الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ.
(وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ وَلِيَ أَحَدٌ مِنْ الْمُحَارِبِينَ أَخْذَ الْمَالِ ثُمَّ ظَفِرْنَا بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ غُرْمَ جَمِيعِ ذَلِكَ، كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةً أَمْ لَمْ يَأْخُذْ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا وَلِيَ أَحَدُهُمْ أَخْذَ الْمَالِ وَكَانَ الْبَاقُونَ لَهُ قُوَّةٌ ثُمَّ اقْتَسَمُوا فَتَابَ أَحَدُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَلِ أَخْذَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا أَخَذَ فِي سَهْمِهِ وَمَا أَخَذَ أَصْحَابُهُ.
(وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَخَذَ الْمُحَارِبُونَ الْمَالَ ثُمَّ تَابُوا وَهُمْ عُدَمَاءُ فَذَلِكَ عَلَيْهِمْ دَيْنًا وَإِنْ أُخِذُوا قَبْلَ أَنْ يَتُوبُوا فَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ قُطِعُوا أَوْ قُتِلُوا وَلَهُمْ أَمْوَالٌ أُخِذَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، يُرِيدُ وَيُسْرِهِمْ مُتَّصِلٌ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ مَالٌ لَمْ يُتَّبَعُوا بِشَيْءٍ مِمَّا أَخَذُوا كَالسَّرِقَةِ. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ يُونُسَ.
(وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَالْيَمِينِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أُخِذَ الْمُحَارِبُونَ وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ فَادَّعَاهَا قَوْمٌ لَا بَيِّنَةَ لَهُمْ دُفِعَتْ إلَيْهِمْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ فِي اسْتِبْرَاءِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طُولٍ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مَنْ يَدَّعِيهَا بِشَيْءٍ دُفِعَتْ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ بِغَيْرِ حَمِيلٍ وَيُضَمِّنُهُمْ الْإِمَامُ إيَّاهَا إنْ جَاءَ لِذَلِكَ طَالِبٌ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِمْ.
(أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الرُّفْقَةِ لِأَنْفُسِهِمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تَجُوزُ عَلَى الْمُحَارِبِينَ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إنْ كَانُوا عُدُولًا بِقَتْلٍ أَوْ مَالٍ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ فِي نَفْسِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
(وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ بِهَا ثَبَتَتْ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَإِنْ مِنْ الرُّفْقَةِ لَا لِأَنْفُسِهِمَا، وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمَشْهُورُ ثَبَتَتْ الْحِرَابَةُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنُوهَا.
(وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ) ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ جُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ تَوْبَةَ الْمُحَارِبِ تُقْبَلُ مِنْهُ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ تَوْبَتَهُ تَكُونُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ، وَالثَّانِي أَنْ يُلْقِيَ السِّلَاحَ وَيَأْتِيَ الْإِمَامَ طَائِعًا. ابْنُ شَاسٍ.
[بَابٌ فِي الشُّرْبِ]
[مُوجِب الشُّرْب وَالْوَاجِب فِيهِ]
: الْجِنَايَةُ السَّابِعَةُ الشُّرْبُ وَالنَّظَرُ فِي الْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ.
بَابٌ (يَجِبُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ طَوْعًا بِلَا عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الشُّرْبُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ: شُرْبُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مُخْتَارًا لَا لِضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ.
(أَوْ ظَنِّهِ غَيْرًا) ابْنُ عَرَفَةَ: سُقُوطُ حَدِّ مَنْ يَشْرَبُ مُسْكِرًا غَلَطًا وَاضِحٌ كَقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ كَذَلِكَ، وَلَا حَدَّ أَيْضًا عَلَى مَنْ شَرِبَ مُبَاحًا ظَانًّا أَنَّهُ خَمْرٌ لَكِنْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ.
قَالَهُ عِزُّ الدِّينِ. قَالَ فِي قَوَاعِدِهِ: وَعَلَيْهِ دَرَكُ الْمُخَالَفَةِ.
(وَإِنْ قَلَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ.
(وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا لَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ لَحُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا.
(أَوْ الْحُرْمَةِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ شَرِبَهُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ تَحْرِيمَهُ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَعْرِفُ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ.
(وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَصَحَّحَ نَفْيَهُ) الْبَاجِيُّ: مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ أَنَّهُ حَلَالٌ حُدَّ وَلَمْ يُعْذَرْ. رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ حَدِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمُقَلِّدُ مُبِيحِهِ مِثْلُهُ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
(ثَمَانُونَ) هَذَا هُوَ الْمَخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ " ابْنُ عَرَفَةَ: حَدُّهُ ثَمَانُونَ فِيهَا وَيَنْشَطِرُ بِالرِّقِّ (بَعْدَ صَحْوِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ. زَادَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: وَلَوْ خَافَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَفَاعَةٍ تُبْطِلُ حَدَّهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونَ: فَخُفِّفَ بَعْضُ التَّخْفِيفِ فِي الشَّرَابِ.
وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ فَانْطُلِقَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا حَاذَى دَارَ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ وَقَالَ: أَفَعَلَهَا وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ» (وَتُشْطَرُ بِالرِّقِّ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا.
(إنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِشُرْبٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
(أَوْ شُمَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ رَائِحَةٍ. أَبُو عُمَرَ: الْحَدُّ بِالرَّائِحَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَأَى الْحَاكِمُ تَخْلِيطًا فِي قَوْلٍ أَوْ شَيْءٍ شِبْهَ السَّكْرَانِ أَمَرَ بِاسْتِنْكَاهِهِ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يَسَعُهُ إلَّا تَحَقُّقُهُ، وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَمْ يَسْتَنْكِهْهُ وَلَمْ يُتَجَسَّسْ عَلَيْهِ. انْتَهَى مِنْ الْمُنْتَقَى.
(وَإِنْ خُولِفَ وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ) أَمَّا جَوَازُ شُرْبِ الْخَمْرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهَا فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي التَّهْدِيدِ هَلْ هُوَ إكْرَاهٌ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ، فَإِذَا قَالَ لَهُ الظَّالِمُ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا سَجَنْتُك أَوْ أَخَذْتُ مَالَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَحْمِيهِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا اللَّهُ، فَلَهُ أَنْ يُقْدِمَ إلَّا عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ فَلَا يَفْدِي نَفْسَهُ بِقَتْلِ غَيْرِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الزِّنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ أَلْزَمَهُ الْحَدَّ، لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهَا شَهَادَةٌ خُلُقِيَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهَا إكْرَاهٌ وَلَكِنَّهُ غَفَلَ عَنْ السَّبَبِ فِي بَاعِثِ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى شَهَادَةٍ بَعَثَ عَلَيْهَا سَبَبٌ اخْتِيَارِيٌّ فَقَاسَ الشَّيْءَ عَلَى ضِدِّهِ فَلَمْ يَخْلُ صَوَابٌ مِنْ عِنْدِهِ. وَانْظُرْ الْفَرْقَ السَّابِعَ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَتَيْنِ لِشِهَابِ الدِّينِ: وَأَمَّا الْكُفْرُ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَلْفِظَ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُنْشَرِحٌ بِالْإِيمَانِ، وَلَمَّا سَمَحَ اللَّهُ فِي الْكُفْرِ بِهِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ حَمَلَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا. وَأَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُكْرَهُ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ أَوْ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِهِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ.
(أَوْ إسَاغَةٍ) أَمَّا الْجَوَازُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبِ: إنْ غَصَّ بِطَعَامٍ فَلَهُ أَنْ يُجَوِّزَهُ بِالْخَمْرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَزِيدُهُ الْخَمْرُ إلَّا شَرًّا. ابْنُ رُشْدٍ: الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ تَعْلِيلِهِ. هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ لَجَازَ لَهُ شُرْبُهَا، وَأَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لَا يُحَدُّ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ.
(لَا دَوَاءٍ وَلَوْ طِلَاءً) مَالِكٌ: التَّدَاوِي مِنْ الْقُرْحَةِ بِالْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا بِالْخَمْرِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِمَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ إنَّهَا رِجْسٌ وَلَمْ يَأْتِ فِي الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ نَجِسٌ. ابْنُ شَعْبَانَ: لَا يَتَعَالَجُ بِالْمُسْكِرِ وَإِنْ غُسِلَ بِالْمَاءِ وَلَا يُدَاوَى بِهِ دُبُرُ الدَّوَابِّ.
(وَالْحُدُودُ بِضَرْبٍ وَسَوْطٍ مُعْتَدِلَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: صِفَةُ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَالتَّعْزِيرِ
وَاحِدٌ، ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ، لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا بِالْخَفِيفِ، وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ ضَمَّ الضَّارِبِ يَدَهُ إلَى جَنْبِهِ. وَلَا يُجْزِئُ الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ بِقَضِيبٍ وَشِرَاكٍ وَلَا دُرَّةٍ وَلَكِنْ السَّوْطِ وَإِنَّمَا كَانَتْ دُرَّةُ عُمَرَ لِلْأَدَبِ (قَاعِدًا بِلَا رَبْطٍ وَلَا شَدِيدٍ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) مُحَمَّدٌ: لَا يَتَوَلَّى ضَرْبَ الْحَدِّ قَوِيٌّ وَلَا ضَعِيفٌ وَلَكِنْ وَسَطٌ مِنْ الرِّجَالِ وَيُضْرَبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالْحُدُودِ
قَاعِدًا لَا يُرْبَطُ وَلَا يُمَدُّ وَتُخَلَّى لَهُ يَدَاهُ. (وَجُرِّدَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ) مِنْ الْعُتْبِيَّةِ: وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ لِلضَّرْبِ وَيُتْرَكُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ جَسَدَهَا وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ (وَنُدِبَ جَعْلُهَا فِي قُفَّةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: بَلَغَ مَالِكًا أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَقْعَدَ الْمَرْأَةَ فِي قُفَّةٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ انْتَهَى أَبْوَابُ الْجِنَايَاتِ.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْجِنَايَاتُ الْمُوجِبَاتُ لِلْحَدِّ سَبْعَةٌ وَمَا عَدَا هَذِهِ الْجِنَايَاتِ وَمُقَدَّمَاتِهَا فَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ.
(وَعَزَّرَ الْإِمَامُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَمَّا النَّكَالُ وَالتَّعْزِيرُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ. وَانْظُرْ الْفَرْقَ السَّادِسَ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَتَيْنِ لِشِهَابِ الدِّينِ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْحُدُودَ مُقَدَّرَةٌ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ وَالْحَدُّ وَاجِبٌ إقَامَتُهُ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ وَالْحَدُّ تَعَبُّدٌ، فَحَدُّ مَنْ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَاحِدٌ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَبِحَسَبِ الْجِنَايَةِ، وَالْحَدُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمَعَاصِي بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُكَلَّفِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْمَجَانِينَ وَالتَّعْزِيرُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ إلَّا الْحِرَابَةَ، وَالْحَدُّ يُقَامُ وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّ الْيَسِيرَ يَسْقُطُ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ، وَالْكَثِيرَ يَسْقُطُ لِعَدَمِ مُوجِبِهِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا الْكُفْرُ فَانْظُرْهُ قَبْلَ هَذَا (لِمَعْصِيَةِ
اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ) ابْنُ عَرَفَةَ: مُوجِبُ الْمَعْصِيَةِ الْمُوجِبَةِ حَدًّا عُقُوبَةُ فَاعِلِهَا. ابْنُ شَاسٍ: وَالسَّيِّدُ يُعَزَّرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَفِي حَقِّ اللَّهِ، وَالزَّوْجُ يُعَزَّرُ فِي النُّشُوزِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَالْأَبُ يُؤَدِّبُ الصَّغِيرَ دُونَ الْكَبِيرِ وَمُعَلِّمُهُ أَيْضًا يُؤَدِّبُهُ. وَمِنْ ابْنِ سَلْمُونَ: إذَا رُفِعَ لِلْوَالِي أَنَّ فِي بَيْتِ فُلَانٍ خَمْرًا فَإِنْ أَتَاهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلَا يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَهْتِكُ سِتْرَ مُسْلِمٍ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَتَاهُ بِذَلِكَ عُدُولٌ فَشَهِدُوا عِنْدَهُ عَلَى الْبَتِّ كَشَفَ عَنْ ذَلِكَ وَأَهْرَاقَهَا وَضَرَبَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَهُ حُرْمَةٌ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ بِالسُّوءِ فَيَتْرُكَهُ وَلَا يَكْشِفَهُ.
وَإِذَا مَشَتْ امْرَأَةٌ مَعَ أَهْلِ الْفَسَادِ ثُمَّ يُؤْتَى بِهَا لَمْ يَنْبَغِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْشِفَهَا عَمَّا كَانَتْ فِيهِ هَلْ زَنَتْ أَوْ كَانَتْ خَرَجَتْ عَنْ طَوْعٍ وَيُؤَدِّبُهَا الْإِمَامُ وَلَا يَكْشِفُ عَنْ شَيْءٍ، وَنَقَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِنَصِّهَا وَرَشَّحَهَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَعَلَّك قَبَّلْتَ لَعَلَّك لَمَسْتَ» . وَمَنْ تَغَامَزَ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ تَضَاحَكَ مَعَهَا ضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ. وَمَنْ حَبَسَ امْرَأَةً ضُرِبَ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ هِيَ فَكَذَلِكَ.
وَإِنْ قَبَّلَهَا ضُرِبَ خَمْسِينَ سَوْطًا وَهِيَ كَذَلِكَ إنْ طَاوَعَتْهُ، وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: سَرَقْتَ مَتَاعِي فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ وَإِلَّا لَزِمَ الْقَائِلَ لِذَلِكَ الْأَدَبُ. وَإِذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ يُؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ حُبِسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُؤَدَّبُ عَلَى قَدْرِ جُرْمِهِ، وَإِنْ زَادَ شَرُّهُ أَمَرَهُ بِالْكَفِّ عَنْ الْجِيرَانِ وَإِلَّا بِيعَتْ عَلَيْهِ دَارُهُ وَأُكْرِيَتْ عَلَيْهِ.
وَأَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي الَّذِي يُؤْذِي النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ (حَبْسًا وَلَوْمًا) مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا كَلْبُ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ، فَإِنْ كَانَا مَعًا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِلُ عُقُوبَةً خَفِيفَةً يُهَانُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السِّجْنَ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ ذِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالتَّوْبِيخِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْإِهَانَةَ وَلَا السِّجْنَ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ (وَبِالْإِقَامَةِ وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ) ابْنُ شَاسٍ: كَانُوا يُعَاقِبُونَ الرَّجُلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرِ جِنَايَتِهِ؛ مِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ، وَمِنْهُمْ مِنْ يُحْبَسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي الْمَحَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَمِمَّا جَرَى بِهِ عَمَلٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ ضَرْبُ الْقَفَا مُجَرَّدًا عَنْ سَاتِرٍ بِالْأَكُفِّ. عِيَاضٌ: وَحَلَفَ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ فِي مَجْلِسِ. سَحْنُونٍ: فَأَمَرَ سَحْنُونَ بِصَفْعِ قَفَاهُ.
(وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) ابْنُ شَاسٍ: جِنْسُ التَّعْزِيرِ لَا يُخَصَّصُ بِسَوْطٍ أَوْ يَدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ زَائِدًا عَلَى الْحَدِّ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ صِحَّةُ الزِّيَادَةِ عَنْ الْحَدِّ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِعِظَمِ جُرْمِ الْجَانِي. ضَرَبَ عُمَرُ مِائَةً لِمَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: فِي مُؤَدِّبِ الصِّبْيَانِ إنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ (أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ) ابْنُ شَاسٍ: لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّعْزِيرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونَ الْحَدِّ
وَلَا لَهُ انْتِهَاءٌ بِهِ إلَى الْقَتْلِ، وَأَمَرَ مَالِكٌ بِضَرْبِ شَخْصٍ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ مُجَرَّدًا فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ مَالِكٌ. انْتَهَتْ الْجِنَايَاتُ وَمُوجِبَاتُ التَّعْزِيرِ. .