المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نفقة الأبوين والأجداد والجدات] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌[نفقة الأبوين والأجداد والجدات]

مُدَّةَ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْأُجْرَةِ حَوْلَانِ عِنْدَ الْكُلِّ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إجْمَاعًا وَتَسْتَحِقُّ فِي الْحَوْلَيْنِ إجْمَاعًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ وُجُوبَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عَقْدِ إجَارَةٍ مَعَ الْأُمِّ، بَلْ تَسْتَحِقُّهُ بِالْإِرْضَاعِ مُطْلَقًا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِفِقْهٍ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمُعْتَدَّةُ أَنَّهَا قَبَضَتْ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَتْ إنَّهَا قَبَضَتْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَنَفَقَةُ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ قَالَتْ ضَاعَتْ النَّفَقَةُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِمْ بِنَفَقَتِهِمْ دُونَ حِصَّتِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ لَوْ فُقَرَاءَ) أَيْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِهَؤُلَاءِ أَمَّا الْأَبَوَانِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] ، أُنْزِلَتْ فِي الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الِابْنَ يَعِيشُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتْرُكُهُمَا يَمُوتَانِ جُوعًا، وَأَمَّا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلِأَنَّهُمَا مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلِهَذَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ؛ وَلِأَنَّهُمْ تَسَبَّبُوا لِإِحْيَائِهِ فَاسْتَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْإِحْيَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَوَيْنِ وَشَرَطَ الْفَقْرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَا مَالٍ فَإِيجَابُ النَّفَقَةِ فِي مَالِهِ أَوْلَى مِنْ إيجَابِهَا فِي مَالِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ حَيْثُ تَجِبُ مَعَ الْغِنَى؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِأَجْلِ الْحَبْسِ الدَّائِمِ كَرِزْقِ الْقَاضِي، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ غِنَى الْأَبِ وَأَنْكَرَ الْأَبُ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا وَأَبَى الِابْنُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَاضٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَبِوُجُودِ قَاضٍ ثَمَّةَ يَأْثَمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وَبِإِعْطَاءِ الِابْنِ مَا لَا يَكْفِيهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ وَبِسَرِقَتِهِ مَا فَوْقَ الْكِفَايَةِ يَأْثَمُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الِابْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْغِنَى مَعَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِهِ لِمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ الْمُعْسِرَيْنِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا إلَّا إذَا كَانَ بِهِمَا زَمَانَةٌ أَوْ بِهِمَا فَقْرٌ فَقَطْ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ مَعَ الِابْنِ وَيَأْكُلَانِ مَعَهُ وَلَا يَفْرِضُ لَهُمَا نَفَقَةً عَلَى حِدَةٍ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ الْفَقِيرِ نَفَقَةُ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ حُكْمًا إذَا كَانَ الْوَالِدُ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلٍ أَوْ كَانَ زَمَنًا وَلِلِابْنِ عِيَالٌ كَانَ عَلَى الِابْنِ أَنْ يَضُمَّ الْأَبَ إلَى عِيَالِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى الْكُلِّ وَالْمُوسِرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ يَمْلِكُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ النُّسْخَةَ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَدَّمَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ فِي هَذِهِ الْقَوْلَةِ حَيْثُ قَالَ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ وَلَيْسَتْ بِنَفَقَةٍ.

[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

(قَوْلُهُ: أَوْ بِهِمَا فَقْرٌ فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ زَمَانَةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَقْدِرَا عَلَى الْعَمَلِ كَمَا يَأْتِي فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْمُعْسِرَيْنِ فَمَا مَعْنَى اسْتِثْنَاءِ مَا إذَا كَانَ بِهِمَا فَقْرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ الْفَقِيرِ نَفَقَةُ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ إلَخْ) يُوَافِقُ هَذَا قَوْلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَى الرَّجُلِ أَيْ الْمُوسِرِ حَيْثُ فَسَّرَهُ بِالْمُوسِرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْفَقِيرِ، وَكَذَا قَالَ فِي مَتْنِ الدُّرَرِ وَعَلَى الْمُوسِرِ يَسَارَ الْفِطْرَةِ لِأُصُولِهِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى وَالنُّقَايَةِ وَالْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا فَكُلُّهُمْ قَيَّدُوا بِالْيَسَارِ وَفِي الِاخْتِيَارِ وَكَافِي الْحَاكِمِ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى فَقِيرٍ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَلِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الِابْنِ الْفَقِيرِ لِأَبِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا وَالْأَبُ فَقِيرًا صَحِيحَ الْبَدَنِ لَمْ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى نَفَقَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَيُشَارِكُ الِابْنَ فِي نَفَقَتِهِ وَالْأُمُّ الْفَقِيرَةُ كَالْأَبِ الزَّمِنِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ إذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ قُلْت لَكِنْ يُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْفَتْحِ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ الْأَبُ وَالِابْنُ كَسُوبًا يَجِبُ أَنْ يَكْتَسِبَ الِابْنُ وَيُنْفِقَ عَلَى الْأَبِ. اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى شَرَطَا فِي الْكِتَابِ لِنَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ كَوْنَ الِابْنِ مُوسِرًا وَيَمْلِكُ نِصَابَ الزَّكَاةِ وَاعْتَبَرَ الْخَصَّافُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْيَسَارَ، ثُمَّ حَكَى فِي مَسْأَلَةِ الْفَتْحِ قَوْلَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَالْمُتُونِ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فَهُوَ رِوَايَةُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهَا مَشَى فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلِابْنِ عِيَالٌ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ لَا يَضُمُّ الْأَبَ إلَى نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكْفِهِمَا كَسْبُهُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَ فِي قُوتِهِ إذَا كَانَ مَا يُصِيبُ الِابْنُ مِنْ ذَلِكَ الْقُوتِ يُقِيمُ بَدَنَهُ وَلَا يَضُرُّهُ إضْرَارًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ضَاعَ الْأَبُ إلَّا أَنَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الِابْنُ وَحْدَهُ فَلَوْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَ فِي كَسْبِهِ وَيَجْعَلَهُ كَأَحَدِ عِيَالِهِ وَلَا يُجْبِرَهُ أَنْ يُعْطِيَ لَهُ شَيْئًا عَلَى حِدَةٍ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَهُ فِي طَعَامِ عِيَالِهِ يَقِلُّ الضَّرَرُ؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْأَرْبَعَةِ إذَا فُرِّقَ عَلَى الْخَمْسَةِ لَا يَتَضَرَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَرَرًا فَاحِشًا أَمَّا إذَا أُدْخِلَ الْوَاحِدُ فِي طَعَامِ الْوَاحِدِ يَتَفَاحَشُ الضَّرَرُ، ثُمَّ قَالَ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ.

(قَوْلُهُ: كَانَ عَلَى الِابْنِ أَنْ يَضُمَّ الْأَبَ إلَى عِيَالِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُطْعِمُهُ مَعَ عِيَالِهِ وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ

ص: 223

مَالًا فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَيَبْلُغُ الْفَاضِلُ مِقْدَارًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ فِي الْفَقِيرِ الْكَسُوبِ أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَوَيْنِ فِي النَّفَقَةِ وَقَيَّدَ بِفَقْرِهِمْ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيرًا وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ فَإِنَّ الِابْنَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا يُجْبَرُ إذَا كَانَ الْأَبُ كَسُوبًا؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْكَسْبِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ، وَإِذَا كَانَ الِابْنُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَسُوبًا يَجِبُ أَنْ يَكْتَسِبَ الِابْنُ وَيُنْفِقَ عَلَى الْأَبِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ مُجَرَّدُ الْفَقْرِ قِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَذَى فِي إيكَالِهِ إلَى الْكَدِّ وَالتَّعَبِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي التَّأْفِيفِ الْمُحَرَّمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ يَعُودُ إلَى الْإِنْسَانِ الْمَفْهُومِ فَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَفِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الْحَقُّ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوِلَادِ وَهُوَ يَشْمَلُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْوِلَادِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عُلِّقَ فِيهِ بِالْإِرْثِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا فَائِقٌ فِي الْغِنَى وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصَابًا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَهِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ اهـ.

وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ فِيهِ اخْتِلَافًا وَعَزَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَى مَبْسُوطِ مُحَمَّدٍ وَنُقِلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا أَمَّا إذَا تَفَاوَتَا فِيهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا يَجِبُ أَنْ يَتَفَاوَتَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ إلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ يَجِبُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى حَتَّى الْخَادِمِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ الْمُوسِرِ نَفَقَةُ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمِ الْأَبِ امْرَأَةً كَانَتْ الْخَادِمُ أَوْ جَارِيَةً إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَفِي نَفَقَاتِ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قُلْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا فَلَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالْأَبِ عِلَّةٌ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدَيْنِ لِلْأَبِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ لِلْأَبِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْآخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ النَّفَقَةِ، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْأَخِ بِحِصَّتِهِ اهـ.

وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إيجَابِ نَفَقَةِ الْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ إذْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَبِنْتِهِ الْمُرَاهِقَةِ إذَا زَوَّجَهَا صَارَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَقَدَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ الِابْنَ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُقْرِضَهَا، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ

ــ

[منحة الخالق]

عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْأُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ابْنِهَا النَّفَقَةَ وَتُنْفِقَ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهِ تُؤْذِيهَا زَوْجَتُهُ وَتَشْتُمُهَا فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ ظَاهِرُهُ لَا لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا أَمَّا الْمُوسِرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَى أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقَّهُمَا فَلَهُمَا قَبْضُهُ مِنْهُ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ مَا يُؤَيِّدُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ عَرْضِ ابْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِفَقْرِهِمْ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِمْ عَاجِزَيْنِ عَنْ الْكَسْبِ. (قَوْلُهُ: قِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) أَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ رَجُلًا صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ إلَّا فِي الْوَلَدِ خَاصَّةً، وَفِي الْجَدِّ أَبِ الْأَبِ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنِّي أُجْبِرُ الْوَلَدَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا اهـ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا جَوَابُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ يُشَيِّدُ قَوْلَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ بِخِلَافِ الْحَلْوَانِيِّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ إلَخْ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ أُمَّ الِابْنِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: الَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ وَأَنَّ الْأَبَ أَوْ الِابْنَ إذَا احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ كَمَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الْمَخْدُومِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ نَفَقَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ امْرَأَةً كَانَتْ الْخَادِمُ أَوْ جَارِيَةً كَمَا قَدَّمَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ هُنَا أَيْضًا إلَخْ) أَقُولُ: قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُفَرَّقُ بِعَجْزِهِ أَنَّ قَوْلَ الذَّخِيرَةِ هُنَا فَرَضَ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ عَنْ شَرْحِ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ، ثُمَّ رَاجَعْت الذَّخِيرَةَ فَرَأَيْته ذَكَرَ تَأْوِيلَ مَا هُنَا، فَقَالَ قَالُوا وَالْمُرَادُ مِنْ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا هُوَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِقْرَاضِ لَا الْفَرْضِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ. اهـ. وَبِهِ انْدَفَعَتْ الْمُخَالَفَةُ

ص: 224

هُنَا أَيْضًا قَالَ فَإِنْ أَبَى الِابْنُ أَنْ يُقْرِضَهَا النَّفَقَةَ فُرِضَ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُدْفَعُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الْمُعْسِرَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمُوَلَّدِينَ إنَّمَا هُوَ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْمِيرَاثُ، قَالُوا وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ نَوْعُ رُجْحَانٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا رُجْحَانٌ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ النَّفَقَةُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ وَلَدٌ وَابْنُ ابْنٍ مُوسِرَيْنِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ.

وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَقْرَبُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ أَوْ ابْنُ بِنْتٍ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ لَا لِوَلَدِ الْبِنْتِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ لَتَرَجَّحَ الْوَلَدُ بِتَأْوِيلِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا عَلَى الْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ فِي هَذِهِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ ابْنٌ نَصْرَانِيٌّ وَأَخٌ مُسْلِمٌ فَالنَّفَقَةُ - عَلَى الِابْنِ وَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَقِيرِ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَدِّ فَشَمِلَ أَبَ الْأَبِ وَأَبَ الْأُمِّ جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، نَقَلَ الِاخْتِلَافَ فِي أَبِ الْأُمِّ وَأَطْلَقَ فِي الْجَدَّةِ فَشَمِلَ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَبُ إذَا أَخَذَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ الْمَفْرُوضَتَيْنِ مُعَجَّلَةً فَضَاعَ ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهُ أُخْرَى فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَا يُفْرَضُ لَهُ أُخْرَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فِيهِمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ فِيهَا فِي أَوَّلِ بَابِ النَّفَقَاتِ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ) أَمَّا الزَّوْجِيَّةُ فَلِمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنُ بِنْتٍ أَوْ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلِابْنِ الثَّانِي وَبِهِ صَرَّحَ، وَقَوْلُهُ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ نَوْعُ رُجْحَانٍ أَيْ كَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ فَهِيَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِرُجْحَانِهِ رَمْلِيٌّ أَيْ لِرُجْحَانِهِ بِكَوْنِهِ هُوَ الْوَارِثُ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْعَ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ الْفُرُوعِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِرْثِ أَصْلًا فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ عَلَى الْفُرُوعِ، قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ إذَا كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ بِنْتٍ مُوسِرَانِ وَأَخٌ مُوسِرٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ فِي بَابِ النَّفَقَةِ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ فِي الْأَوْلَادِ. اهـ.

وَقَالَ بَعْدَهُ أَيْضًا نَفَقَتُهُ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ يَسْتَوِي فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَا عِبْرَةَ لِلْإِرْثِ فِي الْأَوْلَادِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْقُرْبُ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ الْمِيرَاثُ) يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ عَرْضِ ابْنِهِ لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ مُوسِرَانِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا لَهُ أُمٌّ وَأَبَوَانِ فَكَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ، وَكَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي قَرِيبًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، وَكَذَا مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ) يَرِدُ عَلَيْهِ الِابْنُ وَالْبِنْتُ فَإِنَّهُ لَا رُجْحَانَ فِيهِمَا مَعَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ جُزْءًا وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرُّجْحَانَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ يَشْمَلُ الْجُزْئِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْقَرَابَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَكَانَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا تُشْكِلُ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْقُرْبَ وَالْجُزْئِيَّةَ دُونَ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُمْ قَدْ اعْتَبَرُوا فِيهَا الْمِيرَاثَ دُونَ الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ إذْ مُقْتَضَى أَصْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وُجُوبُهَا عَلَى الْأُمِّ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تَعْتَبِرُ الْإِرْثَ كَمَا عَزَاهَا الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ وَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ. اهـ.

لَكِنَّ رِوَايَةَ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ عَلَيْهَا الْمُتُونُ كَالْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْإِشْكَالَاتِ بِتَمَامِهَا وَحَرَّرْت الْمَسْأَلَةَ بِتَحْرِيرٍ لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّيْتُهَا تَحْرِيرَ النُّقُولِ فِي نَفَقَةِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ يَلْزَمُ عَلَى كُلِّ فَقِيهٍ طَلَبُهَا فَإِنَّهَا أَزَاحَتْ اللَّبْسَ وَأَزَالَتْ كُلَّ حَدْسٍ.

(قَوْلُهُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَ لَهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ تَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهَا مَعَ الْبِنْتِ. اهـ.

وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ حَذَفَهُ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الْجَدَّ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ لِاسْتِحْقَاقِهِ النَّفَقَةَ الْفَقْرُ لَا غَيْرُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَجْدَادِ أَيْضًا. اهـ.

ص: 225