الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى مُحَارِبٍ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ تُزَكَّى الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ زُكِّيَتْ أَدَّبَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ قُتِلَ بِهِ (لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ) سَيَأْتِي هَذَا أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ ". وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا فَيُقَادُ بِهِ، وَلَا كَمَنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا فَيَغْرَمُ دِيَةَ نَصْرَانِيٍّ. وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
[مِنْ مُوجِبَات الْقِصَاص الْقَتِيل]
(بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ) ابْنُ شَاسٍ: الرُّكْنُ الثَّانِي يَعْنِي مِنْ مُوجِبَاتِ الْقِصَاصِ الْقَتِيلُ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومَ الدَّمِ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَانٍ. ابْنُ شَاسٍ: وَالْحَرْبِيُّ مَهْدُورٌ دَمُهُ وَكَذَلِكَ لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ قَتَلَ زِنْدِيقًا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ قَطَعَ سَارِقًا قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، لِأَنَّ هَذِهِ حُدُودٌ لَا بُدَّ أَنْ تُقَامَ وَلَا تَخْيِيرَ فِيهَا وَلَا عَفْوَ (كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ) ابْنُ الْحَاجِبِ: أَمَّا مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَمَعْصُومٌ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ عَمْدًا فَدَمُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ أَرْضَوْهُمْ أَوْلِيَاءُ الثَّانِي فَدَمُهُ لَهُمْ.
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَعَدَا عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ عَمْدًا فَدَمُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ. وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الثَّانِي أَرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ وَشَأْنُكُمْ بِقَاتِلِ وَلِيِّكُمْ فِي الْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ، فَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ فَلِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ قَتْلُهُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَهُمْ إنْ لَمْ يَرْضَوْا بِمَا بَذَلُوا لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ.
قَالَ: وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ خَطَأً فَدِيَتُهَا لِلْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ
كَانَ عَمْدًا فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ. (وَأُدِّبَ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ أُدِّبَ. اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ " لِلتَّلَفِ " وَانْظُرْ أَيْضًا مَنْ وَجَبَ لَهُ دَمٌ قِبَلَ رَجُلٍ فَاقْتَصَّ لِنَفْسِهِ وَقَتَلَهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ أَيْضًا يُؤَدَّبُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْأَئِمَّةِ (كَمُرْتَدٍّ) سَحْنُونَ: لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِ الْمُرْتَدِّ.
(وَزَانٍ أُحْصِنَ وَيَدِ سَارِقٍ) تَقَدَّمَ النَّصُّ بِهَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ " كَالْقَاتِلِ ". (فَالْقَوَدُ) هَذَا
جَوَابُ إنْ أَتْلَفَ (عَيْنًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي قَاتِلِ الْعَمْدِ يَطْلُبُ مِنْهُ الْأَوْلِيَاءُ فَيَأْبَى الدِّيَةَ إلَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ: فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْقَتْلُ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ فَنَصِيبُ مَنْ لَمْ يَعْفُ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذْ لَا سَبِيلَ لِتَبْعِيضِ الدَّمِ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْعَمْدِ إنْ طَلَبَ الْمَجْرُوحُ الدِّيَةَ فَلَيْسَ
لَهُ إلَّا الْقِصَاصُ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونَ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَلَا جُعْلَ لَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لِلْأَوْلِيَاءِ قَتْلُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: مَا ذَكَرَهُ عَنْ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَا لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ طَلَبَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ عَلَى إنْ عَفَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَقِيلَ إنَّمَا يَغْرَمُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
وَفِي
النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ.
(وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُظْهِرَ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ عَفَوْت عَنْ عَبْدٍ قَتَلَ وَلِيَّك الْحُرَّ عَمْدًا وَلَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا، فَكَمَا لَوْ عَفَوْت عَنْ الْحُرِّ وَلَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا ثُمَّ تَطْلُبْ الدِّيَةَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّك أَرَدْته فَتَحْلِفُ مَا عَفَوْت إلَّا لَأَخَذِهَا ثُمَّ ذَلِكَ لَك، وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ.
(وَبَقِيَ عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ عَفَا وَلِيُّ الْقَتْلِ الْحُرِّ عَلَى إلْزَامِ الْقَاتِلِ دِيَتَهُ لَمْ تَلْزَمْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ كُرِهَ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ (كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَا الْعَبْدُ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ (وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمِ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " قَبْلَ هَذَا كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ "(أَوْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ فَدِيَةُ خَطَأٍ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي فَلَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ " وَأُدِّبَ ".
(وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فَلَهُ الْقَوَدُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ أَوْ الْقَتْلُ، وَلَا سُلْطَانَ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ، فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْقَاطِعُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ كَانَ سَلَّمَهُ لَهُ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَحُبِسَ لِلْقَتْلِ أَوْ حُكِمَ بِقَتْلِهِ فَيُسَلَّمُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْعَقْلُ وَالْعَفْوُ فِي الْعَدَمِ لَا شَيْءَ لِوُلَاةِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ، إنَّمَا لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ نَفْسَهُ، وَمَنْ قَتَلَ وَلِيَّك عَمْدًا فَقَطَعْت يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْك، وَلَوْ قَطَعْتهَا خَطَأَ حَمَلْت ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِك وَيُسْتَفَادُ لَهُ مَا لَمْ يُقَدْ مِنْهُ وَتُحَمَّلُ عَاقِلَتُهُ مَا أَصَابَ مِنْ الْخَطَأِ.
(وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى) ابْنُ عَرَفَةَ: مَحْضُ الْعَمْدِ يُوجِبُ مِلْكَ الْقَوَدِ لِمُكَافِئِهِ أَوْ رَاجِحٌ عَلَيْهِ (كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) اُنْظُرْ النَّصَّ قَبْلَ
قَوْلِهِ " أَوْ أَسْلَمَ ".
(وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤْمِنٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: ذُو الْكُفْرِ سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ الْمَجُوسِيُّ كَالْكِتَابِيِّ فِيهِ (كَذَوِي الرِّقِّ) اُنْظُرْ النَّصَّ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ ".
(وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدَّيْهِمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: لَغْوٌ فَضِيلَةُ الذُّكُورِيَّةِ وَالْعَدَالَةِ وَالشَّرَفِ وَسَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ وَصِحَّةِ الْجِسْمِ لِحَدِيثِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وَفِي دِيَاتِهَا إنْ قَتَلَ الصَّحِيحُ سَقِيمًا أَوْ أَجْذَمَ أَوْ أَبْرَصَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَمْدًا
قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى قَتْلِ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيَّةٍ عَمْدًا قُتِلُوا بِذَلِكَ.
(وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ حُرًّا عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ)
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ، وَكَذَا يُخَيَّرُ فِي فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ فِي قَتْلِهِ خَطَأً، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ حُرًّا فَأَتَى وُلَاتُهُ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلَهُمْ قَتْلُ الْعَبْدِ إنْ شَاءُوا، أَوْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَسْتَحْيُوهُ إذْ لَا يُسْتَحَقُّ دَمُ حُرٍّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفِ خَمْسِينَ يَمِينًا.
(إنْ قَصَدَ ضَرْبًا وَإِنْ بِقَضِيبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ رَجُلٍ بِلَطْمَةٍ أَوْ وَكْزَةٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ أَوْ قَضِيبٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي كُلِّهِ الْقَوَدُ إنْ مَاتَ بِذَلِكَ.
الْمُتَيْطِيُّ: الْقَتْلُ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَعْمِدَ لِلضَّرْبِ وَلَا لِلْقَتْلِ مِثْلَ أَنْ يَرْمِيَ شَيْئًا فَيُصِيبُ بِهِ إنْسَانًا فَيَقْتُلَهُ، أَوْ يَقْتُلَ الْمُسْلِمَ فِي حَرْبِ الْعَدُوِّ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَافِرٌ، فَهَذَا قَتْلُ خَطَأٍ بِإِجْمَاعٍ لَا
يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَعْمِدَ لِلضَّرْبِ وَلَا يَعْمِدَ لِلْقَتْلِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَدَبُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الثَّائِرَةِ وَالْغَضَبِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَثَالِثُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَدَبُ كَالْمُؤَدِّبِ وَالصَّانِعِ فَهُوَ يَجْرِي عِنْدِي عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّائِرَةِ وَالْغَضَبِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَعْمِدَ لِلْقَتْلِ. اُنْظُرْهُ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ لَطْمَةٍ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ (كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ وَمُثَقَّلٍ) التَّلْقِينُ: الْعَمْدُ مَا قُصِدَ بِهِ إتْلَافُ النَّفْسِ بِآلَةٍ تَقْتُلُ غَالِبًا وَلَوْ بِمُثَقِّلٍ أَوْ بِإِصَابَةِ الْمَقْتَلِ كَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ وَشِدَّةِ الضَّغْطِ وَالْخَنْقِ. ابْنُ الْقَصَّارِ: أَوْ يُطْبِقُ عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ يَمْنَعُهُ الْغِذَاءَ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ مُسَافِرًا عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ وَأَنَّهُ يَمُوتُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ مَاءَهُ أَنَّهُ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَلِ قَتْلَهُ.
(وَلَا قَسَامَةَ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ شَقَقْت بَطْنَ رَجُلٍ فَتَكَلَّمَ أَوْ أَكَلَ أَوْ عَاشَ وَأَكَلَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَفِيه قَسَامَةٌ؟ قَالَ: لَمْ أَقِفْ لِمَالِكٍ عَلَى هَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ: إنْ مَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ.
وَقَالَ: مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَعَاشَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ.
وَأَمَّا شَقُّ الْجَوْفِ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِ هَذَا إنَّمَا حَيَاتُهُ خُرُوجُ نَفْسِهِ فَلَيْسَ فِيهِ وَمَا أَشْبَهَهُ قَسَامَةٌ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الشَّاةِ يَخْرِقُ السَّبُعُ بَطْنَهَا فَيَشُقُّ أَمْعَاءَهَا فَتَنْتَشِرُ: إنَّهَا لَا تُؤْكَلُ عَلَى حَالٍ.
(أَوْ كَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنِ الْعَوْمِ عَدَاوَةً وَإِلَّا فَدِيَةٌ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ طَرْحُ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فِي نَهْرٍ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ يُوجِبُ الْقَوَدَ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ طَرَحَ رَجُلًا فِي نَهْرٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَمَاتَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالْقَتْلِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ
ذَلِكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ.
(وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ وَضْعِ مَزْلَقٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ وَاِتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ إنْذَارُ قَصْدِ الضَّرَرِ، وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ وَضَعَ سَيْفًا بِطَرِيقٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ بِمَوْضِعٍ لِقَتْلِ رَجُلٍ فَعَطِبَ بِهِ الرَّجُلُ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِهِ غَيْرُهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَنْزِلِهِ لِلسَّارِقِ أَوْ عَمِلَ لَهُ مَا يَتْلَفُ بِهِ فَمَاتَ ضَمِنَ دِيَتَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَعَ فِيهِ غَيْرُهُ. أَبُو إبْرَاهِيمَ: إنْ قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ قُتِلَ بِهِ وَفِي غَيْرِهِ دِيَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَقَوْلِهَا فِي مَسْأَلَةِ السَّيْفِ وَهُوَ دَلِيلُ الْبَابِ كُلِّهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: شَرْطُ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الْقَصْدُ إلَى مَا يُقْتَلُ مِثْلُهُ مِنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ تَسَبُّبٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَالسَّبَبُ كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ شِرْبٍ أَوْ وَضْعِ سَيْفٍ أَوْ رَبْطٍ دَابَّةٍ أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ قَصْدًا لِلْهَلَاكِ حَتَّى لَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا لِإِهْلَاكِ لِصٍّ قُتِلَ بِهِ، وَلَوْ هَلَكَ بِهِ غَيْرُ الْمَقْصُودِ فَالدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ. أَمَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا لِقَصْدِ إهْلَاكٍ فَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَالْقِيمَةَ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ فَإِنْ قَصَدَ ضَرَرًا وَلَوْ كَسَارِقٍ ضَمِنَهُ وَغَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. الْبَاجِيُّ: وَرَوَى