المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[النفقة والسكنى والكسوة لولده الصغير الفقير] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌[النفقة والسكنى والكسوة لولده الصغير الفقير]

أَحَدِهِمَا فَإِذَا فَاتَ الْعِوَضُ بِمَعْنَى مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْعِوَضُ سَقَطَ فَأَمَّا النَّفَقَةُ فَعِوَضٌ مِنْ وَجْهٍ صِلَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا اُعْتُبِرَ عِوَضًا مَتَى جَاءَ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ وَصِلَةٌ مَتَى جَاءَتْ بِحَقٍّ.

(قَوْلُهُ وَرِدَّتُهَا بَعْدَ الْبَتِّ تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا لَا تَمْكِينُ ابْنِهِ) يَعْنِي لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَلَوْ مَكَّنَتْ ابْنَ زَوْجِهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا تَسْقُطُ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ فِيهِمَا بِالطَّلَاقِ لَا مِنْ جِهَتِهَا بِمَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ وَالْمُمَكِّنَةُ لَا تُحْبَسُ فَلِهَذَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّةَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَوْ لَمْ تُحْبَسْ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمُحِيطِ كَالْمُمَكِّنَةِ، وَالْمُمَكِّنَةُ إذَا لَمْ تَلْزَمْ بَيْتَ الْعِدَّةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا، فَلَيْسَ لِلرِّدَّةِ أَوْ التَّمْكِينِ دَخْلٌ فِي الْإِسْقَاطِ وَعَدَمِهِ، بَلْ إنْ وُجِدَ الِاحْتِبَاسُ فِي بَيْتِ الْعِدَّةِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ حُبِسَتْ الْمُعْتَدَّةُ لِلرِّدَّةِ، ثُمَّ تَابَتْ وَرَجَعَتْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِعَوْدِ الِاحْتِبَاسِ كَالنَّاشِزَةِ إذَا عَادَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْمُبَانَةِ بِالرِّدَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ لَا تَعُودُ نَفَقَتُهَا لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا أَصْلًا بِمَعْصِيَتِهَا وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ، وَلَوْ لَحِقَتْ بِدَارُ الْحَرْبِ، ثُمَّ عَادَتْ وَتَابَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِسُقُوطِ الْعِدَّةِ بِالِالْتِحَاقِ حُكْمًا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ، قُيِّدَ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ رَجْعِيٍّ إذَا طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَقَعْ بِالطَّلَاقِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ بِسَبَبٍ وُجِدَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْصِيَتُهَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْبَائِنَ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بِالثَّلَاثِ وَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالثَّلَاثِ اتِّفَاقِيٌّ، وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ، فَلَيْسَ لَهَا النَّفَقَةُ أَبَدًا إلَّا النَّاشِزَةَ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْأَمَةَ الْمُزَوَّجَةَ إذَا لَمْ يُبَوِّئْهَا الْمَوْلَى بَيْتًا اهـ.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مُبَوَّأَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِنْ أَخْرَجَهَا الْمَوْلَى بَطَلَتْ فَإِنْ أَعَادَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ فَلَوْ بَوَّأَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ بِخِلَافِ الْمُبَانَةِ

[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

(قَوْلُهُ وَلِطِفْلِهِ الْفَقِيرِ) أَيْ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] فَهِيَ عِبَارَةٌ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْمَنْكُوحَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ عَلَى الْأَبِ وَأَنَّ النَّسَبَ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِهِ فَلَا يُقْتَلُ قِصَاصًا بِقَتْلِهِ وَلَا يُحَدُّ بِوَطْءِ جَارِيَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ بِحُرْمَتِهَا وَأَنَّ الْأَبَ يَنْفَرِدُ بِتَحَمُّلِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ وَأَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ غَنِيًّا وَالْأَبُ مُحْتَاجًا لَمْ يُشَارِكْ الْوَلَدَ أَحَدٌ فِي نَفَقَةِ الْوَالِدِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ قَيَّدَ بِالطِّفْلِ وَهُوَ الصَّبِيُّ حِينَ يَسْقُطُ مِنْ الْبَطْنِ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ، وَيُقَالُ جَارِيَةٌ طِفْلٌ وَطِفْلَةٌ، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الطِّفْلَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى؛ وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ إلَّا بِشُرُوطٍ نَذْكُرُهَا وَقَيَّدَ بِالْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْحُرِّيَّةِ لِمَا أَسْلَفْنَاهُ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَمْلُوكَ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ حُرًّا كَانَ الْأَبُ أَوْ عَبْدًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا وَالصَّغِيرُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَالصَّغِيرُ غَنِيَّيْنِ فَإِنَّ الْأَبَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِنْ كَانَ مَالُ الصَّغِيرِ غَائِبًا وَجَبَتْ عَلَى الْأَبِ فَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلَوْ أَنْفَقَ بِلَا أَمْرِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ، وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ لَكِنَّهُ أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ فِي الْحُكْمِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يَحِلُّ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ عَقَارٌ أَوْ أَرْدِيَةٌ أَوْ ثِيَابٌ وَاحْتِيجَ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لِلْأَبِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِالطِّفْلِ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْبَالِغَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَظَرٌ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالطِّفْلِ الْعَاجِزَ عَنْ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدَّ التَّكَسُّبِ وَلَمْ يَبْلُغْ فِي نَفْسِهِ لَا تَجِبُ عَلَى أَبِيهِ، بَلْ يُؤَجَّرُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا هَذَا، وَقَدْ قَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَبْقَى هَذَا الِاسْمُ لِلْوَلَدِ حَتَّى يُمَيِّزَ، ثُمَّ لَا يُقَالُ لَهُ بَعْدُ طِفْلٌ، بَلْ صَبِيٌّ وَخَرُورٌ وَيَافِعٌ وَمُرَاهِقٌ وَبَالِغٌ وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ فِي بِلَادِنَا وَالْمَشْهُورُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَعَلَيْهِ تَحْصُلُ غَايَةُ الْمُنَاسَبَةِ فِي الشَّرْحِ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالطِّفْلِ الْعَاجِزَ عَنْ الْكَسْبِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَالُ الصَّغِيرِ غَائِبًا إلَخْ) أَقُولُ: وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَ أَنَّ لَهُ اسْتِحْقَاقًا فِي غَلَّةِ وَقْفٍ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ الْغَائِبِ أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ أَصْلًا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَتَّى إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَهُ الرُّجُوعُ فَلْيُتَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ عَقَارٌ إلَخْ) أَقُولُ: وَمِثْلُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ الْأُمُّ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أُمَّهُمْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ سِوَى حِصَّةٍ مِنْ دَارٍ يَسْكُنُونَهَا هَلْ تُبَاعُ فِي نَفَقَتِهِمْ أَمْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تُبَاعُ فِي ذَلِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ ثَمَنِهَا وَالسُّكْنَى مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِذَا فَرَغَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا رَمْلِيٌّ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ إلَخْ إذْ كَانَ الصَّغِيرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِسُكْنَى عَقَارِهِ وَلُبْسِ ثِيَابِهِ وَأَرْدِيَتِهِ لَا فَائِدَةَ فِي

ص: 218

أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ فَعِنْدَ الْخَصَّافِ أَنَّ الْأَبَ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ وَيُنْفِقُ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ.

وَقِيلَ نَفَقَتُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَذَا إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ اكْتَسَبَ وَأَنْفَقَ فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْكَسْبِ حُبِسَ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ وَلَا يُحْبَسُ وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ إلَّا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ الْإِنْفَاقِ إتْلَافَ النَّفْسِ، وَإِذَا لَمْ يَفِ كَسْبُهُ بِحَاجَتِهِ أَوْ لَمْ يَكْتَسِبْ لِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ الْقَرِيبُ وَرَجَعَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ غَنِيًّا وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَقِيرًا فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الذَّكَرُ حَدَّ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فَإِذَا كَانَ هَذَا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَاجِرَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُنْثَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا يُدْفَعُ كَسْبُ الِابْنِ إلَى أَمِينٍ كَمَا فِي سَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا وَالصَّغِيرُ غَنِيًّا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، بَلْ نَفَقَةُ أَبِيهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَوْجَبْنَا نَفَقَةَ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَالْبَنِينَ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْأُمَّ إذَا خَاصَمَتْ فِي نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَفْرِضُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةَ الصِّغَارِ الْفُقَرَاءِ وَيَدْفَعُ النَّفَقَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِالْأَوْلَادِ فَإِنْ قَالَ الْأَبُ إنَّهَا لَا تُنْفِقُ وَتُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ وَدَعْوَى الْخِيَانَةِ عَلَى الْأَمِينِ لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ فَإِنْ قَالَ لِلْقَاضِي سَلْ جِيرَانَهَا فَالْقَاضِي يَسْأَلُ جِيرَانَهَا احْتِيَاطًا.

وَإِنَّمَا يَسْأَلُ مَنْ كَانَ يُدَاخِلُهَا فَإِنْ أَخْبَرَ جِيرَانُهَا بِمَا قَالَ الْأَبُ زَجَرَهَا الْقَاضِي وَمَنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُمْ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَذَلِكَ وَظَهَرَ قَدْرُ النَّفَقَةِ فَالْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَهَا إلَى ثِقَةٍ يَدْفَعُهَا إلَيْهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهَا جُمْلَةً وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ غَيْرَهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَإِذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ مُوسِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ مُعْسِرًا جَازَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي طَرِيقِ جَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْعَاقِدُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَبَيْعِهِ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَشِرَائِهِ كَذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْعَاقِدَ الْأَبُ مِنْ جَانِبِ نَفْسِهِ وَالْأُمُّ مِنْ جَانِبِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْبِيَةِ وَالْحَضَانَةِ وَهِيَ لِلْأُمِّ، ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ فَهُوَ عَفْوٌ وَهِيَ مَا تَدْخُلُ تَحْتَ تَقْدِيرِ الْقَدِيرِ وَإِنْ كَانَ لَا تَدْخُلُ طُرِحَتْ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَلَّ بِأَنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ يُزَادُ إلَى مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ

(قَوْلُهُ وَلَا تُجْبَرُ أُمُّهُ لِتُرْضِعَ) ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّفَقَةِ وَهِيَ عَلَى الْأَبِ وَعَسَى لَا تُقَدَّرُ فَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ قَضَاءً وَتُؤْمَرُ بِهِ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا دِيَانَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْأَبُ لَا يَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ لَا يَأْخُذُ ثَدْيَ غَيْرِهَا وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَذَّى بِالدُّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهِ وَنَقَلَ عَدَمَ الْإِجْبَارِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْبَعْضِ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُجْبَرُ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ؛ لِأَنَّ قَصْرَ الرَّضِيعِ الَّذِي لَمْ يَأْنَسْ الطَّعَامَ عَلَى الدُّهْنِ وَالشَّرَابِ سَبَبُ تَمْرِيضِهِ وَمَوْتِهِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ مَالٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ.

فَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ قُدْرَةِ الْأَبِ بِالْمَالِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ

ــ

[منحة الخالق]

بَيْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا يَحْتَاجُ إلَى شِرَاءِ غَيْرِهَا وَانْظُرْ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْبَدَائِعِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلِفَقِيرٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَخَادِمٌ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ هُنَاكَ أَيْضًا يَظْهَرُ لَك الْأَمْرُ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ هَذَا) أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْكَسْبِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ أَيْ الذُّكُورَ فِي عَمَلٍ أَوْ خِدْمَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّمُ الْكَسْبَ إمَّا قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَكِنْ لَا يُحْسِنُ الْعَمَلَ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ اهـ

قَالَ الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ مِنْ الْمَحَارِمِ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَقَدْ انْدَفَعَتْ وَصَارَ غَنِيًّا بِكَسْبِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِهَا عَلَى الْفَقِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَقَدْ أَفْتَيْت فِيهَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الْأُنْثَى ذَلِكَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَوْ اسْتَغْنَتْ بِنَحْوِ خِيَاطَةٍ وَغَزْلٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا نَقُولُ يَجِبُ عَلَى الْأَبِ مَعَ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَكْفِيهَا فَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ كِفَايَتُهَا بِدَفْعِ الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ إذَا بَلَغَ حَدَّ الْكَسْبِ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَجِّرَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إيجَارُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ إلْزَامِهَا بِحِرْفَةٍ تَعْلَمُهَا اهـ

قُلْت وَهُوَ تَفَقُّهٌ حَسَنٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ قَيَّدَ عَدَمَ دَفْعِ الْأُنْثَى بِغَيْرِ الْمَحْرَمِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا لَا يَمْلِكُ الْأَبُ دَفْعَهَا إلَى غَيْرِ الْمَحْرَمِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ اهـ

فَيُفِيدُ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهَا لِلْمَحْرَمِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدْفَعُ لَهَا الْعَمَلَ لِتَعْمَلَ فِي بَيْتِهَا كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا لَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهَا عَلَى غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْمَحْظُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ: تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ عِنْدَ الْكُلِّ)

ص: 219

مَعْزِيًّا إلَى التَّتِمَّةِ عَنْ إجَارَةِ الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِصَبِيٍّ شَهْرًا فَلَمَّا انْقَضَى الشَّهْرُ أَبَتْ أَنْ تُرْضِعَهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا قَالَ أَجْبَرَهَا أَنْ تُرْضِعَ.

(قَوْلُهُ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا) أَيْ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ عِنْدَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ هُنَا وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِإِرَادَةِ الْأُمِّ لِلْحَضَانَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ لَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهَا وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْجَبْرِ، فَلَيْسَ مُعَلَّقًا بِإِرَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الصَّبِيِّ عَلَيْهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَانَ الْوَلَدُ يَسْتَغْنِي عَنْ الظِّئْرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، بَلْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ وَتَعُودَ إلَى مَنْزِلِهَا كَمَا لَهَا أَنْ تَحْمِلَ الصَّبِيَّ إلَى مَنْزِلِهَا أَوْ تَقُولَ أَخْرِجُوهُ فَتُرْضِعُهُ عِنْدَ فِنَاءِ الدَّارِ، ثُمَّ نُدْخِلُ الْوَلَدَ عَلَى الْوَالِدَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الظِّئْرَ تَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ اهـ.

وَفِي الْخِزَانَةِ عَنْ التَّفَارِيقِ لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي يُحْضَنُ فِيهِ الصَّبِيُّ، وَقَالَ آخَرُونَ تَجِبُ إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ لَا أُمَّهُ لَوْ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُ أُمَّهُ لَوْ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ مُعْتَدَّتَهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا دِيَانَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] إلَّا أَنَّهَا عُذِرَتْ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهَا فَإِذَا أَقْدَمَتْ عَلَيْهِ بِالْأَجْرِ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهَا فَكَانَ الْفِعْلُ وَاجِبًا عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ أَطْلَقَ فِي الْمُعْتَدَّةِ فَشَمِلَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ وَهُوَ فِي الرَّجْعِيِّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْبَائِنِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى جَازَ اسْتِئْجَارُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ زَالَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بَاقٍ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ صَرِيحٍ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُ وَجْهِ الْمَنْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَصَحَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْجَوَازَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ الْمُعْتَدَّةَ بِالرَّجْعِيِّ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْجَوَازُ وَقَيَّدَ بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْكُوحَتَهُ لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ بِخِلَافِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ دِيَانَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأَجْرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ فِي مَالِهِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي إجَارَاتِ الْقُدُورِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ وَمَا ذُكِرَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لَا يَجُوزُ تَأْوِيلُهُ إذَا فَرَضَ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى اجْتِمَاعِ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مَعَ نَفَقَةِ النِّكَاحِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ إذَا فَرَضَ لَهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَقُلْنَا إنَّهَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ الرَّمْلِيُّ نَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْخَصَّافِ وَزَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ. اهـ.

قُلْت وَمِثْلُهُ فِي الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: قَالَ أُجْبِرُهَا أَنْ تُرْضِعَ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْوَجِيزِ تُجْبَرُ عَلَى إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ بِالْإِرْضَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخِزَانَةِ عَنْ التَّفَارِيقِ لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ) قَالَ الْغَزِّيِّ، وَأَمَّا لُزُومُ مَسْكَنِ الْحَاضِنَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ لُزُومُ ذَلِكَ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ اهـ

أَقُولُ: وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يَلْزَمُ الْأَبَ بِهِ فَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إلَى الْمَسْكَنِ مُقَرَّرٌ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْجَوَازَ) وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ تَسْتَحِقُّ أَجْرَ الرَّضَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ دَفَعَهُ إلَيْهَا، بَلْ دَفَعَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ إرْضَاعَ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ يُوجَدُ مَنْ يُرْضِعُهُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ بِأَنْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَوَرِثَ مَالًا أَوْ اسْتَفَادَ بِسَبَبٍ آخَرَ يَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْفِطَامِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَالِهِ اهـ

فَلَيْسَ فَرْضُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُتَوَقِّفًا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَبِ مَالٌ وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يُقَالَ تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ لِلِابْنِ مَالٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا تَأْخُذُ شَيْئًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي عَدَمُ الْجَوَازِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْكُوحَتَهُ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ فِيهِ اجْتِمَاعَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَالنَّفَقَةِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ صَلُحَ مَانِعًا لَمَا جَازَ هُنَا فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِاجْتِمَاعِ وَاجِبَيْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْمَنْعِ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ الْوَاجِبَانِ يَجُوزُ فَيَتَعَيَّنُ تَعْلِيلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ الْمُفِيدُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَمَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ

ص: 220

لَا تَأْخُذُ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ الْإِرْضَاعِ لَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ لِاجْتِمَاعِ وَاجِبَيْنِ فِي مَالٍ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ اسْتَأْجَرَ زَوْجَتَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ لِإِرْضَاعِهِ جَازَ وَفِي مَالِهِ لَا يَجُوزُ حَتَّى لَا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ النِّكَاحِ وَالْإِرْضَاعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ أَحَقُّ بَعْدَهَا مَا لَمْ تَطْلُبْ زِيَادَةً) أَيْ الْأُمُّ أَحَقُّ بِإِرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً زَائِدَةً عَلَى أُجْرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلْإِرْضَاعِ، فَحِينَئِذٍ لَا تَكُونُ أَحَقَّ وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ زَالَ بِالْكُلِّيَّةِ وَصَارَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنْ قُلْت إنَّ وُجُوبَ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا هُوَ الْمَانِعُ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، فَلَيْسَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ قُلْت إنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهَا مُقَيَّدٌ بِإِيجَابِ رِزْقِهَا عَلَى الْأَبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] . فَفِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْعِدَّةِ هُوَ قَائِمٌ بِرِزْقِهَا وَفِيمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا يَقُومُ بِشَيْءٍ فَتَقُومُ الْأُجْرَةُ مَقَامَهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ أَحَقَّ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ فَكَانَ نَظَرًا لِلصَّبِيِّ فِي الدَّفْعِ إلَيْهَا وَإِنْ الْتَمَسَتْ زِيَادَةً لَمْ يُجْبَرْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] . أَيْ بِإِلْزَامِهِ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ أَجْرِ الرَّضَاعِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الصُّلْحُ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا جَازَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا لِتُرْضِعَ وَلَدَهَا اسْتِئْجَارٌ لَهَا، وَإِذَا جَازَ الصُّلْحُ فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى عَمَلٍ آخَرَ مِنْ الْأَعْمَالِ عَلَى دَرَاهِمَ وَصَالَحَهَا عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَإِنْ صَالَحَ عَنْهَا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ وَلَيْسَتْ بِنَفَقَةٍ اهـ.

وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ، بَلْ تَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أُجْرَةٌ فَلِذَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ أَيْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ مُتَبَرِّعَةٌ بِالْإِرْضَاعِ فَالْأُمُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأُمَّ أَحَقَّ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالَةِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ بِخِلَافِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْلَى لَكِنْ هِيَ أَوْلَى فِي الْإِرْضَاعِ أَمَّا فِي الْحَضَانَةِ فَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَبَيْنَهُمَا صَبِيٌّ وَلِلصَّبِيِّ عَمَّةٌ أَرَادَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ وَتُمْسِكَهُ مِنْ غَيْرِ أَجْرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمْنَعَ الْأُمَّ عَنْهُ، وَالْأُمُّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأَجْرِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ حَقُّ الْأُمِّ إذَا

ــ

[منحة الخالق]

بُطْلَانُ تَعْلِيلِ الذَّخِيرَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا تَوَهَّمَ مِنْ أَنَّ لَفْظَةَ عَدَمِ فِي كَلَامِ النَّهْرِ لَعَلَّهَا زَائِدَةٌ مِنْ النُّسَّاخِ.

(قَوْلُهُ: قُلْت إنَّ الْوُجُوبَ إلَخْ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِعَدَمِ أَخْذِهِ ثَدْيَ غَيْرِهَا أَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَهِيَ خِلَافُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا أَحَقُّ إلَّا فِي حَالِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَحَقُّ فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا فِي حَالِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ إجْبَارِ الظِّئْرِ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِجْبَارَ بِالْأُجْرَةِ وَقَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ كَانَ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ مُرَادِفٌ وَالْمُرَادُ بِهِ نَفَقَةُ الْمُرْضِعَةِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي تَأْخُذُهَا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ أَيْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ مِنْ وَالِدِ الرَّضِيعِ لِتُنْفِقَهُ عَلَى نَفْسِهَا بِمُقَابَلَةِ الْإِرْضَاعِ هُوَ أُجْرَةٌ لَا نَفَقَةٌ فَإِذَا مَاتَ لَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ، وَلَوْ كَانَ نَفَقَةً لَسَقَطَ كَمَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَدَانَةً بِأَمْرِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ: وَالْمُصَرَّحُ بِهِ بِخِلَافِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ رَضِيَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ أَنْ تُرْضِعَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْأُمُّ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَالْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى. اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَأَمَّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَالْتَمَسَتْ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ، وَقَالَ الْأَبُ أَجِدُ مَنْ تُرْضِعُ مِنْ غَيْرِ أَجْرٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] ؛ وَلِأَنَّ فِي إلْزَامِ الْأَبِ مَا تَلَمَّسَهُ ضَرَرًا بِالْأَبِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] أَيْ لَا يُضَارُّ الْأَبُ بِإِلْزَامِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا تَلْتَمِسُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ كَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ التَّأْوِيلَاتِ، وَلَكِنْ تُوضَعُ عِنْدَ الْأُمِّ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْأُمِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأَجْرِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ) أَرَادَ بِالْأَجْرِ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ سَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُ بِنَفْسِهَا أَوْ أَرْضَعَتْهُ غَيْرُهَا وَأَرَادَ بِالنَّفَقَةِ مَا يَكُونُ بَعْدَ الْفِطَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُطَلَّقَةٍ مَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّ طَلَبَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْأَبِ مِنْ جِهَةِ أُمِّ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا سَبَقَ آنِفًا وَإِنَّمَا قُلْنَا أَرَادَ بِالْأُجْرَةِ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ أُجْرَةٌ عَلَى الْحَضَانَةِ زَائِدَةٌ عَلَى هَذِهِ الْأُجْرَةِ حَتَّى تُطَالِبَهُ الْمَرْأَةُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ بِمَنْزِلَةِ الرَّضَاعِ وَالرَّضَاعُ مِنْ النَّفَقَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَالنَّفَقَةُ

ص: 221

تَحَكَّمَتْ الْأُمُّ فِي أُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْوَالِدَةِ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِ إلَى الْعَمَّةِ اهـ.

وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ فِي أَنَّ الصَّغِيرَ يُدْفَعُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَالْأُمُّ تُرِيدُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَاضِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ يَأْتِي بِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَبَرِّعَةٍ بِالْحَضَانَةِ فَهَلْ يُقَالُ لِلْأُمِّ كَمَا يُقَالُ لَوْ تَبَرَّعَتْ الْعَمَّةُ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الْأُمَّ تَأْخُذُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى بِخِلَافِ الْعَمَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَّةَ لَيْسَتْ قَيْدًا، بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ كَذَلِكَ، بَلْ الْخَالَةُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ غَيْرُ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَهُوَ لِلْمُغَايَرَةِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأُمَّ لِلْإِرْضَاعِ لَا يَكْفِي عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَكْفِيهِ اللَّبَنُ، بَلْ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ خُصُوصًا الْكِسْوَةُ فَيُقَرِّرُ الْقَاضِي لَهُ نَفَقَةً غَيْرَ أُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ وَغَيْرَ أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ فَعَلَى هَذَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ ثَلَاثَةٌ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ أَمَّا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِهَا هُنَا، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ فَصَرَّحَ بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِهَا فِي الْإِجَارَاتِ فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِيهَا وَالطَّعَامُ وَالثِّيَابُ عَلَى الْوَالِدِ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الدُّهْنِ وَالرِّيحَانِ عَلَى الظِّئْرِ فَهُوَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمَّ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا الْإِرْضَاعُ وَإِصْلَاحُ طَعَامِهِ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ وَبَعْدَ الْفِطَامِ يَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ الصَّغِيرِ عَلَى طَاقَةِ الْأَبِ وَيَدْفَعُ إلَى الْأُمِّ حَتَّى تُنْفِقَ عَلَى الْأَوْلَادِ اهـ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ النَّفَقَةُ الْكَامِلَةُ بِخِلَافِهَا فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهَا قَلِيلَةٌ وَفِي الْمُجْتَبَى، وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَمُؤْنَةُ الرَّضَاعِ وَنَفَقَتُهُ بَعْدَ الْفِطَامِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَمُدَّةُ الرَّضَاعِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ أَدْنَى وَهُوَ حَوْلٌ وَنِصْفٌ وَأَوْسَطُ وَهُوَ حَوْلَانِ وَنِصْفٌ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ الْحَوْلَيْنِ لَا يَكُونُ شَطَطًا، وَلَوْ زَادَ لَا يَكُونُ تَعَدِّيًا فَلَوْ اسْتَغْنَى الْوَلَدُ دُونَ الْحَوْلَيْنِ فَفَطَمَتْهُ فِي حَوْلٍ وَنِصْفٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا تَأْثَمُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِحَوْلَيْنِ حَلَّ لَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ بَعْدَهُمَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إلَّا عِنْدَ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ حَتَّى أَنَّ الْمُبَانَةَ تَسْتَحِقُّ إلَى الْحَوْلَيْنِ وَنِصْفٍ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا إلَى حَوْلَيْنِ فَقَطْ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ عَزْمِيٍّ زَادَهْ عَلَى الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ كَمَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِ إلَى الْعَمَّةِ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ لَمْ تُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إلَى الْعَمَّةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهَا تُرْضِعُ عِنْدَ الْأُمِّ فَعُلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ لَا يُنْزَعُ الْوَلَدُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ لِوُجُودِ الْمُتَبَرِّعِ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْأُمِّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ بِكَوْنِ الْأَبِ مُعْسِرًا فَظَاهِرُهُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَعَ يَسَارِهِ فَلْيُحَرِّرْهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُقَالُ إنَّهَا مِثْلُ الْعَمَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ مِنْ كُلٍّ فَتُلْحَقُ بِهَا فَأَجَابَ بِالْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْعَمَّةَ حَاضِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَهَا اسْتِحْقَاقٌ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَمَّةَ أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ فَلَا تُقَاسُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَدْ سُئِلْت عَنْ صَغِيرَةٍ لَهَا أُمٌّ وَبِنْتُ ابْنِ عَمٍّ تَطْلُبُ الْأُمُّ زِيَادَةً عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبِنْتُ ابْنِ الْعَمِّ تُرِيدُ حَضَانَتَهَا مَجَّانًا فَأَجَبْت بِأَنَّهَا تُدْفَعُ إلَى الْأُمِّ لَكِنْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ بِنْتَ ابْنِ الْعَمِّ كَالْأَجْنَبِيَّةِ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا فَلَا يُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهَا عَلَى مَا ظَهَرَ لِهَذَا الشَّارِحِ وَهُوَ تَفَقُّهٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ فِي دَفْعِ الصَّغِيرِ لِلْمُتَبَرِّعَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ ضَرَرًا بِهِ لِقُصُورِ شَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ الضَّرَرُ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَتِهِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ فِي نَحْوِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَإِذَا كَانَ مُوسِرًا لَا يَدْفَعُ إلَيْهَا كَمَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُ أَكْثَرِ الْكُتُبِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُوسِرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَبِهِ تَتَحَرَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَافْهَمْ هَذَا التَّحْرِيرَ وَاغْتَنِمْهُ فَقَدْ قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ، هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَضَانَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، ثُمَّ الْعَمَّاتُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ؛ لِأَنَّهُنَّ غَيْرُ مَحْرَمٍ.

(قَوْلُهُ: فَصَرَّحَ بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ) حَيْثُ قَالَ سُئِلَ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ أُجْرَةً بِسَبَبِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ لَهُ أَمْ لَا أَجَابَ نَعَمْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ، وَكَذَا إنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ الْأَبُ بِهِ. اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِإِعْسَارِ الْأَبِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا لَا يُدْفَعُ إلَى الْعَمَّةِ أَيْ بَلْ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ.

(قَوْلُهُ: وَأَوْسَطَ وَهُوَ حَوْلَانِ وَنِصْفٌ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَفِيهِ سَقْطٌ وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى وَأَوْسَطُ وَهُوَ حَوْلَانِ وَأَقْصَى وَهُوَ حَوْلَانِ وَنِصْفٌ، وَقَدْ وُجِدَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مُصَلَّحًا

ص: 222