الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَسْتَقْبِلُ وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا فَعَلَى التَّفْصِيلِ اهـ.
وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثَانِيًا وَالْمُعْتَدَّةَ عَنْ فَاسِدٍ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ لِلْأَوَّلِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَ
مَبْدَأُ الْعِدَّةِ
بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ) يَعْنِي ابْتِدَاءُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ مِنْ وَقْتِهِ وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ وَقْتِهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَعْلَمْ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْقَضَتْ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الطَّلَاقُ أَوْ الْوَفَاةُ فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرِحَ عَلَيْهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمِعْرَاجِ مِنْ غَيْرِ تَعْقِيبٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ بَيَانِ سَبَبِهَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ الْفُرْقَةَ شَرْطُهَا وَالنِّكَاحَ سَبَبُهَا وَقَوْلُهُ هُنَا أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ تَسَاهُلًا فَقَدْ قَدَّمُوا أَنَّ سَبَبَهَا النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ شَرْطٌ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِنَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ إلَى الشَّرْطِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ يَتِمُّ السَّبَبُ فَيَسْتَعْقِبُهُمَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَيَكُونُ مَبْدَأُ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِالضَّرُورَةِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ السَّبَبَ إنَّمَا هُوَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ وَهُوَ تَجَوُّزٌ لِكَوْنِهِ مُعْمِلًا لِلْعِلَّةِ اهـ.
وَفِي الْكَافِي شَرْحِ الْوَافِي وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ سَبَبُ وُجُوبِهَا الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ وَقَدْ نُصَّ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا نِكَاحٌ مُتَأَكِّدٌ بِالدُّخُولِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا يُكْمِلُ الْمَهْرَ عِنْدَ ثُبُوتِ مَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ لَا الْفُرْقَةُ فَإِنَّهَا شَرْطٌ اهـ. .
وَقَدَّمْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ يَعْنِي لِكَوْنِهِ إنْشَاءً مِنْ وَجْهٍ، وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ إذَا أَتَاهَا خَبَرُ مَوْتِ زَوْجِهَا وَشَكَّتْ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ تَعْتَدُّ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَسْتَيْقِنُ فِيهِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَذَلِكَ فِي الْعَمَلِ بِيَقِينٍ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَبْسُوطِ كَالْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْعِدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي إقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَمَانٍ مَضَى إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارُوا وُجُوبَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا زَجْرًا لَهُ حَيْثُ كَتَمَ طَلَاقَهَا وَلَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ إنْ صَدَّقَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهَا، وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَشَايِخُنَا يُفْتُونَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ نَفْيًا لِتُهْمَةِ الْمُوَاضَعَةِ اهـ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَرَادَ بِالْمَشَايِخِ عُلَمَاءَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ لَا جَمَاعَةَ التَّصَوُّفِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ اهـ.
وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَذَّبَتْهُ فِي الْإِسْنَادِ أَوْ قَالَتْ لَا أَدْرِي فَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي حَقِّهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَفِي حَقِّ اللَّهِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا حُكْمُ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ مَهْرًا ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَقَدْ صَدَّقَتْهُ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَلَفْت إنْ تَزَوَّجْت ثَيِّبًا قَطُّ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا ثَيِّبٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِهَذَا الْوَطْءِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي الْيَمِينِ فَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَيَوْمَ الْقَتْلِ يَدْخُلُ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ اسْتَخْرَجْنَا حُكْمَهَا مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَأَوْضَحْنَاهَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ كَانَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ وَصَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ وَذَكَرَ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ هِيَ لَا يُصَدَّقُ اهـ.
وَفِيهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيَقُولُ كُنْت طَلَّقْتهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنْ كَانَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِلَّا يَقَعُ، وَلَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالْبَيِّنَةِ
ــ
[منحة الخالق]
[مَبْدَأُ الْعِدَّةِ]
(قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ) أَيْ: فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَدَّمَهَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَلِزَوْجَةِ الْفَارِّ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا حُكْمُ وَطْئِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَخْ) لِيُنْظَرَ هَلْ يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَهْرِ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْوَطْءَ مَتَى حَصَلَ عَقِبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَهُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَتَهُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَمَتَى حَصَلَ الْوَطْءُ عَقِيبَ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْءٍ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ كَوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ ثُمَّ، قَالَ: وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَطِئَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ وَادَّعَى الشُّبْهَةَ يَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ أَمْ بِكُلِّ
بَعْدَ إنْكَارِهِ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً إنِّي كُنْت طَلَّقْتهَا قَبْلَ ذَلِكَ طَلْقَةً بِمُدَّةٍ مَدِيدَةٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعُرِفَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْإِقْرَارِ يُفِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُتَقَدِّمَ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ قَامَتْ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ اهـ.
وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُ الشَّهَادَةِ لِعُذْرٍ أَمَّا إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ وَلَا يَظْهَرُ أَثَرُ تَصْدِيقِهَا إلَّا فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَوَفَّقَ السُّغْدِيُّ فَحَمَلَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ وَكَلَامَ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرٌ، وَهَذَا هُوَ التَّوْفِيقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ مُخَالِفَةٌ لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَحَلِّ التُّهْمَةِ وَلِذَا قَيَّدَهُ السُّغْدِيُّ بِأَنْ يَكُونَا مُجْتَمِعَيْنِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَتَاهَا كِتَابٌ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى يَدِ ثِقَةٍ بِالطَّلَاقِ وَلَا تَدْرِي أَنَّهُ كِتَابُهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِرَجُلٍ طَلَّقَنِي زَوْجِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا فَلَمْ يُعَدَّلَا حَتَّى مَضَى أَيَّامٌ ثُمَّ عُدِّلَا وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا تُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الشَّهَادَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْقَضَاءِ اهـ.
وَهَلْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ كَتَبْنَاهَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي السَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الثَّلَثِمِائَةِ وَكَتَبْنَا فِيهَا مَا تُسْمَعُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا فَضَرَبَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الضَّرْبَ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ فَالْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ فَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فَقُضِيَ بِالطَّلَاقِ فَالْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا الْقَضَاءِ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ: إنْ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ فَعَلَتْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِهِ وَمَضَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاعْتَدَّتْ ثُمَّ أَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِمَا صَنَعَتْ وَصَدَّقَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ عِنْدَنَا لَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَعِنْدَ زُفَرَ تَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ وَلَا مَحَلَّ لِقَوْلِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِكَوْنِهَا مِنْ وَقْتِ طَلَاقِهَا نَفْسِهَا لَا مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ وَلَا مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فِي شَوَّالٍ وَقُضِيَ بِالْفُرْقَةِ فِي الْمُحَرَّمِ فَالْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا إنْ أَقَامَ وَهُوَ يُنْكِرُ طَلَاقَهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَإِنْ أَقَامَ وَهُوَ يُقِرُّ بِالطَّلَاقِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا اهـ. فَعَلَى هَذَا مَبْدَأُ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولَةِ: كُلَّمَا حِضْتِ وَطَهُرْتِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ ثَلَاثًا كَانَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا إذَا حَاضَتْ ثَلَاثًا بَانَتْ بِثَلَاثٍ وَبَقِيَ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ مِنْ عِدَّتِهَا لَكِنَّ الثَّالِثَةَ لَا تَقَعُ إلَّا بِالطُّهْرِ، وَفِي الْقُنْيَةِ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةٍ وَأَنَّهُ دَخَلَ بِهَا لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ حَتَّى يَحْرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى غَيْرِهِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ فِي حَقِّ الْمَهْرِ وَقَوْلُهَا فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا)
ــ
[منحة الخالق]
وَطْءٍ مَهْرٌ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ جُمْلَةً فَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فَهُوَ ظَنٌّ فِي مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَقَعُ لَكِنْ ظَنَّ أَنَّ وَطْأَهَا حَلَالٌ فَهُوَ ظَنٌّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَلْزَمُهُ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ قَامَتْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ أَقُولُ: مُرَادُهُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَا مِنْ وَقْتِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَوَفَّقَ السُّغْدِيُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَحَلِّ التُّهْمَةِ وَالنَّاسِ الَّذِينَ هُمْ مَظَانُّهَا وَلِذَا فَصَلَ السُّغْدِيُّ حَيْثُ قَالَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أُسْنِدَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ فَالْكَذِبُ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرٌ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعَلَى هَذَا إذَا فَارَقَهَا زَمَانًا ثُمَّ قَالَ لَهَا: كُنْت طَلَّقْتُكِ مُنْذُ كَذَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِذَلِكَ يُصَدَّقُ وَتُعْتَبَرُ عِدَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى لِاعْتِرَافِهَا بِالسُّقُوطِ، وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا.
(قَوْلُهُ تُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الشَّهَادَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْقَضَاءِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: مِنْ يَوْمِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ لَا مِنْ يَوْمِ أَدَائِهَا فَإِنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا فِي الْمُحَرَّمِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَوَّالٍ كَانَ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ شَوَّالٍ كَمَا يَأْتِي
أَيْ: مَبْدَأُ الْعِدَّةِ وَقَالَ زُفَرُ مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ وَلَنَا أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِاسْتِنَادِ الْكُلِّ إلَى حُكْمِ عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِي الْكُلِّ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَبْلَ الْمُتَارَكَةِ أَوْ الْعَزْمِ لَا تَثْبُتُ الْعِدَّةُ مَعَ جَوَازِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ أُقِيمَ مَقَامَ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ لِخَفَائِهِ وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُتَارَكَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهِ تَرَكْتُكِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَتَرَكْتُهَا أَوْ خَلَّيْتُ سَبِيلَهَا أَمَّا عَدَمُ الْمَجِيءِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَكُونُ مُتَارَكَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ تَعُودُ، وَلَوْ أَنْكَرَ نِكَاحَهَا لَا تَكُونُ مُتَارَكَةٌ اهـ.
وَقَدَّمْنَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الدُّخُولِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْمُتَارَكَةِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِهِ إلَّا الْحَيْضُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا حِدَادَ وَلَا نَفَقَةَ فِيهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ فَاسِدًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَنَّ وُجُوبَهَا فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ لَوْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ آخِرِ وَطْءٍ ثَلَاثًا حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ مُتَارَكَةٌ وَأَنَّ إنْكَارَ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بِحَضْرَتِهَا فَمُتَارَكَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّ عِلْمَ غَيْرِ الْمُتَارَكَةِ بِالْمُتَارَكَةِ شُرِطَ عَلَى قَوْلٍ وَصُحِّحَ وَقِيلَ لَا وَصُحِّحَ وَرَجَّحْنَا الثَّانِيَ وَأَنَّ الْمُتَارَكَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ بَلْ تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَلِذَا ذَكَرَ مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ مِنْ صُوَرِهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ تَرَكْتُكَ وَقَدَّمْنَا كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِهِ هُنَاكَ فَارْجِعْ إلَيْهِ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْمِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْبَارِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الْعَزْمُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَلَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِهِ فَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ أَوْ إظْهَارِ عَزْمِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَالْمُرَادُ بِالتَّفْرِيقِ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ لَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَهُ بِمَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمُعْتَدَّةِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَجَعَلَ فِي التَّتِمَّةِ قَوْلَ زُفَرَ قَوْلَ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ الْبَلْخِيّ وَأَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَقُولُ مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ تَزَوَّجَهَا فَاسِدًا فَأَحْبَلَهَا فَوَلَدَتْ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْمُتَارَكَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا انْقَضَتْ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ الْحَلِفِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اُتُّهِمَتْ بِالْكَذِبِ فَتَحْلِفُ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ عَشْرَ مَسَائِلَ لَا يَحْلِفُ فِيهَا الْأَمِينُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهَا مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّةِ تَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ شَهْرَانِ عِنْدَهُ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ الْمُدَّةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ أَمَّا إذَا خَالَفَهُ فَلَا كَالْوَصِيِّ إذَا قَالَ: أَنْفَقْتُ عَلَى الْيَتِيمِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَلْفَ دِينَارٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُصَدَّقُ فِيهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْحُرَّةِ عَلَى السِّتِّينَ عَنْ الْإِمَامِ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا بِوِلَادَتِهَا أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَلَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا وَيُجْعَلُ النِّفَاسُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَقَلُّهَا مِائَةُ يَوْمٍ بِزِيَادَةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلِذَا ذَكَرَ مِسْكِينٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَدَّمْنَا مَا يَدْفَعُهُ أَيْ: فِي بَابِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حُكْمُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَالْفَاسِدُ أَوْلَى فَلَوْ كَانَ مُرَادُهُمْ التَّنْبِيهَ عَلَى حُكْمِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الرَّدِّ عَلَى زُفَرَ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ شُبْهَةُ النِّكَاحِ وَرَفْعُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِالتَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَبَعْدَهُ يَجِبُ فَلَا تَصِيرُ شَارِعَةً فِي الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَرْتَفِعْ الشُّبْهَةُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فَحَيْثُ ارْتَفَعَتْ الشُّبْهَةُ بِمُجَرَّدِ التَّفْرِيقِ لَمْ يَبْقَ مَا يَمْنَعُ الْحَدَّ وَأَيْضًا فَإِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ رَفْعِهِ فَالْعِدَّةُ تَكُونُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ دَارِئَةٍ لِلْحَدِّ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الثَّلَاثِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ إذَا ظُنَّ الْحِلُّ فَإِنَّهَا شُبْهَةُ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ فِي بَيْتِهِ وَنَفَقَتُهُ دَارَّةٌ عَلَيْهَا وَهُنَا لَا نَفَقَةَ وَلَا احْتِبَاسَ.
(قَوْلُهُ لَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فِيهِ كَلَامٌ سَيَذْكُرُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا يَأْتِي وَلِمَا فِي الْبَدَائِعِ
وَسَاعَةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا بِزِيَادَةِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا بِزِيَادَةِ أَرْبَعِينَ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَسَاعَةٍ، وَتَوْجِيهُ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَدَائِعِ وَأُطْلِقَ فِي قَوْلِهَا مَضَتْ عِدَّتِي فَشَمِلَ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُطَلَّقَةُ بِالثَّلَاثِ إذَا جَاءَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَالَتْ طَلَّقَنِي الثَّانِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي أَفْتَى النَّسَفِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ أُخْرَى لِلنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ وَأَفْتَى الْإِسْبِيجَابِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ أَنَّهَا تُصَدَّقُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَذَّبَهَا الظَّاهِرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُدَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّفْسِيرِ أَمَّا لَوْ فَسَّرَتْ بِأَنْ قَالَتْ أَسْقَطْتُ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ أَوْ بَعْضِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُكَذِّبُهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَعُلِمَ أَنَّ انْقِضَاءَهَا لَا يَنْحَصِرُ فِي إخْبَارِهَا بَلْ يَكُونُ بِهِ وَبِالْفِعْلِ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَمَا مَضَتْ مُدَّةٌ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ حَتَّى لَوْ قَالَتْ بَعْدَهُ لَمْ تَنْقَضِ لَمْ تُصَدَّقْ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَا فِي حَقِّ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ الزَّوْجُ أَخْبَرَتْنِي بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مُدَّةٍ لَا تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ مَا هُوَ مُحْتَمَلٌ مِنْ إسْقَاطِ سِقْطٍ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ فَحِينَئِذٍ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَوْ كَانَ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ فَكَذَّبَتْهُ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ دِينِيٌّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِخَبَرَيْهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخَبَرِهِ فِيمَا هُوَ حَقُّهُ وَحَقُّ الشَّرْعِ وَبِخَبَرِهَا فِي حَقِّهَا مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّسَبِ حَقُّهَا أَصْلِيٌّ كَحَقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِوَلَدٍ لَيْسَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ نِكَاحُ أُخْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ النَّسَبِ إلَّا بِبَقَاءِ الْفِرَاشِ فَصَارَ الزَّوْجُ مُكَذَّبًا فِي خَبَرِهِ شَرْعًا بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ فَكَأَنَّهُ وَجَبَتْ فِي حَقِّهَا بِسَبَبِ الْعِدَّةِ، وَفِي حَقِّهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَمَاتَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأُخْرَى هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي النِّكَاحِ وَقِيلَ إنْ قَالَ هَذَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَاتَ فَالْمِيرَاثُ لِلْأُخْرَى لَا لِلْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَرَضِ فَالْمِيرَاثُ لِلْمُعْتَدَّةِ، فَإِذَا قُضِيَ بِالْمِيرَاثِ لِلْمُعْتَدَّةِ قِيلَ يَفْسُدُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ امْرَأَةٌ قَالَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ: لَسْتُ بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ مِنْ الْغَدِ: أَنَا حَامِلٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ: لَسْتُ بِحَامِلٍ، ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيَبْطُلُ إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. رَجُلٌ خَلَعَ امْرَأَتَهُ فَأَقَرَّتْ وَقْتَهُ وَقَالَتْ: أَنَا حَائِضٌ غَيْرُ حَامِلٍ مِنْ زَوْجِي ثُمَّ أَقَرَّتْ فِي الشَّهْرَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ مِنْ زَوْجِي فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْحَمْلَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهَا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ تُصَدَّقُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِسِقْطٍ لِاحْتِمَالِهِ ثُمَّ نُقِلَ خِلَافُهُ عَنْ بَعْضِ الْكُتُبِ اهـ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا فِيمَا إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ بِالْحَيْضِ لَا مُطْلَقًا وَفِيهَا أَيْضًا وَلَدَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَضَى سَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ لَا تَصِحُّ إذَا لَمْ تَحِضْ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ قِيلَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضَتْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ قَالَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهَا كَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَحِيضُ لَا تَحْبَلُ اهـ.
فَرْعٌ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ وَقَالَتْ طَلَّقَنِي زَوْجِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ وَهِيَ عَدْلَةٌ أَوَّلًا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ قَالَتْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِسِقْطٍ لِاحْتِمَالِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا صَرِيحًا كَمَا مَرَّ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ إلَخْ تَقَدَّمَ تَضْعِيفُهُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ فَرَاجِعْهُ
وَقَعَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ فَاسِدًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَدْلَةٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَتْ وَلَدْت لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ قَالَتْ أَسْقَطْت سِقْطًا وَقَعَ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ قُبِلَ قَوْلُهَا وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهَا اهـ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِإِقْرَارِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَأَنَّ تَوَقُّفَ الْوِلَادَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَجَبَ مَهْرٌ تَامٌّ وَعِدَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ) ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا إتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَلَا اسْتِئْنَافَ الْعِدَّةِ وَإِكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى إنَّمَا وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي فَظَهَرَ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَلَهُمَا أَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً بِالْوَطْأَةِ الْأُولَى وَبَقِيَ أَثَرُهُ وَهُوَ الْعِدَّةُ، فَإِذَا جُدِّدَ النِّكَاحُ وَهِيَ مَقْبُوضَةٌ نَابَ ذَلِكَ عَنْ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ فِي هَذَا النِّكَاحِ كَالْغَاصِبِ يَشْتَرِي الْمَغْصُوبَ الَّذِي فِي يَدِهِ يَصِيرُ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَوَضَحَ بِهَذَا أَنَّهُ طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْأُولَى قَدْ سَقَطَتْ بِالتَّزَوُّجِ فَلَا تَعُودُ وَالثَّانِيَةَ لَمْ تَجِبْ وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَاهُ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إبْطَالَ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِهَا وَهُوَ عَدَمُ اشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ صُرِّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسَاغًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِصَرِيحِ الْقُرْآنِ {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] اهـ.
وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ دُخُولٌ فِي الثَّانِي أَوَّلًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ لَوْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثًا وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَلْزَمَهُ أَرْبَعَةَ مُهُورٍ وَنِصْفٍ وَأَبَانَهَا بِثَلَاثٍ وَحَكَمَا بِتَطْلِيقَتَيْنِ وَمَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ أَوْ بَائِنًا أَلْزَمَهُ بِتِلْكَ الْمُهُورِ وَهُمَا بِخَمْسَةٍ وَنِصْفٍ نِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَهْرَانِ بِالتَّطْلِيقَتَيْنِ لِكَوْنِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ حُكْمًا وَثَلَاثُ مُهُورٍ بِالدُّخُولِ ثَلَاثًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُجْمَعِ مِنْ التَّعْلِيقِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الْأَوَّلِ دُخُولٌ فِي الثَّانِي فِي حَقِّ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الرَّجْعَةِ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يَمْلِكُهَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثَانِيهَا لَوْ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا صَحِيحًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ عَنْ ذَلِكَ الْفَاسِدِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ عِنْدَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا صَحِيحًا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَلَا عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ وَيَجِبُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ إنَّمَا وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي فَظَهَرَ حُكْمُهُ) كَذَا فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَالصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِهَا إنَّمَا وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَبِالثَّانِي ظَهَرَ حُكْمُهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ غَيْرَ أَنَّ إكْمَالَ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَجَبَ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ حُكْمُهُ حَالَ التَّزَوُّجِ الثَّانِي، فَإِذَا ارْتَفَعَ بِالطَّلَاقِ ظَهَرَ حُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ أَيْ: زَوْجَتَهُ الَّتِي هِيَ أُمُّ وَلَدِهِ إذَا كَانَتْ أَمَةً فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ تَظْهَرْ الْعِدَّةُ حَتَّى حَلَّ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ثُمَّ بِالْعِتْقِ تَظْهَرُ غَيْرَ أَنَّ هُنَا تَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ وَتَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ إلَى أَنْ تَذْهَبَ عِدَّةُ النِّكَاحِ وَهِيَ حَيْضَتَانِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ أَلْزَمَهُ أَرْبَعَةَ مُهُورٍ) أَيْ: أَلْزَمَ مُحَمَّدٌ الزَّوْجَ، وَقَوْلُهُ وَأَبَانَهَا أَيْ: قَالَ مُحَمَّدٌ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُبَانَةَ إذَا نَكَحَهَا الزَّوْجُ فِي عِدَّتِهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَعَلَيْهَا إتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِدُخُولٍ فِي الثَّانِي عِنْدَهُ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي الْأَوَّلِ دُخُولٌ فِي الثَّانِي فَمُحَمَّدٌ يَقُولُ بِالتَّزَوُّجِ الْأَوَّلِ طَلُقَتْ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَبِالدُّخُولِ بَعْدَهُ مَهْرٌ آخَرُ وَبِالتَّزَوُّجِ الثَّانِي طَلُقَتْ أَيْضًا وَلَهَا نِصْفُ مَهْرٍ وَبِالدُّخُولِ الثَّانِي مَهْرٌ أَيْضًا وَبِالتَّزَوُّجِ الثَّالِثِ وَالدُّخُولِ الثَّالِثِ لَهَا مَهْرٌ وَنِصْفٌ فَصَارَ أَرْبَعَةَ مُهُورٍ وَنِصْفِ مَهْرٍ.
وَهُمَا يَقُولَانِ بِالتَّزَوُّجِ الْأَوَّلِ وَالدُّخُولِ بَعْدَهُ لَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ وَبِالتَّزَوُّجِ الثَّانِي مَهْرٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ لِكَوْنِ الدُّخُولِ الْأَوَّلِ دُخُولًا فِي الثَّانِي وَبِالدُّخُولِ الثَّانِي صَارَ مُرَاجِعًا وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ وَلَا اعْتِبَارَ بِالتَّزَوُّجِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمَنْكُوحَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَوْلُهُ أَوْ بَائِنًا يَعْنِي لَوْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُهَا فَبَائِنُ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ أُلْزِمُهُ بِتِلْكَ الْمُهُورِ أَيْ: قَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا أَرْبَعَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٍ اعْتِبَارًا بِالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُمَا بِخَمْسَةٍ وَنِصْفٍ وَبَانَتْ بِثَلَاثٍ اتِّفَاقًا هُمَا قَالَا وَجَبَ لَهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَبِالدُّخُولِ بَعْدَهُ مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ وَبِالنِّكَاحِ الثَّانِي طَلُقَتْ ثَانِيًا وَلَهَا مَهْرٌ كَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى أَصْلِهِمَا وَمَهْرٌ آخَرُ بِالدُّخُولِ بَعْدَهُ لِلشُّبْهَةِ وَلَمْ يَصِرْ بِهِ مُرَاجِعًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ وَبِالنِّكَاحِ ثَالِثًا طَلُقَتْ ثَالِثًا وَلَهَا مَهْرٌ وَبِالدُّخُولِ بَعْدَهُ مَهْرٌ آخَرُ فَصَارَ خَمْسَةَ مُهُورٍ وَنِصْفَ مَهْرٍ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ وَجَبَتْ بِثَلَاثَةِ دُخُولٍ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَمَهْرَانِ بِالنِّكَاحَيْنِ الْآخَرَيْنِ اهـ.