الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين؛ فهو كذلك على هذا السبيل، وزيادة أن فيه الخير للمسلمين بما يحصل لهم من شفاعته لهم يوم القيامة. وقوله:(حلت له) أي وجبت له واستحقها بوعد من الله بسبب ذلك الفعل، وهذه شفاعة خاصة. والله أعلم.
• الأحكام والفوائد
والحديث يدل على استحباب حكاية الأذان أو وجوبها، على ما تقدم من الخلاف، وهذه الرواية مما يؤيد قول القائلين بالوجوب لصريح الأمر فيها، وتقدم الخلاف فيه. والكلام في الأمر بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة له؛ كالكلام على الحكاية. وفيه: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصيغة تدل على أن هذا ليس خاصًا بهذه الحالة، أعني: قوله صلى الله عليه وسلم: عشرًا. وفيه: حجة لمن قال بجواز فصل الصلاة عليه عن السلام، وليس هناك صريح في وجوب الملازمة. واستدل به بعض العلماء على بطلان قول من قال: إن فضيلة أول الوقت لا تدرك، إلا إذا قارن الدخول في الصلاة أول جزء من دخول الوقت؛ لأن هذا يقتضي الفصل بين الأذان والإقامة، وتقدم أن ظاهره الإطلاق في حكاية جميع ألفاظ الأذان، ولكنه مخصص بالأحاديث الدالة على إبدال الحيعلتين بالحوقلة. وفيه: طلب الدعاء من الفاضل ممن هو دونه في الفضل، ومثله قوله لعمر:"أشركنا في دعائك". وفيه: تواضعه صلى الله عليه وسلم. وفيه: دليل على أفضل الخلق وأكرمهم على الله. وفيه: بيان لكثرة طرق الخير لهذه الأمة وبركة نبيها عليها، وفضل الأذان وحكايته، وتقدم بعض ما يتعلق به في شرح حديث أبي سعيد (670). وفيه: إثبات الشفاعة له صلى الله عليه وسلم، وأن العبد المسلم يستوجبها في الدنيا بعض أعمال الطاعة، وهذا من كرم الله عليهم. ويستحب للمؤذن نفسه أن يقول هذا القول بعد فراغه، بأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل الله له الوسيلة، لعموم قوله: فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي.
الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ
676 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنِ اللَّيْثِ عَنِ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ".
• [رواته: 5]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدم 1.
2 -
الليث بن سعد: تقدم 35.
3 -
الحكيم بن عبد الله -بالتصغير- بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبي المصري، روى عن ابن عمر ونافع بن جبير بن مطعم وعامر بن سعد وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعنه يزيد بن أبي حبيب والليث وعمرو بن الحارث وابن لهيعة وعبيد الله بن المغيرة وحنين بن أبي حكيم المصريون .. قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. توفي بمصر سنة 118.
4 -
عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، روى عن أبيه وعثمان والعباس بن عبد المطلب وأبي أيوب وأسامة بن زيد وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر وعائشة وأم سلمة وجابر بن سلمة وأبان بن عثمان وخباب صاحب المقصورة، وعنه ابنه داود وأبناء إخوته إسماعيل بن محمَّد وأشعث بن إسحاق وبجاد بن موسى وابن أخته سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وابن أخته أيضًا محمَّد بن محمَّد بن الأسود الزهري، وسعيد بن المسيب وهو من أقرانه، والزهري ومجاهد وخلق آخرون. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، توفي سنة 104، وقيل: في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل غير ذلك، وذكره ابن حبان في الثقات، قال العجلي: مدني تابعي ثقة، قال ابن حجر: ذكر البخاري فيمن قال: لا طلاق قبل النكاح؛ عامر بن سعد. قال: لا أدري أراد هذا أو عامر بن سعد البجلي. والله أعلم.
5 -
سعد بن أبي وقاص واسمه مالك بن وهب الزهري: تقدم 121.
• التخريج
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي وابن ماجه والطحاوي في شرح معاني الآثار، وأبو عوانة في مسنده بزيادة: وما تأخر، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وكذا ابن حبان.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد) الظاهر أن المراد: أن يقول ذلك عند كل شهادة في الأذان لا مرة واحدة، وأن يدعو بالدعاء السابق، لكن ظاهر هذه الرواية أنه يقدم قوله: رضيت بالله ربًا؛ على الدعاء المتقدم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولا أرى في ذلك حرجًا، فإن المراد حصول هذه الأذكار عند سماع الأذان، قدم منها ما شاء. وقوله:(غفر له ما تقدم من ذنبه)، وفي رواية عن أبي عوانة في مسنده: وما تأخر.
677 -
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ؛ إِلَّا حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
• [رواته: 5]
1 -
عمرو بن منصور النسائي: تقدم 147.
2 -
علي بن عياش بن مسلم الإلهاني الحمصي: تقدم 185.
3 -
شعيب بن أبي حمزة واسمه دينار الأموي مولاهم: تقدم 51.
4 -
محمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير التيمي: تقدم 138.
5 -
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: تقدم 35.
• التخريج
أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه والطحاوي والبيهقي.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (من قال حين يسمع)(من) شرطية في محل رفع مبتدأ، و (حين) ظرف لقال و (يسمع) جملة فعلية في محل جر بالإضافة، لأن (حين) ظرف زمن لا يضاف إلا إلى جملة، وقد تقدم الكلام على (حين). وقوله:(النداء) يعني
الأذان، وظاهر التعبير أن هذا القول يقارن النداء، وقد تقدم إنما يكون الدعاء بعد النداء أي عند تمامه، وتقدم التعبير بالماضي في الأحاديث السابقة وهو قوله:(إذا سمعتم المؤذن) كما في حديث عبد الله بن عمرو، السابق لهذا الحديث قبله بحديث واحد. وقوله:(اللهم) مقول القول الواقع في سياق الشرط؛ وقوله: اللهم؛ أي: يا الله، ولكنهم يحذفون حرف النداء ويعوضون عنه الميم، كما قال ابن مالك رحمه الله:
والأكثر اللهم بالتعويض
…
وشذ ياللهم في قريض
وقد تقدم ذلك أول الطهارة في الوضوء بالثلج (60). وقوله: (رب هذه الدعوة) منادى أيضًا حذف منه حرف النداء، أي: يا رب هذه الدعوة، والمراد بها الأذان، ووصفها بكونها تامة لأنها اشتملت على توحيد الله، كما قدمنا أول أحاديث الأذان. وقوله:(والصلاة القائمة) والدعوة -بالفتح-: المرة من الدعاء بخير أو بشرّ، ودعوة الحق: شهادة أن لا إله إلا الله والدعوة -بالكسر- في النسب، والفتح فيها لغة تيم الرباب، والدعوة في الطعام بالفتح وحكي فيها الضم. وقوله:(والصلاة) تقدم الكلام على الصلاة، وقوله:(القائمة) أي الباقية التي لا تزول ولا يزول فرضها على الناس، و (آت) بالمد: أعط، والوسيلة تقدم الكلام عليها في الحديث السابق. وقوله:(الفضيلة) زيادة الكمال في الفضل وكثرة الخير ورفعة المقام عند الله، وهي الدرجة الرفيعة في الرواية الأخرى، وقوله:(وابعثه المقام المحمود الذي وعدته) أي في قوله تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} . والمقام المحمود الأكثرون على أنه الشفاعة الكبرى وقيل: أن يعطيه لواء الحمد، وقيل: بأن يجلسه على العرش يوم القيامة. ونصب المقام على تضمين (وابعثه) معنى: أعطه عند البعث، فيكون المفعول الثاني، أو بنزع الخافض. أي إلى المقام المحمود. وجوّز فيه بعضهم الظرفية، واعترض عليه بأنه اسم مكان غير مختص، وهو اعتراض غير مسلَّم.
• الأحكام والفوائد
تقدم أن هذه الأحاديث دلت على فضيلة الأذان وفضيلة حكايته، وتقدم ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بعده وسؤال الوسيلة، وكل هذا يدل على فضل الدعاء