الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين خلق فسوى وقدَّر فهدى، وإليه المنُتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدهُ ورسوله، ترك الأمة على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
إخوة الإسلام ولا غرابة أن يوجِّه الإسلامُ عنايته بالمرأة تكريمًا وتحذيرًا، فهنَّ شقائقُ الرجال، وهي - كما يقال - نصفُ المجتمع، وإذا قامت بدورها المطلوب في الرعاية، فهي تتشكل مع المجتمع كلِّه، وربما بالغ بعضُهم فقال: إذا وجهت رجلًا فإنما توجه فردًا، وإذا وجهت امرأةً فإنما توجه أسرة.
وبكلّ حال، فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تكون في مهبِّ الرياح ..
يأخذ بناصيتها كلُّ ناعق وناعقة، بل عليها أن تستشعر العزة بإيمانها، وأن تعضَّ بالنواجذِ على إسلامها وقيَمِها، وينبغي ألا تُنيب الخيِّرين في الدفاع عن أصالتها وإبطالِ كيدِ الكائدين لها، وفضح المحاولاتِ العابثة لطمس هويتها، وجعلها رقمًا هامشيًا، تابعًا للمرأة الغربية في مسيرتها! حتى ولو كانت النهاية جُحرَ الضبِّ الخَرِبِ، ولا ينبغي لها كذلك أن تتيح الفرصة للأشرار للتقوّل عليها.
أيتها المرأة المسلمةُ! وهناك وسائل كثيرة لإسهام المرأة في الدعوة والإصلاح، وأعرض نماذج للتذكير لا الحصر، منها: أن تتواصل المرأةُ المسلمةُ مع القضايا المحيطة بها، من خلال القراءة النافعة، والوعي بالواقع، وبالطرق المشروعة. وثمةَ مجلَاّتٌ إسلامية نافعة، ومطويات مفيدة، وأشرطةٌ حافلة بالمفيد. وهذه وتلك لا ينبغي الزهدُ فيها، بل المشاركةُ فيها قراءةً وكتابةً ودعمًا وتشجيعًا. وفي
محيط البيت تُسألُ المرأةُ عن المساهمة الإيجابية في البرامج المفيدة للأسرة، ولا مجال للسلبية، أو الشعور بالنقص، أو التواضع المرفوض، بل ويسأل الوليُّ: ماذا أعدَّ في بيتهِ من برامج؟
وأوسع من ذلك محيطُ الأسرة الأكبر غير اللقاءات العائلية ومناسبات الأعياد والأفراح .. فأين أثرُ المرأةِ المسلمةِ في هذه اللقاءات، والكلمةُ الطيبة صدقة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«بلِّغوا عنِّي ولو آيةً» .
وأضعفُ الإيمان أن تكون المرأة في ذاتها قدوةً حسنة لبناتِ جنسها؛ في هيئتها، ولباسها، وعلوِّ همِّتها، لا أن تكون سوقًا حُرةً يُروج فيها ما يُصدر من البيئات الموبوءة، وتتلقف كلَّ جديد مطروح ولو كان فيه حتفُها.
أيتها النساءُ، أيُّها الأولياء: وفي الحديث عن وسائل الإصلاح تُسأل الطالبةُ - ما دون الجامعة - ما أثرها في نشر الخير في مدرستها، والأمرُ أهم بالنسبة لطالبات الجامعة، وربما ظنت بعضُ الخيرِّات منهن أن دورهن ينتهي عند حدِّ الالتفاف مع مثيلاتهن، وقضاء الوقت في النقد دون تقديم الحلول، وربما صَعُبَ على بعضهن الخلطةُ مع غيرهن، وأنَّى لهؤلاء أن يساهمن في تقويم ما انحرف من سلوك أو تلوث من فكر؟ !
والمؤمن يألف ويؤلف، ويؤثر وينفع.
وتسأل المعلمةُ والمسؤولة عن دورها في تربية الطالبات وتوجههن للخير، ومعالجة ما ترى من سلوكيات شاذة بالأسلوب الأمثل والطريقة التربوية البناءة.
أيتها المرأة الموهوبةُ في الكتابة! أين أنتِ من جهاد الكلمة عبر قنواتِ التأثيرِ واسعة الانتشار؟ !
أيتها المرأة القادرةُ على التأليف! أنتِ أقدرُ الناسِ على الكتابة في قضايا المراة وفق رؤية أصيلة، تعتمد على البرهان وتختار العبارة المناسبة، وتتحرَّى الأسلوبَ الأمثل في التأثير.
معشر النساءِ: أين أنتنَّ من حِلَق تحفيظ القرآن النسائية تعلمًا أو تعليمًا، ومن الدورات النسائية الصيفية مشاركةً وتوجيهًا، ورصد الظواهر النسائية السلبية وعلاجها كتابةً أو محاضرة ونحوها؟
أيتها الشقائق! وفي سبيل الحماية من الأخطار لا بد من شعور المرأة المسلمة أنها مستهدفةً من قبل الأعداء بالإفساد، فذلك يدعوها للاحتراز والاحتياط وعدم الانخداع.
ولا يكفي أن ينتهي دورُها عند حدود ردِّ الهجمات الغازية، بل لا بد لها - مع ذلك - من تقديم البرامج المفيدة وطرح المفاهيم الإسلامية بكل عزةٍ وافتخار.
أيتها المرأة المسلمة! وفي سبيل المقارنة بين ما يُريده لك دعاة الإسلام وما يريده لك أدعياء التحرر .. اقرئي التاريخ بعناية، وتأمّلي نتائج الدعوتين والفرق بين المنهجين، والفصل في قوله تعالى:{قُل لَاّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} (1). وفي قوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} (2).
أيتها المرأة المسلمة! لا مجال للكسل والتواني، ولا يسوغ لك التفرج في وقت تتصارع فيه الأفكار، ويجلب عليك الأعداءُ بخيلهم ورجلهم.
(1) سورة المائدة: الآية 100.
(2)
سورة الرعد: الآية 17.
فكري واعملي
…
واجتهدي توفقي
…
ولا تحقري من المعروف شيئًا، ولا يخيفنك الذين لا يوقنون، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وكيد الشيطان ضعيف، ولا يحيق المكرُ السيئُ إلا بأهله.