الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَنِثَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَيَّدْنَاهَا بِالصِّدْقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَشَّرَهُ كَذِبًا لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَشَرَةِ الْوَجْهِ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ قَدْ زَالَ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَخْبَرَنِي أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَكَذَا فَأَخْبَرَهُ وَاحِدٌ كَذِبًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنْ أَخْبَرَنِي بِقُدُومِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الصِّدْقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَفِي الْبِشَارَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاءِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ، وَقَدْ عُلِمَ الْفَرْقُ فِي بَحْثِ الْبَاءِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْكِتَابَةُ كَالْخَبَرِ فَلَوْ قَالَ إنْ كَتَبْت أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَكَذَا فَكَتَبَ كَذِبًا عَتَقَ؛ لِأَنَّهَا جَمَعَ الْحُرُوفَ وَقَدْ وُجِدَ بِخِلَافِ إنْ كَتَبْت بِقُدُومِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قُدُومِهِ حَقِيقَةً فَلَوْ كَتَبَ بِقُدُومِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَقَدْ قَدِمَ حَقِيقَةً عَتَقَ بَلَغَ الْخَبَرُ إلَى الْحَالِفِ أَوْ لَا لِوُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَمَّا الْإِعْلَامُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الصِّدْقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ إثْبَاتُ الْعِلْمِ وَالْكَذِبُ لَا يُفِيدُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاءِ أَوْ لَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَخَرَجَ الْخَبَرُ الضَّارُّ فَلَيْسَ بِبِشَارَةٍ عُرْفًا، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ بِشَارَةً فِي قَوْله تَعَالَى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] ؛ لِأَنَّهُ بِشَارَةٌ لُغَةً، وَالْكَلَامُ فِي الْعُرْفِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَأَرْسَلَ بَعْضَ عَبِيدِهِ عَبْدًا آخَرَ فَقَالَ قُلْ لِلْمَوْلَى إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك قَدْ قَدِمَ فُلَانٌ فَأَبْلَغَهُ ذَلِكَ الْعَبْدُ قَالَ يُعْتَقُ الْمُرْسِلُ دُونَ الرَّسُولِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ إنَّ فُلَانًا قَدْ قَدِمَ، وَلَمْ يَقُلْ أَرْسَلَنِي إلَيْك فُلَانٌ عَبْدُك بِكَذَا عَتَقَ الرَّسُولُ دُونَ الْمُرْسِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) لِتَحَقُّقِهَا مِنْ الْجَمِيعِ قَالَ تَعَالَى {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] .
قَوْلُهُ (وَصَحَّ
شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ
لَا شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام جَعَلَ نَفْسَ الشِّرَاءِ إعْتَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهُ فَصَارَ نَظِيرَ قَوْلِهِ سَقَاهُ فَأَرْوَاهُ فَصَادَفَ النِّيَّةُ الْعِلَّةَ فَأَجْزَأَهُ عَنْ الْكَفَّارَةَ، وَأَمَّا شِرَاءُ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ يَنْوِي بِهِ كَفَّارَةً عَنْ يَمِينِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قِرَانُ النِّيَّةِ بِعِلَّةِ الْعِتْقِ، وَهِيَ الْيَمِينُ فَأَمَّا الشِّرَاءُ فَشَرْطُهُ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُرَادِهِ هُنَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: أُمُّ الْوَلَدِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأُمَّةِ قَدْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْت حُرَّةٌ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِالِاسْتِيلَادِ فَلَا تُضَافُ إلَى الْيَمِينِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِقِنَّةٍ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي حَيْثُ يُجْزِئُهُ عَنْهَا إذَا اشْتَرَاهَا؛ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِجِهَةٍ أُخْرَى فَلَمْ تَخْتَلَّ الْإِضَافَةُ إلَى الْيَمِينِ، وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا قَارَنَتْ عِلَّةَ الْعِتْقِ، وَرِقُّ الْمُعْتَقِ كَامِلٌ صَحَّ التَّكْفِيرُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُمْ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ عِلَّةُ الْعِتْقِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْكُلِّ، وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ هُوَ الْجَزَاءُ، وَهُوَ أَنْتَ حُرٌّ لَا مَجْمُوعُ الْيَمِينِ مِنْ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَقَيَّدَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ وَنَوَاهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِ فِعْلٌ حَتَّى يُجْعَلَ تَحْرِيرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ قَرِيبُهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ جُعِلَ مَهْرًا لَهَا فَنَوَى أَنْ يَكُونَ عَنْ كَفَّارَتِهِ عِنْدَ قَبُولِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ صَادَفَتْ الْعِلَّةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ بِخِلَافِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا، وَكَلَامُهُمْ يُفِيدُهُ دَلَالَةً.
قَوْلُهُ (إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَهِيَ حُرَّةٌ صَحَّ لَوْ فِي مِلْكِهِ وَإِلَّا لَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ فَقَدْ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهَا لِمُصَادَفَتِهَا الْمِلْكَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مُنْكَرَةٌ فِي هَذَا الشَّرْطِ فَتَتَنَاوَلُ لِكُلِّ جَارِيَةٍ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَتَسَرَّاهَا فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ التَّسَرِّي لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَكَانَ ذِكْرُهُ ذِكْرًا لِمِلْكٍ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ يَصِيرُ التَّزَوُّجُ مَذْكُورًا، وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَصِيرُ مَذْكُورًا ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّسَرِّي، وَهُوَ شَرْطٌ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ صِحَّةِ الْجَزَاءِ
ــ
[منحة الخالق]
[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]
(قَوْلُهُ: فَفِي الْبِشَارَةِ لَا فَرْقَ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يُكَلِّمُهُ فَنَادَاهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِعْلَامُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لَوْ قَالَ إنْ أَخْبَرْتنِي أَنَّ زَيْدًا قَدِمَ فَكَذَا حَنِثَ بِالْكَذِبِ كَذَا إنْ كَتَبْت إلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ، وَفِي بَشَّرْتنِي أَوْ أَعْلَمْتنِي يُشْتَرَطُ الصِّدْقُ وَجَهْلُ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ فِي الْأُولَيَيْنِ الدَّالُ عَلَى الْمُخْبَرِ وَجَمْعِ الْحُرُوفِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ إفَادَةُ الْبِشْرِ وَالْعِلْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِقُدُومِهِ؛ لِأَنَّ بَاءَ الْإِلْصَاقِ تَقْتَضِي الْوُجُودَ، وَهُوَ بِالصِّدْقِ وَيَحْنَثُ بِالْإِيمَاءِ فِي أَعْلَمْتنِي وَبِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ فِي الْكُلِّ قَوْلُهُ:{وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْفَتْحِ وَالنَّهْرِ وَالتِّلَاوَةُ وَبَشَّرُوهُ بِالْوَاوِ.
[شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ]
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ قَرِيبُهُ إلَخْ)
هُوَ الْحُرِّيَّةُ.
وَفِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّرْطِ دُونَ الْجَزَاءِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فَهَذَا وِزَانُ مَسْأَلَتِنَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ تَسَرَّيْت أَمَةً فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ فَتَسَرَّى مَنْ فِي مِلْكِهِ أَوْ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَأَنَّهَا تَطْلُقُ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بِلَا مَانِعٍ قَالَ فِي التَّبْيِينِ لَوْ قَالَ لِأَمَةٍ إنْ تَسَرَّيْت بِك فَعَبْدِي حُرٌّ فَاشْتَرَاهَا فَتَسَرَّى بِهَا عَتَقَ عَبْدُهُ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ، وَلَا يُعْتَقُ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ. اهـ.
فَاحْفَظْ هَذَا فَإِنْ بَعْضَ أَهْلِ الْعَصْرِ قَاسَ مَسْأَلَةَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالتَّسَرِّي عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ يَصِحُّ تَعْلِيقُ طَلَاقِهَا بِأَيِّ شَرْطٍ كَانَ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّسَرِّيَ هُنَا تَفَعُّلٌ مِنْ السَّرِيَّةِ، وَهُوَ اتِّخَاذُهَا وَالسَّرِيَّةُ إنْ كَانَتْ مِنْ السُّرُورِ فَإِنَّهَا تُسَرُّ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَيُسَرُّ هُوَ بِهَا أَوْ مِنْ السَّرْوِ وَالسِّيَادَةِ فَضُمَّ سِينُهَا عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ السِّرِّ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ أَوْ بِمَعْنَى ضِدِّ الْجَهْرِ فَإِنَّهَا قَدْ تَخْفَى عَلَى الزَّوْجَاتِ الْحَرَائِرِ فَضَمُّهَا مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ كَمَا قَالُوا دُهْرِيٌّ بِالضَّمِّ فِي النِّسْبَةِ إلَى الدَّهْرِ، وَفِي النِّسْبَةِ إلَى السَّهْلِ مِنْ الْأَرْضِ سُهْلِيٌّ بِالضَّمِّ وَالْفِعْلُ مِنْهُ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ، وَمَعْنَى التَّسَرِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَنْ يُحْصِنَ أَمَتَهُ وَيُعِدَّهَا لِلْجِمَاعِ أَفْضَى إلَيْهَا بِمَائِهِ أَوْ عَزَلَ عَنْهَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ لَا يَعْزِلَ مَاءَهُ مَعَ ذَلِكَ فَعُرِفَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّحْصِينِ وَالْإِعْدَادِ لَا يَكُونُ تَسَرِّيًا، وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَحَصَّنَهَا وَوَطِئَهَا حَنِثَ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ)(عَتَقَ عَبِيدَهُ الْقِنَّ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَمُدَبَّرُوهُ لَا مُكَاتَبَهُ) لِوُجُودِ الْإِضَافَةِ الْمُطْلَقَةِ فِيمَا عَدَا الْمُكَاتَبَ إذْ الْمِلْكُ ثَابِتٌ فِيهِمْ رَقَبَةً وَيَدًا وَلَا يَدْخُلُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ ثَابِتٍ يَدًا فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ أَكْسَابَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الْمُكَاتَبَةِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَاخْتَلَّتْ الْإِضَافَةُ وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: هَذِهِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ، وَهَذِهِ)(طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ وَخُيِّرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَكَذَا الْعِتْقُ وَالْإِقْرَارُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا، وَهَذَا عَتَقَ الْأَخِيرُ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ لِفُلَانٍ، وَفُلَانٍ لَزِمَهُ خَمْسُمِائَةٍ لِلْأَخِيرِ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ خَمْسَمِائَةٍ لِأَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأَصْلُ هُنَا أَنَّ كَلِمَةَ أَوْ لِإِثْبَاتِ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَقَدْ أَدْخَلَهَا بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ، وَعَطَفَ الثَّالِثَ عَلَى الْوَاقِعِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْحُكْمِ فَيَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْحُكْمِ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ أَنَّ النِّصْفَ لِلْأَوَّلِ وَالنِّصْفَ لِلْأَخِيرَيْنِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْهُمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا يَلِيهِ كَمَا ذَكَرَ لَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ لِلْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا لَهُمَا فَتَنْتَفِي الشَّرِكَةُ إلَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ قَيَّدَ بِكَوْنِ أَوْ دَخَلَتْ فِي الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ دَخَلَتْ فِي النَّفْيِ كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا، وَفُلَانًا فَإِنْ كَلَّمَ الْأَوَّلَ وَحْدَهُ حَنِثَ، وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِ الْأَخِيرَيْنِ حَتَّى يُكَلِّمَهُمَا فَجَعَلَ الثَّالِثَ فِي الْكَلَامِ مَضْمُومًا إلَى الثَّانِي عَلَى التَّعْيِينِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ جُعِلَ مَضْمُومًا إلَى مَنْ وَقَعَ لَهُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ شَيْئَيْنِ تَنَاوَلَتْ أَحَدَهُمَا مُنْكَرًا إلَّا أَنَّ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ الْإِثْبَاتِ فَتَخُصُّ فَتَطْلُقُ إحْدَاهُمَا، وَفِي الْكَلَامِ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ النَّفْيِ فَتَعُمُّ عُمُومَ الْإِفْرَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا فَيَنْضَمُّ الثَّالِثُ إلَى مَا يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أَوْ لِعُمُومِ الْإِفْرَادِ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلَامًا عَلَى حِدَةٍ كَأَنَّ الْأَوَّلَ انْقَطَعَ وَشَرَعَ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي وَالْعَطْفُ فِيهِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّ الِاتِّصَالَ فِيهِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ثَابِتٌ فَيَكُونُ الثَّالِثُ
ــ
[منحة الخالق]
عَزَاهُ فِي النَّهْرِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ إلَى الْفَتْحِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَكَأَنَّهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا غَيْرُ أَنَّهُ زَادَ مِمَّا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَا لَوْ جَعَلَهُ مَهْرًا، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى) الَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ الْمَأْخُوذَةُ مِنْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ قَالُوا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا تَحْرِيفٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ