المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الخلع تطليقة بائنة - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌ الخلع تطليقة بائنة

(بَابُ الْخُلْعِ)

لَمَّا اشْتَرَكَ مَعَ الْإِيلَاءِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ مَعْصِيَةً، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا، وَزَادَ الْخُلْعَ عَلَيْهِ بِتَسْمِيَةِ الْمَالِ أُخِّرَ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْمُفْرَدِ، وَقُدِّمَا عَلَى الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْفَكَّانِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ يُقَالُ خَلَعْت النَّعْلَ، وَغَيْرَهُ خَلْعًا نَزَعْته، وَخَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مُخَالَعَةً إذَا افْتَدَتْ مِنْهُ وَطَلَّقَهَا عَلَى الْفِدْيَةِ فَخَلَعَهَا هُوَ خُلْعًا، وَالِاسْمُ الْخُلْعُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مِنْ خَلْعِ اللِّبَاسِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ نَزَعَ لِبَاسَهُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَشَرْعًا عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى قَبُولِهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلِي هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الشَّارِحِينَ أَخْذُهُ الْمَالَ بِإِزَالَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ لِمُغَايَرَتِهِ الْمَفْهُومَ اللُّغَوِيَّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْأَصْلُ أَنْ يَتَّحِدَ جِنْسُ الْمَفْهُومَيْنِ، وَيُزَادُ فِي الشَّرْعِيِّ قَيْدٌ لِإِخْرَاجِ اللُّغَوِيِّ، وَلِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ، وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ لِاسْتِقْلَالِ حُكْمِ الْخُلْعِ بِإِسْقَاطِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْبَيْنُونَةِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا إذَا عُرِّيَ عَنْ الْبَدَلِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

وَقَوْلِي أَيْضًا أَوْلَى مِمَّا اخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ بِبَدَلٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا قَالَ خَالَعْتكِ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَقَبِلَتْ فَإِنَّهُ خُلْعٌ مُسْقِطٌ لِلْحُقُوقِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَهْرُهَا الَّذِي سَقَطَ بِهِ بَدَلٌ فَلَمْ يُعَرَّ عَنْ الْبَدَلِ فَإِنْ قُلْت لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ مَا حُكْمُهُ قُلْت ذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهَا تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ وخواهر زاده، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْفَضْلِ قَالَ الْقَاضِي، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْبَابِ.

وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْمُفَاعَلَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ خَلَعْتُك نَاوِيًا وَقَعَ بَائِنًا غَيْرُ مُسْقِطٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ تَعْرِيفِنَا بِقَوْلِنَا الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى قَبُولِهَا لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْمُبَارَاةِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ، وَتَسْقُطُ الْحُقُوقُ كَالْخُلْعِ بِلَفْظِهِ، وَمَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ خُلْعٌ مُسْقِطٌ لِلْحُقُوقِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الصُّغْرَى، وَإِنْ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِخِلَافِهِ فَلِذَا زِدْنَا فِي تَعْرِيفِنَا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِنَا إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيَجِبُ الْمَالُ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وَبَيْنَ مَا إذَا طَلَّقَهَا بِمَالٍ بَعْدَ الْخُلْعِ حَيْثُ يَقَعُ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي آخِرِ الْكِنَايَاتِ، وَخَرَجَ الْخُلْعُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَبَعْدَ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِيهِمَا فَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى النِّكَاحِ فِي الرِّدَّةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ الْوَاقِعُ بِهِ، وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالِ طَلَاقٍ بَائِنٍ) أَيْ بِالْخُلْعِ الشَّرْعِيِّ أَمَّا الْخُلْعُ فَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام‌

‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

، وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ حَتَّى صَارَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَالْوَاقِعُ بِالْكِنَايَةِ بَائِنٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ قَضَى بِكَوْنِ الْخُلْعِ فَسْخًا قِيلَ يَنْفُذُ، وَقِيلَ لَا. اهـ.

وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَضَى فِي فَصْلٍ مُجْتَهِدٍ فِيهِ، وَمَذْهَبُنَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ الْخُلْعِ]

تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَوْلَهُ هُوَ الْفَصْلُ مِنْ النِّكَاحِ، وَلَعَلَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا) أَيْ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ قَالَ فِي النَّهْرِ مَنْ تَأَمَّلَ قَوْلَهُ فِي الْفَتْحِ الطَّلَاقُ عَلَى مَا لَيْسَ هُوَ الْخُلْعُ بَلْ فِي حُكْمِهِ لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَجَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ فَسْخٌ، وَفِي سُقُوطِ الْمَهْرِ عُلِمَ أَنَّ الْمُبَارَاةَ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُلْعِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَا يَرِدُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.

وَنَقَلَ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي خَطِّ صَاحِبِ النَّهْرِ وَالْمَوْجُودُ فِيهِ وَأَقُولُ: لَا حَاجَةَ إلَى مَا زِيدَ إذْ الْمُبَارَاةُ لَيْسَتْ خُلْعًا بَلْ كَالْخُلْعِ فِي حُكْمِهِ عَلَى مَا سَتَعْرِفُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ إلَخْ) أَقُولُ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ أَمَّا الطَّلَاقُ بِمَالٍ بَعْدَ الْخُلْعِ إنَّمَا صَحُّ لِأَنَّهَا بِالْخُلْعِ بَانَتْ مِنْهُ، وَالطَّلَاقُ بِمَالٍ لَا يُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ لِحُصُولِهَا قَبْلَهُ، وَالْمَالُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِمُقَابَلَةِ مِلْكِهَا نَفْسَهَا فَإِذَا كَانَتْ مَالِكَةً نَفْسَهَا بِالْخُلْعِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي لُزُومَهُ فَيَقَعُ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَقَطْ لِعَدَمِ لُزُومِ الْمَالِ، وَالرَّجْعِيُّ يَلْحَقُ الْبَائِنَ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَلَعَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمَالُ، وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ

[الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ]

(قَوْلُهُ قِيلَ يَنْفُذُ، وَقِيلَ لَا) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إنَّ قُضَاةَ هَذَا الزَّمَانِ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْقَضَاءُ بِالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ كَوْنُهُ بَائِنًا اهـ.

قَالَ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ وَذَكَرَ فِي دِيبَاجَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ قَاسِمٍ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْحُكْمَ وَالْإِفْتَاءَ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ جَهْلٌ وَخَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ خَاصٌّ بِالْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ، وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ أَصْلًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنُصُّ فِي مَنْشُورِهِ عَلَى نَهْيِهِ عَنْ الْقَضَاءِ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ

ص: 77

مَنْ قَالَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ أَصْلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَرِهَتْهُ، وَخَافَ أَنْ لَا يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، وَأَنْ لَا تُوَفِّيَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ بَلْ هُوَ فَسْخٌ بِشَرْطِ عَدَمِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ فَلَا يَنْقُصُ الْعَدَدُ، وَقَالَ قَوْمٌ وَقَعَ بِهِ رَجْعِيٌّ فَإِنْ رَاجَعَهَا رَدَّ الْبَدَلَ الَّذِي أَخَذَهُ، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَيْضًا، وَمَا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْمُبَارَاةِ، وَمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ بِهِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ ذِكْرِ الْعِوَضِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَمْ أَعْنِ الطَّلَاقَ مَعَ ذِكْرِهِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِمَا فِي سِرِّهِ لَكِنْ لَا يَسَعُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ لِأَنَّهَا كَالْقَاضِي لَا تَعْرِفُ مِنْهُ إلَّا الظَّاهِرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَحَالُ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ كَالنِّيَّةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ الشَّرْطَ فِي الْخُلْعِ، وَكَذَّبَتْهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَى أَنْ قَالَ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى الْمُغَيَّرِ وَالْمُبْطَلِ إلَّا إذَا ظَهَرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْتِزَامِ الْبَدَلِ أَوْ قَبْضِهِ أَوْ نَحْوِهِ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ، وَقَالَ قَبَضْت مَا قَبَضْت مِنْك بِحَقٍّ لِي عَلَيْك، وَقَالَتْ بَلْ لِبَدَلِ الْخُلْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ وُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَيْهَا، وَأَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا مَالًا وَاحِدًا لَا مَالَيْنِ، وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا مَالًا آخَرَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهَا بَدَلَ الْخُلْعِ، وَهِيَ تُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهَا اهـ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَاتِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ أَوْ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْمُبَارَاةِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَبِعْت نَفْسَك أَوْ طَلَاقَك فَلَا لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ أَفَادَ بِوُقُوعِ الْبَائِنِ حُكْمَهُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ صِفَتِهِ أَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَصَحَّ مُضَافًا مِنْهُ، وَانْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ فِي حَقِّهَا لَوْ بَدَأَتْ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْطَهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ بِلَفْظِ خَالَعْتكِ أَوْ اخْتَلِعِي، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لَهَا اخْتَلِعِي فَقَالَتْ اخْتَلَعْتُ تَطْلُقُ، وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ لِأَنَّ قَوْلَ اخْتَلِعِي أَمْرٌ بِالطَّلَاقِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ، وَالْمَرْأَةُ تَمْلِكُ الطَّلَاقَ بِأَمْرِ الزَّوْجِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك طَلَاقًا بَائِنًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرِي نَفْسَكِ مِنِّي فَقَالَتْ اشْتَرَيْت لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ بِعْت لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْخُلْعِ الَّذِي هُوَ مُعَاوَضَةٌ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَدَلُ مَذْكُورًا مَعْلُومًا، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ مَالًا جَهُولًا بِأَنْ قَالَ اخْلَعِي نَفْسَك بِمَالٍ فَقَالَتْ اخْتَلَعْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ، وَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقُولَ الزَّوْجُ خَلَعْت لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ تَفْوِيضُ الْخُلْعِ إلَيْهَا لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْمَالَ كَانَ خُلْعًا حَقِيقَةً.

وَالْخُلْعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَسْمِيَةِ الْبَدَلِ، وَالْبَدَلُ هَاهُنَا مَجْهُولٌ فَلَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ ذَكَرَ مَالًا مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ اخْلَعِي نَفْسَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ اخْتَلَعْت بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ خَلَعْت أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ خَالَعَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ خَالَعْت، وَلَمْ تَقُلْ

ــ

[منحة الخالق]

فَكَيْفَ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِهِ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيهِ وَيُنْقَضُ كَمَا بَسَطَ فِي قَضَاءِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ فَكَانَ مَا فِي الْبَحْرِ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ.

وَالظَّاهِرُ النَّفَاذُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ يَرَى كَوْنَهُ فَسْخًا كَالْحَنْبَلِيِّ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِكَوْنِهِ فِي فَصْلٍ مُجْتَهِدٍ فِيهِ لَيْسَ مِمَّا خَالَفَ كِتَابًا، وَلَا سُنَّةً مَشْهُورَةً، وَلَا إجْمَاعًا، وَإِذَا رُفِعَ لِحَنَفِيٍّ أَمْضَاهُ أَمَّا لَوْ كَانَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ لِعَدَمِ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا ظَهَرَ مَا ذَكَرْنَا إلَخْ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ مَقْبُولَةٌ إلَّا إذَا ذَكَرَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ الْبَدَلَ فَإِنَّ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْبَدَلِ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْخُلْعِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى إبْطَالِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ لَيْسَ بَدَلَ الْخُلْعِ بَلْ هُوَ حَقٌّ آخَرُ كَدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ لِانْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا قَبَضَهُ لَمْ يَبْقَ الْخُلْعُ بِبَدَلٍ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْقَرِينَةَ عَلَى قَصْدِ الْخُلْعِ هِيَ ذِكْرُ الْبَدَلِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ لَا قَبْضُهُ بَعْدَهُ فَإِذَا ذَكَرَ الْبَدَلَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْهَا مَالًا ثُمَّ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ، وَادَّعَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ حَقٌّ آخَرُ غَيْرُ الْبَدَلِ لَمْ تَنْتَفِ قَرِينَةُ قَصْدِ الْخُلْعِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ، وَيَبْقَى عَقْدُ الْخُلْعِ بِبَدَلٍ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا قَبَضَهُ حَقٌّ آخَرُ لِأَنَّهُ حَيْثُ بَقِيَ الْبَدَلُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ فِي أَنَّ مَا دَفَعَتْهُ بَدَلُ الْخُلْعِ لَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْمِلْكِ، وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَعَدَمِهَا حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَذْكُورٌ بِعَيْنِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ، وَلَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ مُرَادُ صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ بِالنَّظَرِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ لَهَا مَا نَصُّهُ دَفَعَتْ بَدَلَ الْخُلْعِ، وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى أَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ، وَقِيلَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُمَلَّكَةُ.

(قَوْلُهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ أَوْ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ إلَخْ) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَسْقُطُ الْخُلْعُ، وَالْمُبَارَاةُ إلَخْ أَنَّ الْمَشَايِخَ لَمْ يَشْتَرِطُوا النِّيَّةَ فِي الْخُلْعِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِأَنَّ

ص: 78

الْمَرْأَةُ قَبِلْت تَمَّ الْخُلْعُ فِي رِوَايَةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ فِي أُخْرَى، وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَفِي النَّوَادِرِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا اشْتَرَيْت مِنِّي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ بِعْت، وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ دُونَ الْمُسَاوَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرُ بِالْخُلْعِ، وَالْخُلْعُ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَتِمُّ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كُلُّ طَلَاقٍ وَقَعَ بِشَرْطٍ لَيْسَ بِمَالٍ فَهُوَ رَجْعِيٌّ، وَفِيهِ أَنَّ الْقَبُولَ فِي الْمُعَلَّقِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَفِي الْكَافِي الْقَبُولُ فِي الْمُضَافِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عَدَمٌ قَبْلَ الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَ الْإِيجَابِ. اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْقَبُولِ فِي الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ فَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَفَعَلَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، وَفِي الْوَجِيزِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَأَقُولُ: لَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ الْقَبُولِ فِي الْمُضَافِ قَبْلَ وُجُودِ الْوَقْتِ لِانْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ عِنْدَنَا، وَبِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِي الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ لَكَانَ حَسَنًا لِتَخْرِيجِهِ عَلَى الْأُصُولِ، وَفِي الْمُجْتَبَى بَاعَ طَلَاقَهَا مِنْهَا بِمَهْرِهَا فَهُوَ بَرَاءَةٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَيُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهَا عِلْمُهَا بِمَعْنَاهُ.

فَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَلِعِي نَفْسَك بِكَذَا ثُمَّ لَقَّنَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَتَّى قَالَتْ اخْتَلَعْتُ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَالْإِسْقَاطُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَوْلُهَا فَعَلْت فِي جَوَابِ قَوْلِهِ خَلَعْت نَفْسَك مِنِّي بِكَذَا لَيْسَ بِقَبُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا أَنْت طَالِقٌ صَارَ كَقَوْلِهِ خَلَعْتُك لِأَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا فَيُجْعَلُ جَوَابًا لَهَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك طَلَاقَك بِمَهْرِك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بَانَتْ مِنْهُ بِمَهْرِهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ يَصِحُّ جَوَابًا، وَيَصِحُّ ابْتِدَاءً فَيُجْعَلُ جَوَابًا لَهَا، وَقِيلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ طَلَّقْت لَزِمَهَا الْمَالُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ مَالٍ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ اشْتَرَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَجَّانًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا بِعْت نَفْسَك مِنْك فَقَالَتْ اشْتَرَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَهِيَ بَائِنَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك أَمْرَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَزِمَهَا الْمَالُ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ بِالْمَالِ فَإِذَا اخْتَارَتْ فَقَدْ تَمَلَّكَتْ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ بِعْت طَلَاقَهَا مِنْك بِدِرْهَمٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَالْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَإِنْ قَبِلَتْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَّقَتْهَا يَقَعُ، وَإِنْ قَبِلَتْ قَبْلَهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ الزَّوْجِ خُلْعٌ بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ.

وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بِعْت مِنْك مَهْرِي، وَنَفَقَةَ عِدَّتِي فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَا بَاعَ نَفْسَهَا، وَلَا طَلَاقَهَا مِنْهَا إنَّمَا اشْتَرَى مَهْرَهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ طَلَاقًا لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمَعْقُودِ لِلْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا رِوَايَةٌ، وَلَا جَوَابٌ شَافٍ

ــ

[منحة الخالق]

الْغَالِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كُلُّ طَلَاقٍ وَقَعَ بِشَرْطٍ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا قَبِلَتْ عِنْدَ الدُّخُولِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ فِي الْبَابِ الْمَعْقُودِ إلَى قَوْلِهِ آخِرَهَا) أَيْ آخِرَ الْقُنْيَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ آخِرَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا هَذَا، وَقَدْ نَقَلَ الرَّمْلِيُّ عَنْهَا زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِرَمْزِ اسنع دبس أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهَا رَجْعِيٌّ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرَّجْعِيِّ، وَمُقَابَلَتُهُ بِالْمَالِ لَا تُغَيِّرُهُ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ فَرَاجِعْهُ اهـ.

قُلْت قَدْ رَاجَعْت النُّسْخَةَ الَّتِي عِنْدِي فَلَمْ أَرَ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْهَا، وَكَذَا رَاجَعْت غَيْرَ ذَلِكَ الْبَابِ مِنْ مَظَانِّ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ نُسْخَتَهُ فِيهَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ذَلِكَ آخِرَ الْحَاوِي لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ اسنع دبس، وَالْوَاقِعُ فِيهَا رَجْعِيٌّ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ لِاتِّفَاقِهِمَا وَتَرَاضِيهِمَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَمُقَابَلَتِهِ بِالْمَالِ بَعْدَمَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالرَّجْعِيِّ لَا بِغَيْرِهِ.

وَذَكَرَ الْمَصْدَرَ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا وَاحِدًا فَالْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِالرَّجْعِيَّةِ، وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهَا، وَعِنْدَ اتِّفَاقِهِمَا وَرِضَاهُمَا بِالرَّجْعِيَّةِ وَتَوْصِيفِهِ بِهَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ رَجْعِيٌّ، وَلَمَّا كَانَ الْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيًّا فَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْإِبْرَاءُ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزِّيَادَاتِ فَهِيَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَالِبَةً مِنْهُ طَلْقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ بِأَلْفٍ فَتُغَيِّرُ مُقَابَلَةُ الْمَالِ مَا وَصَفَهُ الزَّوْجُ مِنْ الرَّجْعِيِّ إلَى مَا طَلَبَتْهُ مِنْ الْبَائِنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِلُزُومِ الْأَلْفِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَيَلْغُو مَا وَصَفَهُ بِهِ بِمُقَابَلَتِهِ، وَلِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَالْعِوَضُ يَسْتَلْزِمُ الْمُعَوَّضَ، وَلَوْ وَقَعَ رَجْعِيًّا يَلْغُو مَعْنَى الْبَاءِ لِلَغْوِ الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِاسْتِلْزَامِ وُجُودِ الْعِوَضِ، وَهُوَ لُزُومُ الْأَلْفِ وُجُودَ الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ انْصِرَامُ النِّكَاحِ

ص: 79

لِلْمُتَأَخِّرِينَ آخِرَهَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَبْرَأْتُك مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَقَعُ بَائِنًا لِلْمُقَابَلَةِ فِي الْمَالِ كَمَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ رَجْعِيًّا، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ مُقَابِلٌ بِهِمَا، وَهُمَا بَائِنَتَانِ أَمْ رَجْعِيًّا، وَهَلْ يَبْرَأُ الزَّوْجُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ صُورَةً أَوْ لَا يَبْرَأُ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَأُخْرَى غَدًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ تَقَعُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَفِي الْغَدِ أُخْرَى بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ بَائِنَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ وَقَعَ لِلْحَالِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَغَدًا أُخْرَى بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَأَنْتِ طَالِقٌ أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتَا بِأَلْفٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ انْصَرَفَ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ ثَلَاثًا، وَغَدًا أُخْرَى بَائِنَةً بِأَلْفٍ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ بِالْأَلْفِ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِخُرُوجِ بُضْعِهَا عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِهِ فَلَزِمَهَا الْمَالُ بِالْقَبُولِ، وَلَوْ قَالَ وَكَانَ الْمُسَمَّى لَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا قَبِلَهُ غَيْرُهَا، وَسَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ بَيَانُ خُلْعِ الْفُضُولِيِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلِيَشْمَلَ الْإِبْرَاءَ حَتَّى لَوْ قَالَتْ لَهُ أَبْرَأْتُك عَمَّا لِي عَلَيْك عَلَى طَلَاقِي فَفَعَلَ جَازَتْ الْبَرَاءَةُ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تُبْرِئَهُ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي كَفَّلَ بِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ فُلَانٍ صَحَّ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِنَّمَا تَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى أَنْ أُؤَخِّرَ مَالِي عَلَيْك فَطَلَّقَهَا فَإِنْ كَانَ لِلتَّأْخِيرِ غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ صَحَّ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ لَا يَصِحُّ، وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ قَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا بِثَلَاثَةِ آلَافٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ إلَّا بِقَبُولِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِقَبُولِهَا فِي الْخُلْعِ فَوَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ قَبُولِهَا جُمْلَةً بِثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِأَلْفٍ فَقَالَتْ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا، وَثَالِثًا كَذَلِكَ، وَقَالَ إنْ أَرَدْت التَّكْرَارَ لَا يُصَدَّقُ، وَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلَمْ يُلْزِمْهَا إلَّا بِأَلْفٍ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْأُولَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِالطَّلَاقِ فِي اللَّفْظَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَالصَّرِيحُ يَلْحَقُ الْبَائِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ، وَقَالَتْ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَالْقَوْلُ لَهَا لِأَنَّ صِحَّةَ الْخُلْعِ لَا تَسْتَدْعِي الْبَدَلَ فَتَكُونُ مُنْكِرَةً فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا، وَلَوْ ادَّعَتْ الْخُلْعَ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ، وَخَمْسِمِائَةٍ لَا يُقْبَلُ، وَلَا يَثْبُتُ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِقَبُولِ الْمَالِ، وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِقَبُولِ الْأَلْفِ غَيْرُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِقَبُولِ الْأَلْفَيْنِ إذْ هُمَا شَرْطَانِ مُخْتَلِفَانِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَشْهَدُ بِغَيْرِ

ــ

[منحة الخالق]

مِنْ بَيْنِهِمَا فَيَلْغُو مَا وَصَفَهُ الزَّوْجُ بِمُقَابَلَةِ الْمَالِ فَتَقَعَانِ بِاثْنَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَالْأَلْفُ مُقَابَلٌ بِهِمَا) مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ إلَخْ فَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا الْمَالَ فِي مُقَابِلِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْتِ كَذَا بِأَلْفٍ مِنْ قَوْلِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ طَلَاقَيْنِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَا لَا يَكُونُ مُقَابَلًا بِهِمَا إلَّا إذَا وَصَفَ الْأَوَّلَ بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ فَيَكُونُ مُقَابَلًا بِالثَّانِي فَقَطْ، وَقَدَّمَ تَفَارِيعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ، وَأَنَّهَا عَلَى وُجُوهٍ عَشَرَةٍ (قَوْلُهُ وَغَدًا أُخْرَى بِالْأَلْفِ) أَيْ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، وَإِلَّا تَقَعُ غَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ شَرَطَ وُجُوبَ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُوجَدْ، وَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْهَا بِهَا لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْأُولَى لِكَوْنِهَا بَائِنَةً ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَقَبِلَتْ انْصَرَفَ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الزِّيَادَاتِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَالذَّخِيرَةُ نَصَّ فِي أَنَّهُمَا بَائِنَتَانِ (قَوْلُهُ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا) فَيَكُونُ كُلُّ تَطْلِيقَةٍ بِخَمْسِمِائَةٍ فَيَكُونَانِ بَائِنَتَيْنِ فَتَقَعُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَغَدًا أُخْرَى مَجَّانًا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ فَتَقَعَ الثَّانِيَةُ غَدًا بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَإِنَّمَا انْصَرَفَ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إلْغَاءِ الْوَصْفِ أَوْ الْبَدَلِ، وَإِلْغَاءُ الْمُنَافِي أَوْلَى لِأَنَّهُ ذُكِرَ أَوَّلًا، وَذُكِرَ الْبَدَلُ آخِرًا، وَالْآخِرُ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَوْ بَائِنَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ يَنْصَرِفُ الْبَدَلُ إلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قَرَنَ بِالْأُولَى وَصْفًا مُنَافِيًا لِلْبَدَلِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً، وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفٍ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُ قَرَنَ بِالثَّانِيَةِ وَصْفًا مُنَافِيًا لِلْبَدَلِ فَيَنْصَرِفُ الْبَدَلُ إلَى التَّطْلِيقَتَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ التَّأْخِيرِ) أَيْ قَيَّدْنَا بِالْمَالِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ كَمَا فَعَلَ فِي النَّهْرِ أَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَالْوَاقِعُ بِهِ، وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالِ بَائِنِ.

(قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّأْخِيرِ غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ

ص: 80

مَا يَشْهَدُ بِهِ الْآخَرُ فَلَا يُقْبَلُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي، وَقَدْ ادَّعَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَلْفِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ فَبَقِيَ دَعْوَى الزَّوْجِ دَيْنًا مُجَرَّدًا، وَاتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْأَلْفِ، وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ خَمْسِمِائَةٍ فَيُقْضَى بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَلْفًا لَا يُقْبَلُ، وَقَدْ كَذَّبَ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ لَمَّا عَرَفَ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْخُلْعِ ثَلَاثًا تَسْتَرِدُّ الْمَالَ لِأَنَّهَا بِمُبَاشَرَةِ الْخُلْعِ، وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً بِصِحَّةِ الْخُلْعِ ظَاهِرًا فَإِذَا ادَّعَتْ الْفَسَادَ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَتْ مُتَنَاقِضَةً فِي الدَّعْوَى إلَّا أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى فَيَثْبُتُ أَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَلَزِمَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَطْلَقَ فِي لُزُومِهَا الْمَالَ فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَةَ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لِحَجْرِهَا عَنْ التَّبَرُّعِ، وَلَوْ بِإِذْنٍ كَهِبَتِهَا، وَشَمِلَ الْأَمَةَ، وَأُمَّ الْوَلَدِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَوْلَى فَيَلْزَمُهَا لِلْحَالِ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَظَهَرَ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فِي الْجَامِعِ لَوْ خَلَعَ الْأَمَةَ مَوْلَاهَا عَلَى رَقَبَتِهَا، وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا جَازَ الْخُلْعُ، وَصَارَتْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً لِلزَّوْجِ بَلْ لِلْمَوْلَى فَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَفِي الْحُرِّ لَوْ مَلَكَ رَقَبَتَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ لَبَطَلَ، وَلَوْ بَطَلَ بَطَلَ الْخُلْعُ فَكَانَ فِي تَصْحِيحِهِ إبْطَالُهُ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْمِلْكِ، وَحَقُّ الْمِلْكِ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَةً أَمَةً تَحْتَ عَبْدٍ خَلَعَهَا مَوْلَاهَا عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ الْمَخْلُوعُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْعَبْدَ الْمَخْلُوعَ عَلَيْهِ إلَى نَفْسِهِ، وَلَا ضَمِنَهُ فَكَانَ الْعَقْدُ مُضَافًا إلَى الْأَمَةِ، وَتُبَاعُ الْأَمَةُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَيْهَا فَظَهَرَ فِي حَقِّهِ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ آخَرُ قَبْلَهُ بَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِاخْتِيَارِ الْمَوْلَى فَلَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ كَمَا فِي الصُّلْحِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَمَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى ضَمِنَ بَدَلَ الْخُلْعِ أَخَذَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اخْتَلَعْتُ مِنْك بِكَذَا، وَهُوَ يَنْسِجُ كِرْبَاسًا فَجَعَلَ يَنْسِجُ، وَهُوَ يُخَاصِمُهَا ثُمَّ قَالَ خَلَعْت قَالُوا إنْ لَمْ يَطُلْ ذَلِكَ فَهُوَ جَوَابٌ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ خَالَعْتُكِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تَعُدُّ الدَّرَاهِمَ فَلَمَّا تَمَّ الْعَدُّ قَالَتْ قَبِلْت يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ اهـ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَإِذَا خَلَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَيْهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اخْتَلَعَا، وَهُمَا يَمْشِيَانِ إنْ كَانَ كَلَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَّصِلًا بِالْآخَرِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا لَا يَصِحُّ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَيْضًا، وَلَوْ اخْتَلَعَا، وَزَعَمَتْ تَمَامَ الْخُلْعِ، وَادَّعَى الْقِيَامَ ثُمَّ الْقَبُولَ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ إنْكَارُ الْخُلْعِ. اهـ.

وَدَخَلَ تَحْتَ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ قَبِلْت تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تُعْطِ أَلْفًا كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَبِلَتْ تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِتَعْلِيقِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْقَبُولِ. اهـ.

وَلَوْ قَالَ وَلَزِمَهَا الْمَالُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ، وَلَا سَفِيهَةً، وَلَا مُكْرَهَةً لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَحْجُورَةَ بِالسَّفَهِ لَوْ قَبِلَتْ الْخُلْعَ وَقَعَ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَيَكُونُ بَائِنًا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ رَجْعِيًّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ، وَأَمَّا الْمَرِيضَةُ فَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَرِيضَةٌ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا ثُمَّ مَاتَتْ يُنْظَرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَى مِيرَاثِهِ مِنْهَا، وَإِلَى بَدَلِ الْخُلْعِ، وَإِلَى ثُلُثِ مَالِهَا فَيَجِبُ أَقَلُّهَا لَا الزِّيَادَةُ كَذَا فِي شحي، وَفِي خل فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ بِطَلَاقِهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ، وَصِيَّةٌ، وَهُوَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ فَصَحَّ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ دَخَلَ بِهَا، وَمَاتَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَكُلُّ الْمَهْرِ وَصِيَّةٌ، وَتَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ إذْ الِاخْتِلَاعُ تَبَرُّعٌ، وَلَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ هَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذْ الزَّوْجُ لَمْ يَبْقَ وَارِثًا لِرِضَاهُ بِالْفُرْقَةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْطِي الْأَقَلَّ مِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ تَطْلُقُ لِلْحَالِ وَإِنْ لَمْ تُعْطِ أَلْفًا) أَيْ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي شحي)

ص: 81

مِيرَاثِهِ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَمِنْ الثُّلُثِ إذْ اتَّهَمَا فِي حَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَتَّهِمَا فِي الْأَقَلِّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا جَمِيعًا فِي طَلَاقِهَا بِسُؤَالِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَحَاصِلُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ، وَعَدَمِ مُضِيِّهَا أَنَّهُ بَعْدَ مُضِيِّهَا لَا يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الثُّلُثِ فَيُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ قَدْرُ الثُّلُثِ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ، وَقَبْلَ مُضِيِّهَا لَا يُنْظَرُ إلَى الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مِيرَاثِهِ فَيُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ قَدْرُ إرْثِهِ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ دُونَ ثُلُثِ الْمَالِ لَوْ ثُلُثُهُ أَكْثَرُ كَذَا ط، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ ابْنَ عَمِّهَا فَلَوْ لَمْ يَرِثْ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ لَهَا عَصَبَاتٌ أُخَرُ أَقْرَبُ مِنْهُ فَهُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ، وَلَوْ يَرِثُهَا بِقَرَابَةٍ وَمَاتَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا يُنْظَرُ إلَى بَدَلِ الْخُلْعِ وَإِلَى إرْثِهِ بِالْقَرَابَةِ فَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ قَدْرَ إرْثِهِ أَوْ أَقَلَّ سُلِّمَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ لَا تُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ هَذَا لَوْ كَانَتْ مَدْخُولَةً، وَإِلَّا فَالنِّصْفُ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ بِطَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولِهِ لَا بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ يُنْظَرُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَجْنَبِيًّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَيَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَ ابْنَ عَمِّهَا، وَيَرِثُهَا فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ إرْثِهِ، وَمِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ هَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَوْ بَرِئَتْ مِنْهُ سُلِّمَ لِلزَّوْجِ كُلُّ الْبَدَلِ كَهِبَتِهَا مِنْهُ ثُمَّ يَرِثُهَا، وَلَا إرْثَ بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا لِتَرَاضِيهِمَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ هَذَا لَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً فَلَوْ اخْتَلَعَتْ صَحِيحَةً، وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ بِالْمُسَمَّى قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَا إرْثَ بَيْنَهُمَا مَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَوْ خَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ الزَّوْجِ بِمَالٍ ضَمِنَهُ لِلزَّوْجِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ، وَيُعْتَبَرُ الْبَدَلُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا حِينَ تَبَرَّعَ الْأَجْنَبِيُّ بِخُلْعِهَا فَلَهَا الْإِرْثُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الطَّلَاقِ فَيُعْتَبَرُ الزَّوْجُ فَارًّا اهـ.

وَلَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً عَلَى الْقَبُولِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْبَدَلُ، وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكُرْهِ بِالْخُلْعِ، وَالطَّوْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا طَلَقَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْ كَانَ الْإِيجَابُ مِنْ الزَّوْجِ بِالْمَالَيْنِ لَزِمَهَا الْمَالَانِ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَلَزِمَهَا الْمَالُ إلَى أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَلْزَمَهُ مَالٌ فِي الْخُلْعِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِي وَقْفٌ عَلَى قَبُولِهَا، وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ قُلْنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ، وَقْفٌ عَلَى قَبُولِهَا أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَمَعْرِفَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ إضَافَةَ الْخُلْعِ إلَى مَالِ الزَّوْجِ بَعْدَ إبْرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ الْمَهْرِ فَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهَا إذَا قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ، وَفِي مُنْيَةِ الْفُقَهَاءِ خَلَعْتُك بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ فَقَبِلَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ، وَلَوْ كَانَتْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُ الزَّوْجِ بِتَصَادُقِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهَا شَيْءٌ لِسَلَامَةِ الْبَدَلِ لَهُ اهـ.

وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى لُزُومِهَا الْمَالَ أَنَّهُ لَوْ تَخَالَعَا، وَلَمْ يَذْكُرَا مِنْ الْمَالِ شَيْئًا أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَالِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَصِحُّ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْخَانِيَّةِ الزِّيَادَةُ فِي الْبَدَلِ بَعْدَ الْخُلْعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ إنْ نَشَزَ) أَيْ كَرِهَهَا وَالنُّشُوزُ يَكُونُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَهُوَ كَرَاهَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا نُشُوزًا مِنْ بَابَيْ قَعَدَ وَضَرَبَ عَصَتْ زَوْجَهَا وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، وَنَشَزَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ نُشُوزًا بِالْوَجْهَيْنِ تَرَكَهَا وَجَفَاهَا، وَفِي التَّنْزِيلِ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] وَأَصْلُهُ الِارْتِفَاعُ يُقَالُ نَشَزَ مِنْ مَكَانِهِ نُشُوزًا بِالْوَجْهَيْنِ إذَا ارْتَفَعَ عَنْهُ، وَفِي السَّبْعَةِ {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: 11] بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وَالنَّشَزُ بِفَتْحَتَيْنِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ

ــ

[منحة الخالق]

هَذَا رَمْزٌ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي خل بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ رَمْزٌ إلَى الْخَصَائِلِ (قَوْلُهُ كَذَا ط) هُوَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ رَمْزٌ لِلْمُحِيطِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَرِثُهَا) أَيْ بِالْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ إلَى أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَلْزَمَهُ مَالٌ إلَخْ) يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ عَنْ الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْأُرْزِ الْأَبْيَضِ، وَخَالَعَهَا بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَتِهَا مَالٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُنْيَةِ فَإِنَّ الْمَالَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَكَأَنَّهَا بَذَلَتْ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ وَالْأُرْزِ، وَيُوَضِّحُهُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفٌ ثُمَّ زَادَهَا أَلْفًا فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ، وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الثَّالِثُ أَنْ يَقَعَ بِبَدَلٍ عَلَى الزَّوْجِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ هُنَا صُورَةٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ كَوْنِ الْبَدَلِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَهْرِ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا قَدْرًا مِنْ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنِّي فَيَجُوزُ إيجَابُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عِوَضٍ، وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَصِحُّ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَعْنِي، وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ عَلَى مَا مَرَّ قُلْت، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ، وَالْمُبَارَاةُ كُلَّ حَقٍّ إلَخْ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، وَسَنَذْكُرُ تَحْقِيقَ الْمَقَامِ

ص: 82

مِنْ الْأَرْضِ، وَالسُّكُونُ لُغَةٌ فِيهِ. اهـ.

وَأَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ الْمُنْتَهِضَةَ سَبَبًا لِلْعِقَابِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَخْذَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَامٌ قَطْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] وَلَا يُعَارِضُهُ الْآيَةُ الْأُخْرَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] لِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ فَقَطْ، وَالْأُخْرَى فِيمَا إذَا خَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ فَقَطْ نُشُوزٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَعَارَضَا كَانَتْ حُرْمَةُ الْأَخْذِ ثَابِتَةً بِالْعُمُومَاتِ الْقَطْعِيَّةِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى حُرْمَةِ أَخْذِ مَالِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَفِي إمْسَاكِهَا لَا لِرَغْبَةٍ بَلْ إضْرَارًا، وَتَضْيِيقًا لِيَقْتَطِعَ مَالَهَا فِي مُقَابَلَةِ خَلَاصِهَا مِنْ الشِّدَّةِ الَّتِي هِيَ مَعَهُ فِيهَا ذَلِكَ، وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231] فَهَذَا دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ أَخْذِ مَالِهَا كَذَلِكَ فَيَكُونُ حَرَامًا إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ جَازَ فِي الْحُكْمِ أَيْ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ التَّمْلِيكِ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ ثُمَّ رَخَّصَ بَعْدُ فَقَالَ {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ} [البقرة: 229] قَالَ فَنَسَخَتْ هَذِهِ تِلْكَ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي النِّسَاءِ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي حِلَّ الْأَخْذِ مُطْلَقًا إذَا رَضِيَتْ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْإِبْرَاءُ عَمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْهُ لِأَنَّهُ اعْتِدَاءٌ وَإِضْرَارٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَشَزَتْ لَا) أَيْ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَخْذُ إذَا كَانَتْ هِيَ الْكَارِهَةُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ نُشُوزٌ لَهَا أَيْضًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَالْإِبَاحَةُ ثَابِتَةٌ بِعِبَارَةِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جَانِبِهَا فَقَطْ فَبِدَلَالَتِهَا بِالْأُولَى، وَالْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَاهَا، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى خِلَافِ الْأُولَى كَمَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُهُ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا لِأَنَّ النَّصَّ نَفَى الْجُنَاحَ مُطْلَقًا فَتَقْيِيدُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ لِمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَوْجَهُ وَصَحَّحَ الشُّمُنِّيُّ رِوَايَةَ الْأَصْلِ لِأَحَادِيثَ ذَكَرَهَا.

(قَوْلُهُ وَمَا صَلَحَ مَهْرًا صَلَحَ بَدَلَ الْخُلْعِ) لِأَنَّ مَا صَلَحَ عِوَضًا لِلْمُتَقَوِّمِ أَوْلَى أَنْ يَصْلُحَ عِوَضًا لِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَإِنَّ الْبُضْعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَمُتَقَوِّمٌ حَالَةَ الدُّخُولِ فَمَنَعَ الْأَبُ مِنْ خُلْعِ صَغِيرَتِهِ عَلَى مَالِهَا، وَجَازَ لَهُ تَزَوُّجُ وَلَدِهِ بِمَالِهِ، وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنْ الثُّلُثِ، وَجَازَ تَزْوِيجُ الْمَرِيضِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَصَحَّ الْخُلْعُ عَلَى ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ كَالْمَهْرِ، وَكَذَا عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهَا أَوْ رُكُوبِ دَابَّتِهَا وَخِدْمَتِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْزَمُ خَلْوَةٌ بِهَا أَوْ خِدْمَةُ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ هَذِهِ تَجُوزُ مَهْرًا، وَبَطَلَ الْبَدَلُ فِيهِ لَوْ كَانَ ثَوْبًا أَوْ دَارًا كَالْمَهْرِ وَوَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ الْمَهْرِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَنْعَكِسُ كُلِّيًّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا لَا يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا أَوْ غَنَمِهَا صَحَّ، وَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَلَا يَجُوزُ مَهْرًا بَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَكَذَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَفَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ مُطَّرِدٌ مُنْعَكِسٌ كُلِّيًّا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ طَرْدِ الْكُلِّيِّ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَيْسَ فِيهِ جَهَالَةٌ مُسْتَتِمَّةٌ، وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَمِنْ عَكْسِ الْكُلِّيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَهَالَةٌ مُسْتَتِمَّةٌ، وَمَا دُونَ الْعَشَرَةِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ لَيْسَ فِيهِ جَهَالَةٌ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ لَا عَلَى الطَّرْدِ الْكُلِّيِّ، وَلَا عَلَى عَكْسِهِ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ جِنْسُهُ أَوْ عَلَى دَارٍ فَلَهُ الْمَهْرُ، وَفِي الْعَبْدِ يَلْزَمُهَا الْوَسَطُ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا تَكْتَسِبُهُ الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا تَرِثُهُ مِنْ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَهُ امْرَأَةً، وَتَمْهَرَهَا عَنْهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَتَرُدُّ الْمَهْرَ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِحُكْمِهَا صَحَّ فَإِنْ حَكَمَتْ، وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ رَجَعَ بِالْمَهْرِ، وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفٍ إلَى الْحَصَادِ ثَبَتَ الْأَجَلُ، وَلَوْ قَالَتْ إلَى قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ مَوْتِهِ وَجَبَ الْمَالُ حَالًّا، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ وَفِي إمْسَاكِهَا لَا لِرَغْبَةٍ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ أَخْذِ مَالِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي حِلَّ الْأَخْذِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا قُلْت لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّ آيَةَ {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] فِيمَا إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْهُ، وَآيَةَ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 229] فِيمَا إذَا كَانَ مِنْهَا فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُنْسَخَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (قَوْلُهُ، وَصَحَّحَ الشُّمُنِّيُّ رِوَايَةَ الْأَصْلِ) قَدْ عَلِمْت عَدَمَ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْفِيقِ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْفَتْحِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلِفَةٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثُمَّ سَاقَ النُّصُوصَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ثُمَّ حَقَّقَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ كَوْنُ رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَوْجَهَ نَعَمْ يَكُونُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَالْمَنْعُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى وَطَرِيقُ الْقُرْبِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ مُطَّرِدٌ مُنْعَكِسٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى

ص: 83

دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً يَرْجِعُ بِالْجِيَادِ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ يَرْجِعُ بِهَرَوِيٍّ وَسَطٍ، وَلَا يَرُدُّ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَّا بِعَيْبٍ فَاحِشٍ فَإِنْ كَانَ حَلَالَ الدَّمِ أَوْ الْيَدِ فَأَمْضَى عِنْدَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا بِنُقْصَانِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ كَوْنَهُ حَلَالَ الدَّمِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ النُّقْصَانِ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ فِي يَدِهَا أَوْ اسْتَحَقَّ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا وَقْتَ الِانْخِلَاعِ فَلَهُ مَهْرُهَا، وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى حَيَوَانٍ ثُمَّ صَالَحَتْهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ يَدًا بِيَدٍ، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ وَمَهَرَهَا أَلْفًا ثُمَّ زَادَهَا أَلْفًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِأَلْفٍ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَذَلَتْ الْعَبْدَ بِإِزَاءِ الْبُضْعِ، وَأَلْفِ دِرْهَمٍ فَانْقَسَمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ نِصْفُهُ بَدَلُ الْخُلْعِ، وَنِصْفُهُ بَيْعًا بِالْأَلْفِ، وَالْمَبِيعُ مَتَى اسْتَحَقَّ ثَمَنُهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ، وَبَدَلُ الْخُلْعِ مَتَى اسْتَحَقَّ تَجِبُ قِيمَتُهُ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ.

وَلَوْ خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى عَبْدٍ قُسِّمَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مُسَمَّيْهِمَا فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ قِيمَةُ بُضْعَيْهِمَا لَا عَلَى مَهْرِ مِثْلَيْهِمَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُسَمَّى مَكْرُوهَةٌ، وَفِي الْخُلْعِ، وَالزِّيَادَةُ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا زَادَتْ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ زَادَ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْأُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبِلَتَا طَلَقَتَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا، وَمَاتَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، وَلَا مِيرَاثَ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ بِشَرْطِ أَنَّ الزَّوْجَ يُعْطِيهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْأُرْزِ الْأَبْيَضِ، وَخَالَعَهَا بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْخُلْعَ أَوْسَعُ مِنْ الْبَيْعِ فَفِي بت خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَقَبِلَتْ فَهَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ تَبِنْ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ نَفْسَ التَّسْلِيمِ شَرْطًا مخ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَخِيهَا فَأَخَذَ أَخُوهَا مِنْهُ الْمَهْرَ قَبَالَةً ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ لَهُ الْقَبَالَةَ غَدًا فَقَبِلَ، وَلَمْ تُسَلِّمْ إلَيْهِ الْقَبَالَةَ غَدًا لَا تُحَرَّمُ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ أَوْ قَالَتْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا أَقْمِشَتَهَا فَقَبِلَ لَا تُحَرَّمُ، وَيُشْتَرَطُ كِتَابَةُ الصَّكِّ، وَرَدُّ الْأَقْمِشَةِ فِي الْمَجْلِسِ خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِي وَقَفَ عَلَى قَبُولِهَا، وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ خَلَعْتُك بِمَالِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ، وَقَبِلْت يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا، وَقَبِلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.

وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُ الزَّوْجِ، وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ يُسَلَّمُ لَهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَسُئِلَ لَوْ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لِلزَّوْجِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَيَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَفِي الْمُجْتَبَى فَوَّضَتْ الْخُلْعِ إلَى زَوْجِهَا أَوْ الْعَبْدِ إلَى الْمَوْلَى فَفَعَلَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِمَا جَازَ، وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى الْخُلْعَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَفِي عَتَاقِ الْأَصْلِ الْوَاحِدِ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْعَتَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إذَا كَانَ الْبَدَلُ مُسَمًّى، وَإِلَّا لَا يَكُونُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ وَقَعَ بَائِنٌ فِي الْخُلْعِ رَجْعِيٌّ فِي غَيْرِهِ مَجَّانًا) لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَغُرَّهُ، وَالْبُضْعُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي الْأَصْلِ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِتَسْمِيَةِ الْمَالِ، وَفِي الْمُجْتَبَى، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمَالُ بِالِالْتِزَامِ أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ أَوْ بِمِلْكِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَمَّا بَطَلَ الْعِوَضُ كَانَ الْعَامِلُ فِي الْخُلْعِ لَفْظَهُ، وَهُوَ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْمُوجِبَةِ لِقَطْعِ وَصْلَةِ النِّكَاحِ، وَفِي الثَّانِي الصَّرِيحُ، وَهُوَ رَجْعِيٌّ فَقَوْلُهُ مَجَّانًا عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ فَعَلْته مَجَّانًا أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْمَجَّانُ عَطِيَّةُ الشَّيْءِ بِلَا ثَمَنٍ، وَقَالَ الْفَارَابِيُّ هَذَا الشَّيْءُ لَك مَجَّانًا أَيْ بِلَا بَدَلٍ. اهـ.

، وَأَوْجَبَ زُفَرُ عَلَيْهَا رَدَّ الْمَهْرِ كَمَا فِي

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ الصَّلَاحِيَةَ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْكَامِلَةُ، وَكَوْنَ مُطْلَقِ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ خَالِيًا عَنْ الْكَمِّيَّةِ يَصْلُحُ مَهْرًا مَمْنُوعٌ فَلِذَا مَنَعَ الْمُحَقِّقُونَ انْعِكَاسَهَا كُلِّيَّةً (قَوْلُهُ وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالْتِصَاقٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَكِنْ سَيُعِيدُ الْعِبَارَةَ قَرِيبًا بِلَفْظِ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ، وَتَقَدَّمَ قَبْلَ وَرَقَةٍ، وَنِصْفٍ بِلَفْظِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُ الزَّوْجِ بِتَصَادُقِهِمَا (قَوْلُهُ وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى الْخُلْعَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) سَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ وَكِيلًا مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ مُسَمًّى أَوْ لَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْكُبْرَى الْوَاحِدُ يَتَوَلَّى الْخُلْعَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنْ كَانَ خُلْعًا، وَهُوَ مُعَاوَضَةٌ إذَا كَانَ الْبَدَلُ مَذْكُورًا فِي رِوَايَةٍ هُوَ الْمُخْتَارُ

ص: 84

الْمُحِيطِ قَيَّدَ بِكَوْنِهَا سَمَّتْ مُحَرَّمًا لِأَنَّهَا لَوْ سَمَّتْ لَهُ حَلَالًا كَخَالِعْنِي عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ الْمَأْخُوذَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِكَوْنِهِ خَمْرًا، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ خَلَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ رَجَعَ بِالْمَهْرِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا لِمَا عُرِفَ فِي النِّكَاحِ، وَقَيَّدَ بِالْخُلْعِ، وَالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ بَاطِلَةٌ فَيَعْتِقُ إنْ أَدَّاهُ فِي الْأُولَى مَعَ وُجُوبِ قِيمَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْلَى مُتَقَوِّمٌ، وَلَا يَعْتِقُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالنِّكَاحُ بِالْكُلِّ صَحِيحٌ مَعَ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِتَقَوُّمِ الْبُضْعِ عِنْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَدَلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِي الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ فَلَا يَقَعَانِ إلَّا بِقَبُولِهَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي بِمَالٍ أَوْ عَلَى مَالٍ، وَلَمْ تَذْكُرْ قَدْرَهُ لَا يَتِمُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِلَا قَبُولِهَا، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْبَدَلُ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ قِيلَ يَقَعُ وَبِهِ يُفْتَى، وَقِيلَ لَا يَقَعُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالدَّلِيلِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ كَخَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدَيَّ، وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا) أَيْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ عَلَيْهَا لِعَدَمِ تَسْمِيَةِ شَيْءٍ تَصِيرُ بِهِ غَارَّةً لَهُ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا خَالَعْتُكِ عَلَى مَا فِي يَدَيَّ، وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ جَوْهَرَةٌ لَهَا فَقَبِلَتْ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَضَرَّتْ بِنَفْسِهَا حِينَ قَبِلَتْ الْخُلْعَ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ جَائِزًا، وَلَا خِيَارَ لَهَا فَالْخُلْعُ أَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي بَيْتِي أَوْ مَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ، وَلَا شَيْءَ فِي بَيْتِهَا أَنَّهَا كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ عَلَى مَا فِي يَدَيَّ مِنْ شَيْءٍ أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِي، وَلَمْ تَلِدْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا أَوْ غَنَمِهَا أَوْ مَا فِي نَخْلِهَا صَحَّ، وَلَهُ مَا فِي بَطْنِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فِي بُطُونِهَا فَلِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ لِلْحَالِ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى حَمْلِ جَارِيَتِهَا، وَلَيْسَ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ تَرُدُّ الْمَهْرَ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ حَيْثُ أَطْمَعَتْهُ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَلَكِنْ فِي وُجُودِهِ احْتِمَالٌ وَتَوَهُّمٌ، وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مَوْهُومٍ بِخِلَافِ مَا فِي الْبَطْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَرِيحٍ أَوْ مَا يَحْوِيهِ الْبَطْنُ. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تَبْرِيَهُ عَنْ كَفَالَةِ نَفْسِ فُلَانٍ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ تَبْرِيَهُ عَنْ الْأَلْفِ الَّتِي كَفَلَهَا لَهَا عَنْ فُلَانٍ فَالطَّلَاقُ بَائِنٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ مِنْ مَالٍ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ رَدَّتْ مَهْرَهَا أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ) يَعْنِي رَدَّتْ مَهْرَهَا فِيمَا إذَا قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدَيَّ مِنْ مَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ وَرَدَّتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِيمَا إذَا قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدَيَّ مِنْ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى لَمَّا سَمَّتْ مَالًا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ رَاضِيًا بِالزَّوَالِ إلَّا بِالْعِوَضِ، وَلَا وَجْهَ إلَى إيجَابِ الْمُسَمَّى وَقِيمَتِهِ لِلْجَهَالَةِ، وَلَا إلَى قِيمَةِ الْبُضْعِ أَعْنِي مَهْرَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَتَعَيَّنَ إيجَابُ مَا قَامَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فَقَالَ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا مَتَاعَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ، وَذِكْرُ الْيَدِ مِثَالٌ وَالْبَيْتُ وَالصُّنْدُوقُ وَبَطْنُ الْجَارِيَةِ وَالْغَنَمِ كَالْيَدِ، وَقَوْلُهُ مِنْ مَالٍ مِثَالٌ أَيْضًا، وَالْمَتَاعُ، وَالْحَمْلُ لِلْبَطْنِ كَالْمَالِ فَإِذَا قَالَتْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِي أَوْ غَنَمِي مِنْ حَمْلٍ رَدَّتْ الْمَهْرَ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ خَالَعَهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ لَزِمَهَا رَدُّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بِطَمَعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ مَجَّانًا فَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا مَتَاعَ فِي الْبَيْتِ فِي مَسْأَلَةِ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ مَتَاعٍ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُطْمِعْهُ فَلَمْ يَصِرْ مَغْرُورًا. اهـ.

وَفِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَتْ الْجَمْعَ، وَلَا غَايَةَ لِأَقْصَاهُ، وَأَدْنَاهُ ثَلَاثَةٌ فَوَجَبَ الْأَدْنَى كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا هُنَا لِلْبَيَانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ تَمَّ الْكَلَامُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ اشْتَمَلَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 85

عَلَى ضَرْبِ إبْهَامٍ فَهِيَ لِلْبَيَانِ، وَإِلَّا فَلِلتَّبْعِيضِ، وَقَوْلُهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدَيَّ كَلَامٌ تَامٌّ بِنَفْسِهِ حَتَّى جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ ذِكْرِ الْجَمْعِ مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ وَاحِدٍ فَقَطْ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى كَالْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي الْعَبِيدَ أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْجِنْسِ إذَا عُرِّيَ عَنْ قَرِينَةِ الْعَهْدِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ هُنَا عَلَى الْعَهْدِ، وَهُوَ قَوْلُهَا عَلَى مَا فِي يَدَيَّ كَذَا فِي الْكَافِي، وَأَوْضَحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ لِأَنَّ قَوْلَهَا عَلَى مَا فِي يَدَيَّ أَفَادَ كَوْنَ الْمُسَمَّى مَظْرُوفًا بِيَدِهَا، وَهُوَ عَامٌّ يَصْدُقُ عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَغَيْرِهَا فَصَارَ بِالدَّرَاهِمِ عَهْدٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَا صَدُقَاتِ لَفْظٍ مَا، وَهُوَ مُبْهَمٌ وَقَعَتْ مِنْ بَيَانًا لَهُ، وَمَدْخُولُهَا هُوَ الْمُبَيِّنُ لِخُصُوصِ الْمَظْرُوفِ، وَالدَّرَاهِمُ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بَيَّنَتْ الْمُبْهَمَ بِجَمْعٍ كَالدَّنَانِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الشِّيَاهِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ الْبِغَالِ أَوْ الْحَمِيرِ كَذَلِكَ يَلْزَمُهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسَمَّى ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْرَاجِ لَكِنْ زَادَ الثِّيَابَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ، وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ كَانَ لَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَلَا يَلْزَمُهَا رَدُّ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا جَمْعٌ مِمَّا سَمَّتْهُ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِهَا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهَا تَكْمِلَةُ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَبْسُوطِ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةً لِأَنَّ عَدَمَ وُجُودِ شَيْءٍ فِي يَدِهَا شَرْطٌ لِرَدِّ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى، وَعَدَمَ وُجُودِ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَلَامُهُ لَا يُفِيدُهُ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ رَدَّتْ الْمَهْرَ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا بَرِئَ مِنْهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ لَهُ، وَكَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ عَيْنَ مَا يَسْتَحِقُّهُ قَدْ سُلِّمَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهَا يَرْجِعُ لِأَجْلِ الْهِبَةِ، وَهِيَ لَا تُوجِبُ عَلَى الْوَاهِبِ ضَمَانًا. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ سَمَّى مَوْجُودًا مَعْلُومًا يَجِبُ الْمُسَمَّى إنْ سَمَّى مَجْهُولًا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ فَحَشَتْ الْجَهَالَةُ، وَتَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ، وَرَدَّتْ مَا قَبَضَتْ. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْخُلْعِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ، وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ حَالَةَ الدُّخُولِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ مَثَلًا، وَقَدْ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ لِلْغَرُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ، وَظُهُورُ حُرِّيَّتِهِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا كَالْمَهْرِ، وَقَتَلَهُ عِنْدَهُ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَهَا كَاسْتِحْقَاقِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ رَدَّتْ الْمَهْرَ إلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ عَلَى الْمَهْرِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَإِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى الْمَهْرِ صَحَّ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ الْمَرْأَةُ سَقَطَ عَنْهُ، وَإِنْ قَبَضَتْهُ اسْتَرَدَّهُ مِنْهَا. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ خَلَعَهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَهْرِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بِطَمَعِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ مَجَّانًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا، وَقَبِلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْهُ قَبْلَ الْخُلْعِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُ الزَّوْجِ، وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ مُسَلَّمٌ لَهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ أَبَقَ لَهَا عَلَى أَنَّهَا بَرِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي إيجَابُ الْوَسَطِ فِي الْكُلِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إيجَابَ الْوَسَطِ فِي مَعْلُومِ الْجِنْسِ كَالْفَرَسِ، وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ بِخِلَافِ مَجْهُولِ الْجِنْسِ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ، وَلِذَا لَوْ سَمَّى مَهْرًا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةً إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ نَفْيُ الشَّيْئِيَّةِ فِيمَا إذَا لَمْ تُسَمِّ لَهُ شَيْئًا مَعْنَاهُ نَفْيُ الْوُجُودِ، وَفِيهَا إذَا سَمَّتْ مَالًا أَوْ دَرَاهِمَ مَعْنَاهُ نَفْيُ وُجُودِ مَا سَمَّتْهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا مُسَامَحَةَ أَصْلًا إلَّا أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ سَمَّتْ دَرَاهِمَ فَإِذًا فِي يَدِهَا دَنَانِيرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ غَيْرُ الدَّرَاهِمِ، وَلَمْ أَرَهُ

ص: 86

سَلَامَةَ الْعِوَضِ، وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَبَطَلَ فَكَانَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ، وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالنِّكَاحِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ صَحَّ الْخُلْعُ، وَبَطَلَ الشَّرْطُ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ صَدَاقَهَا لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ الْخُلْعُ جَائِزٌ، وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ، وَلَا شَيْءَ لِلْوَلَدِ، وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ اهـ.

وَمَعْنَى اشْتِرَاطِهَا الْبَرَاءَةَ أَنَّهَا إنْ وَجَدَتْهُ سَلَّمَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَقَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّهَا لَوْ اشْتَرَطَتْ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبٍ فِي الْبَدَلِ صَحَّ الشَّرْطُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ تَسْمِيَةُ الْآبِقِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ فَالْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ هُنَا دُونَ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ فِيمَا إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ غَنَمِهَا، وَذَلِكَ جَائِزٌ فَكَذَا هُنَا، وَقَيَّدَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَوْ كَانَ مُلَائِمًا لَمْ يَبْطُلْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَقَبِلَتْ فَهَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ تَبِنْ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ نَفْسَ التَّسْلِيمِ شَرْطًا، وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَخِيهَا فَأَخَذَ أَخُوهَا مِنْهُ الْمَهْرَ قَبَالَةً ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الْقَبَالَةَ غَدًا فَقَبِلَ، وَلَمْ تُسَلِّمْ إلَيْهِ الْقَبَالَةَ غَدًا لَمْ تُحَرَّمْ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ أَوْ قَالَتْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهَا أَقْمِشَتَهَا فَقَبِلَ لَا تُحَرَّمُ، وَيُشْتَرَطُ كَتْبُهُ الصَّكَّ، وَرَدُّ الْأَقْمِشَةِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تُخْرِجَ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَطَلَّقَهَا الْمَأْمُورُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ أُخْرِجْ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ.

قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِلْمَأْمُورِ قُلْ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُخْرِجِي مِنْ الدَّارِ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُورُ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ شَرْطَ الطَّلَاقِ أَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِلْمَأْمُورِ قُلْ لِامْرَأَتِي أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجِي مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَقَبِلَتْ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ إنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا قَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ قَبِلْت تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ أَلْفًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَبِلَتْ تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِتَعْلِيقِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْقَبُولِ. اهـ.

وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ تَبْرَأْ أَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ فَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ غَدًا عَلَى عَبْدِك هَذَا فَقَبِلَتْ، وَبَاعَتْ الْعَبْدَ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الْعَبْدِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً لَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَبَانَتْ) لِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَ فَطَلَّقَهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَ هُوَ فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقَبُولِ مَجْلِسُهَا لَا مَجْلِسُهُ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِلَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ صَحَّ قَبُولُهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ أَشَارَ بِطَلَبِهَا الثَّلَاثَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَهُ إذْ لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَنَّ لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَ عَلَيْهَا كُلُّ الْأَلْفِ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ بِإِيقَاعِ الْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ، وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَانِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَاءِ، وَعَلَى لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ حُصُولُ الْمَقْصُودِ لَا اللَّفْظُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَبِثُلُثِ الْأَلْفِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَ وَاحِدَةً إذْ لَوْ طَلَّقَ الثَّلَاثَ كَانَ لَهُ جَمِيعُ الْأَلْفِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَفَرِّقَةٍ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ قَرِيبًا قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ خَالَعَهَا.

ص: 87

لَا يُقَالُ كَيْفَ وَقَعَ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ أَسْلَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْ الْبَائِنِ مَا كَانَ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ لَا مُطْلَقُ الْبَائِنِ حَتَّى صَرَّحُوا بِوُقُوعِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ فِي قَوْلِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ الْقِيَاسُ أَنْ تَقَعَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَتَقَعُ الْأُخْرَيَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَصَلَ التَّطْلِيقَاتِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ أَمَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ بِسُكُوتٍ لَا يَجِبُ جَمِيعُ الْأَلْفِ، وَإِنْ حَصَلَ الْإِيقَاعُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إذَا كَانَ الْمَجْلِسُ وَاحِدًا لَا يُشْتَرَطُ الْوَصْلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

قَيَّدَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنْ اقْتَصَرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِالْأَلْفِ وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ إنْ قَبِلَتْ تَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً تَقَعُ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَفِي عَلَى وَقَعَ رَجْعِيٌّ مَجَّانًا) أَيْ فِي قَوْلِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ أَلْفًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَقَعَ رَجْعِيًّا بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا فَهُمَا جَعَلَاهَا كَالْبَاءِ، وَهُوَ جَعَلَهَا لِلشَّرْطِ، وَالْمَشْرُوطُ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّرْطِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَوْ أَمِنَ الْإِمَامُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَبَدَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّ عَلَيْهِمْ ثُلُثَا الْأَلْفِ، وَلَوْ أَمِنَ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ رَدَّ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَاتٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَزِمَهَا الْأَلْفُ لِأَنَّ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةَ تَقَعُ عِنْدَهُ رَجْعِيَّةً فَإِيقَاعُ الثَّالِثَةِ وُجِدَ، وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ فَيَسْتَوْجِبُ عَلَيْهَا الْأَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ عِنْدَهُمَا يَسْتَوْجِبُ ثُلُثَ الْأَلْفِ، وَعِنْدَهُ لَا يَسْتَوْجِبُ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَحَاصِلُ مَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ كَلِمَةَ عَلَى مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الِاسْتِعْلَاءِ وَاللُّزُومِ فَإِذَا اتَّصَلَتْ بِالْأَجْسَامِ الْمَحْسُوسَةِ كَانَتْ لِلِاسْتِعْلَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ لِلُّزُومِ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الشَّرْطِ الْمَحْضِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ، وَعَلَى الْمُعَاوَضَةِ كَبِعْنِي هَذَا عَلَى أَلْفٍ، وَاحْمِلْهُ عَلَى دِرْهَمٍ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ عُرْفًا نَحْوُ افْعَلْ كَذَا عَلَى أَنْ أَنْصُرَك، وَالْمَحَلُّ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ يَصِحُّ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الشَّرْطِ وَالْمُعَاوَضَةِ، وَلَا مُرَجِّحَ، وَكَوْنُ مَدْخُولِهَا مَالًا لَا يَرْجِعُ مَعْنَى الِاعْتِيَاضِ فَإِنَّ الْمَالَ يَصِحُّ جَعْلُهُ شَرْطًا مَحْضًا كَإِنْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَلَكَ الْأَلْفُ فَلَا يَجِبُ الْمَالُ بِالشَّكِّ، وَلَا يَحْتَاطُ فِي اللُّزُومِ إذْ الْأَصْلُ فَرَاغُ الذِّمَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا لِلِاسْتِعْلَاءِ حَقِيقَةً، وَلِلُّزُومِ مَجَازًا لِأَنَّ الْمَجَازَ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَرَدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لَيْسَ إلَّا لِتَبَادُرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ، وَهُوَ مُتَبَادِرٌ كَتَبَادُرِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَكَوْنُ الْمَجَازِ خَيْرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ التَّرَدُّدِ أَمَّا عِنْدَ قِيَامِ دَلِيلِ الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ التَّبَادُرُ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاقِ فَلَا.

وَذَكَرَ فِي التَّحْرِيرِ مَا يُرَجِّحُ قَوْلَهُمَا بِمَنْعِ قَوْلِهِ فِي دَلِيلِهِ، وَلَا مُرَجِّحَ بَلْ فِيهِ مُرَجِّحُ الْعِوَضِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا عُلِمَتْ مُقَابَلَتُهُ الْعِوَضِيَّةُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَحْدَهَا حَيْثُ وَافَقَهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهَا فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا حَتَّى يُجْعَلَ كَالشَّرْطِ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ بِتَحْصِيلِ الْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ كَذَا ذَكَرُوا، وَلَا يَخْلُو مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لَهَا غَرَضًا فِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا لَا تَبْقَى ضَرَّتُهَا مَعَهُ بَعْدَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ أَيْضًا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا لِلْمُخْتَلِفِ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ، وَفِيهَا مَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفٍ عَلَيَّ فَطَلَّقَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ رَدَّ عَلَيْهِمْ ثُلُثَا الْأَلْفِ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ ثُلُثَا بِالْأَلِفِ نَائِبُ فَاعِلِ رَدَّ، وَاَلَّذِي فِي غَيْرِهَا مِنْ النُّسَخِ ثُلُثٌ بِدُونِ أَلِفٍ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي التَّحْرِيرِ مَا يُرَجِّحُ قَوْلَهُمَا إلَخْ) نَازَعَهُ فِيهِ شَارِحُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ بِأَنَّ كَوْنَ الْأَصْلِ فِيمَا عُلِمَتْ مُقَابَلَتُهُ الْعِوَضِيَّةُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَحْضَةُ أَمَّا مَا تَصِحُّ هِيَ أَوْ الشَّرْطُ الْمَحْضُ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ مِنْ هَذَا فَلَيْسَ كَوْنُ مَدْخُولِهَا مَالًا مُرَجِّحًا لِمَعْنَى الِاعْتِيَاضِ فَإِنَّ الْمَالَ يَصِحُّ جَعْلُهُ شَرْطًا مَحْضًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهَا غَرَضًا فِي أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ كَوْنُهَا لَهَا غَرَضًا فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا يَقْرَبُ لَوْ بَقِيَتْ هِيَ، وَلِأَنَّ طَلَبَ فِرَاقِهَا فِي الظَّاهِرِ بِدَفْعِهَا الْمَالَ لَهُ لِشِدَّةِ بُغْضِهَا إيَّاهُ فَلَا تَطْلُبُ خَلَاصَ ضَرَّتِهَا مَعَهَا لِمَا بَيْنَهُمَا غَالِبًا مِنْ الْعَدَاوَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَرَّتَهَا وَكَّلَتْهَا فِي طَلَبِ الْفِرَاقِ لِمَنْفَعَةٍ تَعُودُ إلَى الضَّرَّةِ لَا إلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُهَا

ص: 88

إحْدَاهُمَا لَا رِوَايَةَ فِيهَا، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَلْزَمُهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ حَتَّى يُطَلِّقَهُمَا جَمِيعًا، وَفِي الْمُحِيطِ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، وَمُهُورُهُنَّ سَوَاءٌ يَجِبُ ثُلُثُ الْأَلْفِ لِأَنَّهَا أَمَرَتْهُ بِعُقُودٍ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى مَالٍ خُلْعٌ عَلَى حِدَةٍ فَانْقَسَمَ الْأَلْفُ عَلَيْهِنَّ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ عَقْدٍ بَدَلٌ عَلَى حِدَةٍ لِتَصِحَّ الْمُعَاوَضَةُ. اهـ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْنُونَةِ إلَّا بِسَلَامَةِ الْأَلْفِ كُلِّهَا لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهَا لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ بِالْبَيْنُونَةِ بِأَلْفٍ كَانَتْ بِبَعْضِهَا أَوْلَى أَنْ تَرْضَى فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ ابْتِدَائِهِ، وَابْتِدَائِهَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ فِي وَقْتِ السَّنَةِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي تَطْلِيقَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَقَبِلَتْ تَقَعُ أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ فِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ أَوَّلًا تَطْلِيقَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْوَكِيلُ تَطْلِيقَةً ثَانِيَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ تَقَعُ الثَّانِيَةُ بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ طَلَقَتْ لِلْحَالِ وَاحِدَةً، وَلَا تَقَعُ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ إلَّا بِتَجْدِيدِ الْإِيقَاعِ فِي مَجْلِسِ السَّنَةِ فَيَقَعَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ هَكَذَا ذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا إيقَاعَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ فِي كُلِّ طُهْرٍ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَافِ إلَى وَقْتِ كُلِّ طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ فَلَا تَمْلِكُ إيقَاعَهَا حَتَّى يَجِيءَ الْوَقْتُ، وَقَدْ أَمَرَهَا بِالْإِيقَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّجْدِيدِ.

وَإِنَّمَا يَقَعَانِ مَجَّانًا لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى فَلَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا بِبَدَلٍ بَعْدَمَا أَبَانَهَا فَفَعَلَتْ وَقَعَ مَجَّانًا، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ لَا يَقَعُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَبَدًا لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إيقَاعُهُمَا بِعِوَضٍ لِمَا بَيَّنَّا، وَتَعَذَّرَ إيقَاعُهُمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْضَ بِوُقُوعِهِمَا مَجَّانًا فَلَمْ يَقَعَا. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَسْأَلَهُ الطَّلَاقَ أَوْ يَسْأَلَهَا عَلَى مَالٍ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يُجَنِّبَهَا بِالْمُوَافَقَةِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَإِمَّا أَنْ تَسْأَلَهُ بِالْبَاءِ أَوْ بِعَلَى فَإِنْ كَانَ بِالْبَاءِ وَقَعَ مَا تُلُفِّظَ بِهِ، وَانْقَسَمَ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الطَّلْقَاتِ فَكَانَ لَهُ بِحِسَابِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهَا فَإِنْ حَصَلَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ مُكَمِّلَةً لِلثَّلَاثِ اسْتَحَقَّ الْكُلَّ، وَإِنْ كَانَ بِعَلَى فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصٍ أَوْ بِأَزْيَدَ فَإِنْ كَانَ بِأَنْقَصَ وَقَعَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَإِنْ ذَكَرَ الْمَالَ فِي جَوَابِهِ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالْمُسَمَّى إنْ قَبِلَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَالَ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ ذَكَرَ الثَّلَاثَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ ذَكَرَ مُتَفَرِّقَةً وَقَعَتْ الْأُولَى بِالْمَالِ، وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ لَزِمَ، وَبَانَتْ) يَعْنِي إنْ قَبِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَ الْمَالُ، وَبَانَتْ الْمَرْأَةُ، وَهُوَ تَكْرَارٌ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ الْوَاقِعُ بِهِ، وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ، وَلَزِمَهَا الْمَالُ إلَّا أَنَّهُ زَادَ الْقَبُولَ هُنَا فَقَطْ، وَلَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَلَزِمَهَا الْمَالُ لَاسْتَغْنَى عَنْ التَّطْوِيلِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت نِصْفَ هَذِهِ التَّطْلِيقَةِ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ قَالَتْ قَبِلْت نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ الزَّوْجُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ طَلَقَتْ تَطْلِيقَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ بِخَمْسِمِائَةٍ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِخَمْسِمِائَةٍ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَإِنْ قَبِلَتْ الثَّلَاثَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِقَبُولِهَا الْأَلْفَ بِإِزَاءِ الْأَرْبَعِ اهـ.

ــ

[منحة الخالق]

غَيْرُ حِصَّتِهَا بِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ كَوْنِ غَرَضِهَا فِرَاقَ الضَّرَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَلْزَمُهَا حِصَّتُهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّ الثَّانِيَ أَوْجَهُ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ شَرْطًا مَعَ عَدَمِ قَوْلِهَا عَلَى فَمَعَهُ أَوْلَى فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيل لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ) أَيْ بِخِلَافِ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فَلَوْ عَلَّلَ هُنَاكَ بِهَذَا لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ ابْتِدَائِهِ وَابْتِدَائِهَا) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهَا قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ لِشِدَّةِ بُغْضِهِ فَتَخَافُ مِنْ حَمْلِ أَحَدٍ عَلَيْهَا فِي الْمُعَاوَدَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي الرَّدِّ غَالِبًا (قَوْلُهُ طَلَقَتْ لِلْحَالِ وَاحِدَةً) قَالَ فِي النَّهْرِ يَعْنِي بِثُلُثِ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إلَخْ) هَكَذَا وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ، وَفِي بَعْضِهَا بَعْدَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ

ص: 89

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ وَقْتٌ لِطَلَاقِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالثَّلَاثِ فَيَتَوَزَّعُ عَلَيْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا طَلَقَتْ أُخْرَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَكَذَلِكَ ثَالِثًا لِأَنَّ الْإِيقَاعَ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يَرْتَفِعُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَإِذَا وُجِدَ الْمِلْكُ وُجِدَ الشَّرْطُ فَوَقَعَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ جَدِيدٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْقَبُولَ يُشْتَرَطُ فِي مَجْلِسِ الْخِطَابِ، وَقَدْ وُجِدَ إلَّا أَنَّ الْوُقُوعَ تَأَخَّرَ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فَجَاءَ غَدٌ طَلَقَتْ بِأَلْفٍ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ثُمَّ أُخْرَى فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَأُخْرَى فِي الثَّالِثِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَجِبُ مُقَابِلًا بِمِلْكِ النِّكَاحِ، وَقَدْ زَالَ بِالْأُولَى فَلَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِالثَّانِيَةِ لِيَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا، وَإِنْ قَبِلَتْ، وَهِيَ مُجَامِعَةٌ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى تَحِيضَ، وَتَطْهُرَ فَيَقَعُ حِينَئِذٍ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ فَتَصِحُّ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْبُلُوغِ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً، وَمِنْ جِهَتِهَا مُبَادَلَةٌ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَلَا إضَافَتُهَا، وَيَصِحُّ رُجُوعُهَا قَبْلَ قَبُولِ الزَّوْجِ لَوْ ابْتَدَأَتْ، وَيَبْطُلُ بِقِيَامِهَا، وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا بِخِلَافِ إذَا أَعْطَيْتنِي أَوْ إذَا أَجَبْتنِي بِأَلْفٍ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُعْطِيَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِجَعْلِ الْإِعْطَاءِ شَرْطًا بِخِلَافِهِ مَعَ عَلَى حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ دَيْنٌ لَهَا وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي مَسْأَلَةِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي دُونَ إنْ أَعْطَيْتنِي إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ طَلَاقًا مُسْتَقْبَلًا بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا، وَيُرَادُ قَبُولُهُ فِي الْعُرْفِ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] أَيْ حَتَّى يَقْبَلُوا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنْ يَقْبَلُوهَا يَنْتَهِي الْحَرْبُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ بَيْنَ أَنْ وَبَيْنَ إذَا وَمَتَى فَرْقٌ فَإِنَّ فِي أَنْ يَتَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ إذَا، وَمَتَى، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَقَبِلَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ خُلْعٌ بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى مَالٍ بَعْدَ التَّزَوُّجِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي بِالْمَدْرَسَةِ الصرغتمشية الْفَرْقَ بَيْنَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْقَبُولِ وَبَيْنَ أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الدُّخُولِ وَطَلَبَ أَيْضًا الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا لَا عَلَى الدُّخُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبَيْنَ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي حَيْثُ لَا يَكْفِي الْقَبُولُ مَعَ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ.

وَهَاهُنَا قَاعِدَةٌ فِي الطَّلَاقِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْفَرْقِ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِتَعْلِيقِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْمَقْبُولِ اهـ.

فَيَتَعَجَّبُ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَدْ تَبِعَهُ أَخُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ تَأَمَّلْ. اهـ.

قُلْت لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَا عَجَبَ فِي كَلَامِهِمَا بَلْ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ فَرْقًا بَيْنَ عَلَى دُخُولِك، وَعَلَى أَنْ تَدْخُلِي، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ ثُمَّ أَعَادَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ، وَقَدْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقَاتِ السُّبْكِيّ مَا يَتَّضِحُ بِهِ الْفَرْقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ، وَأَنْ وَالْفِعْلِ الْمُؤَوَّلَيْنِ بِهِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَدَثِ أَنَّ مَوْضُوعَ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ الْحَدَثُ فَقَطْ، وَهُوَ أَمْرٌ تَصَوُّرِيٌّ، وَأَنَّ الْفِعْلَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِالْحُصُولِ إمَّا مَاضِيًا، وَإِمَّا حَالًا، وَإِمَّا مُسْتَقْبَلًا إنْ كَانَ إثْبَاتًا، وَبِعَدَمِ الْحُصُولِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَنْفِيًّا، وَهُوَ أَمْرٌ تَصْدِيقِيٌّ، وَلِهَذَا يَسُدَّانِ وَالْفِعْلَ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ النِّسْبَةِ اهـ. بِحُرُوفِهِ.

وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ النَّحْوِيَّةِ، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ كَلِمَةَ عَلَى شَرْطٌ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ بِمُقَابَلَةِ مَالِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ فَنَقُولُ إذَا قَالَ لَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى إعْطَائِهَا الْمَالَ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فَصَارَ كَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْقَبُولِ إذْ بِهِ يَحْصُلُ غَرَضُهُ مِنْ التَّطْلِيقِ بِعِوَضٍ لِلُزُومِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ تَعَلُّقِهِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا غَرَامَةَ تَلْحَقُهَا بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الدُّخُولَ اسْتِعْمَالَ الْأَعْوَاضِ فَكَانَ الشَّرْطُ قَبُولَ الْعِوَضِ لَا وُجُودُهُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ عَنْ الْمُحِيطِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَفِيهَا إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ، وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ عَلَى الدُّخُولِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَزِمَ تَغْيِيرُ مَوْضُوعِ الْمَصْدَرِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ الدُّخُولُ فِي الْمَاضِي أَوْ الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ، وَالْمَصْدَرُ الصَّرِيحُ مَوْضُوعٌ لِنَفْسِ الْحَدَثِ عَلَى أَنَّ فِيهِ جَهَالَةَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ فَلِذَا اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْأَعْوَاضِ فَتَعَلَّقَ عَلَى الْقَبُولِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص: 90

عَلَى مَالٍ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ طَلَاقَيْنِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَا لَا يَكُونُ مُقَابِلًا بِهِمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا يُصْرَفُ الْبَدَلُ إلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَّا إذَا وُصِفَ الْأَوَّلُ بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمَالُ حِينَئِذٍ مُقَابِلًا بِالثَّانِي، وَوَصْفُهُ بِالْمُنَافِي كَالتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ بِمُقَابَلَةِ الثَّانِي، وَأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْمَرْأَةِ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَاحِدَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى رَجْعِيَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِخَمْسِمِائَةٍ لِلْحَالِ، وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَعُودَ مِلْكُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ تَطْلِيقَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَتَطْلِيقَةٍ مُضَافَةٍ إلَى الْغَدِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَالًا فَانْصَرَفَ إلَيْهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ مَكَانَ الْبَدَلِ اسْتِثْنَاءً يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَقَعُ الْيَوْمَ وَاحِدَةٌ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِذَا جَاءَ غَدًا تَقَعُ أُخْرَى لِوُجُودِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ، وَلَمْ تَحْصُلْ لِحُصُولِهَا بِالْأُولَى حَتَّى لَوْ نَكَحَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ فَتَقَعُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ لِوُجُودِ شَرْطِ وُجُوبِ الْمَالِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةً أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ تَقَعُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ مَجَّانًا، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ لِتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُ، وَصَفَ الْأُولَى بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ بَائِنَةٌ فَيُشْتَرَطُ التَّزْوِيجُ لِوُجُوبِ الْمَالِ بِالثَّانِي، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسِّتَّةِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ يَقَعُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَفِي الطُّهْرِ الثَّانِي بِأُخْرَى مَجَّانًا لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَا يَجِبُ بِالثَّانِيَةِ الْمَالُ إلَّا إذَا نَكَحَهَا قَبْلَ الطُّهْرِ الثَّانِي فَحِينَئِذٍ تَقَعُ أُخْرَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَفِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَفْعَلَ كَذَا، وَقَبِلَتْ لَزِمَهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ جُعْلًا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْت لَك، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جُعْلٍ فَقَدْ مَضَى الطَّلَاقُ م عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَهَبَ عَنْهُ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَجْبَرَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ، وَالزَّوْجُ هُوَ الْوَاهِبُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْهُ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْهِبَةِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْهِبَةِ الَّتِي، وَهَبَتْ، وَلَا رُجُوعَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ لِأَحَدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي عَلَى أَنْ أَهَبَ مَهْرِي مِنْ وَلَدِك فَفَعَلَ فَأَبَتْ أَنْ تَهَبَهُ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. اهـ. .

(قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ، وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ أَنْت حُرٌّ، وَعَلَيْك أَلْفٌ طَلَقَتْ، وَعَتَقَ مَجَّانًا) يَعْنِي قَبِلَا أَوْ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا وَقَعَ إنْ قَبِلَا، وَلَزِمَهُمَا الْمَالُ، وَإِلَّا لَا عَمَلًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ مَجَازًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِهَا عَلَى الْعَطْفِ لِلِانْقِطَاعِ لِأَنَّ الْأُولَى جُمْلَةٌ إنْشَائِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةَ خَبَرِيَّةٌ، وَعِنْدَهُ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ هُنَا عَمَلًا بِالْحَقِيقَةِ، وَلَا انْقِطَاعَ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى خَبَرِيَّةٌ لَا إنْشَائِيَّةٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ فِي تَحْرِيرِهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ عِدَةً أَوْ غَيْرَهُ لَا لِلْعَطْفِ لِلِانْقِطَاعِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَجَازٌ لَكِنْ تَرَجَّحَ عَلَى مَجَازٍ أَنَّهَا لِلْحَالِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَعَدَمُ إلْزَامِ الْمَالِ بِلَا مُعَيَّنٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لِلْحَالِ فِي أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا، وَأَنْتَ حُرٌّ، وَانْزِلْ، وَأَنْتَ آمِنٌ لِتَعَذُّرِ الْعَطْفِ لِكَمَالِ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَدَاءُ وَالنُّزُولُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَهُوَ الْمُعَاوَضَةُ، وَفِي قَوْلِهِ احْمِلْ هَذَا الطَّعَامَ، وَلَك دِرْهَمٌ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي الْإِجَارَةِ أَصْلِيَّةٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَعَيُّنِ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْعَطْفُ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالِ غَيْرِهِ فِي خُذْهُ، وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْبَزِّ لِلْإِنْشَائِيَّةِ فَلَا تُقَيِّدُ الْمُضَارَبَةُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى، وَاتَّفَقُوا عَلَى احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ أَوْ مُصَلِّيَةٌ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا مُعَيَّنَ فَيَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ قَضَاءً، وَيَتَعَلَّقُ دِيَانَةً إنْ أَرَادَهُ فَالضَّابِطُ الِاعْتِبَارُ بِالصَّلَاحِيَةِ، وَعَدَمِهَا فَإِنْ تَعَيَّنَ مَعْنَى الْحَالِ تَقَيَّدَ، وَإِلَّا فَإِنْ احْتَمَلَ فَالْمُعَيَّنُ النِّيَّةُ، وَإِلَّا كَانَتْ لِعَطْفِ الْجُمْلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا وُصِفَ الْأَوَّلُ بِمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ إلَخْ) أَفَادَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا يَكُونُ مُقَابَلًا بِهِمَا سَوَاءٌ لَمْ يَصِفْ شَيْئًا مِنْهُمَا بِالْمُنَافِي أَوْ وَصَفَهُمَا جَمِيعًا أَوْ وَصَفَ الثَّانِيَ فَقَطْ يُوَضِّحُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَغَدًا أُخْرَى بَائِنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَيَكُونُ كُلُّ تَطْلِيقَةٍ بِنِصْفِ الْأَلْفِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَغَدًا مَجَّانًا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ فَحِينَئِذٍ تَقَعُ أُخْرَى بِنِصْفِ الْأَلْفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ عِدَةً أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ الْأَرْجَحُ فِي طَلِّقْنِي، وَلَك أَلْفٌ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِقَوْلِهَا، وَلَك أَلْفٌ عِدَةً مِنْهَا لَهُ، وَالْمَوَاعِيدُ لَا تَلْزَمُ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ وَعْدٍ بِأَنْ تَزِيدَ، وَلَك أَلْفٌ فِي بَيْتِك وَنَحْوِهِ لِلِانْقِطَاعِ بَيْنَهُمَا إلَخْ قَالَ شَارِحُهُ، وَفِي بَعْضِ هَذَا الْكَلَامِ مَا فِيهِ

ص: 91

كَذَا فِي التَّحْرِيرِ وَالْبَدِيعِ.

وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَلَك أَلْفٌ أَوْ اخْلَعْنِي، وَلَك أَلْفٌ فَفَعَلَ فَعِنْدَهُ وَقَعَ، وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ، وَقَالَا يَجِبُ الْمَالُ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَلَك أَلْفٌ فَقَالَ طَلَّقْتُك عَلَى الْأَلْفِ الَّتِي سَمَّيْتهَا إنْ قَبِلْت يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيَجِبُ الْمَالُ، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَمْ يَجِبْ عِنْدَهُ لِأَنَّهَا الْتَمَسَتْ طَلَاقًا بِغَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ قَوْلَهَا، وَلَك أَلْفٌ لَمْ يَكُنْ تَعْوِيضًا عَلَى الطَّلَاقِ فَقَدْ أَعْرَضَ الزَّوْجُ عَمَّا الْتَمَسَتْ حَيْثُ أَوْقَعَ طَلَاقًا بِعِوَضٍ فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ، وَإِلَّا بَطَلَ، وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ، وَيَجِبُ الْمَالُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوُقُوعَ مَجَّانًا مَعَ ذِكْرِ الْمَالِ لَا يَخْتَصُّ بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ بَلْ يَكُونُ فِي مَسَائِلَ أُخْرَى مِنْهَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى عَبْدِي هَذَا فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ مَجَّانًا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا زُفَرُ قِيمَتَهُ قِيَاسًا عَلَى تَسْمِيَةِ عَبْدِ الْغَيْرِ، وَفَرَّقْنَا بِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهِ بِإِجَازَةِ مَالِكِهِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَفِي الْمَقِيسِ لَا يُتَصَوَّرُ تَسْلِيمُهُ، وَمِنْهَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَلْفَ طَلَقَتْ ثَلَاثًا مَجَّانًا عِنْدَهُ لِلْمُخَالَفَةِ، وَعِنْدَهُمَا طَلَقَتْ ثَلَاثًا، وَعَلَيْهَا الْأَلْفُ بِإِزَاءِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ مُجِيبٌ بِالْوَاحِدَةِ مُبْتَدِئًا بِالْبَاقِي، وَإِنْ ذَكَرَ الْأَلْفَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَهُ مَا لَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ، وَإِذَا قَبِلَتْ الْكُلَّ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ لَمْ تَقْبَلْ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَإِنْ قَبِلَتْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ، وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَذَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهَا لَا لَهُ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا، وَيَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَلِذَا صَحَّ رُجُوعُهَا قَبْلَ الْقَبُولِ، وَلَا تَصِحُّ إضَافَتُهَا، وَتَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، وَانْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ مِنْ جَانِبِهِ، وَهُمَا مَنَعَاهُ مِنْ جَانِبِهَا أَيْضًا نَظَرًا إلَى جَانِبِ الْيَمِينِ، وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ إنْ رَدَّتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَقَعَ، وَوَجَبَ الْأَلْفُ لَهُ، وَعِنْدَهُمَا الطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَيْهَا، وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ الْإِكْرَاهِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَهَا الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.

وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ قَبْلَ إسْقَاطِ الْخِيَارِ إمَّا بِالرِّضَا أَوْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا أَنَّهُ وَقَعَ ثُمَّ يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ بِالْخِيَارِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا يَقُولَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ إنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا شُرِعَ لِلْفَسْخِ، وَالْخُلْعُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَجَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ فِي مَنْعِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا فَلَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ مُنْعَقِدًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ لِلْحَالِ بَلْ مَوْقُوفٌ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَحِينَئِذٍ يَعْمَلُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْبُيُوعِ اهـ.

فَإِنْ قُلْت هَلْ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ قُلْت لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَمُقْتَضَى جَعْلِهِ كَالْبَيْعِ أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ اللَّاحِقِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَالْمُقَارِنِ مَعَ أَنَّ فِيهِ إشْكَالًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ حَيْثُ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَكَيْفَ يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُدَّةِ فَشَمِلَ اشْتِرَاطُهُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ عِنْدَهُ، وَالْفَرْقُ لِلْإِمَامِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَفِي الْخُلْعِ عَلَى وَفْقِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْمَالُ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَاقِدِ لَكِنَّهُ تَابِعٌ فِي الثُّبُوتِ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّ الثَّمَنَ تَابِعٌ فِي الْبَيْعِ، وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَقْصُودِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَتَقَدَّرَ بِالثَّلَاثِ كَذَا فِي الْكَشْفِ مِنْ آخِرِ بَحْثِ الْهَزْلِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَدَّرَا وَقْتًا، وَمَضَى بَطَلَ الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَزِمَ الْمَالُ، وَإِذَا أَطْلَقَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَطْلَقَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يَقْبَلَ النَّقْضَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي التَّقَايُلُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَهَذَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ الْبَائِعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَمَّا عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا سَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

ص: 92

فَقَطْ فَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ بَطَلَ اسْتِنْبَاطًا مِمَّا إذَا أَطْلَقَا فِي الْبَيْعِ لِمَا أَنَّ لَهُ شَبَهَ الْبَيْعِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ جَانِبَ الْعَبْدِ فِي الْعَتَاقِ مِثْلُ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى صَحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ دُونَ الْمَوْلَى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ نَقَلُوا هُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا لِلْخُلْعِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جِهَتِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهُ الْأَلْفُ.

وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَعَزَاهُ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ مِنْهَا لَهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَلِّقَ الْقَبُولَ أَوْ الْإِيجَابَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا، وَقَالَتْ إنْ لَمْ أُؤَدِّ الْبَدَلَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ تُؤَدِّ فَهَذِهِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْخُلْعِ، وَأَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ إذَا كَانَ مِنْ جَانِبِهَا اهـ.

يَعْنِي: إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ بَطَلَ الْخُلْعُ، وَإِنْ أَدَّتْ فِي الْمُدَّةِ وَقَعَ كَمَسْأَلَةِ خِيَارِ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالثَّلَاثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ صَرِيحًا، وَقَيَّدَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ، وَلَا فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ فَثَابِتٌ فِي الْعَيْبِ الْفَاحِشِ دُونَ الْيَسِيرِ، وَالْفَاحِشُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْجَوْدَةِ إلَى الْوَسَاطَةِ، وَمِنْ الْوَسَاطَةِ إلَى الرَّدَاءَةِ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ خِطَابِهِ قَوْلًا يَبْطُلُ خِطَابُهُ بِقِيَامِهِ، وَمَنْ لَا رُجُوعَ لَهُ لَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهِ يَبْطُلُ بِقِيَامِهَا لَا بِقِيَامِهِ، وَمِنْ جَانِبِهَا يَبْطُلُ بِقِيَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي، وَقَالَتْ قَبِلْت صَدَّقَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) .

وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ بِلَا قَبُولِ عَقْدٍ تَامٍّ، وَهُوَ عَقْدُ يَمِينٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ بِهِ إقْرَارًا بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ أَمَّا الْبَيْعُ بِلَا قَبُولِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ بِبَيْعٍ فَكَانَ إقْرَارُهُ بِهِ إقْرَارًا بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي فَدَعْوَاهُ بَعْدَهُ عَدَمَ قَبُولِهِ تَنَاقُضٌ، وَمُرَادُهُ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ قَبُولُ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ، وَلَوْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمَالِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْلَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي شَرْحًا لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ صُورَتَهُ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَمْسِ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت إلَى آخِرِهِ لَشَرَحْت قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك طَلَاقَك أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ بَلْ قَبِلْت فَقَدْ نَصَّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْقَبُولَ لَهَا لِمُنَاسَبَتِهِ لِلطَّلَاقِ، وَفِيهِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ، وَبِعْتُك أَمْسِ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الزَّوْجِ لَهَا. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى الْخُلْعَ عَلَى مَالٍ، وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ، وَالدَّعْوَى فِي الْمَالِ عَلَى حَالِهَا، وَعَكْسُهُ لَا يَقَعُ كَيْفَمَا كَانَ ادَّعَتْ الْمَهْرَ أَوْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَادَّعَى الْخُلْعَ، وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ فَفِي حَقِّ الْمَهْرِ الْقَوْلُ لَهَا، وَفِي النَّفَقَةِ قَوْلُهُ اهـ.

وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ مِنْ جُمْلَةِ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَدَعْوَاهُ سُقُوطَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً قَبْلَهُ، وَهِيَ تَدَّعِي اسْتِحْقَاقَهَا بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ يُوجِبَانِ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فَكَيْفَ تَسْقُطُ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اخْتَلَفَا فِي كَمِّيَّةِ الْخُلْعِ فَقَالَ مَرَّتَانِ، وَقَالَتْ ثَلَاثٌ قِيلَ الْقَوْلُ لَهُ، وَقِيلَ لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَقَالَتْ لَمْ يَجُزْ التَّزَوُّجُ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْخُلْعِ الثَّالِثِ، وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِدَّةِ، وَبَعْدَ مُضِيِّهَا فَقَالَ هِيَ عِدَّةُ الْخُلْعِ الثَّانِي، وَقَالَتْ هِيَ عِدَّةُ الْخُلْعِ الثَّالِثِ فَالْقَوْلُ لَهَا فَلَا يَحِلُّ النِّكَاحُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ زَوْجَهَا الْمَجْنُونَ خَالَعَهَا فِي صِحَّتِهِ، وَأَقَامَ وَلِيُّهُ أَوْ هُوَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ بَيِّنَةً أَنَّهُ خَالَعَهَا فِي جُنُونِهِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى اهـ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ قَالَ لَهَا قَدْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَبِلْت فَقَالَتْ إنَّمَا سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَكَ ثُلُثُهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ، وَكَذَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمَالِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ النُّسْخَةُ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الزَّيْلَعِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَمُنْلَا مِسْكِينٌ مُقَيَّدَةٌ بِالْمَالِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُمْ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ. اهـ.

قُلْت، وَكَذَلِكَ عِبَارَةُ النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَخْ) أَصْلُ لِاسْتِشْكَالِ لِصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

ص: 93

لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْجُعْلِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخُلْعِ أَوْ قَالَتْ اخْتَلَعْتُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا اتَّفَقَا أَنَّهَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَقَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً، وَقَالَ هُوَ ثَلَاثًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجْلِسِ سُؤَالِهَا الثَّلَاثَ بِأَلْفٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ فَغَايَةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ مُوقِعًا الْبَاقِيَ فِي الْمَجْلِسِ فَيَكُونَ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا الثَّلَاثُ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَمِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لَك يَعْنِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ هُوَ بَلْ سَأَلْتنِي وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ فَطَلَقْتُكهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَاحِدَةً، وَالْبَاقِي فِي غَيْرِهِ، وَقَالَ بَلْ الثَّلَاثُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي أَنَا وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَحْدِي، وَقَالَ طَلَّقْتهَا مَعَك، وَقَدْ افْتَرَقَا مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَعَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ، وَالْأُخْرَى طَالِقٌ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَتْ فَلَمْ تُطَلِّقْنِي، وَلَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَفِي مَسْأَلَةِ خُلْعِ الثِّنْتَيْنِ بِسُؤَالٍ وَاحِدٍ تَنْبِيهٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى أَلْفٍ كَانَتْ مُنْقَسِمَةً عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ سَأَلَتَاهُ طَلَاقَهُمَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَزِمَ الْمُطَلَّقَةَ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا لَزِمَهَا حِصَّتُهَا لِأَنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَمَا افْتَرَقُوا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْخُلْعَ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَلْفِ، وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ، وَخَمْسِمِائَةٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْجُعْلِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي لِلْخُلْعِ، وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُهُ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ، وَخَمْسِمِائَةٍ، وَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ، وَإِنْ اُدُّعِيَ أَلْفٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ فَالْقَوْلُ لَهَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَتَحَالَفَانِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ دَفَعَتْ بَدَلَ الْخُلْعِ، وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى أَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ، وَقِيلَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُمَلَّكَةُ.

(قَوْلُهُ وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَانَ لِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ دَعْوَى فِي الْمَهْرِ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْخُلْعَ كَالْبَرَاءَةِ يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْخُلْعِ، وَهُوَ الْفَصْلُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ، وَإِلَّا تَحَقَّقَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَهُ، وَالْمُبَارَأَةُ بِالْهَمْزَةِ، وَتَرْكُهَا خَطَأٌ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك بِكَذَا كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَلَا يَخْفَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَدْ صَوَّرَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَقُولَ بَارَأْتُك عَلَى أَلْفٍ، وَتَقْبَلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ قَالَ فِيهَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ، وَالْمُبَارَأَةُ شَرْطُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْخُلْعِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْخُلْعِ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُبَارَأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَبَقِيَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْمُبَارَأَةِ، وَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ.

وَشَمِلَ أَوَّلُ كَلَامِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا يُسَمِّيَا شَيْئًا أَوْ سَمَّيَا الْمَهْرَ أَوْ مَالًا آخَرَ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ لَا، وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ لَوْ خَالَعَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ لَا أَنَّ بِالْأَلْفِ بَعْدَ لَا، وَهِيَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَقُولُ: صَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ أَيْضًا، وَبِأَنَّهُ بَائِنٌ حَيْثُ قَالَ فِي الْكَافِي وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَتَكُونَ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ طَلَاقٍ يَجْعَلُ فَهُوَ بَائِنٌ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَعْنِ بِالْخُلْعِ طَلَاقًا، وَقَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ جُعْلًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْحُكْمِ، وَالْمُبَارَأَةُ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

ص: 94

وَذَكَرَ الْإِمَامُ خواهر زاده أَنَّ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ. اهـ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمَا أَوَّلًا أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا وَصَرِيحُ كَلَامِهِمَا ثَانِيًا الرُّجُوعُ وَقَدْ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّهَا تَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ مَحَلَّ الْبَرَاءَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا إذَا خَالَعَهَا بَعْدَمَا دَفَعَ لَهَا مُعَجَّلَ الْمَهْرِ وَقَدْ بَقِيَ مُؤَجَّلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ مُؤَجَّلِهِ وَتَبْرَأُ هِيَ عَنْ مُعَجَّلِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْمَهْرِ مَا قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ يَسْقُطُ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا خَالَعْتُكِ فَقَالَتْ قَبِلْتُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِقَوْلِهِ إذَا نَوَى وَلَا دَخْلَ لِقَبُولِهَا حَتَّى إذَا نَوَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ يَقَعُ الْبَائِنُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَيُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ خَالَعْتكِ فَقَالَتْ قَبِلْت يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ خَلَعْتُكِ وَخَالَعْتُك مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ خَلَعْتُك لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ خَالَعْتكِ. الثَّانِي لَا يَبْرَأُ فِي الْأَوَّلِ وَيَبْرَأُ فِي الثَّانِي فَلِذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا بِصِيغَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ إلَخْ) ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ خَالَعْتكِ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُخْتَصَرِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ. اهـ.

وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ فَتَأْخُذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا ظَاهِرُ جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ الثَّالِثَةُ بَرَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ، وَعَنْ دَيْنٍ آخَرَ كَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِابْنِ الشِّحْنَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الشُّرُنْبُلَالِيَّة وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّ الْآخَرِ مِمَّا لَزِمَهُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ أَيْضًا اهـ.

وَقَوْلُهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ، وَبَعْدَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مُوجِبٌ لِرَدِّ نِصْفِ الْمَهْرِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ هُنَا فَفِيمَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِالْأَوْلَى، وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالثَّالِثَةُ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ لَا حَتَّى لَا تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مَقْبُوضًا كُلَّهُ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِالْخُلْعِ فَحَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَزِمَ مَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُرَادَ الِانْخِلَاعُ مِنْهُ. اهـ.

وَفِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ إنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ قَبَضَتْ الْمَهْرَ أَمْ لَا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. اهـ.

وَفِي مَتْنِ الْمُخْتَارِ وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطَانِ كُلَّ حَقٍّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ لَزِمَهَا، وَسَقَطَ الصَّدَاقُ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ الِاخْتِيَارَ وَلَوْ اخْتَلَعَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ، وَلَا بَدَلًا آخَرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ، وَمَا قَبَضَتْهُ فَهُوَ لَهَا اهـ.

وَفِي مُتْنَ الْمُلْتَقَى وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ فَلَا تُطَالِبُ بِمَهْرٍ، وَلَا نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ مَفْرُوضَةٍ، وَلَا يُطَالِبُ هُوَ بِنَفَقَةٍ عَجَّلَهَا، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّتُهَا، وَلَا بِمَهْرٍ سَلَّمَهُ، وَخَلَعَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ.

أَقُولُ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْفَتَاوَى رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ، وَالصَّحِيحُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ هَذِهِ الشُّرُوحِ وَالْمُتُونِ مِنْ بَرَاءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا بِلَا رُجُوعٍ لِأَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا خَلَعْتُك إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ. اهـ.

وَمَا اعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ فَهُوَ سَاقِطٌ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوِقَايَةِ مُصَرِّحَةٌ بِالْعِوَضِ حَيْثُ قَالَ بِكَذَا بِخِلَافِ عِبَارَةِ النَّهْرِ (قَوْلُهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ اهـ) .

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَبَاقِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ يَجِبُ رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ إنْ خَلَعْتُك لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ كَمَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْوَاقِعُ بِهِ، وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ

ص: 95

الْمُفَاعَلَةِ. الثَّانِي أَنْ يُصَرِّحَ بِنَفْيِ الْعِوَضِ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك مِنِّي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْ وَقَبِلَ الزَّوْجُ صَحَّ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْمَالِ، وَوُقُوعِ الْبَائِنِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي فَلَا يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَمَا لَا يَخْفَى الثَّالِثُ أَنْ يَقَعَ بِبَدَلٍ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسْرَارِ يَجُوزُ الْخُلْعُ، وَلَا يَجُوزُ بَدَلُ الْمَالِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ، وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يُوجِبُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الْمَهْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا قَدْرًا مِنْ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنِّي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ يُجْعَلُ كَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ اُسْتُثْنِيَ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ رَادَّ عَلَى مَهْرِهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ قَبْلَ الْخُلْعِ ثُمَّ خَالَعَ تَصْحِيحًا لِلْخُلْعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ حُكْمُ مَا إذَا خَالَعَهَا، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا بَعْضَ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ الرَّابِعُ أَنْ يَقَعَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ لِوَلَدِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ، وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ لَا لِغَيْرِهِ اهـ.

وَإِنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ، وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّهُ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَلَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَانَتْ، وَهَبَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ مِنْ إنْسَانٍ، وَلَمْ تَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ ذَلِكَ إنْ عُرُوضًا، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ كَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ. اهـ.

وَفِيهَا خَالَعَهَا بِغَيْرِ خُسْرَانٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ عَنْ مَهْرِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِلَّا لَا لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْخُسْرَانِ يَكُونُ بِسَلَامَةِ الْمَهْرِ لَهُ. اهـ.

وَإِنْ سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ كَالْعُشْرِ مَثَلًا فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ بِالْمُسَمَّى فَقَطْ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَسَلَّمَ لَهَا الْبَاقِيَ، وَبِنِصْفِهِ فَقَطْ إنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ الْكُلُّ مُطْلَقًا الْمُسَمَّى بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاقِي بِحُكْمِ لَفْظِ الْخُلْعِ، وَإِنْ سَمَّيَا مَالًا آخَرَ غَيْرَ الْمَهْرِ فَلَهُ الْمُسَمَّى، وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْخُلْعُ يُسْقِطُ كُلَّ الْحُقُوقِ لَيْسَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا أَوْ بَعْضِهِ، وَكَانَ مَقْبُوضًا فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ، وَلَا تَبْرَأُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ الْبَرَاءَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُمْ الْبَرَاءَةُ عَنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ مَا عَدَا بَدَلَ الْخُلْعِ، وَالْمَهْرُ بَدَلُ الْخُلْعِ فَلَا تَبْرَأُ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ مَالًا آخَرَ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ الْوُجُوهَ أَرْبَعَةٌ، وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْكُتَا عَنْ الْبَدَلِ أَوْ يُنْفَى أَوْ يُشْتَرَطَ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ مَهْرِهَا أَوْ بَعْضِهِ.

وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا أَوْ لَا، وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ هَذَا إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا مَوْجُودًا مُتَقَوِّمًا أَوْ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً كَثَوْبٍ هَرَوِيٌّ أَوْ مَرْوِيٍّ، وَإِنْ فَحَشَتْ الْجَهَالَةُ كَمُطْلَقِ ثَوْبٍ أَوْ تَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَلَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ، وَرَدَّتْ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَدَّمْنَاهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ هُنَا صُورَةٌ، وَهِيَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا، وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا صَحَّ، وَلَزِمَ الزَّوْجَ عِشْرُونَ دَلِيلُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ خَالَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفًا لَا شُفْعَةَ فِيهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ يَصِحُّ، وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ ادَّعَتْ عَلَيْهِ نِكَاحًا، وَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا لَمْ يَجُزْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جَازَ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى تُخَالِفُ الْمُتَقَدِّمَ، وَالتَّوْفِيقُ أَنَّهَا إذَا خَالَعَتْ عَلَى بَدَلٍ يَجُوزُ إيجَابُ الْبَدَلِ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا، وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فِي الْخُلْعِ، وَيَكُونُ تَقْدِيرًا لِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ أَمَّا إذَا خَالَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ تَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْوَجْهِ اهـ.

قَيَّدَ بِالْخُلْعِ، وَالْمُبَارَأَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُونَ وَقَاضِي خَانْ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، والولوالجية، وَعَلَيْهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ يُجْعَلُ كَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ اُسْتُثْنِيَ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ) أَيْ إذَا كَانَ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ يُجْعَلُ مَا شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَهَا اسْتِثْنَاءً مِنْ النَّفَقَةِ فَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَنْهُ إلَّا هَذَا الْقَدْرَ مِنْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَنُصَّ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ لَكِنْ يُجْعَلُ ذَلِكَ الْقَدْرُ تَقْدِيرًا لِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا فِي آخِرِ الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُونَ وَقَاضِي خَانْ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ عَنْ قَاضِي خَانْ خِلَافَ هَذَا فَإِنْ قَالَ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عِنْدَهُمَا كَالْخُلْعِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَقَوْلِهِمَا. اهـ.

قُلْت الَّذِي فِي قَاضِي خَانْ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا بِمَالٍ أَوْ بِمَهْرِهَا فَعِنْدَهُمَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ عِنْدَهُمَا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ الْجَوَابُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْخُلْعِ عِنْدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ الْجَوَابُ فِيهِ مَا قُلْنَا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخُلْعَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُسْقِطٌ لِكُلِّ حَقٍّ، وَعِنْدَهُمَا مُسْقِطٌ لِمَا سُمِّيَ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالطَّلَاقُ بِمَالٍ حُكْمُهُ عِنْدَهُمَا حُكْمُ الْخُلْعِ عِنْدَهُمَا أَيْ لَا يَسْقُطُ إلَّا الْمُسَمَّى دُونَ الْمَهْرِ، وَعِنْدَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْخُلْعِ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةٍ أَيْ أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِكُلِّ حَقٍّ، وَفِي

ص: 96

الْفَتْوَى بَعْدَ أَنْ حُكِيَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّ عِنْدَهُمَا هُوَ كَالْخُلْعِ، وَفِي مَوْضِعٍ مِنْهَا طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ تَسْقُطُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ، وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَالْبَلْخِيُّ يُوجِبُهُ، وَغَيْرُهُ لَا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْجَوْهَرَةِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ الْمُقْتَضَى بِهَا تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ، وَأَطْلَقُوهُ فَشَمِلَ الطَّلَاقَ بِمَالٍ، وَغَيْرِهِ، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّهُ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ كَالْخُلْعِ، وَاخْتَارَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَ فِي الْحَقِّ فَشَمِلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ وَالْمَاضِيَةَ وَالْكُسْوَةَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَقِيلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَانَ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا تَسْقُطُ الْمُتْعَةُ بِلَا ذِكْرٍ. اهـ.

وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْخُلْعِ لِتَسْقُطَ بِهِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ بِالتَّنْصِيصِ قَالَ الْبَزَّازِيُّ اخْتَلَعَتْ بِمَهْرِهَا، وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ بَعْدُ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لِدُخُولِهَا تَبَعًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ صَحَّ، وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ عَنْ النَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَصِحُّ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ يَصِحُّ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ اهـ.

مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اخْتَلَعَتْ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى كُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَعْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّدَاقَ وَنَفَقَةَ الْعِدَّةِ تَثْبُتُ الْبَرَاءَةُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْمَهْرَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْخُلْعِ، وَبَعْدَهُ تَثْبُتُ نَفَقَتُهَا. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِدَّةِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ جَازَ الصُّلْحُ لِأَنَّ زَمَانَ الْعِدَّةِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُدَّةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. اهـ.

وَأَمَّا السُّكْنَى فَلَمْ يَصِحَّ إسْقَاطُهَا بِحَالٍ لَمَّا أَنَّ سُكْنَاهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ الطَّلَاقِ مَعْصِيَةٌ إلَّا إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ كَانَتْ سَاكِنَةً فِي بَيْتِ نَفْسِهَا أَوْ تُعْطِي الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهَا فَيَصِحُّ الْتِزَامُهَا ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَا الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ إنْ وَقَّتَا لِذَلِكَ وَقْتًا كَسَنَةٍ مَثَلًا صَحَّ، وَلَزِمَ، وَإِلَّا لَا يَصِحُّ، وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ، وَتُرْضِعُهُ حَوْلَيْنِ اهـ.

بِخِلَافِ الْفَطِيمِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْمُنْتَقَى فَإِنْ تَرَكَتْهُ عَلَى الزَّوْجِ، وَهَرَبَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ النَّفَقَةِ مِنْهَا، وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِكُسْوَةِ الصَّبِيِّ إلَّا إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْكُسْوَةُ مَجْهُولَةً سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا، وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ شَهْرًا، وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَتِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْقُنْيَةِ.

وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ كَانَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِحِصَّةِ الْأَجْرِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ، وَالْحِيلَةُ فِي بَرَاءَتِهَا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ خَالَعْتكِ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَهَا فَلَا رُجُوعَ لِي عَلَيْك كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الظِّئْرَ لِلْإِرْضَاعِ سَنَةً بِكَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ، وَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ مَوْتِ الْوَلَدِ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لَوْ جُعِلَتْ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ ثُمَّ لَمْ تَسْكُنْ فِي مَنْزِلِ الطَّلَاقِ حَتَّى صَارَتْ نَاشِزَةً، وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ، وَأَنَّهُ إذَا شُرِطَ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَلَا رُجُوعَ أَنْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَمَا لَا يَخْفَى.

ــ

[منحة الخالق]

رِوَايَةٍ كَقَوْلِهَا أَيْ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْمُسَمَّى، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا وَنَفَقَةِ وَلَدِهَا عَشْرَ سِنِينَ، وَهِيَ مُعْسِرَةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهَا فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ دَيْنٌ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهَا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ آخَرُ، وَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَنْهُ قَالَ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ سَائِرُ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ تَسْقُطُ اهـ.

ص: 97

فَإِنْ قُلْت إذَا خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ قُلْت نَعَمْ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ، وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَنَفَقَةِ وَلَدِهِ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِنَفَقَةِ بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةِ نَفَقَةِ وَلَدِهِ سَنَةً. اهـ.

وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ النُّشُوزِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهَا، وَعَدَمَ وُجُودِ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا كَمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ كَوْنِهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تُمْسِكَهُ إلَى وَقْتِ الْبُلُوغِ صَحَّ فِي الْأُنْثَى لَا الْغُلَامِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ، وَلَا يَتْرُكَهُ عِنْدَهَا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْوَلَدِ، وَيُنْظَرُ إلَى مِثْلِ إمْسَاكِ الْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ قَصَّرَتْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ النَّفَقَةِ، وَيُنْفِقَ هُوَ عَلَيْهَا نَظَرًا لَهُ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَتَيْنِ عَلَى إنْ زَادَهَا ثَوْبًا بِعَيْنِهِ، وَقَبَضَهُ فَاسْتَهْلَكَتْهُ، وَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَالْمَهْرِ سَوَاءً بِنِصْفِ قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ.

وَلَوْ زَادَتْ مَعَ ذَلِكَ شَاةً قِيمَتُهَا مِثْلُ قِيمَةِ الرَّضَاعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِرُبْعِ الثَّوْبِ، وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ، وَسَلَّمَتْ لَهُ الشَّاةَ، وَتَوْضِيحُهُ فِيهَا، وَقَدْ أَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَلْيُرَاجَعْ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا لَا يُوجِبَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ دَيْنٍ آخَرَ سِوَى النِّكَاحِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَقَدْ قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلَالَةِ الْغَرَضِ، وَادَّعَى فِي الْجَوْهَرَةِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْبَرَاءَةَ عَنْ سَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ قُلْت لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ قُلْت مُقْتَضَى الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِنْدَهَا كَذَا مِنْ الْقُطْنِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَخْتَصُّ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ. اهـ.

وَكَأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي ضِمْنِ الْخُلْعِ تَخَصَّصَ بِمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَأَرَادَ بِالنِّكَاحِ مَا ارْتَفَعَ بِهَذَا الْخُلْعِ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنَةً بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بِمَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا بَرِئَ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمَهْرِ لِيُعْلَمَ سُقُوطُ بَاقِي الْحُقُوقِ بِالْأُولَى، وَأَطْلَقَ النِّكَاحَ فَانْصَرَفَ إلَى الصَّحِيحِ فَالْخُلْعُ فِي الْفَاسِدِ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ خَالَعَهَا الْمُفِيدُ لِكَوْنِهِ خَاطَبَهَا لِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا، وَهُوَ خُلْعُ الْفُضُولِيِّ، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ مَعَ خُلْعِ الْوَكِيلِ، وَالرَّسُولِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَلَعَ صَغِيرَةً بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا فِيهِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا عَدَمَ الْجَوَازِ فِي كَلَامِهِ بِعَدَمِ لُزُومِ الْمَالِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ قَبُولِهِ فَيُعْتَبَرُ بِالتَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ هَذَا إذَا قَبِلَ الْأَبُ فَإِنْ قَبِلَتْ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ أَنَّ النِّكَاحَ جَالِبٌ، وَالْخُلْعَ سَالِبٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ إنْ خَلَعَ الصَّغِيرَةَ بِمَالٍ مَعَ الزَّوْجِ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَقَعُ الْبَائِنُ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ طَلَّقَ الصَّبِيَّةَ بِمَالٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَفِي الْأَمَةِ يَصِيرُ بَائِنًا إذْ الطَّلَاقُ بِمَالٍ يَصِحُّ فِي الْأَمَةِ لَكِنَّهُ مُؤَجَّلٌ، وَفِي الصَّبِيَّةِ يَقَعُ بِلَا مَالٍ. اهـ.

وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَاقِلَةٌ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، وَلَا يَبْرَأُ، وَإِنْ قَبِلَ أَبُوهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَقَعُ، وَرَوَى الْهِنْدُوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَلَوْ بَلَغَتْ، وَأَجَازَتْ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ الْبَدَلَ عَلَيْهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ.

وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عَنْهَا صَحَّ فِي رِوَايَةٍ لِأَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهَا أَوْ عَدَمَ وُجُودِ وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ، وَبِرَضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ

ص: 98

نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهَا تَتَلَخَّصُ بِلَا مَالٍ، وَلَا يَصِحُّ فِي أُخْرَى لِأَنَّ قَبُولَهَا بِمَعْنَى شَرْطِ الْيَمِينِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

أَطْلَقَ فِي مَالِهَا فَشَمِلَ مَهْرَهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا وَمَالٍ آخَرَ سَوَاءٌ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. وَقَيَّدَ بِالصَّغِيرِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ خَلَعَ كَبِيرَتَهُ بِلَا إذْنِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَبِيرَةُ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهَا جَازَ، وَالْمَالُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ بِلَا إذْنِهَا لَمْ يَجُزْ، وَتَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ إنْ ضَمِنَ الْأَبُ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَالْخُلْعُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ قَبِلَتْ ثُمَّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الْمَالِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ، وَقِيلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هَاهُنَا إلَّا بِإِجَازَتِهَا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ لَوْ جَرَى الْخُلْعُ بَيْنَ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ، وَأُمِّهَا فَإِنْ أَضَافَتْ الْأُمُّ الْبَدَلَ إلَى مَالِ نَفْسِهَا أَوْ ضَمِنَتْ تَمَّ الْخُلْعُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ تُضِفْ، وَلَمْ تَضْمَنْ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَجْنَبِيًّا، وَلَمْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ إنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَعْقِلُ الْعَقْدَ وَالزَّوْجَ وَالصَّدَاقَ أَنَّهُ مَا هُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا، وَقِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ.

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخُلْعَ خَيْرٌ لَهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُحْسِنُ عِشْرَتَهَا فَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا صَحِيحٌ فَإِنْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصِحَّ خُلْعُ الصَّغِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ، وَالْمُتْعَةَ عَنْ زَوْجِهَا يُخَالِعُ أَجْنَبِيٌّ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ قَدْرِ الْمَهْرِ، وَالْمُتْعَةِ فَيَجِبُ الْبَدَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ ثُمَّ يُحِيلُ الزَّوْجُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ وَالْمُتْعَةِ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ صَدَاقِهَا عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، وَيَكُونُ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَحِيلَةٍ أُخْرَى أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْهُ، وَيَنْتَقِلُ إلَى ذِمَّةِ الْأَبِ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ قَبُولَ الْحَوَالَةِ إذَا كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ، وَالْغَالِبُ كَوْنُ الْأَبِ أَمْلَأَ مِنْ الزَّوْجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمُحِيلِ فِي الْمَلَاءَةِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبُولَهَا لَوْ مِثْلَهُ فِي الْمَلَاءَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخَالِعُ وَلِيًّا غَيْرَ الْأَبِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَمْلِكَ قَبُولَهَا، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ حِيلَةً أُخْرَى، وَهُوَ أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا، وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ بَائِنًا، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَبِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ فِي الظَّاهِرِ لِإِقْرَارِ الْأَبِ لَا فِي إقْرَارِ غَيْرِهِ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَ الْأَبِ يَقْبِضُ حَقَّهَا وَطَلَاقُ الزَّوْجِ بَائِنًا. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِي الْإِقْرَارِ لَمْ يَبْرَأْ الزَّوْجُ عِنْدَ اللَّهِ، وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْحِيلَةُ شَرْعِيَّةً، وَلِذَا قَالَ فِي الظَّاهِرِ. اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا وَكَّلَتْ الصَّغِيرَةُ بِالْخُلْعِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ، وَيَتِمُّ الْخُلْعُ، وَلَهُ الْبَدَلُ، وَفِي رِوَايَة لَا إلَّا إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ لَهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ إنْ غِبْت عَنْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك مِنِّي مَتَى شِئْت بَعْدَ أَنْ تُبْرِئِي ذِمَّتِي مِنْ الْمَهْرِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَمَا أَبْرَأَتْهُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ، وَيَقَعُ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهُ كَالْقَائِلِ لَهَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى كَذَا، وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْأُنْثَى لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ خُلْعُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الصَّغِيرَةِ لَا يَلْزَمُ الْمَالُ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَفِي الصَّغِيرِ لَا وُقُوعَ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلَقَتْ، وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَبِ الْمُلْتَزِمِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ فَعَلَى الْأَبِ أَوْلَى، وَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ فَإِذَا بَلَغَتْ تَأْخُذُ نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَّلَهُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْأَبِ الضَّامِنِ أَوْ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ كُلَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَنِصْفَهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ الضَّامِنِ بِقِيمَتِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ ثُمَّ يُحِيلُ الزَّوْجُ) بِرَفْعِ الزَّوْجِ فَاعِلُ يُحِيلُ، وَقَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ مَفْعُولُ يُحِيلُ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجَ) بِنَصْبِ الزَّوْجِ مَفْعُولُ يُحِيلَ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَالْأَبُ يَمْلِكُ قَبُولَ الْحَوَالَةِ مُرْتَبِطٌ بِالْحِيلَةِ الْأُولَى

ص: 99

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ مَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى صَدَاقِهَا عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ فَحِينَئِذٍ إذَا رَجَعَتْ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ رَجَعَ الزَّوْجُ بِهِ عَلَى الْأَبِ لِضَمَانِهِ، وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الْأَلْفِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا، وَحُكْمُهُ لُزُومُ الْأَلْفِ عَلَيْهِ لِلزَّوْجِ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِمَهْرِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَبِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ الصَّدَاقَ مَعَ أَنَّ جَامِعَ الْفُصُولَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا خَالَعَهَا أَبُوهَا عَلَى مَهْرِهَا، وَضَمِنَهُ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ لَا عَلَى الزَّوْجِ هَذَا لَوْ ضَمِنَ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِهَذَا الْخُلْعِ لِصِغَرِهَا. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ إنْ شَاءَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ أَبِيهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَلَى صَدَاقِهَا إنْ ضَمِنَ الْمُخَالِعُ تَمَّ، وَوَقَعَ كَائِنًا مَنْ كَانَ الْعَاقِدُ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ أَخَذَتْ الزَّوْجَ بِنِصْفِهِ لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبِكُلِّهِ لَوْ بَعْدَهُ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ لَا عَلَى الزَّوْجِ.

وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ لَا شَكَّ أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَسْقُطُ، وَهَلْ تَقَعُ الْبَيْنُونَةُ إنْ قَبِلَتْ الصَّغِيرَةُ، وَهِيَ أَهْلٌ لِلْقَبُولِ وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ إنْ كَانَ الْمُخَالِعُ أَجْنَبِيًّا، وَلَمْ يَضْمَنْ لَا يَقَعُ اتِّفَاقًا، وَتَكَلَّمُوا أَنَّهُ هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا إذَا بَلَغَتْ قِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ، وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَبًا، وَلَمْ يَضْمَنْ لِلزَّوْجِ قَالَ بَكْرٌ اخْتَلَفَتْ الْمَشَايِخُ فِي الْوُقُوعِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَفِي حِيَلِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مَا لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ الدَّرَكَ لَهُ، وَفِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِقَبُولِ الْأَبِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ أَيْ الصَّدَاقَ، وَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ عَلَى الْأَبِ، وَلَا عَلَيْهَا، وَعَنْهُ أَنَّ الْخُلْعَ وَاقِعٌ بِقَبُولِ الْأَبِ، وَالْبَدَلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ، وَفِي طَلَاقِ الْأَصْلِ فِي خُلْعِ الْأَبِ عَلَى صَدَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ، وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَيَضْمَنُ الْأَبُ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَالُوا كَيْفَ صَحَّ الْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا، وَهُوَ مِلْكُهَا، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِي إبْطَالِ مِلْكِهَا، وَكَيْفَ يَصِحُّ ضَمَانُ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ عَلَيْهِ، وَلِأَيِّ مَعْنًى يَضْمَنُ الْأَبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ، وَقَدْ ضَمِنَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَهَا أَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخُلْعَ لَمَّا أُضِيفَ إلَى مَهْرِهَا، وَذَلِكَ مِلْكُهَا كَانَ مُضَافًا إلَى مَالِهَا، وَالْإِضَافَةُ إلَى مَالِ الْغَيْرِ بِأَنْ خَالَعَ عَلَى عَبْدِ إنْسَانٍ يَصِحُّ كَإِضَافَةِ الشِّرَاءِ إلَى مَالِ غَيْرِهِ فَلَمَّا صَحَّ إضَافَةُ الشِّرَاءِ فَلَأَنْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَازِ أَوْلَى لَكِنْ فِي بَابِ الشِّرَاءِ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ عَلَى الْعَاقِدِ.

وَفِي الْخُلْعِ لَا يَجِبُ إلَّا بِضَمَانٍ لِرُجُوعِ الْحُقُوقِ إلَى مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ رَجَعَ إلَيْهِ الْحُقُوقُ بِالضَّمَانِ فَإِذَا خَلَعَ، وَضَمِنَ صَحَّ، وَضَمِنَ الْبَدَلَ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَبُولِهِ، وَوَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَسَقَطَ النِّصْفُ، وَيَجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ نِصْفُهُ بِضَمَانِهِ تَسْلِيمَ كُلِّ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ عَلَيْهِ، وَالْأَبُ يَضْمَنُ لِلزَّوْجِ كُلَّهُ لِأَنَّهُ ضَمِنَ تَسْلِيمَ الْكُلِّ فَلَمْ يَقْدِرْ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ. اهـ.

وَلَا فَرْقَ فِي حُكْمِ ضَمَانِهِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ، وَالْكَبِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَأْذَنْ لَهُ، وَلَكِنْ إذَا أَجَازَتْهُ وَقَعَ، وَبَرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ، وَاعْتُبِرَ هَذَا الْخُلْعُ مُعَاوَضَةً بَيْنَ الزَّوْجِ، وَالْمُخَالِعِ وَطَلَاقًا بِلَا بَدَلٍ فِي حَقِّهَا فَإِذَا بَلَغَ الْخَبَرُ إلَيْهَا فَأَجَازَتْ نَفَذَ عَلَيْهَا، وَبَرِئَ الزَّوْجُ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَهْرِهَا، وَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ، وَتَقْدِيرِ هَذَا الْخُلْعِ كَأَنَّ الْمُخَالِعَ قَالَ لَهُ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ، وَأَجَازَتْ كَانَ الْبَدَلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ فَالْبَدَلُ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ مِنْ الضَّمَانِ إنَّمَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ لَا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الْتِزَامُ الْمَالِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ بِخِلَافِ بَدَلِ الْعِتْقِ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ كَلَامُ الْكَمَالِ صَحِيحٌ لَكِنَّك نَقَصْته فَإِنَّهُ عَمَّمَ الْكَلَامَ أَوَّلًا، وَقَالَ فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ سَوَاءٌ خَلَعَهَا الْأَبُ عَلَى مَهْرِهَا، وَضَمِنَهُ أَوْ أَلْفٍ مَثَلًا فَتَجِبُ الْأَلْفُ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي سَلَّمْت أَنَّهُ صَحِيحٌ مُطَابِقٌ لِمَا إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَيْهِ، وَأَنْتَ أَرْجَعْته إلَى الْأَخِيرِ مِنْ الْقِسْمَيْنِ، وَحَكَمْت عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَأَخْطَأْت مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرْنَا، وَالثَّانِي أَنَّ اللَّائِقَ بِالْأَدَبِ مَعَ الشَّيْخِ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ أَوْ لَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ.

شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ سَوْقِ كَلَامِ الْبَحْرِ، وَأَنَّى يُفْهَمُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ سَوَاءٌ خَلَعَهَا الْأَبُ عَلَى مَهْرِهَا، وَضَمِنَهُ أَوْ أَلْفٍ مَثَلًا فَيَجِبُ الْأَلْفُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا يَعْنِي فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِالْجُمْلَةِ فَالْأَوْلَى بِالْإِنْسَانِ حِفْظُ اللِّسَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ لَا عَلَى الزَّوْجِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَقِبَ هَذَا قَالَ رحمه الله وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مِثْلِ صَدَاقِهَا أَمَّا إذَا خَالَعَهَا عَلَى الصَّدَاقِ لَا يَجُوزُ أَصْلًا قَالَ رحمه الله وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخُلْعَ عَلَى صَدَاقِهَا، وَعَلَى مِثْلِ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ الشُّرُوطِ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَا يَسْقُطُ صَدَاقُهَا، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحِيَلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مَا ذَكَرَ فِي الشُّرُوطِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ تَوْفِيقًا بَيْنَ رِوَايَةِ الشُّرُوطِ وَبَيْنَ رِوَايَةِ كِتَابِ الْحِيَلِ

ص: 100

عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُ، وَهُوَ إثْبَاتُ الْأَهْلِيَّةِ، وَهُوَ الْقُوَّةُ عَنْ ذَلِكَ الْإِسْقَاطِ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ فِي الْخُلْعِ لَا يَحْصُلُ عَنْهُ لِلْمَرْأَةِ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا قَبْلَهُ فَصَارَ الْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ مِثْلَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ حَصَلَ لَهُ مَا ذَكَرْنَا، وَالْعِوَضُ لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْمُعَوَّضُ فَصَارَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَالْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِهَا اهـ.

وَبِهَذَا عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ، وَمَا لَا يَصِحُّ، وَمِنْ صُوَرِ الِالْتِزَامِ أَيْضًا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ بِنْتَه الْكَبِيرَةَ فَطَلَبُوا مِنْهُ وَقْتَ الدُّخُولِ أَنْ يَهَبَ لِلزَّوْجِ شَيْئًا مِنْ مَهْرِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَهَبَ بِإِذْنِهَا، وَأَنْ يَضْمَنَ لِلزَّوْجِ عَنْهَا فَيَقُولُ إنْ أَنْكَرَتْ هِيَ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ، وَغَرِمَتْك مَا وَهَبْته، وَأَنَا ضَامِنٌ مَا وَهَبْته، وَيَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ لِإِضَافَتِهِ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مِنْ زَعْمِ الْأَبِ، وَالزَّوْجِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي الْإِنْكَارِ، وَأَنَّ مَا أَخَذَتْهُ دَيْنٌ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ فَالْأَبُ ضَمِنَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ فَصَحَّ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَانَ هُنَا بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ لَا الْتِزَامِ الْمَالِ ابْتِدَاءً كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا إلَى أَنَّ الْأَبَ فُضُولِيٌّ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ خُلْعِ الْفُضُولِيِّ وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَنْ يَدْخُلَانِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِيجَابَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ فِي الْخُلْعِ الْمَرْأَةُ فَالْمُعْتَبَرُ قَبُولُهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يُضِفْهُ لِأَنَّهَا هِيَ الْعَاقِدَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ إنْ أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ فَالْمُعْتَبَرُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَا إلَى أَحَدٍ فَالْمُعْتَبَرُ قَبُولُهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيهِ فَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلزَّوْجِ اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذِهِ الدَّارِ، وَهَذِهِ الْأَلْفِ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى عَبْدِي هَذَا، وَأَلْفِي هَذِهِ فَفَعَلَ وَقَعَ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ لَمَّا أَضَافَ الْمَالَ إلَى نَفْسِهِ.

وَلَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ خَلَعْتُك عَلَى دَارِ فُلَانٍ فَالْقَبُولُ إلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ خَلَعْت امْرَأَتِي بِعَبْدِك، وَالْمَرْأَةُ حَاضِرَةٌ فَالْقَبُولُ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلزَّوْجِ اخْلَعْهَا عَلَى أَلْفِ فُلَانٍ هَذَا أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ لَهَا فَالْقَبُولُ لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ لَهُ فَفَعَلَ وَقَعَ الْخُلْعُ، وَإِنْ ضَمِنَ فُلَانٌ أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِلَّا فَمِنْهَا فَقَطْ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ فَإِلَيْهَا الْقَبُولُ كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا أَوْ مُطْلَقًا أَوْ مُضَافًا إلَى الْمَرْأَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ ضَمَانٍ، وَمَتَى جَرَى بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجِ فَمَتَى كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا فَالْقَبُولُ إلَيْهَا، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ ضَمَانٍ فَإِلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا إلَى الْمَرْأَةِ. اهـ.

وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِهِ فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ بِالْخُلْعِ إذَا قَبِلَ الْخُلْعَ يَتِمُّ الْخُلْعُ، وَهَلْ يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ أَرْسَلَ الْبَدَلَ إرْسَالًا بِأَنْ قَالَ لِلزَّوْجِ اخْلَعْ امْرَأَتَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ، وَأَشَارَ إلَى أَلْفٍ لِلْمَرْأَةِ كَانَ الْبَدَلُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا يُطَالِبُ بِهِ الْوَكِيلُ، وَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ ضَمَانٍ بِأَنْ قَالَ اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِي هَذِهِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ، وَأَشَارَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ كَانَ الْبَدَلُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَا تُطَالَبُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَبَعْدَهُ.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ أَمَرَتْهُ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ، وَلَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اهـ.

وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَالْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ لَا يَمْلِكُ الْخُلْعَ، وَالطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ إنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى شَرٍّ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ إلَى خَيْرٍ، وَلَوْ زَعَمَ رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُهَا بِالْخُلْعِ فَخَالَعَهَا مَعَهُ عَلَى أَلْفٍ ثُمَّ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ التَّوْكِيلَ فَإِنْ ضَمِنَ فِي الْفُضُولِيِّ الْمَالَ لِلزَّوْجِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهِ الْمَالُ، وَإِلَّا إنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ التَّوْكِيلَ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَعَ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ، وَكَّلَهُ بِأَنْ يُخَالِعَهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَمَضَتْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ هُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْخُلْعُ إذَا جَرَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْمُرْسَلُ كَقَوْلِهِ اخْلَعْنِي عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ فَإِنْ قَدَرْت عَلَى تَسْلِيمِهِ سَلَّمْته، وَإِلَّا فَالْمِثْلُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ، وَالْقِيمَةُ فِي الْقِيَمِيِّ، وَالْمُطْلَقُ كَقَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى عَبْدٍ أَوْ أَلْفٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَالْمُضَافُ عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ عَبْدِك أَوْ عَبْدِ فُلَانٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ تَأَمَّلْ

ص: 101