الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصِّفَةِ أَعْدَاهُ إلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَ الْقَاضِي مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْكَشْفِ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ بِالْحَقِّ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْبَلَدِ مَنْ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْعَامَّةِ غَيْرُهُ وَهُوَ دَلِيلُ زُونَانَ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقِيلَ: يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ هَذَا أَنَّ بِالْبَلَدِ مَنْ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
[بَاب الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ]
(وَالْقَرِيبُ جِدًّا كَالْحَاضِرِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْمَدِينُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ حُجَجٌ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ. قَالَ سَحْنُونَ: وَاَلَّذِي تَكُونُ فِيهِ الْحُجَجُ. ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ مَالِكٍ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَمَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ كَتَبَ إلَيْهِ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ فِي كُلِّ حَقٍّ إمَّا وَكَّلَ أَوْ قَدِمَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَكَمَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَبِيعَ عَلَيْهِ مَا لَهُ مِنْ أَصْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَكُلِّ الْأَشْيَاءِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تُرْجَ لَهُ حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا حَكَمَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ مِنْ الدُّيُونِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَرُجِيَتْ حُجَّتُهُ فِيهِ (وَالْبَعِيدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ قَضَى عَلَيْهِ) ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَانْقَطَعَتْ كَالْعُدْوَةِ مِنْ الْأَنْدَلُسِ وَمَكَّةَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ حَكَمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ وَدَيْنٍ وَالرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَرُجِئَتْ حُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ.
زَادَ فِي أَجْوِبَتِهِ هَذَا التَّحْدِيدَ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ إنَّمَا هُوَ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَكَوْنِهَا مَسْلُوكَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَمِنْ خَلْفِ الْبَحْرِ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبِ الْمَأْمُونِ كَالْبَرِّ الْوَاحِدِ الْمُتَّصِلِ إلَّا فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ رُكُوبُهُ، فَالْقَرِيبُ فِيهِ حُكْمُ الْبَعِيدِ، وَلِابْنِ عَاتٍ: إذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ بِشَرْطِهَا فِي الْمَغِيبِ لَا يُقْضَى بِهَا فِي الْقُرْبِ
وَإِنَّمَا يَكْتُبُ لَهَا الْقَاضِي إلَى الزَّوْجِ بِأَنْ يَقْدُمُوا أَوْ يُوَصَّى عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ فِي عَمَلِ سُلْطَانٍ آخَرَ قَضَتْ بِشَرْطِهَا وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهَا (بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) ابْنُ شَاسٍ: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ نَافِذٌ وَيَحْلِفُ لِلْقَاضِي الْمُدَّعِي بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَالِاعْتِيَاضِ وَالْإِحَالَةِ وَالِاحْتِيَالِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِي جَمِيعِ الْحَقِّ (وَسَمَّى الشُّهُودَ وَإِلَّا نَقَضَ) ابْنُ رُشْدٍ: الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ فِيهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الطَّعْنِ فِيهِمْ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ الْبَيِّنَةَ فُسِخَتْ الْقَضِيَّةُ.
قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ تُرْجَى لَهُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَفْتَقِرُ لِتَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ إذْ قَدْ أَعْذَرَ فِيهَا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَتَسْمِيَتُهُمْ أَحْسَنُ. قَالَهُ أَصْبَغُ وَبِهِ الْعَمَلُ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: وَمِثْلُ الْغَائِبِ الصَّغِيرُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافٌ لِسَحْنُونٍ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَإِذَا أَشْهَدَ الْقَاضِي بِثُبُوتِ عَقْدٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُسَمِّ بِمَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ ثُمَّ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ، فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيُحْمَلُ الْجَمِيعُ عَلَى الْعَدَالَةِ اهـ.
وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ شُهُودِ الِاسْتِرْعَاءِ (وَالْعَشَرَةُ وَالْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ وَالْبَعِيدِ جِدًّا " وَزَادَ فِي نَوَازِلِهِ: وَهَذَا التَّحْدِيدُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ هُوَ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَكَوْنِهَا مَسْلُوكَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ.
(وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ كَدَيْنٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَحْكُمُ بِالدِّينِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ.
وَقِيلَ: مَا لَمْ يَدَّعِ الْحُرِّيَّةَ أَوْ يَدَّعِيه ذُوَيْدُ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ هَارُونَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا هَلْ يُعْتَمَدُ عَلَى الصِّفَةِ فِي الْقَضَاءِ بِهِ أَمْ لَا؟ فَمِنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاضِحٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا وَمِنْهَا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْفَرَسُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ، فَهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ فِيهِ بِالصِّفَةِ إنْ كَانَ غَائِبًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. الْمَازِرِيُّ: إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ أَصْلًا ذَكَرَتْ الْبَيِّنَةُ قِيمَتَهُ تَقُولُ غَصَبَهُ حَرِيرًا قِيمَتُهُ كَذَا أَوْ طَعَامًا قِيمَتُهُ كَذَا.
رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ادَّعَى عَبْدًا غَائِبًا بِيَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ عَبْدُهُ، فَإِنْ عَرَفَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَوَصَفَتْهُ وَحِلْيَتِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ. ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدٍ غَائِبٍ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ ابْنُ كِنَانَةَ.
(وَجَلَبَ الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ) أَمَرَ سَحْنُونَ: النَّاسَ بِكَتْبِ أَسْمَائِهِمْ فِي بَطَائِقَ ثُمَّ تُخْلَطُ الْبَطَائِقُ ثُمَّ دَعَا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَمَنْ دَعَا بِاسْمِهِ وَخَصْمُهُ حَاضِرٌ أَدْخَلَهُمَا وَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي مَجْلِسِهِمَا، فَإِنْ اسْتَعْدَى الَّذِي خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى رَجُلٍ بِحَاضِرَةِ مَدِينَةِ الْقَيْرَوَانِ أَوْ بِقَصْرِ ابْنِ الْأَغْلَبِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ أَعْدَاهُ عَلَى خَصْمِهِ بِطَابَعٍ يُعْطِيه إيَّاهُ، فَإِذَا أَتَى صَاحِبُهُ أُمِرَ بِأَخْذِ الطَّابَعِ مِنْهُ وَكَانَ لَا يُعْطَى كِتَابَ عَدْوَى يَجْلِبُ الْخَصْمَ إلَّا بِلَطْخٍ
مِنْ شَاهِدِ عَدْلٍ فَيَأْمُرُ كَاتِبَهُ فَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابَ عَدْوَى إلَى أَمِينِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْخَصْمُ إلَّا مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ (أَوْ رَسُولٍ) ابْنٌ فَتُّوحٍ: إرْسَالُ الطَّالِبِ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْفَعَ مَطْلُوبَهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إنْ كَانَ قَرِيبًا أَنْ يَأْمُرَ غُلَامَهُ الَّذِي لَهُ الْإِجَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْمَسِيرِ مَعَهُ.
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْقَرِيبُ مِنْ الْمَدِينَةِ كَمَنْ يَأْتِي ثُمَّ يَرْجِعُ يَبِيتُ بِمَنْزِلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ الْمَطْلُوبُ بِالطَّابَعِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِعِصْيَانِهِ وَتَأَبِّيه عَلَى الْمَجِيءِ، ثُمَّ يُرْسِلُ الْقَاضِي إلَيْهِ أَحَدَ أَعْوَانِهِ وَيَجْعَلُ لَهُ مِنْ رِزْقِهِ جُعْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا رَفَعَ الْمَطْلُوبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْقَاضِي ذَلِكَ فَأَحْسَنُ الْوُجُوهِ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ يَسْتَأْجِرُهُ عَلَى النُّهُوضِ فِي الْمَطْلُوبِ وَرَفْعِهِ وَيُعْطَى الْعَوْنَ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الَّذِي طَلَبَهُ وَدَعَاهُ إلَى الِارْتِفَاعِ إلَى الْقَاضِي فَأَبَى عَلَيْهِ، فَيَكُونُ عَلَى الْمَطْلُوبِ أُجْرَةُ شُخُوصِ الْعَوْنِ إلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الطَّالِبِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
قَالَ هَذَا ابْنُ الْعَطَّارِ. وَانْتَقَدَ ابْنُ الْفَخَارِ هَذَا عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ ذَنْبًا يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ مَالِ الْإِنْسَانِ إلَّا الْكُفْرَ وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَطْلُوبُهُ يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ مَالِهِ. الْمُتَيْطِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ (إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) ابْنُ شَاسٍ: إذَا غَابَ وَلَمْ يَكُنْ مَوْضِعُهُ يَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَحْضَرَهُ الْقَاضِي.
الْعَدْوَى طَلَبُك إلَى وَالٍ لِيُعْدِيَك عَلَى مَنْ ظَلَمَك أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ تَقُولُ اسْتَعْدَيْت عَلَى فُلَانٍ الْأَمِيرِ فَأَعْدَانِي وَاسْتَعَنْتُ بِهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمَعُونَةُ (لَا أَكْثَرَ كَسِتِّينَ مِيلًا إلَّا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يُجْلَبُ الْخَصْمُ مَعَ مُدَّعِيه بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَجْلِبْهُ مَا لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ.
قَالَ سَحْنُونَ: لَا يَشْخُصُ مِنْ الْبَعْدِ خَصْمٌ وَلَا شَاهِدٌ وَالْبَعْدُ سِتُّونَ مِيلًا. ابْنُ سَلْمُونَ: فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ فِي مِصْرِ الْحَاكِمِ أَوْ عَلَى الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ وَنَفَرَ كَتَبَ بِرَفْعِهِ.
قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَكْتُبُ إلَّا لِأَهْلِ الْعَدْلِ اجْمَعُوا
فُلَانًا وَفُلَانًا لِلتَّنَاصُفِ، فَإِنْ أَبَى فَانْظُرُوا فَإِنْ رَأَيْتُمْ لِلْمُدَّعِي وَجْهُ مَطْلَبٍ وَلَمْ يُرِدْ الْمَطْلُوبُ تَعْنِيتَهُ فَارْفَعُوهُ إلَيَّ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ) ابْنُ شَاسٍ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً خَارِجَةً عَنْ وِلَايَتِهِ.
(وَهَلْ يُدَّعَى حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ عَمَلٌ أَوْ الْمُدَّعِي فِيهِ وَأُقِيمَ مِنْهَا وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ) أَمَّا الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْخُصُومَةُ فِي مُعَيَّنٍ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا فِي كَوْنِهَا بِبَلَدٍ الْمُدَّعَى فِيهِ.
قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ. أَوْ بِبَلَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ بَلَدٍ الْمُدَّعِي فِيهِ. قَالَهُ
مُطَرِّفٌ ثَالِثُهَا هَذَا أَوْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُمَا وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدٍ الْمُدَّعِي فِيهِ.
قَالَهُ أَصْبَغُ. وَقَالَ: كُلُّ مَنْ تَعَلَّقَ بِخَصْمٍ فِي حَقٍّ فَلَهُ مُخَاصَمَتُهُ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ مِنْ دَيْنٍ وَحَقٍّ لَا فِي الْعَقَارِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى هَذَا نَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ أَحْلَفَهُ قَاضِي بَلَدِهِ يَمِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَحَكَمَ لَهُ بِدَيْنِهِ عَلَى الْغَائِبِ حَيْثُ يَكُونُ. رَابِعًا أَنَّ الْحُكْمَ بِبَلَدِ الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحْكُومُ فِيهِ بِهِ.
وَقَالَ فَضْلٌ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَقَوْلِ مُطَرِّفٍ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّجُلِ يَرِثُ الدَّارَ فَيَغِيبُ وَيَأْتِي رَجُلٌ يَدَّعِيهَا، لَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ الْمُدَّعِي أَنْ يَمْضِيَ إلَيْهِ. وَعَزَا ابْنُ سَهْلٍ لِعِيسَى بْنِ دِينَارٍ مِثْلَ قَوْلِ مُطَرِّفٍ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ. وَمِنْ الْمُفِيدِ: سُئِلَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ قُرْطُبَةَ تَكُونُ لَهُ الدَّارُ أَوْ الْحَقُّ بِجَيَّانَ فَيَدَّعِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جَيَّانَ، فَيُرِيدُ الْجَيَّانِيُّ مُخَاصَمَةَ الْقُرْطُبِيِّ عِنْدَ قَاضِي جَيَّانَ حَيْثُ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَى فِيهِ، أَيَرْفَعُ مَعَهُ الْقُرْطُبِيُّ إلَى جَيَّانَ؟ قَالَ: لَا يُرْفَعُ مَعَهُ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ حَكَمَ ابْنُ بَشِيرٍ وَكَتَبَ بِهِ إلَى بَعْضِ قُضَاتِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ.
وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ الْمَطْلُوبِ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقَارِ وَالْخِصَامُ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ
الْعَقَارُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ فِيهِ فَلَهُ حَبْسُهُ. وَأَمَّا الدَّعْوَى بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّمَا الْخِصَامُ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِهِ الطَّالِبُ. قُلْت: الدُّيُونُ فِي هَذَا مُخَالِفَةٌ لِلْعَقَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَمَّا الْفَرْعُ الثَّانِي فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ.
وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: سَأَلْته عَمَّنْ مَاتَ وَتَرَكَ زَوْجَةً بِيَدِهَا مَالَهُ وَرِبَاعَهُ وَلَهُ أَخٌ غَائِبٌ فَقَامَ ابْنُ الْغَائِبِ فَقَالَ كُلُّ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ امْرَأَةِ عَمِّي لَيْسَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَأَنَا وَارِثُ أَبِي وَلَا وَكَالَةَ لَهُ مِنْ قِبَلِهِ، وَيَقُولُ: إنْ أَنَا أُثْبِتُهُ لَا تَدْفَعُوهُ لِي وَأَوْدَعُوهُ فِي يَدِ غَيْرِي أَوْ يَقُومُ بِذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْغَائِبِ فَقَالَ: أَرَى ذَلِكَ لِلِابْنِ وَلَا يُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الِابْنِ فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا.
ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا الْأَبُ فِيمَا ادَّعَاهُ لِابْنِهِ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِمَنْ سِوَاهُمَا مِنْ الْقَرَابَةِ. ابْنُ شَاسٍ.