الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَرَّ أَنَّ مَالَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ. قَالَ غَيْرُهُ: ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا.
قَالَ سَحْنُونَ: وَهَذَا أَجْوَدُ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا إذْ لَوْ جَازَ هَذَا لَمْ يَشَأْ شَرِيكٌ أَنْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ إلَّا فَعَلَ.
[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]
بَابٌ.
(التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَصِيَّةٍ كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إنْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: التَّدْبِيرُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْوَصِيَّةِ. قَالَ: أَمَّا إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَوَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ. وَسَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُ إنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَهِيَ وَصِيَّةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّدْبِيرَ كَمَا إذَا عَلَّقَ عَلَى شَيْءٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ تَدْبِيرٌ. وَسَيَأْتِي أَيْضًا نَصُّ ابْنِ يُونُسَ فِي أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ. اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: التَّدْبِيرُ أَوْجَبَهُ عَلَى
نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عُهْدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا، وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ الْعِتْقَيْنِ فِي مُوجِبِ اللِّسَانِ وَاحِدٌ.
ابْنُ شَاسٍ: وَمِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ الْأَهْلِيَّةُ، فَلَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَيَنْفُذُ فِي الْمُمَيِّزِ وَلَا يَنْفُذُ مِنْ السَّفِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُدَبَّرُ هُوَ السَّالِمُ عَنْ مَحْضِ التَّبَرُّعِ. سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُنْبَذُ مِنْ ذَاتِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى مَا دَبَّرَتْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَفَرْقٌ بَيْنَ عِتْقِهَا وَتَدْبِيرِهَا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ
سَحْنُونَ: هَذَا خَطَأٌ. ابْنُ رُشْدٍ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: إنْ مِتُّ فِي مَرَضِي فَعَبْدِي فُلَانٌ مُدَبَّرٌ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ وَلَا رُجُوعَ فِيهِ.
وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ قَيَّدَ تَدْبِيرَهُ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّهَا وَصِيَّةٌ وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ وَيَبِيعُهُ إنْ شَاءَ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: إنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. رَاجِعْ الْمُقَدَّمَاتِ. وَاتَّفَقَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّدْبِيرَ. وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَلِكِلَا الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَفَعَلَهُ لَكَانَ مُدَبَّرًا لَا رُجُوعَ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِمَا جَمِيعًا لِوُجُوبِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْحِنْثِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَالْمُعَلَّقُ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ، وَالْمُطْلَقُ أَخَفُّ مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْتِ كَأَنْتَ حُرُّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهُ وَصِيَّةٌ حَتَّى يُرِيدَ التَّدْبِيرَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: هُوَ تَدْبِيرٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعَلِّقْ التَّدْبِيرَ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: التَّدْبِيرُ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ إذَا قَيَّدَهُ قَالَ: وَصِفَةُ التَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ اللَّازِمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي عَبْدِهِ هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ. ابْنُ شَاسٍ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَوَصِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التَّدْبِيرَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ
ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.
(بِدَبَّرْتُك) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ اللَّفْظُ، وَصَرِيحُهُ دَبَّرْتُكَ وَنَحْوُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ:" إنْ لَمْ يُرِدْهُ فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ التَّدْبِيرَ بِدُونِ لَفْظِ دَبَّرَ "(أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي)
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي فَهُوَ مُدَبَّرٌ يُمْنَعُ بَيْعَهُ. وَتَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ بِهَذَا وَأَنَّ مِنْهُ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ.
(وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأُوجِرَ لَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ أَوْ ابْتَاعَ مُسْلِمًا أَوْ دَبَّرَهُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ غَلَّتَهُ وَلَا يَتَعَجَّلُ رِقُّهُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ قَدْ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاءُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ، وَأَمَّا وَلَاءُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ نَفَذَ الْعَقْدُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ. وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ
فِي ثُلُثِهِ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ وَأَخٌ مُسْلِمٌ وَيَكُونُ لَهُ وَلَاءُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ. ابْنُ يُونُسَ: إذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ فَآجَرْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ السَّيِّدُ إجَارَتَهُ وَأَتْلَفَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِجَارَةِ شَيْئًا وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ، فَإِنْ رَضِيَ الْعَبْدُ أَنْ يَخْدُمَ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِرَغْبَتِهِ فِي عِتْقِ جَمِيعِ ثُلُثِهِ فَذَلِكَ لَهُ.
(وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا دَبَّرَ حَامِلًا فَوَلَدُهَا مُدَبَّرٌ بِمَنْزِلَتِهَا (كَوَلَدِ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا وُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ فَمُدَبَّرٌ مِثْلُهُ. وَانْظُرْ إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَفَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُدَبَّرَةِ (وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ إنْ عَتَقَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كُلَّمَا وُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ مِمَّا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ التَّدْبِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ، فَإِذَا أُعْتِقَا كَانَتْ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ لَهُ، كَانَ الْوَلَدُ الْآنَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. وَلِمَالِكٍ قَوْلٌ آخَرُ (وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبُ فِي الضِّيقِ) اُنْظُرْ هَذَا وَابْنَ يُونُسَ: مَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ أَوْ وَلَدَ الْمُدَبَّرُ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَبِمَنْزِلَتِهِمَا وَالْمُحَاصَّةُ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الثُّلُثِ، وَيَعْتِقُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ يَعْنِي هَاهُنَا أَنَّ الدَّبْرَ سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ حَمْلِ أَمَةِ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ هُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِهِ.
(وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُجْبِرُوا الْمُفْلِسَ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ، وَلَهُ هُوَ انْتِزَاعُهُ إنْ شَاءَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يَنْتَزِعُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ مَرِضَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَزِعُهُ لِوَرَثَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى أَنْ يُجْبِرُوهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا كَمَا لَمْ يُجْبِرُوهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ إنْ وُهِبَتْ لَهُ وَإِنْ مَرِضَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَزِعُهُ لِوَرَثَتِهِ وَفِي التَّفْلِيسِ يَنْزِعُهُ لِنَفْسِهِ.
(وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْهَنَ مُدَبَّرَهُ.
اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ جَازَ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَقِيَ مُدَبَّرًا.
(لَا إخْرَاجُهُ لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا الصَّدَقَةُ بِهِ، وَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ يُجِيزُ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ إذَا تَخَلَّقَ عَلَى مَوْلَاهُ (وَفُسِخَ بَيْعُهُ) الْجَلَّابُ: مَنْ بَاعَ مُدَبَّرًا فُسِخَ بَيْعُهُ (إنْ لَمْ يَعْتِقْ كَالْمُكَاتَبِ) الْجَلَّابُ: إنْ أَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ قَبْلَ فَسْخِ بَيْعِهِ فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ عِتْقَهُ نَاجِزٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَجْعَلَ الْفَضْلَ مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي مُدَبَّرٍ مِثْلِهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمُكَاتَبِ فَإِنْ بِيعَتْ رُدَّ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَفُتْ بِعِتْقٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِ الْمُدَبَّرِ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يُعْتِقُهُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ رَجُلٍ وَيُعَجِّلُ عِتْقَهُ وَالْعِتْقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَوْجُودٌ مَعَ الْعِوَضِ.
(وَإِنْ جَنَى فَإِنْ فَدَاهُ وَإِلَّا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ تَقَاضَيَا) الْجَلَّابُ: وَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً فَجِنَايَتُهُ فِي خِدْمَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ وَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ فِي افْتِكَاكِهِ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ وَفِي إسْلَامِ خِدْمَتِهِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَيُقَاصَّهُ بِأَرْشِ خِدْمَتِهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ رَاجِعْ التَّفْرِيعَ وَنَحْوُ هَذَا كُلِّهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا) عِبَارَةُ الْجَلَّابِ: إنْ جَرَحَ وَاحِدًا أُسْلِمَ إلَيْهِ، فَإِنْ جَرَحَ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَاصَّا فِي خِدْمَتِهِ (وَرَجَعَ إنْ وَفَّى) تَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ الْجَلَّابِ: إنْ اسْتَوْفِي ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهِ (وَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ اتَّبَعَ بِالْبَاقِي) الْجَلَّابُ: إنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَكَانَ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ ثُلُثَا مَا بَقِيَ مُعَلَّقًا بِخِدْمَتِهِ وَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي إسْلَامِ ثُلُثَيْهِ وَفِي افْتِكَاكِهِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ (وَقُوِّمَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ
الثُّلُثُ إلَّا بَعْضًا عَتَقَ وَأُقِرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ) نَحْوُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يُقَوَّمُ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بَعْضُهُ وَأُقِرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةَ دِينَارٍ وَمَالُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَرَكَ سَيِّدُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيُقَرُّ مَالُهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ (وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ) اللَّخْمِيِّ: إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ عَلَى حَاضِرٍ مُؤَجَّلٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ (وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ) اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ حَالٌّ اُسْتُؤْنِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى يُقْبَضَ الدَّيْنُ (وَإِلَّا بِيعَ) اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ أَوْ عَلَى حَاضِرٍ مُعْدَمٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ لِلْغُرَمَاءِ الْآنَ (وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ) اللَّخْمِيِّ: فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَرَثَةِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَاخْتُلِفَ إذَا خَرَجَ عَنْ أَيْدِيهِمْ بِبَيْعٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ فِيهِ.
وَقَالَ عِيسَى وَأَصْبَغُ: يَعْتِقُ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ.
(وَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا لَمْ يُوقَفْ وَإِذَا مَاتَ نُظِرَ فَإِنْ صَحَّ اُتُّبِعَ بِالْخِدْمَةِ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُتَّبَعْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ يُوقَفُ خَرَاجُ سَنَةٍ ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مَا وَقَفَهُ عَمَّا خَدَمَ نَظِيرُهُ) هَذَا رَابِعُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَمُضَمَّنُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا تُرِكَ لَهُ عَبْدُهُ يَسْتَخْدِمُهُ، فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ أَيْضًا ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
وَأُعْطِي أَيْضًا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ فِي مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِدْمَتِهِ. وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ يَوْمَ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ عَدِيمًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَارَجُ وَيُوقَفُ خَرَاجُهُ.
فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَشَهْرٌ بَعْدَهَا فَيُوقَفُ خَرَاجُ هَذَا الشَّهْرِ وَيُعْطَى السَّيِّدُ خَرَاجَ أَوَّلِ شَهْر مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ كُلَّمَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ هَذِهِ أُعْطِي خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ تِلْكَ.
(وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي مُدَبَّرٍ قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا لَا يَعْتِقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا دِيَةَ وَيُبَاعُ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ، وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ خَطَأً (وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ لِلتَّرِكَةِ وَبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ) ابْنُ شَاسٍ: يَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا أَوْ بِاسْتِغْرَاقٍ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ أَوْ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِسْمُ يَدْفَعُ كَمَالَ الْحُرِّيَّةِ لَا أَصْلَهَا، فَإِذَا دَبَّرَ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ ثُلُثُهُ.
(وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يَعْتِقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلْمُدَبَّرِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ حَتَّى يَعْتِقَ فِي الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ النَّظَرِ فِيهِ لَا يَوْمَ يَمُوتُ السَّيِّدُ. وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ أَمَةً فَدَبَّرَهَا أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتَ حُرَّةٌ إذَا مَاتَ فُلَانٌ، نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ: لَهُ وَطْؤُهَا فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَتَعْتِقُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْأُخْرَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ بِوَطْءِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا.
(وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) اللَّخْمِيِّ: إنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ كَانَ حُرًّا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ آخِرَهُمَا وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَرَقَّ الْبَاقِي، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ وَتَكُونُ لَهُمْ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ يَعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا وَيَرِقُّ الْبَاقِي (وَلَا رُجُوعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: