المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قال لأقضين ديني اليوم فقضاه نبهرجة أو زيوفا أو مستحقة] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌[قال لأقضين ديني اليوم فقضاه نبهرجة أو زيوفا أو مستحقة]

فَقَدْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى حَيَاةٍ يُحْدِثُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَهُوَ مُتَصَوَّرٌ فَيَنْعَقِدُ ثُمَّ يَحْنَثُ لِلْعَجْزِ الْعَادِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى حَيَاةٍ كَانَتْ فِيهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فَيَصِيرُ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ الْعِلْمُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهُوَ عَلَى شِدَّةِ الْقَتْلِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْتُلَ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَضَرَبَهُ بِالسَّوَادِ، وَمَاتَ بِالْكُوفَةِ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْتُلَ فُلَانًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَرَحَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَكَانُ الْمَوْتِ وَزَمَانِهِ لَا زَمَانُ الْجُرْحِ، وَمَكَانِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ وَالْجُرْحُ بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَا قَبْلَ الْيَمِينِ فَلَا حِنْثَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَقْتَضِي شَرْطًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي. اهـ.

قَوْلُهُ (مَا دُونَ الشَّهْرِ قَرِيبٌ، وَهُوَ وَمَا فَوْقَهُ بَعِيدٌ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الشَّهْرِ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ قَرِيبًا وَالشَّهْرُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُعَدُّ بَعِيدًا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ فَإِذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إلَى قَرِيبٍ فَهُوَ مَا دُونَ الشَّهْرِ، وَإِنْ قَالَ إلَى بَعِيدٍ فَهُوَ الشَّهْرُ، وَمَا فَوْقَهُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إلَى قَرِيبٍ أَوْ إلَى بَعِيدٍ، وَلَفْظُ الْعَاجِلِ وَالسَّرِيعِ كَالْقَرِيبِ وَالْآجِلُ كَالْبَعِيدِ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَأَمَّا إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ إلَى قَرِيبٍ، وَإِلَى بَعِيدٍ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَتَّى لَوْ نَوَى سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ فِي الْقَرِيبِ صَحَّتْ، وَكَذَا إلَى آخَرِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعُرْفِ الظَّاهِرِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ قَرِيبًا فَغَابَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا رَفَعَ إلَيْهِ بَرَّ، وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ انْتَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ نَظَرًا لِلْحَالِفِ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مَلِيًّا أَوْ طَوِيلًا إنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى شَهْرٍ وَيَوْمٍ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ حَلَفَ لَا يَحْبِسُ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا، وَلَا نِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ سَاعَةَ حَلَفَ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ طَلَبَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ، وَإِنْ نَوَى الْحَبْسَ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُدَّةِ كَانَ كَمَا نَوَى، وَإِنْ حَاسَبَهُ، وَأَعْطَاهُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ لَهُ لَدَيْهِ، وَأَقَرَّ بِهِ لِذَلِكَ الطَّالِبِ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَقَالَ قَدْ بَقِيَ لِي عِنْدَك كَذَا وَكَذَا مِنْ قَبْلِ كَذَا، وَكَذَا فَتَذَكَّرَ الْمَطْلُوبَ، وَقَدْ كَانَا جَمِيعًا نَسِيَاهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ أَعْطَاهُ سَاعَةَ تَذَكَّرَ.

[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

(قَوْلُهُ: لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً بَرَّ، وَلَوْ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً لَا) أَيْ لَا يَبَرُّ؛ لِأَنَّ الزِّيَافَةَ وَالنَّبَهْرَجَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ، وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا فَيُوجَدُ شَرْطُ الْبِرِّ، وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ، وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ الْبِرُّ الْمُتَحَقِّقُ. وَإِنْ ارْتَفَعَ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْقَبْضِ لِتَضَرُّرِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْجَوْدَةِ وَحْدَهَا، وَلَا اسْتِيفَاءَ الْجِيدِ مَعَ بَقَاءِ الِاسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ فَتَعَيَّنَ النَّقْضُ ضَرُورَةً، وَأَمَّا الرَّصَاصُ وَالسَّتُّوقَةُ فَلَيْسَ هِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَا يَجُوزُ التَّجَوُّزُ بِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالزُّيُوفُ الرَّدِيءُ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالنَّبَهْرَجَةُ أَرْدَأُ مَنْ يَرُدُّهُ النَّجَّارُ أَيْضًا وَالسَّتُّوقَةُ هِيَ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا النُّحَاسُ فَإِنْ غَلَبَتْ الْفِضَّةُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْغَالِبِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي النَّبَهْرَجَةِ أَنَّهُ يَرُدُّهَا مِنْ التُّجَّارِ الْمُسْتَقْضَى مِنْهُمْ وَيَقْبَلُهَا السَّهْلُ مِنْهُمْ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ مِسْكِينٌ مَعْزِيًّا إلَى الرِّسَالَةِ الْيُوسُفِيَّةِ النَّبَهْرَجَةُ إذَا غَلَبَ عَلَيْهَا النُّحَاسُ لَمْ تُؤْخَذْ، وَأَمَّا السَّتُّوقَةُ فَحَرَامٌ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّهَا فُلُوسٌ. اهـ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَيْنَ لَفْظِ الْقَضَاءِ أَوْ الدَّفْعِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَحَقَّةِ فَشَمِلَ مَا إذَا رَدَّ بَدَلَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لَا.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ دَفَعَ إلَى مَوْلَاهُ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ عَتَقَ، وَلَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ بِرَدِّ الْمَوْلَى، وَلَوْ دَفَعَ السَّتُّوقَةَ وَالرَّصَاصَ لَا يَعْتِقُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخَرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ بِمَنْزِلَةِ الْجِيَادِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ أَوَّلُهَا رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا بِالْجِيَادِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 396

وَنَقَدَ الزُّيُوفَ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْجِيَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِمَا اشْتَرَى، وَقَدْ اشْتَرَى بِالْجِيَادِ. وَالثَّانِيَةُ الْكَفِيلُ إذَا كَفَلَ بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الزُّيُوفَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِالْجِيَادِ. وَالثَّالِثَةُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِالْجِيَادِ وَنَقَدَ الْبَائِعُ الزُّيُوفَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْجِيَادُ. وَالرَّابِعَةُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ الْيَوْمَ، وَكَانَ عَلَيْهِ جِيَادٌ فَقَضَاهُ الزُّيُوفَ لَا يَحْنَثُ. وَالْخَامِسَةُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ جِيَادٍ فَقَبَضَ الزُّيُوفَ فَأَنْفَقَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْجِيَادِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا لَوْ قَبَضَ الْجِيَادَ. اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ مَالَك الْيَوْمَ فَأَعْطَاهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ قَالَ إنْ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ لَوْ أَرَادَ لَا يَحْنَثُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبِضَ الْمَغْصُوبَ فَجَاءَ بِهِ الْغَاصِبُ، وَقَالَ سَلَّمْته إلَيْك فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَا أَقْبَلُ لَا يَحْنَثُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ ضَمَانِ الرَّدِّ. اهـ.

وَفِيهَا رَجُلٌ حَلَفَ لَيَجْهَدَنَّ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَبِيعُ مَا كَانَ الْقَاضِي يَبِيعُهُ عَلَيْهِ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي.

قَوْلُهُ (وَالْبَيْعُ بِهِ قَضَاءً لَا الْهِبَةُ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَبَاعَ مَتَاعًا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَقَدْ قَضَاهُ دَيْنَهُ وَبَرَّ، وَلَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ فَلَيْسَ بِقَضَاءٍ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَلَا مُقَاصَّةَ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَعْلُهُ وَالْهِبَةَ إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَاشْتِرَاطُ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا لِيَتَقَرَّرَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْبِرِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا يَرْتَفِعُ الْبِرُّ الْمُحَقَّقُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ وَشَمِلَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَبِيعِ فِيهِ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ قَبْلَهُ فِيهِ لِتَحْصُلَ الْمُقَاصَّةُ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الطَّالِبَ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَقْبِضَنَّ دَيْنِي الْيَوْمَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِلْحَالِفِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَكَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ مِلْكًا فَاسِدًا فَمِلْكُ الْمَدْيُونِ مَا فِي ذِمَّتِهِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعِ إلَى كُلِّ مَوْضِعٍ حَصَلَتْ فِيهِ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا فَلِذَا قَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ الطَّالِبُ أَمَةَ الْمَطْلُوبِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْمَطْلُوبِ دَيْنٌ بِالْجِنَايَةِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لَا يَحْنَثُ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا الْهِبَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَّ غَيْرُ مُمْكِنٍ مَعَ هِبَةِ الدَّيْنِ، وَإِمْكَانُ الْبَرِّ شَرْطُ الْبَقَاءِ كَمَا هُوَ شَرْطُ الِابْتِدَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ أَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا غَدًا فَمَاتَ الْيَوْمَ أَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ نَظَائِرُهَا، وَهُنَا فُرُوعٌ حَسَنَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك حَقِّي ثُمَّ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ عَبْدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ ثُمَّ فَارَقَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله عَلَى قَوْلٍ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ حَانِثًا إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ وَقَبْلَ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَهَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهُ حَانِثًا فِي الْهِبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ حَانِثًا هَاهُنَا، وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بَعْدَمَا قَبَضَ الْغَرِيمُ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ اسْتَحَقَّهُ وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِهَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ مِلْكًا فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهُ الْمَدْيُونُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ وَقَبَضَهُ الْحَالِفُ ثُمَّ فَارَقَهُ حَنِثَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى امْرَأَةٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهَا فَتَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ عَلَى مَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَلَوْ بَاعَ الْمَدْيُونُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ كَانَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ ثُمَّ فَارَقَهُ الطَّالِبُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْأَلْفَ لِلْغَرِيمِ فَقَبِلَهُ أَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ رَجُلًا لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ بِمَالِهِ عَلَى مَدْيُونِهِ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلُهُ: فَدَخَلَ بِهَا) قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ وَقَعَ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْتُ: قَيَّدَ بِهِ لِيَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ بِعُرْضَةِ السُّقُوطِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْتُ: إنَّ الْبِرَّ لَا يَنْتَقِضُ بِانْتِقَاضِ الْمُقَاصَّةِ فِي نِصْفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ فِي انْتِقَاضِ الْمُقَاصَّةِ بِالثَّمَنِ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا سِوَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ فِي جَانِبِ الْبَيْعِ، وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْبَرِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا يَرْتَفِعُ الْبَرُّ الْمُحَقَّقُ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ. اهـ.

فَلْيَكُنْ التَّقْيِيدُ بِالدُّخُولِ فِي جَانِبِ التَّزَوُّجِ اتِّفَاقِيًّا أَيْضًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ التَّزَوُّجِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفُرُوعِ عَقِيبَهُ

ص: 397

أَوْ أَحَالَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ عَلَى رَجُلٍ، وَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ الْأَوَّلَ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْخُذَنَّ مِنْ فُلَانٍ حَقَّهُ أَوْ قَالَ لَيَقْبِضَنَّ فَأَخَذَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَخَذَ وَكِيلُهُ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ.

وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ وَكِيلِ الْمَطْلُوبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ رَجُلٍ كَفَلَ بِالْمَالِ عَنْ الْمَدْيُونِ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ أَوْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ أَحَالَ الْمَدْيُونَ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ رحمه الله وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَأْخُذُ مَالَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ الْيَوْمَ فَقَبَضَهُ مِنْ وَكِيلِ الْمَطْلُوبِ حَنِثَ فَإِنْ قَبَضَهُ مِنْ مُتَطَوِّعٍ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهُ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْقُدُورِيُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ الْمَدْيُونُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ فَأَمَرَهُ غَيْرُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَحَالَهُ فَقَبَضَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ قَضَى عَنْهُ مُتَبَرِّعٌ لَمْ يَبَرَّ، وَفِي الْعُيُونِ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ مَالَهُ عَلَى الْغَرِيمِ فَأَحَالَ الطَّالِبُ رَجُلًا لَيْسَ لَهُ عَلَى الطَّالِبِ شَيْءٌ عَلَى غَرِيمِهِ، وَقَبَضَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ، وَعَلَى هَذَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْبِضَ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ، وَقَدْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ، وَهَذَا الْقَائِلُ قَاسَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا إذَا، وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً أَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يُطَلِّقَ ثُمَّ فَعَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ حَنِثَ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ الْيَوْمَ فَاشْتَرَى الطَّالِبُ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا فِي يَوْمِهِ، وَقَبَضَ الْمَبِيعَ الْيَوْمَ حَنِثَ، وَإِنْ قَبَضَ الْمَبِيعُ غَدًا لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الْيَمِينِ فِي يَوْمِهِ شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ الْيَوْمَ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالِاسْتِهْلَاكِ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَغْصِبَ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَهْلِكَ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ، وَلَمْ يَغْصِبْهُ بِأَنْ أَحْرَقَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الْقَبْضُ فَإِذَا غَصَبَ أَوَّلًا وُجِدَ الْقَبْضُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ فَيَصِيرُ قَابِضًا دَيْنَهُ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ حَقِيقَةً فَلَا يَصِيرُ قَابِضًا دَيْنَهُ كَرَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَدْيُونِ ثَوْبًا وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَحْرَقَهُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَقَالَ إنْ أَخَذْت ثَمَنَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَخَذَ مَكَانَ ذَلِكَ حِنْطَةً، وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ الثَّمَنِ، وَأَخْذُ الْعِوَضِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَخْذِ الْعِوَضِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ،.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَقَعَدَ، وَهُوَ بِحَيْثُ يَرَاهُ وَيَحْفَظُهُ فَهُوَ غَيْرُ مُفَارِقٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ أَوْ أُسْطُوَانَةٌ مِنْ أَسَاطِينِ الْمَسْجِدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَعَدَ أَحَدُهُمَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْبَابُ بَيْنَهُمَا مَفْتُوحٌ بِحَيْثُ يَرَاهُ، وَإِنْ تَوَارَى عَنْهُ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَقَدْ فَارَقَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِفْتَاحُ بِيَدِ الْحَالِفِ بِأَنْ أَدْخَلَهُ بَيْتًا وَغَلَّقَ عَلَيْهِ بَابَهُ، وَقَعَدَ عَلَى الْبَابِ فَهَذَا لَمْ يُفَارِقْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْبُوسُ هُوَ الْحَالِفَ وَالْمُخْلَى عَنْهُ هُوَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ حَنِثَ الْحَالِفُ، وَفِي الْحِيَلِ إذَا نَامَ الطَّالِبُ أَوْ غَفَلَ عَنْ الْمَطْلُوبِ أَوْ شَغَلَهُ إنْسَانٌ بِالْكَلَامِ حَتَّى هَرَبَ الْمَطْلُوبُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَنَعَهُ إنْسَانٌ عَنْ الْمُلَازَمَةِ حَتَّى هَرَبَ الْمَطْلُوبُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ يُعْطِيهَا كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا فَرُبَّمَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ وَرُبَّمَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْعَشَاءِ قَالَ إذَا لَمْ يَخْلُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَنْ دَفْعِ دِرْهَمٍ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَسُئِلَ الْأُوزْجَنْدِيّ عَمَّنْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ أَقْضِ حَقَّك يَوْمَ الْعِيدِ فَكَذَا فَجَاءَ يَوْمُ الْعِيدِ إلَّا أَنَّ قَاضِيَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ لَمْ يَجْعَلْهُ عِيدًا، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ لِدَلِيلٍ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 398

لَاحَ عِنْدَهُ، وَقَاضِيَ بَلْدَةٍ أُخْرَى جَعَلَهُ عِيدًا قَالَ إذَا حَكَمَ قَاضِي بَلْدَةٍ بِكَوْنِهِ عِيدًا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَهْلَ بَلْدَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الْمَطَالِعُ كَمَا فِي الْحُكْمِ بالرمضانية وَسُئِلَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ غَرِيمُهُ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ غَدًا وَيُرِيَهُ وَجْهَهُ فَأَتَاهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَقَدْ غَابَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ. اهـ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْبِضَ كُلَّهُ مُتَفَرِّقًا لَا بِتَفْرِيقٍ ضَرُورِيٍّ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْكُلِّ لَكِنَّهُ بِوَصْفِ التَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مُعَرَّفٍ مُضَافًا إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّفْرِيقِ الضَّرُورِيِّ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِعَمَلِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً عَادَةً فَيَصِيرُ هَذَا الْقَبْضُ مُسْتَثْنًى عَنْهُ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَوْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِالْيَوْمِ بِأَنْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ الْيَوْمَ فَقَبَضَ الْبَعْضَ فِي الْيَوْمِ مُتَفَرِّقًا أَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَخْذُ الْكُلِّ فِي الْيَوْمِ مُتَفَرِّقًا، وَلَمْ يُوجَدْ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الْكُلَّ جُمْلَةً ثُمَّ وُجِدَ بَعْضُهَا سَتُّوقَةٌ فَرَدَّ لَمْ يَحْنَثْ بِالرَّدِّ مَا لَمْ يَسْتَبْدِلْ؛ لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا فَلَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْكُلِّ حَتَّى يَقْبِضَ الْبَدَلَ فَإِذَا قَبَضَهُ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ مُتَفَرِّقًا بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ بَعْضُهَا زُيُوفًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بَرَّ حِينَ وُجِدَ قَبْضُ الْكُلِّ وَبِالرَّدِّ لَمْ يَنْتَقِضْ الْقَبْضُ فِي حَقِّهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ دَيْنَهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا يَقْبِضُ مِنْ دَيْنِهِ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ أَوْ إنْ قَبَضْت مِنْ دَيْنِي دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ أَوْ إنْ أَخَذْت مِنْ دَيْنِي دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ الْبَعْضَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ هُنَا قَبْضُ الْبَعْضِ مِنْ الدَّيْنِ مُتَفَرِّقًا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ قَبْضُ الْكُلِّ بِصِفَةِ التَّفْرِيقِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْحِيَلِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا جُمْلَةً أَوْ إلَّا جَمْعًا ثُمَّ أَرَادَ وَتُطَّلَقَ عَلَى التَّفَارِيقِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ حَقِّهِ دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ كَيْفَ يَشَاءُ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا حَلَفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ دُونَ شَيْءٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى التَّفَارِيقِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ حَقِّهِ يَحْنَثُ لَكِنَّ الْحِيلَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ قَضَاءً عَنْهُ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَطْلُوبِ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ، وَكَانَ لِلطَّالِبِ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ. وَإِذَا حَلَفَ لَا يَتَقَاضَى فُلَانًا فَلَزِمَهُ وَلَمْ يَتَقَاضَهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ.

وَفِيهَا، وَلَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي الْيَوْمِ، وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ فَمَضَى الْيَوْمُ ثُمَّ فَارَقَهُ لَا يَحْنَثُ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً أَوْ غَيْرَ أَوْ سِوَى فَكَذَا لَمْ يَحْنَثْ بِمِلْكِهَا أَوْ بَعْضِهَا) ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ نَفْيُ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَكَانَ شَرْطُ حِنْثِهِ مِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمِائَةِ اسْتِثْنَاؤُهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَغَيْرُ وَسِوَى كَإِلَّا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَدَاةُ الِاسْتِثْنَاءِ. قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ أَوْ بَعْضَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَرَاهِمُ، وَكَانَ لَهُ دَنَانِيرُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ مَالُ الزَّكَاةِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَكُونُ مَالُ الزَّكَاةِ، وَالدَّنَانِيرُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ سَوَائِمَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ نِصَابًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّكَاةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُسَمَّاةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كُنْت أَمْلِكُ إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَشَرَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمُسْتَثْنَى، وَلَوْ مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِينَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِ الزَّكَاةِ حَنِثَ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَهُ عُرُوضٌ وَضِيَاعٌ وَدُورٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَقَالَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسُونَ فَقَالَ إنْ كَانَ لِي عَلَيْهِ إلَّا مِائَةً فَهَذَا لِنَفْيِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكِرِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَى زَيْدًا الْمِائَةَ مَثَلًا فَقَالَ زَيْدٌ لَمْ يُعْطِنِي إلَّا خَمْسِينَ فَقَالَ إنْ كُنْت أَعْطَيْته إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَقَلِّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَبَضْت مَا لِي عَلَى فُلَانٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا وَلَوْ قَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِذِكْرِ الْيَوْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ زَيْدٍ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَحْنَثُ، وَلَوْ قَدِمَ الْيَوْمُ فَقَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي فَمَضَى الْيَوْمُ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْفِرَاقِ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

ص: 399

شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ فَهُوَ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةً يَعْنِي مَا لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَقَبَضَ تِسْعَةً فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ قَبَضَ الدِّرْهَمَ الْبَاقِيَ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِالدِّرْهَمِ الْبَاقِي وَيَضْمَنُ مِثْلَ مَا وَهَبَ وَيَتَصَدَّقُ بِالضَّمَانِ. وَلَوْ قَالَ لَا أَتْرُكُك حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَطَلَبَ إلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ فَقَالَ قَدْ تَرَكْتُك ثُمَّ أَبَى أَنْ يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَوْلِهِ تَرَكْتُك. اهـ.

قَوْلُهُ (لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ مُطْلَقًا فَعَمَّ الِامْتِنَاعُ ضَرُورَةَ عُمُومِ النَّفْيِ. قَيَّدَ بِكَوْنِ الْيَمِينِ مُطْلَقَةً عَنْ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِهِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ قَبْلَ الْفِعْلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ تَرْكَ الْفِعْلِ فِي الْيَوْمِ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ إنْ هَلَكَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْبَرِّ عَدَمُ الْفِعْلِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَدَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ أَفْعَلُ كَذَا أَنَّهَا يَمِينُ النَّفْيِ وَتَكُونُ لَا مُقَدَّرَةً وَلَيْسَتْ لِلْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُ نُونِ التَّوْكِيدِ وَلَامِهِ فِي الْإِثْبَاتِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْحَلُّ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ سَهْوٌ بَلْ تَنْحَلُّ فَإِذَا حَنِثَ بِفِعْلِهِ مَرَّةً لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: لَيَفْعَلَنَّهُ بَرَّ بِمَرَّةٍ) أَيْ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِذَا تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِعْلٌ وَاحِدٌ غَيْرُ عَيْنٍ إذْ الْمَقَامُ مَقَامَ الْإِثْبَاتِ فَيَبَرُّ بِأَيِّ فِعْلٍ فَعَلَهُ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِوُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْهُ وَذَلِكَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِفَوْتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْيَمِينِ مُطْلَقَةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً، وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ يَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْإِمْكَانُ بَاقِيًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَلَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَبْقَ بِأَنْ وَقَعَ الْيَأْسُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِفَوْتِ الْمَحَلِّ لِأَنَّهُ فِي الْمُؤَقَّتَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَإِذَا مَاتَ الْفَاعِلُ أَوْ فَاتَ الْمَحَلُّ اسْتَحَالَ الْبِرُّ فِي آخَرِ الْوَقْتِ فَتَبْطُلُ الْيَمِينُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ وَيَأْتِي فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فِي فَوْتِ الْمَحَلِّ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ حَلَفَ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا دُمْت بِبُخَارَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَخَرَجَ مِنْ بُخَارَى ثُمَّ رَجَعَ فَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى الْيَمِينُ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ النَّبِيذَ مَا دَامَ بِبُخَارَى، وَفَارَقَ بُخَارَى ثُمَّ عَادَ فَشَرِبَ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا عَنَى بِقَوْلِهِ مَا دُمْت بِبُخَارَى أَنْ تَكُونَ بُخَارَى وَطَنًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ كَوْنَهُ بِالْكُوفَةِ غَايَةً لِيَمِينِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْهَا.

قَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَّفَهُ وَالٍ لَيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ دَخَلَ الْبَلْدَةَ تَقَيَّدَ بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ) بَيَانٌ لِكَوْنِ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ تَصِيرُ مُقَيَّدَةً مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقَةٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَقْصُودُ الْمُسْتَحْلِفِ دَفْعَ شَرِّهِ أَوْ شَرِّ غَيْرِهِ بِزَجْرِهِ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ بَعْدَ زَوَالِ سَلْطَنَتِهِ وَالزَّوَالُ بِالْمَوْتِ، وَكَذَا بِالْعَزْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالدَّاعِرُ بِالدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ كُلُّ مُفْسِدٍ وَجَمْعُهُ دُعَّارٌ مِنْ الدَّعْرِ، وَهُوَ الْفَسَادُ، وَمِنْهُ دَعِرَ الْعُودَ يَدْعَرُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي، وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ إذَا فَسَدَ، وَإِذَا تَقَيَّدَتْ بِقِيَامِ وِلَايَتِهِ بَطَلَتْ الْيَمِينُ بِعَزْلِهِ فَلَا تَعُودُ بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي.

وَفِي التَّبْيِينِ: ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ لَوْ عَلِمَ الدَّاعِرُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُسْتَحْلِفُ أَوْ عُزِلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ بَلْ بِالْيَأْسِ عَنْ الْفِعْلِ وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ حَكَمَ بِانْعِقَادِ هَذِهِ لِلْفَوْرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اُنْظُرْ إلَى الْمَقْصُودِ، وَهِيَ الْمُبَادَرَةُ لِزَجْرِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ فَالدَّعَرُ يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ، وَفَوْرُ عِلْمِهِ بِهِ. اهـ.

وَلَيْسَ الْعُمُومُ فِي قَوْلِهِ بِكُلِّ دَاعِرٍ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ كُلُّ دَاعِرٍ يَعْرِفُهُ أَوْ فِي بَلَدِهِ أَوْ دَخَلَ الْبَلَدَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله إلَى مَسَائِلَ مِنْهَا لَوْ حَلَّفَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ أَوْ الْكَفِيلَ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِالْخُرُوجِ حَالَ قِيَامِ الدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَنْعِ، وَوِلَايَةُ الْمَنْعِ حَالٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: أَوْ الْكَفِيلُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْأَمْرِ قُلْتُ: لَكِنَّ عِبَارَةَ الْكَافِي لِلْمُصَنِّفِ أَوْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فَالْكَفِيلُ بِالرَّفْعِ وَبِأَمْرٍ مُنَوَّنٍ بِدُونِ إضَافَةٍ وَالْمَكْفُولُ بِالنَّصْبِ، وَعَلَيْهِ وَالتَّقْيِيدُ لَهُ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَهُ الرُّجُوعُ فَهُوَ كَرَبِّ الدَّيْنِ فَلَوْ حَلَفَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ كَانَ لَهُ فَائِدَةٌ مَا دَامَتْ كَفَالَتُهُ بَاقِيَةً تَأَمَّلْ

ص: 400

قِيَامِهِ. وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْإِذْنِ أَوْ حَلَفَ لَا يُقْبِلُهَا فَخَرَجَتْ بَعْدَمَا أَبَانَهَا أَوْ قَبْلَهَا بَعْدَمَا أَبَانَهَا حَيْثُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ دَلَالَةُ التَّقْيِيدِ فِي حَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِك طَالِقٌ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَقَيَّدُ بِهِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الْإِذْنِ وَالْمَنْعِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ.

وَمِنْهَا لَوْ أَنَّ سُلْطَانًا حَلَّفَ رَجُلًا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِدُونِ إذْنِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَقَيَّدَتْ بِحَالِ قِيَامِ السَّلْطَنَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَّفَهُ وَالٍ لَيُعْلِمَنَّهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ ثُمَّ عُزِلَ مِنْ وَظِيفَتِهِ وَتَوَلَّى وَظِيفَةً أُخْرَى أَعْلَى مِنْهَا كَالدُّوَيْدَارِ إذَا حَلَّفَ حَقِيرًا ثُمَّ صَارَ وَالِيًا، وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بالصوباشاه وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إزَالَةِ الْفَسَادِ أَكْثَرَ مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ (يَبَرُّ بِالْهِبَةِ بِلَا قَبُولٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِذَا حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ فَإِنَّهُ يَبَرُّ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَبِيعَنِّ كَذَا فَبَاعَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي لَا يَبَرُّ، وَكَذَا فِي طَرَفِ النَّفْيِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَيَتِمُّ بِالْمُتَبَرِّعِ، وَلِهَذَا يُقَالُ وَهَبْت وَلَمْ يَقْبَلْ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ السَّمَاحَةِ، وَذَلِكَ يَتِمُّ بِهِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَمُعَاوَضَةٌ فَاقْتَضَى الْفِعْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ اسْمَ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّهْنِ وَالْخُلْعِ بِإِزَاءِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا، وَفِي عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ بِإِزَاءِ الْإِيجَابِ فَقَطْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعَطِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَالْإِقْرَارِ وَالْهَدِيَّةِ، وَقَالَ زُفَرُ هِيَ كَالْبَيْعِ، وَفِي الْبَيْعِ، وَمَا مَعَهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لِلْمَجْمُوعِ فَلِذَا، وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك أَمْسِ هَذَا الثَّوْبَ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ بَلْ قَبِلْت أَوْ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ بَلْ قَبِلْت الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْبَيْعِ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَقْبَلْ رُجُوعٌ عَنْهُ، وَكَذَا عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَأَوْجَبَ فَقَطْ، وَعَلَى الْحِنْثِ لَوْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ الْيَوْمَ فَأَوْجَبَ فِيهِ فَقَطْ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ لَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْقَرْضُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ قَبُولَ الْمُسْتَقْرِضِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ.

وَالْإِبْرَاءُ يُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِاللَّفْظِ دُونَ قَبْضٍ وَالْهِبَةَ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ فِي الْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِمَا كَالْهِبَةِ، وَقِيلَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَلْحَقَ الْإِبْرَاءُ بِالْهِبَةِ لِعَدَمِ الْعِوَضِ وَالْقَرْضِ بِالْبَيْعِ، وَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ أَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ كَالْهِبَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ، وَهَاهُنَا دَقِيقَةٌ، وَهِيَ أَنَّ حَضْرَةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ شَرْطٌ فِي الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ الْحَالِفُ مِنْهُ، وَهُوَ غَائِبٌ لَا يَحْنَثُ اتِّفَاقًا. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ إنْ وَهَبَ لِي فُلَانٌ هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ فُلَانٌ وَهَبْته لَك فَقَالَ الْحَالِفُ قَبِلْت، وَقَبَضْته قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ هِبَةٌ قَبْلَ الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا لَا يَحْنَثُ بِشَمِّ وَرْدٍ وَيَاسَمِينَ) ؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرِقِهِ، وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَقِيلَ اسْمُ مَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا طَابَ رِيحُهُ مِنْ النَّبَاتِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي دِيَارِنَا إهْدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ مُتَعَارَفٌ لِنَوْعٍ وَهُوَ رَيْحَانُ الْحَمَاحِمِ، وَأَمَّا الرَّيْحَانُ التَّرْنَجِيُّ مِنْهُ فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يُلْزِمُونَهُ التَّقْيِيدَ فَيُقَالُ رَيْحَانٌ تَرَنْجِيٌّ وَعِنْدَنَا يُطَلِّقُونَ اسْمَ الرَّيْحَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْحَمَاحِمَ فَلَا يَحْنَثُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَتْنًا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ لَا يُقَالُ إنَّ الْبُطْلَانَ لِتَقْيِيدِهِ بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ لِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَخَرَجَتْ، وَفِيمَا لَوْ قَالَ إنْ قَبَّلْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَبْلَ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ سَكَنْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَخَرَجَ عَلَى الْفَوْرِ وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ سَكَنَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ. اهـ.

فَقَدْ بَطَلَتْ الْيَمِينُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ هُنَا فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ

ص: 401