الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ وَهْبٍ: مَنْ رَشَّ فِنَاءَهُ لِيُزْلِقَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ فِي الطَّرِيقِ مَرْبِطًا لِدَابَّتِهِ أَوْ كَلْبًا لِدَارِهِ يَعْقِرُ مَنْ يَدْخُلُهَا أَوْ فِي غَنَمِهِ لِيَعْدُوَ عَلَى مَنْ أَرَادَهَا.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرِ أَحَدٍ أَوْ بِدَارِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ رَشَّ فِنَاءَهُ تَبَرُّدًا أَوْ تَنَظُّفًا أَوْ رَبَطَ كَلْبَ صَيْدٍ بِدَارِهِ أَوْ فِي غَنَمِهِ لِلسِّبَاعِ أَوْ نَصَبَ حِبَالَاتٍ لِلسِّبَاعِ أَوْ وَقَفَ عَلَى دَابَّتِهِ بِطَرِيقٍ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا لِحَاجَةٍ أَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ بِسُوقٍ، لَمْ يَضْمَنْ مَا هَلَكَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَخْرَجَ رَوْشَنًا مِنْ دَارِهِ. اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " إلَّا نَهَارًا " وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ فِيمَنْ اسْتَعْمَلَ صَبِيًّا مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاشِيَةٍ قُرْبَ أُخْرَى لِغَيْرٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَطِبَ بِهَا آدَمِيٌّ، لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَضُرُّ بِجَارِهِ فَيُؤْمَرُ بِرَدْمِهَا وَمَا هَلَكَ فِيهَا بَعْدَ أَمْرِهِ ضَمِنَهُ.
مُحَمَّدٌ: وَمَا هَلَكَ بِذَلِكَ مِنْ آدَمِيٍّ فَعَلَى مَا قُلْته وَغَيْرُهُ فِي مَالِهِ.
[شُرُوطُ الْقَتْلِ]
(وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: شَرْطُ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا ثُمَّ قَالَ: مِنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ تَسَبُّبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْمَذْهَبُ نَوْعَانِ: أَيْ سَبَبٌ وَمُبَاشَرَةٌ.
فَالسَّبَبُ كَحَفْرِ بِئْرٍ لِلْإِهْلَاكِ وَكَالْإِكْرَاهِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْقِصَاصِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ. وَاَلَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ: فِي الْقَوَدِ بِالْإِكْرَاهِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ رِوَايَتَانِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُولَى فِي تَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ الْقَوَدُ انْتَهَى نَقَلَهُ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِسَقْيِ سُمٍّ قُتِلَ بِهِ.
(وَرَمْيِ حَيَّةٍ عَلَيْهِ) أَصْبَغُ: مَنْ طَرَحَ عَلَى رَجُلٍ حَيَّةً مَسْمُومَةً فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ عَلَى اللَّعِبِ مِثْلُ بَعْضِ الشَّبَابِ يَطْرَحُ الْحَيَّةَ الَّتِي لَا تُعْرَفُ بِمِثْلِ هَذَا فَتَقْتُلُ فَهَذَا خَطَأٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ لَطْمَةٍ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ عَدَمُ شَرْطِ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: يَغْلِبُ السَّبَبُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمُبَاشَرَةُ عُدْوَانًا كَمَا لَوْ طُرِحَ رَجُلٌ مَعَ سَبُعٍ فِي مَكَان ضَيِّقٍ وَأَمْسَكَهُ عَلَى ثُعْبَانٍ فَهَلَكَ.
(وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأً) ابْنُ شَاسٍ: وَاخْتُلِفَ فِي الْإِشَارَةِ بِالسَّيْفِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ أَشَارَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّيْفِ وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَتَمَادَى بِالْإِشَارَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُ فَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ طَلَبَهُ حَتَّى سَقَطَ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِقَسَامَةِ أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ. الْبَاجِيُّ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ السَّقْطَةِ. الْبَاجِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ إشَارَتُهُ فَقَطْ فَمَاتَ فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ) مِنْ الْمُوَطَّأِ: مَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا لِآخَرَ لِيَضْرِبَهُ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ إنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ فَقَطْ وَعُوقِبَ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ عُقُوبَةٍ وَسُجِنَ سَنَةً.
[قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]
(وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ
(وَالْمُتَمَالَئُونَ وَإِنْ بِسَوْطٍ سَوْطٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ تَمَالَأَ جَمْعٌ عَلَى ضَرْبِ سَوْطٍ قُتِلُوا جَمِيعًا.
ابْنُ عَرَفَةَ: يُرِيدُ تَمَالُؤًا عَلَى قَتْلِهِ (وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " لَوْ اشْتَرَكَ الْمُتَسَبِّبُونَ وَالْمُبَاشِرُونَ قُتِلُوا جَمِيعًا وَاضِحٌ، دَلِيلُهُ مَسْأَلَةُ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُحَارِبِينَ إنْ وَلِيَ رَجُلٌ مِنْ جَمَاعَةٍ قَتْلَ رَجُلٍ وَبَاقِيهِمْ عَوْنٌ لَهُ وَتَابُوا قَبْلَ أَخْذِهِمْ دُفِعُوا لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ، قَتَلُوا مَنْ شَاءُوا وَعَفَوْا عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا. وَمِنْ الرِّسَالَةِ: وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ بَعْضُهُمْ.
(كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ) الْمَازِرِيُّ: مَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ لَهُ قَتْلَ مُسْلِمٍ ظُلْمًا، وَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَآلَةٍ انْتَهَى.
وَصَوَّرَ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا سِتَّ صُوَرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الصُّورَةَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ. وَعِبَارَتُهُ فِي الَّذِينَ يَقْتُلُونَ مَعًا أَنْ قَالَ مَا نَصُّهُ: الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ عَبْدَ نَفْسِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَفْعَلُ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي ذَلِكَ كَانَ الْعَبْدُ فَصِيحًا أَوْ أَعْجَمِيًّا. وَقَالَهُ أَصْبَغُ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بَعْضَ أَعْوَانِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَيَفْعَلُ، لَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَقَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ، أَوْ الصَّانِعُ لِمُتَعَلِّمِهِ وَقَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ، أَوْ الْمُؤَدِّبُ لِمَنْ يُؤَدِّبُهُ وَقَدْ بَلَغَ الْحُلُمَ، بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَفْعَلُ. اُخْتُلِفَ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى: يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُبَالَغُ فِي عُقُوبَةِ الْآمِرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونٍ: إنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا انْتَهَى.
فَانْظُرْ أَنْتَ هَذَا (وَكَأَبٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) ابْنُ رُشْدٍ: وَالصُّورَةُ الْخَامِسَةُ أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الَّذِي فِي حَجْرِهِ وَقَدْ رَاهَقَ الْحُلُمَ وَمِثْلُهُ يَتَنَاهَى عَمَّا يُنْهَى عَنْهُ وَالصَّانِعُ لِمُتَعَلِّمِهِ كَذَلِكَ يَعْنِي الْمُرَاهِقَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغُ الْحُلُمَ أَوْ الْمُؤَدَّبُ لِمَنْ يُؤَدِّبُهُ. كَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّ الْآمِرَ يُقْتَلُ وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الْقَاتِلِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. الصُّورَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَكُونَ دُونَ ذَلِكَ فِي السِّنِّ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْآمِرَ يُقْتَلُ وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ انْتَهَى.
وَاَلَّذِي لِلْمُتَيْطِيِّ: إذَا أَمَرَ رَجُلٌ صَبِيًّا صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ بِقَتْلِ رَجُلٍ أَوْ بِقَتْلِ صَبِيٍّ، قُتِلَ الْآمِرُ أَبًا كَانَ أَوْ مُعَلِّمًا، وَكَانَتْ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ الْمَأْمُورِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَهُوَ دُونَ الْحُلُمِ أُدِّبَ وَلَمْ يُقْتَلْ وَكَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الْمَأْمُورِ الدِّيَةُ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَهُ " كَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ " وَقَدْ تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ (وَسَيِّدٌ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا) تَقَدَّمَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَبْدَ يُقْتَلَانِ مَعًا، كَانَ الْعَبْدُ فَصِيحًا أَوْ أَعْجَمِيًّا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْعِ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الْآمِرَ يُقْتَلُ دُونَ الصَّبِيِّ الْمَأْمُورِ.
اُنْظُرْ أَنْتَ عِبَارَةَ خَلِيلٍ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ) ابْنُ رُشْدٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ رَجُلًا آخَرَ أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ، لَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً
وَيُسْجَنُ سَنَةً انْتَهَى.
وَانْظُرْ أَنْتَ الصُّورَةَ الرَّابِعَةَ هَلْ تَدْخُلُ لِخَلِيلٍ هُنَا. اُنْظُرْهَا قَبْلَ قَوْلِهِ " وَكَأَبٍ ".
(وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ رَجُلًا عَمْدًا قُتِلَ الرَّجُلُ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ إذَا تَعَمَّدَا جَمِيعًا قَتْلَهُ وَتَعَاقَدَا عَلَيْهِ وَتَعَاوَنَا عَلَيْهِ.
(لَا شَرِيكِ مُخْطِئٍ وَمَجْنُونٍ) نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ حُكْمَ الْمَجْنُونِ كَحُكْمِ الْمُخْطِئِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْعَامِدِ إذَا شَرَكَهُ صَبِيٌّ أَوْ أَبٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مُخْطِئٌ أَوْ مَنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ سِتَّةُ أَقْوَالٍ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ كَانَتْ رَمْيَةُ الصَّبِيِّ خَطَأً وَرَمْيَةُ الرَّجُلِ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهُمَا مَعًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا مَعًا لِأَنِّي لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا مَاتَ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ نِصْفَ الدِّيَةِ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَالِهِ. مُحَمَّدٌ: وَإِنْ قَتَلَ رَجُلَانِ رَجُلًا أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً، قُتِلَ الْمُتَعَمِّدُ وَعَلَى الْمُخْطِئِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
(وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وَجَارِحِ نَفْسِهِ وَحَرْبِيٍّ وَمَرِيضٍ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَوْلَانِ) هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَانْظُرْ شَرِيكَ الْهَدْمِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى فِيمَنْ جُرِحَ ثُمَّ ضَرَبَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ فَلَا يُدْرَى مِنْ أَيِّ ذَلِكَ مَاتَ قَالَ: نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَارِحِ. قِيلَ بِقَسَامَةٍ؟ قَالَ: وَكَيْفَ يَقْسِمُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ،؟ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إذَا جَرَحَهُ رَجُلٌ ثُمَّ ضَرَبَتْهُ دَابَّةٌ أَوْ وَقَعَ مِنْ فَوْقِ جِدَارٍ فَأَصَابَتْهُ جِرَاحٌ أُخَرُ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُدْرَى مِنْ أَيِّ ذَلِكَ مَاتَ.
فَلَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوا لَمَاتَ مِنْ جُرْحِ الْجَارِحِ وَهُوَ كَمَرَضِ الْمَجْرُوحِ بَعْدَ الْجُرْحِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا مَرِضَ الْمَجْرُوحُ فَمَاتَ فَلِيُقْسَمُوا لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا طَرَحَهُ إنْسَانٌ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ بَعْدَ جَرْحِ الْأَوَّلِ أَقْسَمُوا عَلَى أَيِّهِمْ شَاءُوا، عَلَى الْجَارِحِ أَوْ الطَّارِحِ، وَقَتَلُوهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ مِائَةً وَسُجِنَ عَامًا. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَرَاجِعْ أَنْتَ ابْنَ عَرَفَةَ وَنَقْلُهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ أَنَّ جُرْحَ الرَّجُلِ وَضَرْبَ الدَّابَّةِ كَانَ مَعًا وَمَاتَ مِنْ حِينِهِ، فَحُمِلَ أَمْرُهُ عَلَى مَوْتِهِ مِنْ الْآمِرِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْهُمَا احْتِمَالًا وَاحِدًا لَا يُمْكِنُ تَغْلِيبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُهُ فِيمَنْ شُجَّ مُوضِحَةً فَتَأَخَّرَ بُرْؤُهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ جِدَارٌ وَمَاتَ مِنْهُ أَوْ قُتِلَ لَهُ نِصْفُ عَقْلِ الْمُوضِحَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا عِنْدِي لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى لَعَلَّهُ مَاتَ مِنْ الْمُوضِحَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي تَعْلِيلِهِ نَظَرٌ رَاجِعْهُ فِيهِ.
(وَإِنْ تَصَادَمَا أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقًا قَصْدًا فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَمَاتَ الْفَرَسَانِ وَالرَّاكِبَانِ، فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَقِيمَةُ فَرَسِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي مَالِ الْآخَرِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ حُرًّا وَعَبْدًا اصْطَدَمَا فَمَاتَا جَمِيعًا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ، وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ كَانَ الزَّائِدُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
وَقَالَ فِي رَجُلَيْنِ اصْطَدَمَا وَهُمَا يَحْمِلَانِ جَرَّتَيْنِ فَانْكَسَرَتَا، غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ إحْدَاهُمَا غَرِمَ ذَلِكَ لَهُ صَاحِبُهُ.
قَالَ مَالِكٌ فِي السَّفِينَتَيْنِ تَصْطَدِمَانِ فَتَغْرَقُ إحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا، فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ
الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةِ لَوْ أَرَادُوا صَرْفَهَا قَدَرُوا فَيَضْمَنُوا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى حَبْسِهَا إلَّا أَنَّ فِيهَا هَلَاكَهُمْ وَغَرَقَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَلْيَضْمَنْ عَوَاقِلُهُمْ دِيَاتِهِمْ وَيَضْمَنُوا الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا نَجَاتَهُمْ بِغَرَقِ غَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرَوْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ لَقَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا فِي السَّفِينَةِ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَلَكِنْ لَوْ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ أَوْ غَفَلُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ.
انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصْطَدِمُونَ رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا ضَرِيرًا وَبِيَدِهِ عَصًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ فِيهِ حُكْمُ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَا صَبِيَّيْنِ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ أَرْكَبَهُمَا أَوْلِيَاؤُهُمَا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَالِغَيْنِ إلَّا فِي الْقِصَاصِ. وَلَوْ جَذَبَا حَبْلًا فَانْقَطَعَ فَتَلِفَ فَكَاصْطِدَامِهِمَا، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ إنْ اصْطَدَمَ فَرَسَانِ فَمَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى صَبِيٍّ فَقَطَعَ أُصْبُعَهُ ضَمِنَاهُ. اُنْظُرْ هُنَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ الْقِصَاصُ مِنْ قَتْلِ خَارِجَةَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِإِثْبَاتِ قَوْلِهِ أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ.
وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ، وَمَنْ رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ فَاتَّقَاهَا الْمُرْمَى عَلَيْهِ فَقَتَلَتْ آخَرَ كَمَا لَوْ هَرَبَ أَمَامَ الْقَاتِلِ فَسَقَطَ عَلَى طِفْلٍ فَقَتَلَهُ كَالْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ تَعَلَّقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَسَقَطُوا عَلَى الْأَسَدِ فَقَتَلَهُمْ (وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ إلَّا كَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) قَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اصْطِدَامِ السَّفِينَتَيْنِ وَالرَّاكِبِينَ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ عَمْدًا فَأَحْكَامُ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْآخَرِ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ
فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْ الصَّرْفِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْعَجْزُ حَقِيقَةً لَا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُوهِمُ أَنَّ حُكْمَ الْفَارِسَيْنِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْفَارِسَيْنِ إذَا جَمَحَ بِهِمَا فَرَسَاهُمَا فَكَانَ تَلَفٌ لَمْ يَضْمَنَا إلَّا أَنَّ الْفَرَسَيْنِ إذَا جُهِلَ أَمْرُهُمَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى إمْسَاكِهِمَا وَفِي السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْعَجْزِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُهُ " إذَا جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُهُ عَلَى صَرْفِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ " يُرَدُّ بِقَوْلِهَا إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَبِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اعْتِزَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَاصْطَدَمَ فَصَاحِبُهُ ضَامِنٌ لِأَنَّ سَبَبَ جَمْحِهِ مِنْ رَاكِبِهِ وَفِعْلَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ) تَقَدَّمَ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ إنْ لَمْ يَصْدِمَا قَصْدًا وَكَيْفَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا.
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ اصْطِدَامَهُمَا قَصْدًا وَهُنَا كَانَ يَنْبَغِي نَقْلُ كَلَامِهِ، لَكِنْ أَرَدْت تَقْدِيمَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْمُتَمَالَئُونَ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ " ذُكِرَ هُنَاكَ إذَا كَانَ الْمُتَمَالِئُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَذُكِرَ هُنَا إذَا طَرَأَتْ مُبَاشَرَةٌ ثُمَّ أُخْرَى، قَالَ ابْنُ شَاسٍ: إذَا طَرَأَتْ مُبَاشَرَةٌ عَلَى مُبَاشَرَةٍ قُدِّمَ الْأَقْوَى.
فَلَوْ جَرَحَ الْأَوَّلُ وَحَزَّ الثَّانِي الرَّقَبَةَ فَالْقَوَدُ عَلَى الثَّانِي، فَلَوْ أَنْفَذَ الْأَوَّلُ الْمَقَاتِلَ ثُمَّ أَجْهَزَ عَلَيْهِ آخَرُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُبَالَغُ فِي عُقُوبَةِ الثَّانِي.
سَحْنُونَ: لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَالْآخَرُ رِجْلَهُ وَضَرَبَ الْآخَرُ عُنُقَهُ، قُتِلَ الْقَاتِلُ وَقُطِعَ الْقَاطِعَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ أَنْفَذَ أَحَدُهُمَا مَقَاتِلَهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى: يُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَيُعَاقَبُ الثَّانِي.
وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عَكْسَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَتْلُ الْأَوَّلِ أَظْهَرُ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ الَّذِي يُقْتَلُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ مَعْدُودًا فِي جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُوصِي.
وَعَنْ سَحْنُونٍ: إنَّ وَصِيَّةَ مَنْ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلُهُ لَا تَجُوزُ، فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ. وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ بِهِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ. وَلَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ، فَيَتَحَصَّلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالِ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْمُوَارَثَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ.
(وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ
بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إذَا صَادَفَ الْقَتْلُ تَكَافُؤَ الدِّمَاءِ لَمْ يَسْقُطْ بِزَوَالِهِ كَالْكَافِرِ يُسْلِمُ وَالْعَبْدِ يَعْتِقُ، فَلَوْ زَالَ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ كَعِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ وَبَعْدَ الْجَرْحِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ.
فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَحَالَ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ " لَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ " وَقَوْلُهُ " مُكَلَّفٌ مَعْصُومٌ لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ " وَأَجَّلْت الْكَلَامَ عَلَى الْفَرْعَيْنِ إلَى التَّكَلُّمِ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ، وَقَدْ عَقَدَ ابْنُ شَاسٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَصْلًا فَقَالَ: فَصْلٌ فِي تَغْيِيرِ الْحَالِ مِنْ الرَّمْيِ وَالْجَرْحِ وَبَيْنَ الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: نَفْيُ التَّكَافُؤِ إثْرَ الْقَتْلِ لَغْوٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ قَتْلِهِ نَصْرَانِيًّا قُتِلَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ وَلِيٌّ فَالْعَفْوُ عَنْهُ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ: اُسْتُحِبَّ الْعَفْوُ عَنْهُ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ مُسْلِمًا لَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا الْمُسْلِمُونَ لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْإِمَامِ عَنْهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَالْوَصِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ مَجَّانًا، وَيَجُوزُ عَفْوُهُ نَظَرًا لِلْيَتِيمِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا جُرِحَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ أَسْلَمَ هَذَا وَعَتَقَ هَذَا وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَإِنْ كَانَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَوْلِيَاءٌ مُسْلِمُونَ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْلِيَاءٌ أَحْرَارٌ أَقْسَمُوا مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا قَوَدَ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ بَعْدَ أَنْ جُرِحَ فَمَاتَ فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً. أَشْهَبُ: إنَّمَا عَلَيْهِ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ إنَّمَا النَّظَرُ لِوَقْتِ الضَّرْبَةِ لَا لِلْمَوْتِ، أَلَا تَرَى لَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ فَمَاتَ مُرْتَدًّا أَوْ قُتِلَ، أَنَّ الْقِصَاصَ فِي قَطْعِ الْيَدِ ثَابِتٌ عَلَى الْجَانِي انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَمْ