الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيَّامًا كَثِيرَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَهُ بِالْكَثْرَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَقَلَّ، وَهُوَ الثَّلَاثُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ كَالْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ فَعِنْدَهُ لِلْعَشَرَةِ، وَعِنْدَهُمَا لِلْأُسْبُوعِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ خَدَمْتَنِي أَيَّامًا كَثِيرَةً فَأَنْت حُرٌّ فَعِنْدَهُ لِلْعَشَرَةِ، وَعِنْدَهُمَا لِلْأُسْبُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِالْكَثْرَةِ انْصَرَفَ إلَى ثَلَاثَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ الْجَمْعِ مُنَكَّرًا فَيَقَعُ عَلَى أَدْنَى الْجَمْعِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَسَوَّى بَيْنَ مُنَكَّرِ الْأَيَّامِ، وَمُعَرَّفِهَا بِخِلَافِ السِّنِينَ مُنَكَّرًا فَإِنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْجَمْعَ الْمُضَافَ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَهُ فَفَعَلَ بِثَلَاثَةٍ مِمَّا سَمَّى يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ لِفُلَانٍ ثِيَابٌ وَدَوَابُّ، وَعَبِيدٌ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَوْجَاتِ فُلَانٍ لَا يُكَلِّمُ أَصْدِقَاءَ فُلَانٍ لَا يُكَلِّمُ أُخْوَةُ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْ الْكُلَّ مِمَّا سَمَّى. وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ فِي فُلَانٍ لَا لِمَعْنَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَتَتَقَيَّدُ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِ مَنْسُوبَيْنِ إلَى فُلَانٍ، وَقَدْ ذَكَرَ النِّسْبَةَ بِاسْمِ الْجَمْعِ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ أَمَّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي الْمَنْعُ لِمَعْنًى فِي هَؤُلَاءِ فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِأَعْيَانِهِمْ وَصَارَ تَقْدِيرُ الْمَسْأَلَةِ لَا أُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ فَمَا لَمْ يُكَلِّمْ الْكُلَّ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ نَوَى الْحَالِفُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الدَّوَابَّ كُلَّهَا وَالْغِلْمَانَ كُلَّهَا يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدَةٍ فِي الْكُلِّ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ فِي بَنِي آدَمَ وَيَحْنَثُ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبِيدَ فُلَانٍ، وَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَكَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يَحْنَثُ وَيَمِينُهُ عَلَى الْكُلِّ بِخِلَافِ لَا أَرْكَبُ دَوَابَّهُ، وَلَا أَلْبَسُ ثِيَابَهُ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أُخْوَةُ فُلَانٍ، وَلَهُ أَخٌ وَالْأَخُ وَاحِدٌ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَ ذَلِكَ الْوَاحِدَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْجَمْعَ، وَأَرَادَ الْوَاحِدَ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْوَاحِدَ فَبَقِيَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْجَمْعِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَبِّ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا رَغِيفٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ. اهـ.
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ أَوْ الرِّجَالَ فَكَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ فَفِي الْمُنَكَّرِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ، وَأَمَّا فِي الْمُعَرَّفِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلْمَعْهُودِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ وَاللَّامَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ، وَلَا عَهْدَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ كَقَوْلِهِ لَا أَشْتَرِي الْعَبِيدَ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّقَ بِجَمْعٍ مُنَكَّرٍ كَعَبِيدٍ وَرِجَالٍ وَنِسَاءٍ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِأَدْنَى الْجَمْعِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ دُونَ الْمُثَنَّى، وَمَتَى عُلِّقَ بِجَمْعٍ مَعْرُوفٍ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ يَتَعَلَّقُ بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَعْهُودٍ كَالْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِاسْمِ الْجِنْسِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ الْجِنْسِ. اهـ.
وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ، وَأَمَّا الْأَطْعِمَةُ وَالنِّسَاءُ وَالثِّيَابُ يَقَعُ عَلَى وَاحِدٍ إجْمَاعًا، وَلَوْ نَوَى الْكُلَّ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ هَذِهِ الْجُمُعَةِ فَكَلَّمَهُ فِي تِلْكَ الْجُمُعَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مَرَّةً وَاحِدَةً حَنِثَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ هَذِهِ الْجُمُعَةِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَهُ فِي كُلِّ يَوْم، وَلَوْ تَرَكَ كَلَامَهُ يَوْمًا وَاحِدًا لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَلَّمَهُ كُلَّ يَوْمٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لِاتِّحَادِ الِاسْمِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَيَّامَهُ هَذِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ أَيَّامَهُ فَهُوَ عَلَى الْعُمُرِ، وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُكَ يَوْمًا بَعْدَ الْأَيَّامِ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَلَّمَهُ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ، وَبَعْدَ السَّبْعَةِ يَحْنَثُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]
(بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ)
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ وَلَدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ وَالْأَخِيرُ لِفَرْدٍ لَاحِقٍ وَالْوَسَطُ لِفَرْدٍ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ مَتَى اتَّصَفَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْآخَرِ لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا، وَلَا كَذَلِكَ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّ اتِّصَافَهُ بِالْأَوَّلِيَّةِ لَا يُنَافِي اتِّصَافَهُ بِالْآخِرِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ آخَرُ تَزَوَّجْ أَتَزَوَّجُ فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُتَزَوِّجَةُ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْآخَرَ وَصْفًا لِلْفِعْلِ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَعَقْدُهَا هُوَ الْآخَرُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَوْلُهُ (إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ كَذَا حَنِثَ بِالْمَيِّتِ بِخِلَافِ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ وَحْدَهُ) أَيْ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ وَلَدْت فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ، وَعَتَقَتْ الْجَارِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مَوْلُودٌ فَيَكُونُ وَلَدًا حَقِيقَةً وَيُسَمَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ وَيُعْتَبَرُ وَلَدًا فِي الشَّرْعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ وَالدَّمُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ، وَهُوَ وِلَادَةُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَحَقَّقَ بِوِلَادَةِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لَا إلَى جَزَاءٍ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ الْجَزَاءُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُطْلَقَ الِاسْمِ قَدْ تَقَيَّدَ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إثْبَاتَ الْحُرِّيَّةِ جَزَاءً، وَهِيَ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ تَظْهَرُ فِي دَفْعِ تَسْلِيطِ الْغَيْرِ فَلَا يَثْبُتُ فِي الْمَيِّتِ فَيَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ كَمَا إذَا قَالَ إذَا وَلَدْت وَلَدًا حَيًّا بِخِلَافِ جَزَاءِ الطَّلَاقِ وَحُرِّيَّةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ مُقَيِّدًا.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا ثُمَّ آخَرَ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِالْحَيَاةِ نَصًّا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْحَيُّ اتِّفَاقًا، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ يَدْخُلُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَيِّتٌ ثُمَّ آخَرُ حَيٌّ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْآخَرُ الْحَيُّ، وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْعُذْرُ لَهُمَا أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَبْقَى؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ أَوْ الْوِلَادَةِ، وَأَشَارَ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَى أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَتُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ شَرْعًا، وَلَوْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ لَا يُعْتَبَرُ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ: (أَوَّلُ عَبْدٍ أَمِلْكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ، وَلَوْ مَلَكَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ آخَرَ)(لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَانْعَدَمَ التَّفَرُّدُ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَانْعَدَمَ السَّبْقُ فِي الثَّالِثِ فَانْعَدَمَتْ الْأَوَّلِيَّةُ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ زَادَ وَحْدَهُ عَتَقَ الثَّالِثُ) أَيْ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمِلْكُهُ وَحْدَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ عَتَقَ الْعَبْدُ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّفَرُّدُ فِي حَالِ سَبَبِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ وَحْدَهُ لِلْحَالِ لُغَةً، وَالثَّالِثُ سَابِقٌ فِي هَذَا الْوَصْفِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُذْكَرَ الْمِلْكُ أَوْ الشِّرَاءُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَةِ وَحْدَهُ أَنَّهُ زَادَ وَصْفًا لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ لَا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ اشْتَرِيهِ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعُرُوضِ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ اشْتَرِيهِ أَسْوَدُ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبِيدًا بِيضًا ثُمَّ أَسْوَدَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، وَقَيَّدَ بِوَحْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ اشْتَرِيهِ وَاحِدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَالًا لِلْعَبْدِ أَوْ لِلْمَالِكِ فَلَا يَعْتِقُ بِالشَّكِّ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ وَوَاحِدًا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْرُورًا فَهُوَ صِفَةً لِلْعَبْدِ فَهُوَ كَوَحْدِهِ كَمَا لَا يَخْفَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ) أَيْ تَمَامُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ أَبَدًا فَارِقٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ بِعِبَارَةٍ مُطَوَّلَةٍ حَاصِلُهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وَاحِدًا يَقْتَضِي نَفْيَ الْمُشَارَكَةِ فِي الذَّاتِ وَوَحْدُهُ يَقْتَضِيهِ فِي الْفِعْلِ الْمَقْرُونِ بِهِ دُونَ الذَّاتِ، وَلِهَذَا صَدَقَ الرَّجُلُ فِي قَوْلِهِ فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ، وَكَذَبَ فِي ذَلِكَ إذَا قَالَ وَحْدَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ قُلْنَا إذَا قَالَ وَاحِدًا إنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاحِدًا لَمْ يُفِدْ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى مَا أَفَادَهُ لَفْظُ أَوَّلٍ فَكَانَ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ، وَإِذَا قَالَ وَحْدَهُ فَقَدْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى أَوَّلِ عَبْدٍ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي التَّمَلُّكِ وَالثَّالِثُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيُعْتَقُ. اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِحَاصِلِ مَا ذَكَرَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْجَرَّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَبْدِ كَالْإِضَافَةِ أَعْنِي وَحْدَهُ مَدْفُوعٌ بَلْ هُوَ كَالنَّصْبِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُشَارَكَةِ فِي الذَّاتِ. اهـ.
وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ سَأَمْلِكُهُ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدَيْنِ ثُمَّ عَبْدًا لَمْ يَحْنَثْ لِفَقْدِ التَّفَرُّدِ فِي الْمَثْنَى وَالسَّبَقِ فِي الْفَرْدِ كَذَا أَمْلِكُهُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ مُنَاوِبٌ لَا مُغَيِّرٌ وَحَقُّهُ الْكَسْرُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَالنَّصْبُ لِاتِّبَاعِ الْفَاشِي دُونَ الْحَالِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ فَيُعْتَقُ الثَّالِثُ كَمَا فِي وَحْدِهِ إذْ هِيَ لِلتَّفَرُّدِ فِي الْحَالَةِ وَالْوَاحِدُ لِتَفَرُّدِ الذَّاتِ. اهـ.
وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي شَرْحِهِ لِلْفَارِسِيِّ
وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ عَتَقَ الْعَبْدُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِعَبْدٍ فَلَمْ يُشَارِكْهُ فِي اسْمِهِ فَلَا يُقْطَعُ عَنْهُ اسْمُ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْفَرْدِيَّةِ كَمَا لَوْ مَلَكَ مَعَهُ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَوَّلُ كُرٍّ أَمْلِكُهُ فَهُوَ هَدْيٌ فَمَلَكَ كُرًّا وَنِصْفًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يُزَاحِمُ الْكُلَّ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّهُ بِالضَّمِّ يَصِيرُ شَيْئًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ: آخِرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا وَمَاتَ لَمْ يَعْتِقْ) ؛ لِأَنَّ الْآخِرَ بِكَسْرِ الْخَاءِ فَرْدٌ لَاحِقٌ، وَلَا سَابِقَ لَهُ فَلَا يَكُونُ لَاحِقًا، وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ضِدِّهِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ تُحَقِّقُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَحَقُّقِ الْآخِرِيَّةِ وُجُودُ سَابِقٍ بِالْفِعْلِ، وَفِي الْأَوَّلِيَّةِ عَدَمُ تَقَدُّمِ غَيْرِهِ لَا وُجُودُ آخَرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ إذَا لَمْ يَشْتَرِ بَعْدَهُ غَيْرَهُ. اهـ. وَالضَّمِيرُ فِي مَاتَ رَاجِعٌ إلَى الْمَالِكِ.
قَوْلُهُ (فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ الْآخَرُ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ لَاحِقٌ فَاتَّصَفَ بِالْآخِرِيَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَقْتَ عِتْقِهِ لِلِاخْتِلَافِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ يَسْتَنِدُ الْعِتْقُ إلَى وَقْتِ الشِّرَاءِ حَتَّى يُعْتَبَرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ مُقْتَصَرًا عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْآخِرِيَّةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدَمِ شِرَاءِ غَيْرِهِ بَعْدَهُ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ فَكَانَ الشَّرْطُ مُتَحَقِّقًا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ فَأَمَّا اتِّصَافُهُ بِالْآخِرِيَّةِ فَمِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَيَثْبُتُ مُسْتَنِدًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَعْلِيقُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِنْدَهُمَا وَتَرِثُ بِحُكْمِ أَنَّهُ فَارٌّ، وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَتُحِدُّ، وَعِنْدَهُ يَقَعُ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَنِصْفُ مَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ بِلَا حِدَادٍ، وَلَا تَرِثُ مِنْهُ.
وَلَوْ قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ طَلُقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مَرَّةً؛ لِأَنَّ الَّتِي أَعَادَ عَلَيْهَا التَّزَوُّجَ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أَوْلَى فَلَا تَتَّصِفُ بِالْآخِرِيَّةِ لِلتَّضَادِّ كَمَنْ قَالَ آخِرُ عَبْدٍ أَضْرِبُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَ عَبْدًا ثُمَّ ضَرَبَ آخَرَ ثُمَّ أَعَادَ الضَّرْبَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ الْمَضْرُوبُ مَرَّةً بِخِلَافِ الْفِعْلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ، وَقَيَّدَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّانِيَ آخِرُ إلَّا بِمَوْتِ الْمَوْلَى لِجَوَازِ أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَهُ فَيَكُونُ هُوَ الْآخِرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَوْسَطَ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ قَالَ أَوْسَطُ عَبْدٍ أَشْتَرِيه فَهُوَ حُرٌّ فَكُلُّ عَبْدٍ فَرْدٍ لَهُ حَاشِيَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِيمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ فَهُوَ أَوْسَطُ، وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ وَلَا الْآخِرُ وَسَطًا أَبَدًا، وَلَا يَكُونُ الْوَسَطُ إلَّا فِي وِتْرٍ، وَلَا يَكُونُ فِي شَفْعٍ فَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا فَالثَّانِي هُوَ الْوَسَطُ فَإِذَا اشْتَرَى رَابِعًا خَرَجَ الثَّانِي مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ فَإِذَا اشْتَرَى خَامِسًا صَارَ الثَّالِثُ هُوَ الْوَسَطُ فَإِذَا اشْتَرَى سَادِسًا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ. اهـ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ عَبْدٍ بَشَّرَنِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ)(عَتَقَ الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍ صِدْقٍ لَيْسَ لِلْمُبَشَّرِ بِهِ عِلْمٌ عُرْفًا وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الْبَاقِينَ، وَأَصْلُهُ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عليه السلام مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا طَرِيًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَابْتَدَرَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَسَبَقَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَكَانَ يَقُولُ بَشَّرَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ» ، وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ أَحَدُهُمَا كِتَابًا بِالْبِشَارَةِ يَعْتِقُ إلَّا إذَا نَوَى الْمُشَافَهَةَ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ قَدْ تَكُونُ بِالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ فِي الْبِشَارَةِ وَالْخَبَرِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُشَافَهَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْعُو فُلَانًا فَكَتَبَ إلَيْهِ يَدْعُوهُ
ــ
[منحة الخالق]
هَذَا، وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فَإِنْ عَنَى بِأَحَدِهِمَا الْآخَرَ صُدِّقَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَعْنَى الْجَامِعِ وَهُوَ الْوَحْدَةُ لَكِنَّهُ إنْ عَنَى بِقَوْلِهِ وَاحِدًا وَحْدَهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْلِيظِ، وَفِي عَكْسِهِ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ. اهـ.
وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ عِبَارَةِ التَّلْخِيصِ كَمَا أَوْضَحَهُ شَارِحُهُ فَرَاجِعْهُ.