْتَشِقُّهُ كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مَعَ أَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لَهُ مَعَ أَنَّ فِي كَوْنِهِ مُولِيًا اخْتِلَافًا فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ كَوْنِهِ مُولِيًا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ مُولِيًا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ قَصَدَ تَعْرِيفَ الْإِيلَاءِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا سَيَأْتِي، وَالتَّعْرِيفُ الشَّامِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ السَّالِمِ مِنْ الْإِيرَادِ قَوْلُنَا الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِالْقَسَمِ أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ الْمَوْلَى مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ الْكَفَّارَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيْ الْإِيلَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْنَوِيِّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالشَّامِلُ لَهُمَا الْمَوْلَى مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ لُزُومِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ إيلَاءَ الذِّمِّيِّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا خَلَا عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي إنَّهُ مَا خَلَا عَنْ حِنْثٍ لَزِمَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي الدَّعَاوَى بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ، وَلَكِنْ مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ مَانِعٌ، وَهُوَ كَوْنُهَا عِبَادَةً، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَمَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ، وَيُمْكِنُهُ قُرْبَانُ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِ
ــ
[منحة الخالق]
بَابُ الْإِيلَاءِ) .
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ فِي كَوْنِهِ مُولِيًا اخْتِلَافًا إلَخْ) جَوَابٌ ثَانٍ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْحَقِيقِيِّ فَقَطْ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَذَكَرَ لِلثَّانِي تَعْرِيفًا فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَدْرَجَ الْقِسْمَيْنِ تَحْتَ تَعْرِيفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِمَعْنَاهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِذِكْرِ مَا يَشُقُّ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَشُقُّ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.
وَتَأَمَّلْ مَعْنَى قَوْلِهِ لِذِكْرِ مَا يَشُقُّ إلَخْ، وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ وَمَنْ قَالَ إنَّ الْمَقْصُودَ تَعْرِيفُ الْحَقِيقِيِّ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ فَقَدْ تَعَسَّفَ فَإِنَّ الْيَمِينَ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ التَّعْلِيقَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَشُرُوحِهِ فَتَخْصِيصُهُ بِالْقَسَمِ ثُمَّ إلْحَاقُ التَّعْلِيقِ بِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ لَا عُدُولٌ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) عَطْفٌ عَلَى إيلَاءِ الذِّمِّيِّ، وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْأَوَّلِ بِحَاصِلِ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْكَافِي وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ حَتَّى أَجَابَ عَنْهُ بِمَا هُنَا، وَأَجَابَ عَنْ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَجَابَ عَنْهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِيلَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِ الْحَقِّ مِنْ الْمُدَّةِ، وَقَدْ وُجِدَ فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ، وَعَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ لِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِقُرْبَانِ جَمِيعِهِنَّ، وَالْمَوْجُودُ قُرْبَانُ بَعْضِهِنَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَحَاصِلُ هَذَا تَخْصِيصُ اطِّرَادِ الْأَصْلِ بِمَا إذَا حَلَفَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِأَدْنَى تَأَمَّلْ
شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِقُرْبَانِ جَمِيعِهِنَّ، وَرُكْنُهُ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ وَشَرْطُهُ مَحَلِّيَّةُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ تَكُونَ مَنْكُوحَةً وَقْتَ تَنْجِيزِ الْإِيلَاءِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَتَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَنَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَأَهْلِيَّةُ الزَّوْجِ لِلطَّلَاقِ عِنْدَهُ، وَلِلْكَفَّارَةِ عِنْدَهُمَا فَيَصِحُّ إيلَاءُ الذِّمِّيِّ عِنْدَهُ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةٌ نَحْوُ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَإِنْ قَرُبَهَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ مَضَتْ بِلَا قُرْبَانٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا أَمَّا لَوْ آلَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ كَالْحَجِّ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا أَوْ بِمَا لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ قُرْبَةً كَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا فَإِيلَاءُ الذِّمِّيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَعَدَمُ النَّقْصِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحُرَّةِ مِنْ الشَّرَائِطِ فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَحُكْمُهُ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ أَوْ الْجَزَاءُ الْمُعَلَّقُ بِتَقْدِيرِ الْحِنْثِ بِالْقُرْبَانِ، وَوُقُوعُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ بِتَقْدِيرِ الْبِرِّ.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وَأَفَادَ بِالْمِثَالَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ كَالتَّأْبِيدِ، وَبِإِطْلَاقِهِ إلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ النِّيَّةُ، وَمِثْلُهُ لَا أُجَامِعُك لَا أَطَؤُك لَا أَبَاضِعُك لَا أَغْتَسِلُ مِنْك مِنْ جَنَابَةٍ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ الْجِمَاعَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً، وَالْكِنَايَةُ كُلُّ لَفْظٍ لَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مَعْنَى الْوِقَاعِ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ مَا لَمْ يُنْوَ نَحْوُ لَا أَمَسُّك، وَلَا آتِيك، وَلَا أَغْشَاك لَا أَلْمِسُك لَأَغِيظَنَّك لَأَسُوءَنَّك لَا أَدْخُلُ عَلَيْك لَا أَجْمَعُ رَأْسِي، وَرَأْسَك لَا أُضَاجِعُك لَا أَدْنُو مِنْك لَا أَبِيتُ مَعَك فِي فِرَاشٍ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا أَقْرَبُ فِرَاشَك فَلَا يَكُونُ إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ، وَيُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الشَّامِلِ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ الزَّوْجَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْوَطْءِ بِالْحَيْضِ فَلَا يَصِيرُ الْمَنْعُ مُضَافًا إلَى الْيَمِينِ اهـ.
وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ الصَّرِيحَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لَا يَقَعُ بِهِ لِوُجُودِ صَارِفٍ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْقَسَمِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُك، وَلَمْ يَقُلْ، وَاَللَّهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك فِي إيلَائِهَا لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ كَانَ فِي مَكَانِ الْإِيلَاءِ ظِهَارٌ صَحَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْإِيلَاءِ لَوْ صَحَّتْ لَثَبَتَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْمُدَّةِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِيلَاءِ انْتَهَى، وَالطَّلَاقُ كَالظِّهَارِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْهَا مُدَّةً لَوْ قُسِمَتْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ بِالتَّشْرِيكِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأُخْرَى قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ إثْبَاتَ الشَّرِكَةِ لَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْيَمِينِ هُنَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِوَطْئِهِمَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا لِأَنَّ هَذَا صَارَ إيلَاءً لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِقُرْبَانِهِمَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ صَارَ إيلَاءً بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ إثْبَاتُ التَّحْرِيمِ، وَإِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ قَدْ وُجِدَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيَثْبُتُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا فِي مَكَان آخَرَ أَوْ زَمَانٍ آخَرَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ، وَأَجْنَبِيَّةً لَا يَصِيرُ مُولِيًا مَا لَمْ يَقْرَبْ الْأَجْنَبِيَّةَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ
ــ
[منحة الخالق]
قَوْلِهِ لَأَغِيظَنَّك لَأَسُوءَنَّك) بِاللَّامِ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ فِيهِمَا، وَلَيْسَتْ لَا النَّافِيَةُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِمَا.
(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ أَمَّا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ فِي النَّهْرِ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَكُونُ قَرِينَةً عَلَى إضَافَةِ الْمَنْعِ إلَى الْيَمِينِ، وَقَيَّدَ الْأَوَّلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَحْثًا بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِحَيْضِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ كَذَلِكَ هَذَا، وَقَدْ قَرَّرَ الْمَقْدِسِيَّ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِهِ عَلَى خِلَافِ مَا هُنَا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ غَايَةِ الْبَيَانِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ أَعْنِي، وَهِيَ حَائِضٌ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ يَقْرَبُهَا لَا مِنْ فَاعِلِ حَلَفَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ فَرْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَيْضِ، وَنَحْوَهَا لَا تَدُومُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الصَّرِيحَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَقَعُ بِهِ لِوُجُودِ صَارِفٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ حَائِضًا، وَحَلَفَ كَانَ حَيْضُهَا مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ لَا الْيَمِينُ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الَّتِي يَمْنَعُ نَفْسَهُ فِيهَا تَكُونُ خَالِيَةً مِنْ الْحَيْضِ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَوَانِعِ فَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَلَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا بَيَّنَّا اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُشِيرُ إلَى تَأْيِيدِ بَحْثِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنْ قُرْبَانِهَا فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ.
نَعَمْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَمْ يُقَيَّدْ بِمُدَّةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ سَعْدِيٍّ وَكَذَا هُوَ كَذَلِكَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ
وَاحِدٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ فَإِذَا قَرِبَ الْأَجْنَبِيَّةَ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا إلَّا بِكَفَّارَةٍ تَلْزَمُهُ، وَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ وَأَمَتَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا إنْ شَاءَتْ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهَا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ فَيَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَتِهَا كَالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَمِنْ الْكِنَايَاتِ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِيلَاءَ كَانَ مُولِيًا، وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَسَيَأْتِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ، وَاَللَّهِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ تَاللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ فَخَرَجَ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ، وَعِلْمِ اللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ وَسَخَطُهُ إنْ قَرِبْتُك، وَإِنْ جَعَلَ لِلْإِيلَاءِ غَايَةً إنْ كَانَ لَا يُرْجَى وُجُودُهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ كَانَ مُولِيًا كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَصُومَ الْمُحَرَّمَ، وَهُوَ فِي رَجَبٍ أَوْ لَا أَقْرَبُك إلَّا فِي مَكَانِ كَذَا وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
وَكَذَا إذَا قَالَ حَتَّى تَفْطِمِي طِفْلَك وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِطَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَإِنْ قَالَ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ حَتَّى تَخْرُجَ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّجَّالُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُرْجَى وُجُودُ ذَلِكَ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّأْبِيدِ، وَكَذَا إذَا قَالَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ قَالَ {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فَإِنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهُ فِي الْمُدَّةِ لَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَمُوتِي أَوْ أُقْتَلَ أَوْ حَتَّى أُطَلِّقَك ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إجْمَاعًا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَقَالَ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَمْلِكَك أَوْ أَمْلِكَ شِقْصًا مِنْك يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ قَالَ حَتَّى أَشْتَرِيكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، وَلَوْ قَالَ حَتَّى أَشْتَرِيكَ لِنَفْسِي لَا يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ شِرَاءً فَاسِدًا، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُك لِنَفْسِي، وَأَقْبِضُك كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهُ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ كَانَ مُولِيًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَقَيَّدَ بِالْقُرْبَانِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِالْمَسِّ بِدُونِ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ فَرْجِي فَرْجَك يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك أَوْ دَعَوْتُك إلَى فِرَاشِي فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِأَنْ يَدْعُوَهَا إلَى الْفِرَاشِ فَيَحْنَثُ ثُمَّ يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْنَثَ بِالْقُرْبَانِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ اغْتَسَلْت مِنْ جَنَابَتِي مَا دُمْت امْرَأَتِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا، وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَعْدَ الْمَقَالَةِ حَتَّى وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُولِيًا، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا لَوْ قَرِبَهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ مُوَقَّتَةً إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَبَعْدَمَا وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ بِالْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ، وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى قَبْلَ، وَضْعِ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْمُبَانَةَ بِالْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ بِحُكْمِ ذَلِكَ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
وَعُلِمَ أَنَّ الْقُرْبَانَ مَصْدَرُ قَرِبَ يَقْرَبُ مِنْ بَابِ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ، وَلَهُ مَصْدَرَانِ الْقُرْبَانُ، وَالْقُرْبُ بِمَعْنَى الدُّنُوِّ كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ كَفَّرَ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَوَعْدُ الْمَغْفِرَةِ بِسَبَبِ الْفَيْءِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ التَّوْبَةِ لَا يُنَافِي إلْزَامَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ دُنْيَوِيٌّ، وَذَاكَ أُخْرَوِيٌّ قَيَّدَ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَأَطْلَقَ فِي الْوَطْءِ فَشَمِلَ مَا إذَا جُنَّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ وَطِئَهَا انْحَلَّتْ، وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَكُونُ مُولِيًا) يَعْنِي بِلَا نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ.