المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرخصة في أن يقال للعشاء: العتمة - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ٤

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌كتاب المواقيت

- ‌أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ

- ‌باب تَعْجِيلِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ

- ‌باب تَعْجِيلِ الظُّهْرِ فِي الْبَرْدِ

- ‌الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ

- ‌آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ

- ‌أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ

- ‌تَعْجِيلِ الْعَصْرِ

- ‌باب التَّشْدِيدِ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ

- ‌آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ

- ‌مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ

- ‌أَوَّلِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌تَعْجِيلِ الْمَغْرِبِ

- ‌تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ

- ‌آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ

- ‌كَرَاهِيَةِ النَّوْمِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

- ‌أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ

- ‌تَعْجِيلِ الْعِشَاءِ

- ‌الشَّفَقِ

- ‌مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ

- ‌آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُقَالَ لِلْعِشَاءِ: الْعَتَمَةُ

- ‌الْكَرَاهِيَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌أَوَّلِ وَقْتِ الصُّبْحِ

- ‌التَّغْلِيسِ فِي الْحَضَرِ

- ‌التَّغْلِيسِ فِي السَّفَرِ

- ‌الإِسْفَارِ

- ‌باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ

- ‌آخِرِ وَقْتِ الصُّبْحِ

- ‌مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌هذه رواية أخرى لحديث أبي هريرة

- ‌السَّاعَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا

- ‌النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ

- ‌باب النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

- ‌النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ

- ‌النَّهْي عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ

- ‌الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌الصَّلَاةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ إِلَى أَنْ يُصَلَّى الصُّبْحُ

- ‌إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّاعَاتِ كُلِّهَا بِمَكَّةَ

- ‌الْوَقْتِ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَيَانِ ذَلِكَ

- ‌الْوَقْتِ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ الْمُقِيمُ

- ‌الْوَقْتِ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌الْحَالِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ

- ‌الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ

- ‌الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌كَيْفَ الْجَمْعُ

- ‌فَضْلِ الصَّلَاةِ لِمَوَاقِيتِهَا

- ‌فِيمَنْ نَسِيَ الصَلَاة

- ‌إِعَادَةِ مَن نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ

- ‌كَيْفَ يقْضي الْفَائِتُ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌كتاب الأذان

- ‌بَدْءِ الأَذَانِ

- ‌تَثْنِيَةِ الأَذَانِ

- ‌خَفْضِ الصَّوْتِ فِي التَّرْجِيعِ فِي الأَذَانِ

- ‌كَمِ الأَذَانُ مِنْ كَلِمَةٍ

- ‌كَيْفَ الأَذَانُ

- ‌الأَذَانِ فِي السَّفَرِ

- ‌أَذَانِ الْمُنْفَرِدَيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌اجْتِزَاءِ الْمَرْءِ بِأَذَانِ غَيْرِهِ فِي الْحَضَرِ

- ‌الْمُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ

- ‌هَلْ يُؤَذِّنَانِ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى

- ‌الأَذَانِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ

- ‌وَقْتِ أَذَانِ الصُّبْحِ

- ‌كَيْفَ يَصْنَعُ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ

- ‌رَفْعِ الصَّوْتِ بِالأَذَانِ

- ‌التَّثْوِيبِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ

- ‌آخِرِ الأَذَانِ

- ‌الأَذَانِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَ

- ‌الأَذَانِ لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الأُولَى مِنْهُمَا

- ‌الأَذَانِ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ الأُولَى مِنْهُمَا

- ‌الإِقَامَةِ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌الأَذَانِ لِلْفَائِتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ

- ‌الاِجْتِزَاءِ لِذَلِكَ كُلِّهِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَالإِقَامَةِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا

- ‌الاِكْتِفَاءِ بِالإِقَامَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌الإِقَامَةِ لِمَنْ نَسِيَ رَكْعَةً من الصَلَاةٍ

- ‌أَذَانِ الرَّاعِي

- ‌الأَذَانِ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ

- ‌الإِقَامَةِ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ

- ‌كَيْفَ الإِقَامَةُ

- ‌إِقَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ

- ‌فَضْلِ التَّأْذِينِ

- ‌الاِسْتِهَامِ عَلَى التَّأْذِينِ

- ‌اتِّخَاذِ الْمُؤَذِّنِ الَّذِي لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا

- ‌الْقَوْلِ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ

- ‌ثَوَابِ ذَلِكَ

- ‌الْقَوْلِ مِثْلَ مَا يَتَشَهَّدُ الْمُؤَذِّنُ

- ‌الْقَوْلِ إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ

- ‌الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ

- ‌الصَّلَاةِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ

- ‌التَّشْدِيدِ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الأَذَانِ

- ‌إِيذَانِ الْمُؤَذِّنِينَ الأَئِمَّةَ بِالصَّلَاةِ

- ‌إِقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ عِنْدَ خُرُوجِ الإِمَامِ

الفصل: ‌الرخصة في أن يقال للعشاء: العتمة

‌الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُقَالَ لِلْعِشَاءِ: الْعَتَمَةُ

537 -

أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ح وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمُوا مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".

[رواته: 7]

1 -

عتبة بن عبد الله اليحمدي: تقدم 98.

2 -

الحارث بن مسكين: تقدم 9.

3 -

عبد الرحمن بن القاسم العتقي: تقدم 20.

4 -

الإِمام مالك بن أنس رحمه الله: تقدم 6.

5 -

سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أبو عبد الله المدني، روى عن مولاه وابن المسيب وأبي صالح ذكوان السمان والقعقاع بن حكيم والنعمان بن أبي عياش، وعنه ابنه عبد الملك ويحيى بن سعيد وسهيل بن أبي صالح وهما من أقرانه وابن عجلان وعبيد الله بن عمر والسفيان ومالك وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وعمارة بن غزية وورقاء بن عمر وعبد العزيز بن المختار وعمر بن محمد بن المنكدر وغيرهم. قال أحمد وأبو حاتم: ثقة، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: سهيل بن أبي صالح عن أبيه أحب إليك أو سمي؟ فقال: سمي خير منه. قال البخاري: قال لنا عبد الملك بن شيبة: قتل بقديد سنة ثلاثين ومائة، وقال ابن عيينة: قتلته الحرورية يوم قديد، وقال غيره: سنة 131. قال ابن حجر: وذكره ابن حبان في الثقات وقال: قتلته الحرورية سنة 135، وقال النسائي: ثقة، وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: سمي أثبت عندك أو القعقاع. فقال القعقاع أحب إلي منه. والله أعلم.

ص: 1187

6 -

أبو صالح ذكوان السمان: تقدم 40.

7 -

أبو هريرة رضي الله عنه: تقدم 1.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد ومالك وأبو عوانة.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (لو يعلم الناس ما) أي الذي (في النداء) يعني الأذان، أي: من الأجر، وفي رواية أبي الشيخ:(من الخير) والمعنى واحد، و (الصف) أي الصلاة في الصف الأول، أي الذي يلي الإِمام، وقيل: صف تام مما يلي الإِمام، إن كان الذي يلي الإِمام يتخلله شيء كمنبر أو مقصورة ونحو ذلك. قال ابن عبد البر: المراد به من سبق إلى المسجد ولو لم يصل في الصف الأول. قلت: هذه ينبغي أن تكون علة فضيلة الصف الأول، لأن ملازمته تتطلب المبادرة إلى الخروج للمسجد حتى يتحصل عليه، أما من يأتي متأخرًا ويتخلل الصفوف حتى يصل إليه؛ فلا تحصل له تلك الفضيلة، وفضيلة الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة قد تقدم ذكرها. والإتفاق حاصل على أن من سبق مبكرًا إلى المسجد وجلس فيه ينتظر الصلاة وصلى في غير الصف الأول؛ أفضل ممن جاء متأخرا وتخلل الصفوف حتى وصل إليه، ورواية البخاري. الصف المقدم، وهي ربما أفهمت أن كل صف مقدم خير، ولكن حمل الحديث على ذلك متعذر للتصريح في الروايات الأخر بالصف الأول. أما فضيلة كل صف على ما بعده فقد ورد الحديث الآخر:"خير صفوف الرجال أولها" الحديث، فيحمل ما في البخاري على أن المقدم على كل الصفوف، ولذا ترجم له البخاري بالصف الأول. وقد ذكروا للصف الأول مزايا: منها ما لا يحصل إلا بالسبق كما قدمنا، ومنها ما يحصل بالصلاة فيه ولو متأخرًا، والأكثرون على أن الصلاة فيه أفضل إلا إذا ترتب عليها أذية. لكن هذه الفضيلة المنوّه عنها هنا ينبغي أن تحمل على التقدم إليه في الوقت فذكروا منها: كثرة انتظار الصلاة، ومنها: المبادرة إلى الطاعة والإستعداد لها، والتمكن من حركات الإِمام والتمكن من الإستماع لقراءته، والفتح عليه إن

ص: 1188

احتاج، وكذا القرب منه إن أراد الإستخلاف، والسلامة من كثرة رؤية حركات المصلين، والسلامة من مرور الداخلين، ومن السجود على ذيول المصلين، أو عند أقدامهم، والتبليغ عن الإِمام إن احتاج إلى ذلك، إلى غير ذلك إلا أن الفضل من هذه هو المبادرة، فإناطة الحكم به أولى. وفي الحديث تشويق الناس إلى الطاعة بذكر الفضائل المترتبة عليها. وقوله:(ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا) يفتعلوا، من: استعمال السهام لطلب الحصول على النصيب من الشيء، وكانوا يأخذون السهام فيكتبون أسماءهم عليها إذا اختلفوا في شيء أو أرادوا الحصول على الإستحقاق فيه، ثم يحيلونها في وعاء ونحوه، أو يعطونها لشخص على صورة التعمية، فمن خرج سهمه على شيء كان أحق به. وقوله:(ثم لم يجدوا) من الوجدان الذي هو ضد العدم، أي: لم يجدوا طريقًا للحصول عليهما، والإستثناء مفرغ، والمصدر المنسبك من (أن يستهموا) منصوب على أنه مفعول به لـ (يجدوا)، أي لم يجدوا إلا الإستهام عليه لاستهموا لحرصهم عليه، المقدر: فيما لو علموا ما يترتب عليهما من الخير. وإبهام المفعول في يعلموا وعلموا؛ وهو ما يفيد نوعًا من المبالغة في مقدار ذلك الخير والأجر؛ فكأنه شيء لا يدخل تحت الحصر ولا يعرف له حد. والضمير في (عليه) أي: ما ذكر من الصف والأذان، أو (عليه): على الخير المرتب على كل منهما؛ وقد خصص ابن عبد البر الضمير بالأخير من المذكورين وهو الصف الأول، وردَّ عليه القرطبي بأن ذلك يجعل الأذان لا فائدة في ذكره، وعمدة ابن عبد البر في ذلك أن الأصل عود الضمير إلى أقرب مذكور، ولكن ذلك غير لازم إذا كان السياق يدل على خلافه كما في قوله تعالى:{وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} بعد قوله: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي .. } الآية. ويدل على عوده على الجميع رواية عبد الرزاق عن مالك: لاستهموا عليهما. وقوله: (ولو يعلم الناس ما في التهجير) التهجير: تفعيل من الهاجرة التي هي شدة الحر، فإن الهجير والهجيرة والهجر بالفتح والهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو: من عند زوالها إلى العصر، سمي بذلك لأن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم تهاجروا، وقال النضر: الهاجرة إنما تكون في القيظ وهي قبل الظهر بقليل، أو: هي شدة الحر. قال ذو الرمة غيلان بن عقبة:

ص: 1189

وبيداء مقفار يكاد ارتكاضها

بآل الضحى والهجر بالطرف يمصح

وهجرنا تهجيرًا وأهجرنا وتهجَّرنا: كلها بمعنى: سرنا في الهاجرة، قال الشاعر:

بأطلاح ميس قد أضر بطرقها

تهجر ركب واعتساف خروق

وقال امرؤ القيس:

فدعها وسل الهم عنك بحسرة

ذمول إذا صام النهار وهجرا

وفي لغة أهل الحجاز: التهجير إلى الشيء: التبكير إليه والمبادرة، وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم: المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، فإنه لا يمكن حمله على الخروج في الهاجرة، وأما في الحديث عندنا هذا فإنه يحتمل التبكير إلى الصلوات وهو أعم، ويحتمل أن المراد نفس صلاة الظهر وفعلها في الهاجرة. قال الأزهري: يذهب كثير من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث من الهاجرة: وقت الزوال، قال: وهو غلط، والصواب فيه أبو داود والمصاحف عن النضر بن شميل أنه قال: التهجير إلى الجمعة وغيرها: التبكير والمبادرة. قال الأزهري وهذا صحيح، وهي لغة أهل الحجاز ومن جاورهم. قال لبيد:

راح القطين بهجر بعدما ابتكروا

قال في القاموس: قوله: (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه)، بمعنى: التبكير إلى الصلوات، وهو المضي إليها في أوائل أوقاتها) اهـ. ولجعثنة بن جواس الربعي:

وتصحبي أيانقًا في سفر

يهجرون بهجير الفجر

أي: يبكرون في وقت الفجر. فتحصل من هذا أن التهجير في الحديث يحتمل معنيين: أحدهما: أن التبكير أي المبادرة بالخروج إلى جميع الصلوات في أول وقتها، وتقدم أنها لغة قريش ومن جاورها. والثاني: أن المراد به التفعيل من الهاجرة: وهي شدة الحر، أي الخروج إلى صلاة الظهر، وهي تسمى الهجير كما تقدم لأنها تفعل في وقت الهاجرة، وإليه مال البخاري. ولا يعارض ذلك ما تقدم من الأمر بالإبراد؛ لأنه على سبيل الرخصة والرفق بالناس، وتقدم الخلاف في أيهما أفضل، ولا شك أن المشقة في انتظار

ص: 1190