الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَأْسٍ فَفِي الْقِصَاصِ خِلَافٌ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَانْفَصَلَ الْجَنِينُ حَيًّا فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ مَيِّتَةٌ وَالضَّرْبُ خَطَأً وَمَاتَ بِالْحَضْرَةِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: تُوقَفُ دِيَتُهُ عَلَى الْقَسَامَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَمَاتَ مِنْ الضَّرْبَةِ أَوْ لِمَا عَرَضَ بَعْدَ خُرُوجِهِ. وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ عَمْدًا عَلَى بَطْنِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجِبُ الْقَوَدُ فِيهِ بِقَسَامَةٍ. وَهَذَا إنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ مَوْضِعًا يَرَى أَنَّهُ أُصِيبَ بِهِ، أَمَّا لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهَا أَوْ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا فَفِيهِ الدِّيَةُ.
(وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ) سُمِعَ الْقَرِينَانِ: مَنْ ضُرِبَتْ فَطَرَحَتْ جَنِينَيْنِ لَمْ يَسْتَهِلَّا فَفِيهِمَا غُرَّتَانِ وَلَوْ اسْتَهَلَّا كَانَ فِيهِمَا دِيَتَانِ، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ.
(وَوَرِثَتْ عَلَى الْفَرَائِضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تُورَثُ الْغُرَّةُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ.
[الدِّيَة الْوَاجِبَة فِيمَا دُون النَّفْس]
(وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ إذَا
بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ) ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَهَذِهِ الْجِنَايَةُ إمَّا جُرْحٌ وَإِمَّا إبَانَةٌ، وَإِمَّا إبْطَالُ مَنْفَعَةٍ. الْأَوَّلُ الْجُرْحُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ تَرْتِيبِهِ، وَفِي جَمِيعِهِ الْحُكُومَةُ إلَّا الْمُوضِحَةَ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ.
وَمِنْ الْكَافِي: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الشِّجَاجِ كُلِّهَا إذَا أُصِيبَتْ خَطَأً إلَّا الِاجْتِهَادُ وَالْحُكُومَةُ، وَذَلِكَ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا صَحِيحًا وَيُقَوِّمَ عَبْدًا مَعِيبًا وَيَنْظُرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْ دِيَتِهِ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْجَسَدِ كُلُّهَا غَيْرَ الْجَائِفَةِ لَيْسَ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَقْدٌ مُسَمًّى، وَإِنَّمَا فِيهَا اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ عَلَى قَدْرِ الشَّيْنِ وَالْأَلَمِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ، فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا وَضُبِطَ فِيهَا الْقَوَدُ وَعُرِفَ عُمْقُ ذَلِكَ وَقَدْرُهُ طُولًا وَعَرْضًا، أُقِيدَ مِنْهَا، إذَا بَرِئَ الْمَجْرُوحُ، وَلَا قَوَدَ فِي جَائِفَةٍ وَلَا مَأْمُومَةٍ وَلَا مُنَقِّلَةٍ.
وَالْجَائِفَةُ مَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ مِنْ مُقَدَّمِ الْجَوْفِ أَوْ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ الْخَصْرِ وَلَوْ بِإِبْرَةٍ، وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ. وَالْمَأْمُومَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَمَعْنَاهَا مَا وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ وَبِإِبْرَةٍ، فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ. وَالْهَاشِمَةُ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ مِائَةُ دِينَارٍ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَا دِيَةَ فِيهَا بَلْ حُكُومَةٌ. الشَّيْخُ: رَوَى أَصْحَابُ مَالِكٍ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي الْخَطَأِ عَقْلٌ مُسَمًّى. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ يَأْتِي فِيهَا مَرَّةً لَفْظُ الْحُكُومَةِ، وَمَرَّةً لَفْظُ الِاجْتِهَادِ.
وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ " الْحُكُومَةُ تُقَدَّرُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَهُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. وَمَا بَرِئَ مِنْ الْخَطَأِ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فِيهِ إلَّا الْمُوضِحَةَ فَفِيهَا دِيَتُهَا لِأَنَّ فِيهَا دِيَةً مُسَمَّاةً، وَمَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ حُكُومَةٌ.
(كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) وَمِنْ الْكَافِي: مَنْ جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ شَيْئًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا، فَإِنْ قَتَلَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا وَكَانَتْ مِنْ دَوَابِّ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فَفِيهَا لِمَالِكٍ
قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ دَوَابِّ الْحُمُولَةِ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَذْهَبَ جُلُّ مَنَافِعِهَا فَالْقَوْلَانِ (إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: كُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَالْجَائِفَةُ مِثْلُهَا.
(وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ، كُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا تَكُونُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا فِي جُمْجُمَةِ الرَّأْسِ وَفِيهَا الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْخَطَأِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْوَجْهِ فَتَشِينُهُ فَيُزَادُ فِيهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا (وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ) أَمَّا الْمُنَقِّلَةُ فَقَالَ فِي الْكَافِي: فِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا. ابْنُ رُشْدٍ: الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ فِي الْمُنَقِّلَةِ سَوَاءٌ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْمَتَالِفِ، وَأَمَّا الْهَاشِمَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ لَا دِيَةَ فِيهَا، وَقَوْلُ أَبِي عُمَرَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ.
فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَمْ يَعْرِفْهَا مَالِكٌ، وَدِيَتُهَا عِنْدَ مَنْ عَرَفَهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ (وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَابْنُ شَاسٍ إنْ بَقِيَ حَوَالَيْ الْجُرْحِ شَيْنٌ وَكَانَ أَرْشُ الْجُرْحِ مُقَدَّرًا انْدَرَجَ الشَّيْنُ إلَّا فِي مُوضِحَةِ الْوَجْهِ
وَالرَّأْسِ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى عَقْلِهَا بِقَدْرِ مَا أَشَانَتْ بِالِاجْتِهَادِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْهَا قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَالْمُنَقِّلَةَ "(إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ) اُنْظُرْ إقْحَامَ قَوْلِهِ: " وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ " أَثْنَاءَ قَوْلِهِ: " إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعَلَا وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ ".
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْجِرَاحِ كُلِّهَا الْحُكُومَةُ إلَّا أَرْبَعَةً: الْمُوضِحَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ. ثُمَّ قَالَ: وَتَخْتَصُّ الْمُوضِحَةُ وَأُخْتَاهَا بِعَظْمِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ دُونَ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ. ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا هَاشِمَةُ الْبَدَنِ وَمُنَقِّلَتُهُ وَغَيْرُهَا فَالِاجْتِهَادُ يَعْنِي إلَّا الْجَائِفَةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا. وَمِنْ الْكَافِي: الْمُوضِحَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ. وَكَذَلِكَ الشِّجَاجُ كُلُّهَا وَمَا كَانَ فِي الْجَسَدِ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا جِرَاحٌ لَا شِجَاجٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْجَسَدِ كُلُّهَا غَيْرَ الْجَائِفَةِ لَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ مُسَمًّى " اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ ".
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَ " الْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ " فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ وَإِنْ جَاوَزَتْ الدِّيَةَ، وَإِنْ جَرَحَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ بُرْئِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمُوضِحَةُ الْعَبْدِ وَمُنَقِّلَتُهُ وَجَائِفَتُهُ وَمَأْمُومَتُهُ فِي ثَمَنِهِ بِمَنْزِلَتِهِنَّ فِي دِيَةِ الْحُرِّ.
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: إذْ لَا يَنْقُصُ ثَمَنُهُ إذَا بَرِئَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَا ذَكَرْنَا. ابْنُ رُشْدٍ: الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ عَلَى وُجُوبِ أَجْرِ الطَّبِيبِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنْ جِرَاحِ الْجَسَدِ، وَأَخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَرَّةً بِوُجُوبِ الرِّفْقِ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ أَحْرَوِيٌّ لِأَنَّ الدِّمَاءَ آكَدُ مِنْ الْأَمْوَالِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ انْكَسَرَتْ فَخِذُهُ ثُمَّ انْجَبَرَتْ مُسْتَوِيَةً، أَلَهُ مَا أَنْفَقَ فِي عِلَاجِهِ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتَهُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ. أَرَأَيْتَ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَيَكُونُ لَهُ قِيمَةُ الشَّيْنِ وَمَا أَنْفَقَ؟ .
(وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَ، فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ. فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ.