المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجناية على الأطراف] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٨

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ] [

- ‌بَابٌ فِي أَرْكَانِ الْهِبَةِ وَحُكْمِهَا]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الِالْتِقَاطِ وَذَاتِ اللُّقَطَةِ وَأَحْكَامِهَا]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[بَابٌ فِي الِالْتِقَاطِ وَأَحْكَامِ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ] [

- ‌بَابٌ فِي تَوْلِيَةِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ]

- ‌[بَاب آدَاب الْقَضَاء]

- ‌[بَاب الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] [

- ‌بَاب أَهْلِيَّة الشَّهَادَة وَمَا يفيد قَبُولهَا وَمُسْتَنِد عِلْم الشَّاهِد وتحمله وَأَدَائِهِ]

- ‌[بَاب الشَّهَادَات فِي الْعَدَد وَالذُّكُورَة]

- ‌[بَابٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ]

- ‌[بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابٌ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌ كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَمَجَامِعِ الْخُصُومَاتِ

- ‌[أَرْكَانُ الدَّعْوَى]

- ‌[تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ]

- ‌[بَابٌ فِي الدِّمَاءُ] [

- ‌الْجِنَايَة عَلَى النَّفْس] [

- ‌مُوجِبَات الْقِصَاص]

- ‌[مِنْ مُوجِبَات الْقِصَاص الْقَاتِل]

- ‌[مِنْ مُوجِبَات الْقِصَاص الْقَتِيل]

- ‌[شُرُوطُ الْقَتْلِ]

- ‌[قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]

- ‌[الْجِنَايَة عَلَى الْأَطْرَاف]

- ‌[بَاب اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ لَهُ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ]

- ‌[فَصَلِّ تَأْخِير الْقِصَاص]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْقِصَاصِ فِي كَيْفِيَّةِ الْمُمَاثَلَةِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[الْوَاجِبِ فِي الدِّيَةِ]

- ‌[دِيَةُ النَّفْسِ]

- ‌[دِيَة الْعَمْد وشبه الْعَمْد وَالْخَطَأ]

- ‌[الدِّيَة الْوَاجِبَة فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[الدِّيَة الْوَاجِبَة فِيمَا يَفُوت الْمَنَافِع]

- ‌[بَيَان مِنْ عَلَيْهِ الدِّيَة]

- ‌[كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ]

- ‌[الْقَسَامَةُ وَالشَّهَادَةُ بِالدَّمِ]

- ‌[سَبَبُ الْقَسَامَةُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَاتِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَغْيُ]

- ‌[صِفَاتُ الْبُغَاةِ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[بَابٌ فِي الرِّدَّةُ]

- ‌[حَقِيقَة الرِّدَّة وَأَحْكَامهَا]

- ‌[بَاب فِي الزِّنَا]

- ‌[مُوجَبُ الزِّنَا وَمُوجِبِهِ وَكَيْفِيَّة اسْتِيفَاء الْحَدّ وَمُتَعَاطِيه]

- ‌[بَابٌ فِي الْقَذْفِ] [

- ‌بَاب فِي أَلْفَاظ القذف وَمُوجِبه وَأَحْكَامه]

- ‌[بَاب فِي السَّرِقَةُ]

- ‌[مُوجِب حَدّ السَّرِقَة وَعُقُوبَتهَا وَحُكْمهَا]

- ‌[أَرْكَان السَّرِقَة]

- ‌[شَرْطَ قَطْعِ السَّارِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْحِرَابَةِ]

- ‌[صفة المحاربين وَحُكْم قِتَالهمْ وَعُقُوبَتهمْ وَحُكْمهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّرْبِ]

- ‌[مُوجِب الشُّرْب وَالْوَاجِب فِيهِ]

- ‌[كِتَابُ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ] [

- ‌ضمان سراية الْفِعْل الْمَأْذُون فِي عَيْنه أَوْ جنسه]

- ‌[الضَّمَان فِي دَفْعِ الصَّائِل]

- ‌[ضمان مَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِم]

- ‌[كِتَاب الْعِتْق] [

- ‌بَاب أَرْكَان الْعِتْق]

- ‌[خواص الْعِتْق]

- ‌[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]

- ‌[بَابُ نَدْبِ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ]

- ‌[أَرْكَان الْكِتَابَة]

- ‌[بَاب إقْرَارُ السَّيِّدِ بِوَطْءِ الْأَمَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلَاء]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا] [

- ‌بَاب أَرْكَان الْوَصِيَّة وَأَحْكَامهَا]

- ‌[بَاب الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَاب فِي بَيَان الْوَرَثَة وَالتَّوْرِيث]

- ‌[بَاب مَا يَخْرَج مِنْ تَرِكَة الْمَيِّت]

- ‌[أَسْبَاب الأرث]

- ‌[بَاب فِي أُصُول الْحِسَاب وَبَيَان الْمَخَارِج]

- ‌[بَاب حِسَاب الْمُنَاسَخَات وَقِسْمَة التَّرِكَات]

- ‌[بَاب حِسَاب مَسَائِل الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار]

- ‌[حِسَاب مَسَائِل الْوَصَايَا]

- ‌[بَاب مَوَانِع الْإِرْث]

- ‌[مِيرَاث الْخُنْثَى]

الفصل: ‌[الجناية على الأطراف]

يَجْعَلْ حُكْمَهُ حُكْمَ الْمُسْلِمِ فَيَكُونُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَمْ يَجْعَلْ حُكْمَهُ حُكْمَ نَصْرَانِيٍّ فَيَكُونُ عَلَيْهِ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ. فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ " وَضَمِنَ وَقْتَ الْمَوْتِ " ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فُرُوعًا ثُمَّ قَالَ: لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ نَزَا بِهِ فَمَاتَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنْ لَا قَوَدَ فِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى مَا أَحَلَّ دَمَهُ.

ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَدْ تَقَدَّمَ لِأَشْهَبَ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْجَرْحِ ثَابِتٌ. وَانْظُرْ لَوْ رَمَى عَبْدٌ رَجُلًا بِسَهْمٍ فَعَتَقَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الِاعْتِبَارُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَالِ الْإِصَابَةِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ: فَعَلَى هَذَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: الْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ حِينَ الرَّمْيَةِ فَجُعِلَ الْحُكْمُ بِخُرُوجِ الرَّمْيَةِ. وَانْظُرْ عَكْسَ هَذَا لَوْ رَمَى حُرٌّ عَبْدًا فَعَتَقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى الْأَصْلِ الثَّانِي قِيمَةُ عَبْدٍ مِنْ ابْنِ شَاسٍ، وَانْظُرْ لَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ فَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ فَعَلَيْهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ الدِّيَةُ حَالَّةً فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَدِيَةُ الْجَرْحِ فِي مَالِهِ، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ لَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّهُ رَمَى فِي وَقْتٍ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا عَقْلَ.

وَانْظُرْ لَوْ رَمَى عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ إصَابَتِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ إذَا رَمَى مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَ سَهْمُهُ رَجُلًا خَطَأً فَقَالَ سَحْنُونَ: أَنَا وَإِنْ كُنْت أَعْتَبِرُ وَقْتَ الرَّمْيِ فَأَقُولُ فِي هَذِهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَاقِلَةِ وَقْتَ الرَّمْيِ إذْ لَا عَاقِلَةَ لِلْمُرْتَدِّ فَإِنَّمَا أَنْظُرُ إلَى الدِّيَةِ يَوْمَ تُفْرَضُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهَاهُنَا لَمْ يُحْكَمْ فِيهَا حَتَّى أَسْلَمَ وَلَهُ وَقْتَ الْإِسْلَامِ عَاقِلَةٌ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: أَجْمَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إنْ جَنَى خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَحْمِلُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدَهُمْ.

وَانْظُرْ لَوْ رَمَى مُسْلِمٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَفِي قَوْلِ أَشْهَبَ دِيَتُهُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ. وَانْظُرْ لَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ النَّصْرَانِيُّ ثُمَّ نَزَا فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَدِيَةُ نَصْرَانِيٍّ فِي قَوْلِ أَشْهَبَ. وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا ثُمَّ تَهَوَّدَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ دِيَةُ يَهُودِيٍّ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ.

[الْجِنَايَة عَلَى الْأَطْرَاف]

(وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا) ابْنُ شَاسٍ: النَّظَرُ فِي الْقِصَاصِ فِي نَوْعَيْنِ: فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ. فَتَكَلَّمَ عَلَى النَّفْسِ ثُمَّ قَالَ: النَّوْعُ الثَّانِي فِي الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ وَذَلِكَ فِي شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْقَاطِعِ وَالْمَقْطُوعِ مَا ذَكَرْنَا فِي شُرُوطِ الْقَتْلِ وَالْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ: وَعَقْدُ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَجْرِي

ص: 312

فِي الْأَطْرَافِ قَالَ: فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا يُقْتَصُّ لِآخَرَ مِنْهُ فِي النَّفْسِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْتَصُّ فِي الْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ كَالْعَبْدِ يَقْتُلُ الْحُرَّ وَالْكَافِرُ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ يُقْتَلَانِ، وَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ أَوْ الْكَافِرُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُمَا فِي الْأَطْرَافِ وَإِنْ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُتَعَلَّقُ الْجِنَايَةِ غَيْرُ نَفْسٍ وَإِنْ أَبَانَتْ بَعْضَ الْجِسْمِ فَقُطِعَ وَإِلَّا فَإِنْ أَزَالَتْ اتِّصَالَ عَظْمٍ لَمْ يَبْقَ فَكُسِرَ، فَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْجِسْمِ فَجُرْحٌ وَإِلَّا فَإِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ، وَالْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ لَا فِي النَّفْسِ إلَّا فِي جِنَايَةِ أَدْنَى عَلَى أَعَلَا، فَلَوْ قَطَعَ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ حُرًّا مُسْلِمًا فَطُرُقٌ الْبَاجِيِّ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا قِصَاصَ وَتَلْزَمُ الدِّيَةُ (وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ فَمِنْ كُلٍّ كَفِعْلِهِ) سَحْنُونَ: لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ اُنْظُرْهُ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ ".

(وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ وَخَارِصَةٍ شَقَّتَا الْجِلْدَ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِمُتَعَدِّدٍ وَمِلْطَأَةٍ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ) عَبْدُ الْوَهَّابِ: الْجِرَاحُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالدَّامِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَى الْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ وَقَلْعِ الْعَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْضَاءِ.

وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: كُلُّ هَذِهِ الشِّجَاجِ الْمُرَادُ بِهَا مَا كَانَ فِي الرَّأْسِ.

ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي الْجِرَاحِ مَا قَبْلَ الْهَاشِمَةِ الْقَوَدُ. ابْنُ شَاسٍ: وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ.

عِيَاضٌ: أَوْلَاهَا الْحَارِصَةُ وَهِيَ مَا حَرَصَ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّهُ وَتُسَمَّى الدَّامِيَةُ لِأَنَّهَا تُدْمِي، وَالدَّامِعَةُ لِأَنَّ الدَّمَ

ص: 313

يَدْمَعُ مِنْهَا. وَقِيلَ: الدَّامِيَةُ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَخْدِشُ فَتُدْمِي وَلَا تَشُقُّ الْجِلْدَ، ثُمَّ الْخَارِصَةُ لِأَنَّهَا شَقَّتْ الْجِلْدَ. وَقِيلَ: هِيَ السِّمْحَاقُ كَأَنَّهَا جَعَلَتْ الْجِلْدَ كَسَمَاحِيقَ السَّحَابِ، ثُمَّ الدَّامِعَةُ لِأَنَّهَا دَمُهَا كَالدَّمْعِ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ. ابْنُ شَاسٍ: وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ غَوْصًا بَالِغًا وَتَقْطَعُهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ. عِيَاضٌ: وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. ثُمَّ الْمِلْطَاةُ وَهِيَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَظْمِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَلِيلٌ مِنْ اللَّحْمِ. وَقِيلَ: هِيَ السِّمْحَاقُ. ثُمَّ الْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي كَشَفَتْ عَنْ الْعَظْمِ.

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَعَظْمُ الرَّأْسِ مَحَلُّهَا، وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ، وَمُوضِحَةُ الْخَدِّ كَالْجُمْجُمَةِ. ابْنُ شَاسٍ: الْمُوضِحَةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ مِنْ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ. عِيَاضٌ: ثُمَّ الْهَاشِمَةُ مَا هَشَّمَتْ الْعَظْمَ.

(كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي ضَرْبَةِ السَّوْطِ الْقَوَدُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا.

(وَجِرَاحِ الْجَسَدِ وَإِنْ مُنَقِّلَةً) لَوْ قَالَ: " وَإِنْ هَاشِمَةً " لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ.

ابْنُ الْحَاجِبِ: فِي جِرَاحِ الْجَسَدِ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا الْقَوَدُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخِذِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: فِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ كَالْهَاشِمَةِ لَا الْمُجَوَّفِ كَالْفَخِذِ وَشَبَهِهِ، وَرَبِيعَةُ يَرَى الْقَوَدَ فِي كُلِّ جُرْحٍ وَلَوْ كَانَ مُتْلِفًا.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَطَعَ بَضْعَةً مِنْ لَحْمِهِ فَفِيهَا الْقَوَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُرِيدُ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ مَحَلًّا وَقَدْرًا.

(بِالْمِسَاحَةِ) ابْنُ حَارِثٍ: اتَّفَقَا فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ فِي الْجَسَدِ أَنَّ الْقِصَاصَ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْجُرْحِ فِي طُولِهِ وَعُمْقِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُوضِحَةً فِي الرَّأْسِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَوَدُ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) ابْنُ الْحَاجِبِ: تُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَحَلِّ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، فَلَا تُقْطَعُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى، وَلَا الثُّنَائِيَّةُ بِالرَّبَاعِيَةِ، وَتَتَعَيَّنُ عِنْدَ عَدَمِهِ الدِّيَةُ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْأُنْمُلَةَ تُقْطَعُ بِالْأُنْمُلَةِ كَانَتْ أَطْوَلَ أَوْ أَقْصَرَ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَدِيمًا: إنَّمَا يُقَادُ بِقَدْرِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَوْعَبَ رَأْسَ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ، يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يَعِبْ بِالْقِيَاسِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

الْبَاجِيُّ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَصُرَ رَأْسُ الْجَانِي عَنْ قَدْرِ الشَّقِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى الرَّأْسَ إلَى الْجَبْهَةِ وَلَا الذِّرَاعَ إلَى الْعَضُدِ وَلَا قَوَدَ فِي الْبَاقِي وَلَا دِيَةَ.

(كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا وَإِلَّا فَالْعَقْلُ) فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا زَادَ الطَّبِيبُ فِي الْقَوَدِ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ: مَفْهُومُهُ إنْ زَادَ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَايَاتِ.

(كَيَدٍ شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ وَبِالْعَكْسِ) ابْنُ شَاسٍ: لَا تُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ، وَلَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ، وَإِنْ قَنَعَ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بِهَا

ص: 314

انْتِفَاعٌ، وَلَا يُضَمُّ إلَيْهَا أَرْشٌ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ إلَّا أَنَّ بِهَا شَلَلًا بَيِّنًا وَهُوَ يَنْتَفِعُ بِهَا فَرَضِيَ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ هَذِهِ النَّاقِصَةِ وَلَهُ فِيهَا اسْتِمْتَاعٌ، فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ يَقْطَعُهَا رَجُلٌ صَحِيحٌ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا (وَعَيْنِ أَعْمَى وَلِسَانِ أَبْكَمَ) ابْنُ شَاسٍ: الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ وَالْحَدَقَةُ الْعَمْيَاءُ وَلِسَانُ الْأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ.

(وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ مِنْ مُنَقِّلَةٍ أَطَارَتْ فِرَاشَ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ وَآمَّةٍ أَفَضْت لِلدِّمَاغِ وَدَامِغَةٍ خَرَطَتْ خَرِيطَتَهُ) قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: مِنْ شَرْطِ الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ لَا يَعْظُمُ الْخَطَرُ فِيهِ وَلَا يَغْلِبُ وَالْخَوْفُ مِنْهُ عَلَى النَّفْسِ كَالْمُوضِحَةِ فَمَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَغْلِبُ وَيَغْلِبُ خَطَرُهُ فَلَا قِصَاصَ، وَفِيهِ الدِّيَةُ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي، وَذَلِكَ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا خَاصَّةً.

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا قَوَدَ فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ. وَالْمُنَقِّلَةُ مَا أَطَارَ فِرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنْ صَغُرَ. عِيَاضٌ: الْمُنَقِّلَةُ مَا كَسَرَتْ الْعَظْمَ فَيُفْتَقَرُ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ عِظَامِهَا لِإِصْلَاحِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهَا " وَإِنْ مُنَقِّلَةً " أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، وَالْمَأْمُومَةُ هِيَ الَّتِي أَفَضْت إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَهِيَ تَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ، وَالْجَائِفَةُ هِيَ الَّتِي نَفَذَتْ إلَى الْجَوْفِ وَهِيَ تَخْتَصُّ بِهِ. التَّلْقِينُ: يُقَالُ فِي الْمَأْمُومَةِ الْآمَّةُ. ابْنُ شَاسٍ: وَهِيَ الْبَالِغَةُ إلَى أُمِّ الرَّأْسِ، وَالدَّامِغَةُ الْخَارِقَةُ لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ.

(كَلَطْمَةٍ وَشُفْرِ عَيْنِ حَاجِبٍ وَلِحْيَةٍ وَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ قَالَ: وَلَيْسَ فِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ.

الْبَاجِيُّ: وَمَنْ نَتَفَ لِحْيَةَ رَجُلٍ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ شَارِبَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِيهِ الْأَدَبُ.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَلَا قِصَاصَ فِيهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ

ص: 315

لَا قِصَاصَ فِي اللِّحْيَةِ وَأَشْفَارِ الْعَيْنِ وَهُوَ كَالْخَطَأِ إلَّا الْأَدَبُ.

(وَلَا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ) وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَجِرَاحُ الْجَسَدِ ".

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَعْظُمُ الْخَطَرُ فِيهِ كَائِنًا مَا كَانَ (وَفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قِيلَ: فَإِنْ أَخْرَجَ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ رَضَّهُمَا عَمْدًا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيهِمَا الْقِصَاصُ. وَلَا أَدْرِي مَا قَوْلُهُ فِي الرَّضِّ إلَّا أَنِّي أَخَافُ أَنَّهُ مُتْلِفٌ، فَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا فَلَا قَوَدَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مُتْلِفٍ. أَشْهَبُ: إنْ قُطِعَتَا أَوْ أُخْرِجَتَا فَفِيهِمَا الْقَوَدُ لَا

ص: 316

فِي رَضِّهِمَا لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ.

(وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةٌ مَا لَمْ

ص: 317

يَذْهَبْ وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ ذَهَبَ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ بِسِرَايَةِ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ كَمُوضِحَةٍ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهَا، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ اسْتَوْفَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَالِهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ أُقِيدَ مِنْ الْمُوضِحَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ، فَإِنْ بَرِئَ الْجَانِي وَلَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ بِذَلِكَ كَانَ فِي مَالِهِ دِيَتَانِ: دِيَةُ سَمْعٍ وَدِيَةُ عَقْلٍ. وَقَدْ يَجْتَمِعُ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَوَدٌ وَعَقْلٌ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إنْ انْخَسَفَتْ الْعَيْنُ أَوْ ابْيَضَّتْ أَوْ ذَهَبَ بَصَرُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ خَطَأً فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَخَسَفَهَا خُسِفَتْ عَيْنُهُ، وَإِنْ لَمْ تُخْسَفْ وَبَقِيَتْ قَائِمَةً وَذَهَبَ بَصَرُهَا فَإِنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ أُقِيدَ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ.

وَمَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ ضُرِبَ الضَّارِبُ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: هَذَا إنْ كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ.

ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ.

(وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ذَهَبَتْ يَمِينُ مَنْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ بِأَمْرِ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِقَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ مِنْ يَمِينِهِ. وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ جَمَاعَةٍ الْيُمْنَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ ثُمَّ قَامُوا فَلْتُفْقَأْ عَيْنُهُ لِجَمِيعِهِمْ، وَكَذَا الْيَدُ وَالرِّجْلُ، وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ رَجُلًا آخَرَ، قُتِلَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَاطِعِ قَاطِعِهِ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ.

(وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمِرْفَقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ الْيُمْنَى يَمِينَ رَجُلِ صَحِيحٍ مِنْ الْمِرْفَقِ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ أَوْ قَطْعُ الذِّرَاعِ النَّاقِصَةِ مِنْ الْمِرْفَقِ (كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ كَالْأَقْطَعِ الْكَفِّ.

ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا تَشْبِيهٌ صَحِيحٌ.

(وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ سَرَقَ وَقَدْ ذَهَبَ مِنْ يَمِينِ يَدِهِ أُصْبُعٌ قُطِعَتْ يَمِينُهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ وَإِبْهَامُ يَدِهِ مَقْطُوعَةٌ أَنَّ يَدَهُ تُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ أَصَابِعِ الْجَانِي إلَّا أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا الْقَوَدُ وَلَا يُغَرِّمُهُ عَقْلَ أُصْبُعِهِ النَّاقِصَةِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ، أَكْثَرَ فِيهِ وَفِي الدِّيَةِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ نَقَصَتْ يَدُ الْجَانِي أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ تَامًّا أَوْ يَقْتَصَّ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ هَذَا: إنَّهُ

ص: 318

مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ إبْهَامًا) ابْنُ رُشْدٍ: رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ يَحْيَى لَوْ كَانَ نَقْصُ الْأُصْبُعِ مِنْ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ الْقَوَدَ دُونَ غُرْمٍ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ أُصْبُعًا وَاحِدًا وَلَوْ إبْهَامًا فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: يُقْتَصُّ كَانَتْ الْإِبْهَامُ أَوْ غَيْرُهَا.

اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ "(لَا أَكْثَرَ) ابْنُ رَاشِدٍ: إنْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أُصْبُعَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَلَا قَوَدَ عَلَى الْجَانِي إنَّمَا لَهُ عَقْلُ أَصَابِعِهِ إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى لَهُ إلَّا أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ فَقِيلَ: يَكُونُ لَهُ مَعَ عَقْلِهَا حُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ وَإِنْ رَضِيَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يَجُزْ مِنْ الْكُوعِ وَلَوْ رَضِيَا. ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ هَذَا الْأَخَوَانِ وَأَصْبَغُ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ الدَّلِيلُ الْعَامُّ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَبِدَلِيلِ مَنْ ذَهَبَتْ بَعْضُ كَفِّهِ بِرِيشَةٍ فَخَافَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا فَقِيلَ لَهُ قَطْعُ يَدِك مِنْ الْمِفْصَلِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا لَمْ يَخَفْ إذَا لَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ مِنْ الْمِفْصَلِ إلَّا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ قَطْعُهَا مِنْ الْمِفْصَلِ. وَانْظُرْ أَيْضًا مِمَّا يُرَشِّحُ مَأْخَذَ الْإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ عَفَا الْمَجْرُوحُ عَنْ نِصْفِ الْجُرْحِ. وَالْمَجْمُوعَةُ وَالْعُتْبِيَّةُ عَنْ سَحْنُونٍ: إنْ أَمْكَنَ الْقَوَدُ مِنْ نِصْفِهِ أُقِيدَ مِنْهُ.

(وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّالِمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا الْعَيْنُ الضَّعِيفَةُ فَتُؤْخَذُ بِهَا الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ إذَا كَانَ الضَّعْفُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ مِنْ كِبَرٍ (وَكَجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ) اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا ". ابْنُ شَاسٍ: وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّعْفُ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ رَمْيَةٍ أَوْ قَدْحَةٍ، سَوَاءٌ أَخَذَ صَاحِبُهَا لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا، فَلَا قَوَدَ فِيهَا انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ " وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا " أَنَّ ضَعْفَ الْعَيْنِ إنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَخَذَ فِيهَا عَقْلًا ثُمَّ أُصِيبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ خَطَأً أَنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى حِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ أُصِيبَتْ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ رَمْيَةٍ أَوْ شَبَهِهَا فَلَا قَوَدَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ كَانَ يَنْظُرُ بِهَا ثُمَّ أُصِيبَ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ.

(وَإِنْ فَقَأَ سَالِمُ الْعَيْنِ أَعْوَرَ فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ أَخْذُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ فَقَأَ صَحِيحُ الْعَيْنِ عَيْنَ الْأَعْوَرِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَتَهَا أَلْفَ دِينَارٍ.

وَلَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ ذِي عَيْنَيْنِ الَّتِي مِثْلَهَا، فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَلْفَ دِينَارٍ دِيَةَ مَا تَرَكَ إلَيْهِ رَجَعَ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةٌ لِلْأَعْوَرِ، فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ دِيَةُ عَيْنِهِ ثُمَّ

ص: 319