الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاقِعًا خَبَرًا عَنْ اسْمِ مَعْنًى نَحْوَ السَّفَرُ غَدًا لَكِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الرَّفْعِ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْإِطْلَاقُ الْمَجَازِيُّ أَعْنِي إطْلَاقَ الْعِدَّةِ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّةِ أُطْلِقَ الطَّلَاقُ فَشَمِلَ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ الدُّخُولُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا حَتَّى تَجِبَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَلَوْ فَاسِدَةً كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيهَا وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا أَوْ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ فِي قُبُلِهَا وَفِي تَحْرِيرِ الشَّافِعِيَّةِ وُجُوبُهَا فِيهِمَا وَلَا بُعْدَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ إدْخَالَ الْمَنِيِّ مُحْتَاجٌ إلَى تَعَرُّفِ الْبَرَاءَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا النَّوْعِ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَالْمُرَادُ بِهِنَّ الْمَدْخُولَاتُ اللَّاتِي يَحِضْنَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ.
وَأَصْلُ الْكَلَامِ لِيَتَرَبَّصْنَ وَلَامُ الْأَمْرِ مَحْذُوفَةٌ فَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ وَإِخْرَاجُ الْأَمْرِ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ تَأْكِيدٌ لَهُ وَلِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ مِمَّا يُتَلَقَّى بِالْمُسَارَعَةِ إلَى امْتِثَالِهِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ فِي الدُّعَاءِ رَحِمَك اللَّهُ أُخْرِجَ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ ثِقَةً بِالِاسْتِجَابَةِ كَأَنَّ الرَّحْمَةَ وُجِدَتْ فَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهَا وَبِنَاؤُهُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ التَّأْكِيدِ، وَلَوْ قِيلَ يَتَرَبَّصُ الْمُطَلَّقَاتُ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْوَكَادَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ، وَفِي ذِكْرِ الْأَنْفُسِ تَهْيِيجٌ لَهُنَّ عَلَى التَّرَبُّصِ وَزِيَادَةُ تَعَبٍ؛ إذْ نُفُوسُهُنَّ طَوَامِحُ إلَى الرِّجَالِ فَأُمِرْنَ أَنْ يَقْمَعْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَيَغْلِبْنَهَا عَلَى الطُّمُوحِ وَيَجْبُرْنَهَا عَلَى التَّرَبُّصِ وَانْتَصَبَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ: مُدَّةَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَجَاءَ الْمُمَيِّزُ عَلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ دُونَ الْقِلَّةِ الَّتِي هِيَ الْإِقْرَاءُ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ مَكَانَ الْآخَرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْجَمْعِيَّةِ وَلَعَلَّ الْقُرُوءَ أَكْثَرُ فِي جَمْعِ الْقُرْءِ مِنْ الْأَقْرَاءِ فَأُوثِرَ عَلَيْهِ تَنْزِيلًا لِقَلِيلِ الِاسْتِعْمَالِ مَنْزِلَةَ الْمُهْمَلِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ.
وَالْقُرْءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَوَّلَهُ أَصْحَابُنَا فِي الْآيَةِ بِالْحَيْضِ وَالشَّافِعِيُّ بِالطُّهْرِ وَمَوْضِعُهُ الْأُصُولُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِرُؤْيَةِ قَطْرَةٍ مِنْ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْهَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ الْحَيْضَةُ الْأُولَى لِتَعَرُّفِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَالثَّانِيَةُ لِحُرْمَةِ النِّكَاحِ وَالثَّالِثَةُ لِفَضِيلَةِ الْحُرِّيَّةِ وَشَمِلَ جَمِيعَ أَسْبَابِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ وَرِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَقَدَّمْنَا فِي نِكَاحِ الْأَوْلِيَاءِ جُمْلَةَ الْفَرْقِ وَالْإِيرَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ أَوْ الرَّفْعِ، ثُمَّ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ التَّمَامِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَكُلُّ فُرْقَةٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَبْلَ تَمَامِ النِّكَاحِ كَالْفُرْقَةِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْفُرْقَةِ بِخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْفُرْقَةِ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَسْخٌ وَكُلُّ فُرْقَةٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ بَعْدَ تَمَامِ النِّكَاحِ كَالْفُرْقَةِ بِمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ وَالْفُرْقَةِ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ وَنَحْوِهِ رَفْعٌ وَهَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ فِي هَذَا الْفَنِّ اهـ.
وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِنْتَ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا عَنْ وَفَاءٍ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَفْسُدُ وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَسَقَطَ مَهْرُهَا بِقَدْرِ مَا مَلَكَتْ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَالْإِرْثُ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ فِي آخَرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَقَدَّمْنَا فِي فَصْلِ التَّحْلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُطَلِّقِ حَيْثُ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ وَهَكَذَا فِي الْفَسْخِ فَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لَهُ وَتَعْتَدُّ لِغَيْرِهِ حَتَّى لَا يُزَوِّجَهَا مِنْ الْغَيْرِ مَا لَمْ تَحِضْ
ــ
[منحة الخالق]
[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]
(قَوْلُهُ وَلَا بُعْدَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ بِالثَّانِي إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا كَانَ عِدَّتُهَا وَضْعَ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا اهـ.
وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ الِانْتِظَارَ إلَى ظُهُورِ الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ هُوَ الْعِدَّةُ الَّتِي فَرَرْتَ مِنْهَا وَإِنْ جَوَّزْتَ تَزَوُّجَهَا بَعْدَ إدْخَالِ الْمَنِيِّ احْتَجْت إلَى نَقْلٍ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِانْتِظَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْعِدَّةُ فَإِنَّهُ بِنَاءً عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ لَوْ انْتَظَرَتْ ظُهُورَ الْحَمْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَكَانَتْ تَزَوَّجَتْ فِي أَثْنَائِهَا ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ صَحَّ النِّكَاحُ وَقَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ وَإِنْ جَوَّزْتَ تَزَوُّجَهَا إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا طَلَاقٌ قَبْلَ دُخُولِ فَلَا عِدَّةَ لَهُ فَالنِّكَاحُ بَعْدَهُ صَحِيحٌ وَعَدَمُ تَصْحِيحِهِ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى الدَّلِيلِ بِإِثْبَاتِ أَنَّ إدْخَالَ الْمَنِيِّ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ هَذَا، وَفِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا بُعْدَ أَنْ يُحْكَمَ بِالثَّانِي مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنْ لَمْ تَجِبْ بِاعْتِبَارِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ الْخَلْوَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ.
(قَوْلُهُ وَأَصْلُ الْكَلَامِ لِيَتَرَبَّصْنَ) كَانَ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانَ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّامِ يَكُونُ أَمْرًا مِثْلَ مُحَمَّدٌ تَفْدِ نَفْسَك كُلُّ نَفْسٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ النِّكَاحَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا التَّقْسِيمُ لَمْ نَرَ مَنْ عَرَّجَ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ الدَّارِ أَنَّ الْقِسْمَةَ ثُنَائِيَّةٌ وَأَنَّ الْفُرْقَةَ بِالتَّقْبِيلِ مِنْ الْفَسْخِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَلَيَّ مِسْكِينٍ قَالَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ وَأَيْضًا مُقْتَضَى كَوْنِهِ رَفْعًا أَنْ يَكُونَ مُنْقِصًا لِلْعَدَدِ إذْ الطَّلَاقُ يَرْفَعُ الْقَيْدَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
حَيْضَتَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا السَّيِّدُ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ وَطْئِهَا وَلَا بُدَّ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا مُنْكِرًا طَلَاقَهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا هَكَذَا اخْتَارَهُ الْمَشَايِخُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ بَيَانٍ لَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً فَهُوَ حُرٌّ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَفَسَدَ نِكَاحُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا عِدَّةَ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهِيَ أَمَةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ حَيْضَتَانِ بِالْفُرْقَةِ وَثَلَاثٌ بِالْوَفَاةِ إلَّا أَنَّهَا تَتَدَاخَلُ وَتَحِدُّ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ الْحُرَّةَ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَالْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ كَالْمُسْلِمَةِ حُرَّتُهَا كَحُرَّتِهَا وَأَمَتُهَا كَأَمَتِهَا.
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَحْتَ ذِمِّيٍّ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذَا كَانُوا لَا يَدِينُونَ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَقَدْ مَرَّتْ وَذَكَرَهَا فِي الْبَدَائِعِ هُنَا، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتُمْنَعَ مِنْ التَّزَوُّجِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ اهـ.
فَقَيَّدَ الْحَامِلِ بِأَنْ تَكُونَ فِي دِينِهِمْ الْعِدَّةُ لَهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنْ كَانَ غَائِبًا سَاغَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَنْكَرَ اُحْتِيجَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَفِيهَا لَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا رَجُلَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ اهـ.
فَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِمَوْتِهِ عِنْدَهَا وَلَمْ يُقْبَلْ بِطَلَاقِهِ وَذُكِرَ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَوْ أَخْبَرَ الِابْنَ رَجُلَانِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ حَتَّى يَحْكُمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا أَخْبَرَهَا عَدْلَانِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عِنْدَ ابْنِ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِلرِّدَّةِ أَوْ لِلْقِصَاصِ إنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مِمَّنْ لَوْ شَهِدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَيْسَ لِلِابْنِ قَتْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ اهـ. .
(قَوْلُهُ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ) أَيْ: عِدَّةُ الْحُرَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ مُدَّةُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وقَوْله تَعَالَى {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَمَنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَحِضْ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحِضْ أَيْضًا الْبَالِغَةَ إذَا لَمْ تَرَ دَمًا أَوْ رَأَتْ وَانْقَطَعَ قَبْلَ التَّمَامِ وَمَنْ بَلَغَتْ مُسْتَحَاضَةً وَالْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي نَسِيَتْ عَادَتَهَا وَهُوَ مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ شَابَّةٌ تَرَى مَا يَصْلُحُ حَيْضًا فِي كُلِّ شَهْرٍ وَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ لَمَّا نَسِيَتْ عَادَتَهَا جَازَ كَوْنُهَا أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ وَآخِرَهُ فَإِذَا قُدِّرَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عُلِمَ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ مَا لَمْ تَنْسَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا فَجَازَ كَوْنُ عِدَّتِهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَتَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ بِخَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ مِنْ الثَّالِثِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَخْذًا مِنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْحَيْضِ وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ الِانْقِضَاءَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ لِعَادَتِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَمَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ قَدْرَ مَا يَصْلُحُ حَيْضَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ غَيْرَ بَاقِي هَذَا الشَّهْرِ اهـ.
اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ تَقْدِيرَ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَوْلُ الْمَرْغِينَانِيِّ وَذَكَرَ هُوَ فِي الْحَيْضِ اخْتِلَافًا قَالَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّ طُهْرَهَا مُقَدَّرٌ بِشَهْرَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلْأَطْهَارِ وَثَلَاثِ حِيَضٍ بِشَهْرٍ احْتِيَاطًا وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْحَيْضِ وَالْمُخْتَارُ الْمُصَحَّحُ أَنَّهُ تِسْعٌ وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ بَلْ يُوقَفُ حَالُهَا حَتَّى يَظْهَرَ هَلْ حَبِلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَمْ لَا فَإِنْ ظَهَرَ حَبَلُهَا اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَبِالْأَشْهُرِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْتَدُّ بِزَمَنِ التَّوَقُّفِ مِنْ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِيَظْهَرَ حَبَلُهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِمَوْتِهِ) أَيْ: كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمَوْتِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ مُوَضَّحًا.
(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ عِدَّتَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَيْسَتْ بِالْأَشْهُرِ وَإِنَّمَا هِيَ بِالْحَيْضِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُتَيَقَّنْ بِالْحِيَضِ الثَّلَاثِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ: تَتَرَبَّصُ تِلْكَ الْمُدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْحَيْضِ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مَنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ وَلَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ لِيُعْلَمَ حُكْمُ مَنْ زَادَتْ عَلَى تِسْعٍ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ وَلَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَلَامَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ مِنْ أَنَّهَا إذَا رَاهَقَتْ أَيْ: بِأَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَبِالْأَشْهُرِ) لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُوقَفُ، وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ عِدَّةِ الْمَوْتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَبَلُ
فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ كَانَ مِنْ عِدَّتِهَا اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ رَأَتْ الدَّمَ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَثَلًا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا لَا غَيْرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَالَ لَيْسَتْ هِيَ آيِسَةً وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ.
وَفِي الصُّغْرَى وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ دُونَ الْأَهِلَّةِ بِالْإِجْمَاعِ إنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ كَالْإِجَارَةِ وَالدَّيْنِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا مُدَّةُ الْعِنِّينِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ بَلَغَتْ فَرَأَتْ يَوْمًا دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ اهـ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَحِضْ الشَّابَّةُ الْمُمْتَدُّ طُهْرُهَا فَلَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَصُورَتُهَا إذَا رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَانْقَطَعَ وَمَضَى سَنَةٌ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ طَلُقَتْ فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إلَى حَدِّ الْإِيَاسِ وَهُوَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً فِي الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي عِدَّةِ الْآيِسَةِ اهـ.
وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا بَعْدَ مُضِيِّ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ نَفَذَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمَعِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ إنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِمُضِيِّ حَوْلٍ وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ أَنَّ عِدَّةَ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا تَنْقَضِي بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى حَيْضِ مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَجِبُ حِفْظُهَا؛ لِأَنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتُونَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلضَّرُورَةِ خُصُوصًا الْإِمَامُ وَالِدِي اهـ.
قُلْت: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فَلَا يُفْتَى بِهِ نَعَمْ لَوْ قَضَى مَالِكِيٌّ بِهِ نَفَذَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ الْوُجُوبِ عَلَى هَذِهِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بَلْ يَقُولُونَ تَعْتَدُّ، وَفِي الْمَبْسُوطِ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: هِيَ لَا تُخَاطَبُ بِالِاعْتِدَادِ لَكِنَّ الْوَلِيَّ يُخَاطَبُ بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّ الْعِدَّةَ مُجَرَّدُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَثُبُوتُهَا فِي حَقِّهَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَوْجِيهِ خِطَابِ الشَّرْعِ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَرَاهَا الْحُرُمَاتِ أَوْ التَّرَبُّصَ الْوَاجِبَ فَإِنْ قُلْت عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مُضِيَّ الْمُدَّةِ أَلَيْسَ أَنَّ فِيهَا يَجِبُ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ خِطَابُ نَهْيِ التَّزَوُّجِ بِالْوَلِيِّ فَجَعْلُهَا الْمُدَّةَ كَمَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ قَوْلِ الْأَوَّلِ وَيُخَاطَبُ الْوَلِيُّ بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا فَالْجَوَابُ لَا يَلْزَمُ فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهَا الْمُدَّةُ فَالثَّابِتُ فِيهَا عَدَمُ صِحَّةِ التَّزَوُّجِ لَا خِطَابُ أَحَدٍ بَلْ وَضَعَ الشَّارِعُ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَوْ فُعِلَ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ أَهْلٌ لِخِطَابِ الْوَضْعِ، وَهَذَا مِنْهُ كَمَا خُوطِبَ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ بِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلَوْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ، وَلَوْ حَاضَتْ الْكَبِيرَةُ حَيْضَةً ثُمَّ أَيِسَتْ اسْتَأْنَفَتْ بِالشُّهُورِ تَحَرُّزًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْخَلَفِ وَقَدْ فَسَّرَ الْقَاضِي قَوْله تَعَالَى {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] شَكَكْتُمْ وَجَهِلْتُمْ اهـ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعَ الِارْتِيَابِ فَفِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْفَخْرِ الرَّازِيّ إنْ ارْتَبْتُمْ فِي دَمِ الْبَالِغَاتِ مَبْلَغَ الْإِيَاسِ أَهُوَ دَمُ حَيْضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ وَرُوِيَ أَنَّ «مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا عِدَّةَ الَّتِي تَحِيضُ فَمَا عِدَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ فَنَزَلَتْ {وَاللائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: 4] فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ فَنَزَلَ {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] أَيْ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَا عِدَّةُ الْحَوَامِلِ فَنَزَلَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] » اهـ.
وَذُكِرَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلْأَسْيُوطِيِّ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
أَلْبَتَّةَ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ، وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ مِنْ حِينِ شِرَاهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَإِنْ أَقَلُّ لَا، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يُسْمَعُ دَعْوَى الْحَبَلِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الصُّغْرَى وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ إلَخْ) هَذَا إذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ أَمَّا فِي أَوَّلِهِ فَبِالْأَهِلَّةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ مَا فِي الصُّغْرَى مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَ كُلُّهَا بِالْأَيَّامِ فَلَا تَنْقَضِي إلَّا بِتِسْعِينَ يَوْمًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَكْمُلُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ وَالشَّهْرَانِ الْمُتَوَسِّطَانِ بِالْأَهِلَّةِ اهـ. وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ مُدَّةُ الْآيِسَةِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلْعِدَّةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ إلَخْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَضَى عَلَيْهَا نِصْفُ عَامٍ وَلَمْ تُرَدَّ مَا يَحْكُمُ بِإِيَاسِهَا حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّتُهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه مِثْلُهُ فَعَلَى هَذَا فِي مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى الْإِيَاسِ فَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ سَنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَيُحْفَظُ هَذَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ اهـ.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا مُدَّةُ الْآيِسَةِ الْمُرَادُ بِهَا مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ لَا مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْإِيَاسِ وَإِلَّا فَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بِالنَّصِّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَضَى بِهِ مَالِكِيٌّ نَفَذَ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا لِتَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ ثُمَّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لَا يُفْهَمُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ وَبَعْضُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فَلْتُصَحَّحْ النُّسَخُ