الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتبادر من الأمر بالقيام الوقوف، و (ناد) مجزوم لأنه معطوف على قوله:(قم). ونقل القاضي عياض أن مذهب العلماء كافة أن الأذان قاعدًا لا يجوز، إلا أبا ثور ووافقه أبو الفرج من المالكية، ويأتي في الأحكام.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على وجوب الاهتمام بأمور الدين عامة وأمر الصلاة خاصة، وفيه اجتماع الناس عند الكبار من أهل العلم والفضل عند حصول ما يحتاج إلى النظر فيه، وقد قال تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} الآية. وفيه: استعمال الاستشارة، قال تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} ، وفيه أن المتشاورين يبدي كل منهم رأيه، ولا يلزم الأخذ إلا بما يظهر صوابه، وفيه كراهة الاقتداء بأهل الأديان من غير دين الإِسلام، بل تجب مخالفتهم في عوائدهم وسائر ما يختص بهم، ولهذا لم يرض عمر أن يقتدي بأحد منهم في التاريخ، وقد ابتلي المسلمون في هذه العصور بمحبة عوائدهم وتقليدهم في جميع أفعالهم، وهذا من البلية والمصيبة في الإِسلام. وفيه منقبة لعمر رضي الله عنه. وفي قوله:(قم فناد) ما تقدم من أن بعض العلماء احتج به على أن الأذان يكون في حال القيام دون سائر الأحوال. قال النووي: (ومذهبنا المشهور أنه سنة، فلو أذن قاعدًا من غير عذر صح لكن فاتته الفضيلة. قال: ولم يثبت في اشتراط القيام شيء) اهـ قال العيني: (وفي كتاب أبي الشيخ، مسند لا بأس به عن وائل بن حجر: حق وسنة مسنونة ألا يؤذن إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم) اهـ قال ابن حجر: (المشهور عند الحنفية كلهم أن القيام سنة، وأنه لو أذن قاعدًا صح)، والصواب ما قاله ابن المنذر أنهم اتفقوا على أن القيام سنة، وفيه دليل على مشروعية طلب الأحكام من المعاني المستنبطة دون الاقتصار على الظواهر.
تَثْنِيَةِ الأَذَانِ
624 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ.
• [رواته: 5]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدم 1.
2 -
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: تقدم 48.
3 -
أيوب بن أبي تميمة السختياني: تقدم 48.
4 -
أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي: تقدم 321.
5 -
أنس بن مالك رضي الله عنه: تقدم 60.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي وأبو داود وفيه الإقامة، والطحاوي في شرح معاني الآثار وابن ماجه والدارقطني وابن الجارود وابن حبان في صحيحه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (أمر بلالًا) أي عندما علمه الأذان أو علمه إياه عبد الله بن زيد، فعلّمه كلماته ليؤذن بها، فأمره (أن يشفع) أي بأن يشفع الأذان، أي يجعل كلماته شفعًا بحيث يردد كل كلمة منها فيقولها مرتين. والشفع ضد الوتر، ولذا ترجم البخاري للحديث بقوله:(باب الأذان مثنى مثنى) أي مرتين مرتين، وهو معدول به عن (اثنين) ولفظه غير منون، وهو تفسير لما في هذا الحديث من قوله:(يشفع الأذان)، وهو مخصوص بالإجماع في كلمة التوحيد آخره، فإنها مفردة ويبقى الحكم فيما سواها. وأما تربيع التكبير فهو غير متفق عليه، وعلى ذلك يكون وروده في بعض صيغ الأذان دليلًا على جواز الأمرين. وقوله:(يوتر) أي يجعل ألفاظها وترًا عكس ألفاظ الأذان من غير تثنية، وهو أيضًا مخصوص بالإجماع في غير التكبير في أوله، فإنه يكون اثنين بلا خلاف، إلا عند من يجعله أربعًا كما سيأتي إن شاء الله.
• الأحكام والفوائد
قال العيني: (فيه التصريح بأن الأذان مثنى مثنى والإقامة فرادى، وبه قال الشافعي وأحمد. وحاصل مذهب الشافعي: أن الأذان تسع عشرة كلمة بإثبات الترجيع والإقامة إحدى عشرة، وأسقط مالك تربيع التكبير في أوله وجعله
مثنى، وجعل الإقامة عشرة فزاد كلمة: قد قامت الصلاة. قال الخطابي: والذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإِسلام؛ أن الإقامة فرادى. ومذهب عامة العلماء أن يكون لفظ (قد قامت الصلاة) مكررًا، إلا مالكًا في المشهور عنه أنه لا تكرير فيها) اهـ وقد تقدم أن الاتفاق حاصل على تثنية التكبير أولها وذهب الإِمام أبو حنيفة إلى أن الإقامة شفعًا، متمسكًا ببعض الروايات التي تدل على ذلك، وستأتي إن شاء الله. وقد ذكر ابن العربي أن الأذان وما جرى مجراه من المسائل المعمول بها على الدوام في المدينة كالكيل؛ أن مذهب مالك فيها مقدم لأنه ينزل منزلة المتواتر وغيره، وإن صح فيه الحديث فهو آحاد. هذا حاصل كلامه وهو مما عرف فيه الخلاف، وستأتي الأحاديث بتفصيل كلمات الأذان، وفي رواية البخاري من طريق سماك عن أيوب: ويوتر الإقامة، كما سيأتي مثله في حديث ابن عمر الآتي.
625 -
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، إِلَّا أَنَّكَ تَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.
• [رواته: 6]
1 -
عمرو بن علي الفلاس: تقدم 4.
2 -
يحيى بن سعيد القطان: تقدم 4.
3 -
شعبة بن الحجاج: تقدم 26.
4 -
أبو جعفر محمَّد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى، ويقال: محمَّد بن مسلم بن مهران بن المثنى، ويقال: محمَّد بن مهران، ويقال: محمَّد بن المثنى، ويقال: ابن أبي المثنى، وأبو المثنى كنية جده مسلم، ويقال: كنية مهران، القرشي مولاهم أبو جعفر ويقال: أبو إبراهيم الكوفي، ويقال: البصري، مؤذن مسجد العريان. روى عن جده أبي المثنى مسلم بن مهران وحماد بن أبي سليمان وسلمة بن كهيل وعلي بن بذيمة، وعنه شعبة
وكناه أبا جعفر ولم يسمه، وأبو داود الطيالسي فقال: حدثنا محمَّد بن مسلم بن مهران، وأبو قتيبة فقال: حدثنا محمَّد بن المثنى، ويحيى القطان فقال: محمَّد بن مهران، وموسى بن إسماعيل فقال كما في أول الترجمة، وأبو الوليد الطيالسي فقال: محمَّد بن مسلم بن المثنى. قال الدوري: عن ابن معين: محمَّد بن مسلم بن المثنى ليس به بأس، وروى عنه يحيى القطان ويروي أبو الوليد، ويروي عنه شعبة عن أبيه بن مسلم بن المثنى، وروى إسماعيل بن خالد عن أبي المثنى وهو هذا، وقال الدارقطني. بصري ثقة عن جده ولا بأس بهما، وقال ابن حبان في الثقات: كان يخطئ، وقال ابن عدي: ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ما له يتبين صدقه من كذبه. له عند أبي داود والترمذي حديث ابن عمر في الصلاة قبل العصر، وعند أبي داود والنسائي حديثه في الأذان. قال ابن حجر رحمه الله: قال ابن حبان: هو الذي يروي عنه ابن المبارك عن سلمة بن كهيل، يتصف اسمه فيقول: مسلم بن إبراهيم، وهذه فائدة جليلة، وقال ابن عدي. يكنى أبا المثنى، فلعل مراد أبي داود بالذي يكنى: الجد. والله أعلم. اهـ.
5 -
مسلم بن المثنى ويقال: ابن مهران بن المثنى أبو المثنى الكوفي المؤذن: ويقال: اسمه مهران. روى عن ابن عمر وعنه حفيده أبو جعفر محمَّد بن إبراهيم بن مسلم وإسماعيل بن أبي خالد وحجاج بن أرطاة. قال أبو زرعة: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
6 -
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: تقدم 12.
• التخريج
أخرجه أبو داود وأحمد والدارمي والبيهقي والشافعي والدارقطني وابن خزيمة والحاكم وأبو عوانة والطحاوي في شرح الآثار، وأبو داود الطيالسي وابن حبان في صحيحه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (كان الأذان) أي كان فعل أو صفة الأذان، قوله:(على عهد) أي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثنى مثنى) مفعل من لفظ (اثنين) معدول به عنه، أي:
يقول المؤذن كل لفظ منه مرتين، وقد تقدم ذلك في حديث ابن عمر 623. وقوله:(والاقامة) أي فعلها مرة أي لا تكرر ألفاظها، وقوله:(إلا أنك تقول: قد قامت الصلاة مرتين) مكررة، وهو مذهب الجمهور ماعدا مالكًا. فإنه لا يرى تكرارها كما تقدم. وتقدم باقي ما يتعلق به، وهو حجة للجمهور على أبي حنيفة رحمه الله. قال ابن حجر في شرح حديث أنس الذي قبل هذا الحديث:(وهذا الحديث حجة على من زعم أن الإقامة مثنى مثل الأذان، وأجاب بعض الحنفية بدعوى النسخ، وأن إفراد الإقامة كان أولًا ثم نسخ بحديث أبي محذورة، يعني الذي رواه أصحاب السنن وفيه تثنية الإقامة، وهو متأخر عن حديث أنس فيكون ناسخًا. وعورض بأن في بعض طرق حديث أبي محذورة المحسّنة: التربيع والترجيع، فكان يلزمهم القول به. وقد أنكر أحمد على من ادعى النسخ بحديث أبي محذورة، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع بعد الفتح إلى المدينة وأقر بلالًا على إفراد الإقامة، وعلّمه سعد القرظ فأذن به بعد، كما رواه الدارقطني والحاكم) اهـ. وقد ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح، فإن ربع التكبير في أول الأذان أو ثناه أو رجَّع أو لم يرجِّع، أو ثنى بالإقامة أو أفردها كلها أو إلا: قد قامت الصلاة؛ فالجميع جائز، ذكره ابن عبد البر. ويروى عن ابن خزيمة فيه مذهب شاذ -وقيل إنه لم يقل به أحد- وهو أنه ربّع الأذان ورجّع فيه، وثنّى الإقامة وإلا أفردها، وحديث ابن عمر هذا يدل على استثناء: قد قامت الصلاة، وأنها تثنى في الإقامة: وقال ابن حجر رحمه الله في شرح حديث أنس: (وقد ادعى ابن منده أن قوله: (إلا الإقامة) من قول أيوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم، وأشار إلى أن في رواية سماك بن عطية هذه ادراجًا، وكذا قال أبو محمَّد الأصيلي: قوله: (إلا الإقامة) هو من قول أيوب وليس من الحديث. وفيما قالاه نظر لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن أيوب بسنده، متصلًا بالخبر مفسرًا، ولفظه:"كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة إلا قوله: قد قامت الصلاة". وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج في مسنده، وكذا هو في مصنف عبد الرزاق، وللإسماعيلي من هذا الوجه ويقول: قد قامت الصلاة مرتين. والأصل أن ما كان في الخبر فهو منه حتى