المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، حفظ أولياءه المخلصين من كيد - شعاع من المحراب - جـ ٦

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السادس

- ‌المرأة المسلمة نماذج ووسائل

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الموتة الصغرى

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الجهاد في سبيل الله

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(1) عداوة الشيطان

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(2) عداوة الشيطان

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الفرح المشروع والمذموم

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الإخلاص: معاني وآثار وعلامات ووسائل

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(1) التفاؤل في زمن الشدائد

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(2) التفاؤل في زمن الشدائد

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌هكذا الدنيا ونهاية العام وتذكير بموت العظماء

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الاتباع المحمود والمذموم

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌رجال القرآن

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌بناء العلاقات في الإسلام

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌تربية القادة

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌قصة ذي النون عليه السلام

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌موعظة واستدامة الطاعة

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌وقفات للصائمين والشيشان

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌رعاية المُسنِّ في الإسلام

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌النُّخَب الثقافية

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌فرص استثمارية ودعوية في الإجازة

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌المسارعة للخيرات، واغتنام فرص الطاعات

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الألفية الثالثة وقائع ووقفات

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌السُّنة والبدعة في شعبان

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌نذر الكوارث والمعاصي

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌قضايا المسلمين

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(1) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجوبه وفضله

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آداب وصفات، وفقه الإنكار

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌(3) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائله، شبهات، آثار تركه

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

الفصل: ‌ ‌الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، حفظ أولياءه المخلصين من كيد

‌الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، حفظ أولياءه المخلصين من كيد الشيطان، وجعل سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مؤمنون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلٍّ وسلم عليه وعلى إخوانه وآله وأصحابه.

إخوة الإسلام: وقد ذكر ابنُ القيم رحمه الله أن عداوة الشيطان للإنسان تتمثل في ست مراتب، فتأملها وانظر فيما أنت منها، وجاهد نفسك على الخلاص منها:

(1)

المرتبة الأولى: الكفرُ والشرك، ومعاداةُ الله ورسوله -عياذًا بالله من ذلك - فإذا ظفر الشيطان بذلك من ابن آدم بردَ أنينُه، واستراح من تعبه معه، وذلك أول ما يريد من العبد، فإن ظفر به صيَّره من عسكرِه ونوابه، فصار من دعاته. فإن يئس من ذلك نقله للمرتبة الثانية من الشرِّ وهي:

(2)

البدعة؛ لأنها أحبُّ إليه من الفسوق والعصيان؛ لأن ضررها متعدٍّ في الدين، وهي مخالفة لدعوة الرسل عليهم السلام. فإن كان الشخص ممن يعادي أهل البدع نقله إلى المرتبة الثالثة وهي:

(3)

الكبائر على اختلاف أنواعها، فيحرصُ أن يوقعه فيها، خاصة إذا كان عالمًا متبوعًا، لينفر الناس عنه، فإن عجز عن هذه نقله إلى التي بعدها وهي:

(4)

الصغائر التي إذا اجتمعت ربما أهلكت صاحبها، ولا يزال يسهلها عليه حتى يستهين بها، فيكون صاحب الكبيرة الخائف أحسن حالًا منه. فإن أعجزه العبدُ عن هذه نقله للخامسة وهي:

(5)

إشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب، بل عاقبتها فوتُ الثوابِ

ص: 38

الذي ضاع عليه باشتغاله بها. فإن أعجزه العبدُ عن هذه بأن كان حافظًا لوقته شحيحًا به نقله للتي بعدها وهي:

(6)

إشغاله بالعمل المفضول عن الفاضل ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل، ويفتح له أبواب خير كثيرة، كما ورد أنه يأمرُ بسبعين بابًا من أبواب الخير، إما ليتوصل إلى باب واحدٍ من الشر، أو ليفوت بها خيرًا أعظم من تلك السبعين وأجلَّ وأفضل، وهذه المرتبة لا يتوصلُ إلى معرفتها إلا بنور الله يقذفه في قلب العبد، يكون سببه تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه وأرضاها له، وهذا لا يعرفه إلا من كان من ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونوابه في الأمة وخلافئه في الأرض، والله يمن بفضله على من يشاء من عباده.

اللهم مُنَّ علينا بفضلك ولا تجعل للشيطان علينا سبيلًا (1).

يا أخا الإيمان: وسائِلْ نفسَك مع أيِّ الأصناف أنت في المعترك مع الشيطان، فقد رُوي أن الشيطان تبدَّى ليحيى بن زكريا عليه السلام بهيئة الناصح، فكذبه يحيى، وطلب منه أن يخبره عن بني آدم، فقال: هم عندنا على ثلاثة أصناف:

أما صنفٌ منهم، فهم أشدُّ الأصناف علينا، نُقبل عليه حتى نفتنه ونستمكن منه، ثم يتفرغ للاستغفار والتوبة، فيفسد علينا كلَّ شيء أدركنا منه، ثم نعود فيعود، فلا نحن نيأسُ منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا، فنحن من ذلك في عناء.

وأما الصنف الآخر: فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم، نتلقفهم كيف شئنا، قد كفونا أنفسهم.

(1) بدائع الفوائد: 2/ 260، 262 باختصار.

ص: 39

وأما الصنف الآخر فهم مثلك -يعني يحيى - معصومون لا نقدر منهم على شيء (1).

أيها المسلمون! وللشيطان مداخل ومنافذ على الإنسان، ووسائل للإغراء والإضلال، ولا شك أن القلب أعظمُ مداخله وأوسع منافذه.

يقول ابن القيم في «إغاثة اللهفان» :

ولما علم عدوُّ الله إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه، أجلب عليه بالوساوس، وأقبل بوجوه الشهوات إليه، وزين له من الأحوال والأعمال ما يصدُّه عن الطريق، وأمدَّه من أسباب الغَيِّ بما يقطعه عن أسباب التوفيق، ونصب له من المصائد والحبائل، فإن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق، فلا نجاة من مصايده ومكايده إلا بدوام الاستعانة بالله تعالى، والتعرض لأسباب مرضاته، والتجاء القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته، والتحقق بِذُلِّ العبودية للدخول في ضمان:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (2).

ويصوّر ابن الجوزي رحمه الله في «تلبيس إبليس» أسوار القلب المنيعة، وجنود الشيطان المتسللة من أي ثغرة، والمعركة الدائرة؛ فيقول:

واعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سورٌ، وللسور أبواب وفيه ثُلَمٌ -أي نوافذ - وساكنهُ العقل، والملائكة تتردد إلى ذلك الحصن، وعلى جانبه رُبضٌ فيه الهوى، والشيطان يختلف إلى ذلك الربض من غير مانع، والحربُ قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض، والشياطين لا تزالُ تدور حول الحصن تطلبُ غفلة الحارس والعبور من بعض الثلم، فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن

(1) وقاية الإنسان من الجن والشيطان، وحيد بالي ص 125.

(2)

سورة الإسراء: الآية 65، «إغاثة اللهفان» 1/ 6.

ص: 40

الذي قد وُكِّل بحفظه، وجميع الثُلَمِ، وأن لا يفتر عن الحراسة لحظةً، فإن العدو ما يفتر

إلى أن يقول: وللعدو حملاتٌ؛ فتارة يحمل فيدخل الحصن فيكرُّ عليه الحارس فيخرج، وربما دخل فعاث وأفسد، وربما أقام لغفلة الحارس، وربما جرح الحارس لغفلته وأسر واستخدم ..

ثم يختم حديثه ببيان أسباب تمكُّنه من الإنسان، ودخوله القلب ويقول: وأقوى القيد الذي يوثق به الأسرى: الجهل، وأوسطه في القوة: الهوى، وأضعفه: الغفلة، وما دام درعُ الإيمان على المؤمن فإنَّ نبل العدوّ لا يقع في مقتل .. (1)

إخوة الإيمان: ويبقى حديثٌ عن وسائل الشيطان للإغراء والإغواء، وطرائق الوقاية وسبل التحصين أرجئ الحديث عنها لخطبةٍ لاحقةٍ بإذن الله تعالى، اللهم اعصمنا من كيد الشيطان .. اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين، ونعوذ بك ربَّنا أن يحضرونا.

(1)«تلبيس إبليس» ص 38، «وقاية الإنسان»:169.

ص: 41