الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة في الهاجرة والخروج إليها أصعب على النفس، والأجر على قدر المشقة. وقوله:(لاستبقوا) أي: لبادروا بالخروج إليه حتى كان كل واحد منهم يحاول أن يسبق غيره إلى شيء يخاف فوته، وليس المراد بذلك المسابقة التي هي الجري على الأقدام، لأنها تنافي السكينة والنهي عنها ثابت في السنة. وقوله:(ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا) أي: لو علم الناس عظم الأجر في شهود صلاة العتمة -وهي العشاء وصلاة الفجر- لأتوهما ولو بالمشقة العظيمة، كالمشي على الأيدي والركب، وهو الحبو. وتقدم بيان فضل الفجر وشهود الملائكة، وفضل واختصاص الأمة بها وبانتظارها.
• الأحكام والفوائد
وفي الحديث دليل على استحباب ترغيب الناس في الطاعة بذكر الثواب عليها، لأن ذلك مما يسهلها على النفوس، وشواهد ذلك كثيرة في القرآن والسنة. وفيه: دليل على فضل الصلاة والمحافظة عليها، وعلى فضيلة الصف الأول وكثرة الجلوس في المساجد لانتظار الصلاة. وفيه: حجة لمن قال: إن تعجيل الظهر أفضل والإبراد رخصة، وقد تقدم ذلك، وفيه دليل على فضل الأذان -وسيأتي في بابه إن شاء الله- وفضل حضور العشاء والصبح خاصة، وتقدم الكلام على ذلك وفيه: تسمية العشاء بالعتمة، فهو يدل على أن النهي عن ذلك محمول: إما على الكراهة، أو الإكثار المؤدي إلى نسيان اسمها الشرعي. وتقدم ذلك في حديث عائشة السابق: أعتم بالعتمة، وهذا هو محل الشاهد هنا من الحديث.
الْكَرَاهِيَةِ فِي ذَلِكَ
538 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ هُوَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عن أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ عَلَى الإِبِلِ وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ".
• [رواته: 6]
1 -
أحمد بن سليمان بن عبد الملك الجزري: تقدم 42.
2 -
أبو داود عمر بن سعيد الحفري: تقدم 520.
3 -
سفيان الثوري لأن الراوي عنه الحفري: تقدم 37.
4 -
عبد الله بن أبي لبيد المدني أبو المغيرة مولى الأخنس بن شريق هو عبد الرحمن بن أبي لبيد، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والمطلب بن عبد الله بن حنطب ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وعبد الله بن سليمان بن يسار، وعنه ابن إسحاق وإبراهيم بن أبي يحيى ومحمد بن عمرو بن علقمة والسفيانان وغيرهم. قال أحمد: مدني قدم الكوفة، ما أعلم بحديثه بأسًا، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق في الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال سفيان: كان من عبّاد أهل المدينة، وقال الدراوردي: كان يرمي بالقدر فلم يصل عليه صفوان بن سليم، وقال ابن عدي: أما في الرواية فلا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان من العبّاد والمنقطعين، وكان يقول بالقدر وكان قليل الحديث، وقال العجلي: ثقة، وقال الساجي: كان صدوقًا غير أنه اتهم بالقدر، وقال العقيلي: يخالف في بعض حديثه، وكان من المجتهدين في العبادة. قال الواقدي: مات في أول خلافة أبي جعفر. والله أعلم.
5 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم 1.
6 -
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: تقدم 12.
• التخريج
أخرجه مسلم وأحمد وابن خزيمة وابن ماجه والشافعي.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (لا يغلبنكم الأعراب)(لا) ناهية، والأعراب: هم سكان البوادي كما تقدم. وقوله: (يعتمون) أي: يؤخرون حلبها ومراحها من مرعاها أحيانًا، وعتم وأعتم: دخل في وقت العتمة، وأصل المادة من التأخير، ومنه: عتم قراه عن ضيفة؛ تأخر واحتبس. قال الشاعر:
فلما رأينا أنه عام القرى
…
بخيل ذكرنا ليلة الهضم كروما
وقال الآخر:
إذا وعدت شرًا أتى قبل وعده
…
وإن وعدت خيرًا أراث وعتما
والعتمة: أول الليل، قيل: بعد مضي الشفق، وقيل: ثلث الليل الأول أو وقت صلاة العشاء، وقيل: ظلمة الليل، وعتمت الإبل تعتم بكسر التاء في محل العين وضمها واعتمت واستعتمت: إذا حُلبت عشاء، والعتمة أيضًا، رجوع الإبل من المرعى بعدما تمسي. والتعبير:(يغلبنكم) يدل على أن المنهي عنه كثرة الإستعمال حتى يغلب كما تقدم، ويُحمل النهي على الكراهة. والله أعلم.
539 -
أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: "لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا إِنَّهَا الْعِشَاءُ".
• [رواته: 6]
1 -
سويد بن نصر المروزي: تقدم 55.
2 -
عبد الله بن المبارك: تقدم 37.
3 -
سفيان بن عيينة: تقدم 1.
4 -
عبد الله بن أبي لبيد: تقدم 538.
5 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم 1.
6 -
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: تقدم 12.
في هذه الرواية صرح بأن سفيان الراوي عن ابن أبي لبيد: ابن عيينة، فيحتمل أن كلًا من السفيانيين رواه عنه، لأن الأول من رواية أبي داود وعمر بن سعد الحفري، والغالب أن روايته عن الثوري، ولذا رجحنا أن الأولى عنه. والله أعلم.