الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَاب الْعِتْق] [
بَاب أَرْكَان الْعِتْق]
وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَالنَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ وَخَوَاصِّهِ. أَمَّا الْأَرْكَانُ فَثَلَاثَةٌ: الْمُعْتِقُ وَالرَّقِيقُ وَالصِّيغَةُ.
(بَابُ إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ) ابْنُ شَاسٍ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُعْتِقُ وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ يُرِدْ بِأَرْكَانِهِ الْمَحْمُولَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْعِتْقِ (بِلَا حَجْرٍ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ: مَفْهُومُهُ رَدُّ عِتْقِ السَّفِيهِ أُمَّ وَلَدِهِ وَفِيهَا عِتْقُ السَّفِيهِ أُمَّ وَلَدِهِ جَائِزٌ انْتَهَى
وَانْظُرْ أَيْضًا نَصُّوا أَنَّ السَّفِيهَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَيُعْتِقُ عَنْ ظِهَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. إذَا أَعْتَقَتْ ذَاتُ زَوْجٍ عَبْدًا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ، وَمَنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرُدُّوا إلَّا مَا زَادَ. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَكِلَاهُمَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ.
(أَوْ إحَاطَةِ دَيْنٍ) اُنْظُرْ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ
أَرْبَابُ الدُّيُونِ مَجْهُولِينَ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَنْفُذُ مُطْلَقًا وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ بَتَلَ عِتْقَ عَبِيدِهِ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ لَا يَغْتَرِقُهُمْ بِيعَ مِنْ جَمِيعِهِمْ مِقْدَارُ الدَّيْنِ بِالْحِصَصِ لَا بِالْقُرْعَةِ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ. .
(وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ قَامَ غَرِيمُهُ رُدَّ عِتْقُهُ أَوْ بَعْضُهُ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ أَمْسَكَ الْغُرَمَاءُ عَنْ الْقِيَامِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَامُوا بَعْدَ الثَّلَاثِ سِنِينَ وَالْأَرْبَعِ وَهُوَ بِالْبَلَدِ وَقَالُوا: لَمْ نَعْلَمْ فَذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ عَلِمُوا (أَوْ يَطُولَ) قَالَ الْبَاجِيُّ: وَإِنْ قَامُوا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ الْقِيَامُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَدُّ عِتْقُهُ.
قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ يُفِيدَ مَالًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَعْتَقَ فِي عُسْرِهِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَيْسَرَ نَفَذَ عِتْقُهُ، ثُمَّ إنْ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لَمْ يُرَدَّ عِتْقُهُ.
(وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: لَوْ رَدَّ الْإِمَامُ عِتْقَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ.
الْبَاجِيُّ: عَلَى هَذَا لَا يَطَأُ قَبْلَ الْيُسْرِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُمْ دُونَ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ فَعَلُوا ثُمَّ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ رُدَّ الْبَيْعُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ.
(رَقِيقًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ) هَذَا مَعْمُولُ إعْتَاقٍ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الرُّكْنُ الثَّانِي الرَّقِيقُ وَهُوَ كُلُّ إنْسَانٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ حَقٌّ لَازِمٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُعْتَقُ كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٌ لِمُعْتِقِهِ لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ.
فَقَوْلُنَا: لَمْ يُزَاحِمْ إلَخْ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأ وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ حَمْلَ جِنَايَتِهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهَا تَلْزَمُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ حُرًّا، حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيُرَدُّ عِتْقُهُ.
(بِهِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرِ) ابْنُ شَاسٍ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَصَرِيحُ لَفْظِهَا الْإِعْتَاقُ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرُ (وَإِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَتَقَ لِلْأَبَدِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَقَالَ: أَرَدْت عِتْقَهُ مِنْ الْعَمَلِ لَا الْحُرِّيَّةَ
صُدِّقَ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ.
(بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ فِي الْمُسَاوَمَةِ: هُوَ عَبْدٌ حُرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ لِصَرْفِ الْقَرِينَةِ لَهُ إلَى الْمَدْحِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ.
(أَوْ حَلَفَ) اُنْظُرْ إنْ كَانَ عَلَى تَحْلِيفِ ظَالِمٍ قَالَ اللَّخْمِيِّ: لَوْ قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ: لَا أَدَعُك إلَّا أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَتْ أَمَتَكَ فَهِيَ حُرَّةٌ إنْ قَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَنْوِيَهُ كَانَتْ حُرَّةً لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى النِّيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ كَالتَّوْرِيَةِ.
(أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ فَقَالَ: هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا إذَا عَلِمَ أَنَّ السَّيِّدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ ظُلْمًا.
(أَوْ بِلَا مِلْكٍ أَوْ لَا سَبِيلٍ لِي عَلَيْك إلَّا بِالْجَوَابِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً مِنْهُ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَانَ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ صُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقًا وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(وَبِكَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ قَدْ وَهَبْتُ لَك نَفْسَك إنَّهُ حُرٌّ. وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ قَالَ: هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ.
(أَوْ بِكَاسْقِنِي أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ فَالنِّيَّةُ) ابْنُ شَاسٍ: وَأَمَّا الْكِنَايَةُ بِقَوْلِهِ: وَهَبْت لَك نَفْسَك أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
فَلَا تَعْمَلُ بِدُونِ اقْتِرَانِ نِيَّةِ الْعِتْقِ بِهِ. وَأَلْحَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِذَلِكَ اسْقِنِي الْمَاءَ إذَا اقْتَرَنَتْ بِذَلِكَ نِيَّةُ الْعِتْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَاهُ شَرْطُ النِّيَّةِ فِي وَهَبْتُ لَك نَفْسَك وَفِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ.
(وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ عَلَّقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ الْبَائِعُ: إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ لَهُ، عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرُدُّ ثَمَنَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: الْقِيَاسُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِمُشْتَرِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمِثْلُهُ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ.
(وَبِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فِي إنْ اشْتَرَيْتُكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا
عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَرَدَّ الثَّمَنَ.
(كَأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ فَاسِدًا وَالشِّقْصُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَوَلَدُ عَبْدِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ وَالْأُنْثَى فِيمَنْ يَمْلِكُهُ أَوْلَى) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " وَإِنْ " فَإِنْ أَرَادَ وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن فَبَيِّنٌ، وَإِنْ أَرَادَ لَا فَعَلْت فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَقُولَ وَلَوْلَا فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُ أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ بِمَا عَتَقَ مَنْ فِي مِلْكِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، عَتَقَ مَنْ فِي مُلْكِهِ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَأَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ وَإِنْ وُلِدُوا بَعْدَ يَمِينِهِ بِخِلَافِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ فَإِنَّهُمْ تَبَعٌ كَمَالِهِمْ. زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَعَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّ شِقْصٍ لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا.
ابْنُ الْمَوَّازِ: إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا وُلِدَ لِعَبِيدِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن لَا فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْتُ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ فِي يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَبَرَّ فَإِذَا فَاتَهُ الْبِرُّ وَلَزِمَهُ الْعِتْقُ وَجَبَ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ مُقْتَضٍ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْأُمَّهَاتِ مُرْتَهَنَاتٍ بِالْيَمِينِ لَا يَسْتَطِيعُ بَيْعَهُنَّ وَلَا وَطْأَهُنَّ، وَسَوَاءٌ كُنَّ حَوَامِلَ يَوْمَ الْيَمِينِ أَوْ حَمَلْنَ بَعْدَ الْيَمِينِ. وَأَمَّا فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت فَهُوَ عَلَى بِرٍّ، فَإِنْ كَانَ إمَاؤُهُ حَوَامِلَ يَوْمَ الْيَمِينِ دَخَلَ الْوَلَدُ فِي الْيَمِينِ، وَأَمَّا مَا حُمِلَ بِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَقِيلَ: يَدْخُلُ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ وَهُوَ أَصْوَبُ.
قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ: إذَا قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَبِيدُ عَبِيدِهِ. وَقَالَ فِي كِتَابِ النُّذُورِ: إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةَ فُلَانٍ وَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ أَنَّهُ حَانِثٌ، فَقِيلَ: خِلَافٌ، وَقِيلَ: يُرَاعَى فِي الْأَيْمَانِ النِّيَّةُ.
سَحْنُونَ: مَنْ قَالَ: مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ذُكُورُ رَقِيقِهِ وَإِنَاثُهُمْ.
رَجَعَ إلَى هَذَا سَحْنُونَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: " كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ " يَعْتِقُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: مَمَالِيكِي. ابْنُ سَحْنُونٍ: وَلَوْ قَالَ: رَقِيقِي أَحْرَارٌ عَتَقَ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ، وَلَوْ قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا الذُّكُورُ دُونَ
الْإِنَاثِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إمَاءٌ حَوَامِلُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مَا أَتَيْنَ بِهِ مِنْ غُلَامٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، رَاجِعْ ثَالِثَ تَرْجَمَةٍ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ (أَوْ رَقِيقِي) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ سَحْنُونٍ: لَوْ قَالَ: رَقِيقِي أَحْرَارٌ عَتَقَ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ (أَوْ عَبِيدِي) لَمَّا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ: " لَوْ قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ " قَالَ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَعَلَّ اسْمَ الْعَبْدِ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ وَإِلَّا فَلَفْظُ الْعَبِيدِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (أَوْ مَمَالِيكِي) تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونٍ: مَنْ قَالَ: مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ دَخَلَ الْإِنَاثُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ (لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ. قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ: إذَا قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَبِيدُ عَبِيدِهِ.
(كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا) مُضَمَّنُ مَا يَتَقَرَّرُ أَنَّهُ إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ سَيَمْلِكُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَأَمَّا الَّذِي كَانَ عَلَى مِلْكِهِ فَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَبَدًا أَوْ لَا، فَرْقٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ مَنْ فِي مِلْكِهِ وَأَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ بِخِلَافِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ. وَبِخِلَافِ: كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، وَإِنْ قَالَ: فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَكَذَلِكَ بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ فِي مِلْكِهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ وَلَا رَقِيقَ لَهُ فَأَفَادَ رَقِيقًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا بَعْدَ تَزْوِيجِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا مَلَكَ يَوْمَ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ بِالصَّدَقَةِ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَدَخَلَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَا يَمْلِكُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا أَوْقَعَ مِلْكَ الْأَبَدِ عَلَى الدُّخُولِ، وَأَشْهَبُ أَوْقَعَهُ عَلَى الْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيه حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا أَوْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا أَبَدًا. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَكُونُ لِمَا مَضَى لَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ اشْتَرِ فِيمَا هُوَ مَالِكُهُ بَعْدُ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَمْلِكُهُ.
(وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْعِتْقُ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مُشْكِلٌ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَّةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا، وَمَنْ بَتَّ عَتَقَ عِنْدَهُ أَوْ حَنِثَ بِذَلِكَ فِي يَمِينِ عِتْقٍ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ وَعَدَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأُمِرَ بِعِتْقِهِ. اللَّخْمِيِّ: مَنْ قَالَ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ لَزِمَهُ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ مُعَيَّنًا لَمْ يُجْبَرْ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَقَالَ مَالِكٌ: كَذَلِكَ أَيْضًا لَا يُجْبَرُ.
(وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ وَمَنْعِ بَيْعٍ وَوَطْءٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَعِتْقِ
عُضْوٍ وَتَمْلِيكِهِ لِلْعَبْدِ وَجَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ وَإِلَّا لِأَجَلٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ وَإِنْ حَمَلَتْ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً) أَمَّا خُصُوصُهُ وَعُمُومُهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْعِتْقُ كَالطَّلَاقِ فِي عُمُومِهِ لِعِتْقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَنَا.
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيه أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُ أَوْ يَشْتَرِي، كَانَ عِنْدَهُ رَقِيقٌ يَوْمَ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَعْتَقَ مِنْ عَبِيدِهِ حِينَئِذٍ أَوْ بَاعَ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْجَوَارِيَ وَالْغِلْمَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ عَبْدًا أَوْ يَخُصَّ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا أَوْ يَضْرِبَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ كَذَلِكَ مِنْ الصَّقَالِبَةِ أَوْ مِنْ الْبَرْبَرِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ مِنْ الشَّامِ أَوْ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَيُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ لِذَلِكَ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ أَجَلًا مُسَمًّى جِنْسًا أَوْ مَوْضِعًا وَلَمْ يَعُمَّ. وَهَذَا كَمَنْ عَمَّ أَوْ خَصَّ فِي الطَّلَاقِ. وَأَمَّا مَنْعُهُ مِنْ بَيْعٍ وَوَطْءٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْفِعْلِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ، وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ عِتْقٌ. فَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَا فَعَلْتُ كَذَا فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ الْبَيْعِ وَلَا أَمْنَعُهُ الْخِدْمَةَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ عَتَقَ رَقِيقُهُ مِنْ الثُّلُثِ إذْ هُوَ حِنْثٌ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا كَانَ مَنْ حَلَفَ إنْ فَعَلْتُ أَوْ لَا فَعَلْت كَذَا عَلَى بِرٍّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَحْنَثُ، فَدَلَّ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى بِرٍّ. وَأَمَّا الْحَالِفُ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَن إنَّمَا سَرَّ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَدَلَّ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى حِنْثٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي النُّذُورِ وَجْهًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَمَّا الْحَالِفُ: إنْ فَعَلْتُ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفُ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْيَمِينِ؟ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَدْخُلُ قَالَ: وَلَا أَرَى رِوَايَةَ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَّا وَهْمًا. أَشْهَبُ: وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ عَفَا عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَنْفَعْهُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَعْفُوَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَمِينُهُ لَا عَاقِبَتُهُ فَهُوَ كَالْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ لَا كَمَنْ حَلَفَ إنْ فَعَلْتُ.
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَزَوْجَتِي طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَهُوَ عَلَى حِنْثٍ، وَلَا يُضْرَبُ لَهُ فِي هَذَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ فِي
الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا يُضْرَبُ لَهُ فِي يَمِينِهِ لَأَفْعَلَنَّ، وَأَمَّا هَذَا فَالْإِمَامُ يَتَلَوَّمُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الْأَجَلِ فِي تَأْخِيرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فِي الْبُلُوغِ مَاتَ عَلَى حِنْثٍ وَعَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي الثُّلُثِ وَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّ الْحِنْثَ وَقَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ أَوْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَيَتَوَارَثَانِ قَبْلَ الْبِرِّ وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ.
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إذَا مَاتَ فُلَانٌ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ مِتُّ
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِمَوْتٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ إلَى أَجَلٍ وَيَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَكِلْتَاهُمَا مُعْتَقَةٌ إلَى أَجَلٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمُكَاتَبَةِ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ عِتْقِ عُضْوٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَدُك حُرَّةٌ أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. وَانْظُرْ إذَا أَعْتَقَ جَنِينَ الْأَمَةِ دُونَهَا أَوْ الْعَكْسُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَرْقٌ. وَانْظُرْ رَابِعَ تَرْجَمَةٍ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَمْلِيكِهِ لِلْعَبْدِ وَجَوَابُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ الْعِتْقَ وَقَالَ لَهُ: اعْتِقْ نَفْسَكَ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا وَفَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَقَالَ الْعَبْدُ: اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ الْعَبْدُ: نَوَيْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ، صُدِّقَ وَعَتَقَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ: اخْتَرْتُ نَفْسِي وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُمَلَّكَةِ: اخْتَرْتُ نَفْسِي. اُنْظُرْ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ الْعِتْقَ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ.
فَلَا عِتْقَ لَهُ إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ إذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: اُدْخُلْ الدَّارَ يُرِيدُ بِلَفْظِ ذَلِكَ الْعِتْقَ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُهُ، فَالْعَبْدُ فِي هَذَا مِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي التَّمْلِيكِ تَقُولُ: أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَوْلُ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْعِتْقَ كَالْقَوْلِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ لَمْ يَطُلْ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعِتْقِ إلَى الْأَجَلِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَنْ أَعْتَقَ بِالْخِدْمَةِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ (وَإِحْدَاكُمَا) فَلَهُ الِاخْتِيَارُ
فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَحَنِثَ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً طَلُقَتْ الَّتِي نَوَى خَاصَّةً وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ: رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي عِتْقِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ إذَا حَمَلَتْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِأَمَةٍ يَطَؤُهَا إذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً. قِيلَ لَهُ: وَلِمَ لَا يَتَمَادَى عَلَى وَطْئِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ:. فَكُلُّ النِّسَاءِ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا الشَّاذَّةَ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً