الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسَّجْنُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَوَجْهُهُ لَمَّا وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ ثَبَتَتْ الْعُقُوبَةُ.
(وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ) . تَرْجَمَ عَلَى هَذَا ابْنُ شَاسٍ بِأَنْ قَالَ:
[كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ]
[الْقَسَامَةُ وَالشَّهَادَةُ بِالدَّمِ]
[سَبَبُ الْقَسَامَةُ]
كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ.
وَالنَّظَرِ فِي الْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ بِالدَّمِ، وَكَذَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ رُشْدٍ فَقَالَ: كِتَابُ الْقَسَامَةِ. وَذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ، فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَطْرَافِ وَلَا فِي الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ: خَرَّجَ لَهُ قَسَامَةَ مَنْ ثَبَتَ ضَرْبُهُ بِبَيِّنَةٍ تَامَّةٍ وَتَرَاخَى مَوْتُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: اللَّوْثُ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
(كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ قَتَلَهُ فُلَانٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَوْلُ الْمَيِّتِ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا حُرًّا وَلَوْ كَانَ مَسْخُوطًا أَوْ امْرَأَةً قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ هَذَا صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ امْرَأَةً عَمْدًا لَوْثٌ.
(وَلَوْ خَطَأً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ خَطَأً
فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ " أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي قَتْلِ غِيلَةٍ. وَانْظُرْ طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ.
(أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرَعٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ مَسْخُوطٌ أَوْ غَيْرُ مَسْخُوطٍ فَلَا يُتَّهَمُ وَلْيُقْسِمْ وُلَاتُهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانُوا مَسْخُوطِينَ أَيْضًا فَذَلِكَ لَهُمْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَيُقْسِمُ مَعَ قَوْلِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ غَيْرُ تَامَّةِ الشَّهَادَةِ. وَإِذَا قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَذَكَرَ رَجُلًا أَوَرَعَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَقْسَمَ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ رَمَى بِهِ صَبِيًّا أَقْسَمَ مَعَ قَوْلِهِ وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ.
(أَوْ وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ) سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ أَبِي، أَقْسَمَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يُقَدْ مِنْهُ وَغُلِّظَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْأَبِ. وَلَوْ قَالَ أَضْجَعَنِي أَبِي فَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَبُ إنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
(أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي تَدْمِيَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ زَرْقُونٍ. وَانْظُرْ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ لَيْسَ كُلُّ زَوْجٍ يُؤَدَّبُ وَالتَّدْمِيَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُؤَدِّبِ وَالْمُعَلِّمِ.
(إنْ كَانَ جُرْحٌ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا وَلَا جِرَاحَ بِهِ وَأَبْيَنَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْسِمَ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابٌ.
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُدْمَى أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَهُ أَصْبَغُ.
(أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ قَتَلَنِي وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ وُلَاةُ الدَّمِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَاسْتَحَقُّوهُ.
(لَا خَالَفُوا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ خِلَافَ قَوْلِ الْمَيِّتِ فَلَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ وَلَا دَمَ وَلَا لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ. وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَوْ خَطَأً ".
(وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضُ خَطَأً وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا نَحْلِفُ، فَإِنَّ دَمَهُ يَبْطُلُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قُتِلَ خَطَأً وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ الْخِلَافُ مَوْجُودٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ أَخْفَضُ رُتْبَةً، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: لَا فَرْقَ (أَوْ نَكَلُوا) اللَّخْمِيِّ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ قَالَ جَمِيعُهُمْ عَمْدًا وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِمَنْ يَنْكُلُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ حَقَّهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَهَذَا أَحْسَنُ. اُنْظُرْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ". وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً فَإِنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ اسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ وَبَطَلَ الْقَتْلُ، وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعُو الْخَطَأِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يُقْسِمُوا وَلَا دَمَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ حَلَفَ جَمِيعُهُمْ فَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْخَطَأِ حَظُّهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْعَمْدِ حَظُّهُ مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ. اللَّخْمِيِّ: وَهَذَا أَحْسَنُ (بِخِلَافِ ذِي الْخَطَأِ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَقَالَ الْبَاقُونَ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ نَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ، حَلَفَ مُدَّعُو الْخَطَأِ
وَأَخَذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ.
وَفِي الْجَلَّابِ: لَا يَسْتَحِقُّ مُدَّعُو الْخَطَأِ حَظَّهُمْ حَتَّى يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا (وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا وَاسْتَوَوْا حَلَفَ كُلٌّ وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ قَبْلَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ ذِي الْخَطَأِ.
(وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا أَوْ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ) تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ دَمِيَ عِنْدَ فُلَانٍ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَاللَّيْثُ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ. الْبَاجِيُّ: وَهَذَا إذَا ثَبَتَ قَوْلُ الْمَيِّتِ بِشَاهِدَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ لَوْثًا مُطْلَقًا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ: لَا خِلَافَ فِي الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ إذَا حَيِيَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا تُوجِبُ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ مَعَ الْقَسَامَةِ. وَانْظُرْ قَوْلَ خَلِيلٍ " أَوْ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا " هَلْ يَكُونُ الْمَعْنَى الْقَسَامَةَ بِسَبَبِهَا قُتِلَ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ كَأَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ: قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ خَطَأً، وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، أَوْ كَشَاهِدَيْنِ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا. وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ، فَانْظُرْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ. وَهَذَا إذَا ثَبَتَ قَوْلُ الْمَيِّتِ بِشَاهِدَيْنِ. ثُمَّ رَاجَعْت عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَعْنَاهَا أَنَّهَا ثَلَاثُ مُثُلٍ فَإِنَّهُ قَالَ: كَقَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي وَكَثُبُوتِ الْجُرْحِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْجُرْحِ فَرْقًا بِالنِّسْبَةِ لِلَفْظِ الْيَمِينِ فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ يَحْلِفُ لَقَدْ قَتَلَهُ، وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ إنْ قَامَ بِهِ عَدْلَانِ، وَإِنْ شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ فَيَمِينُهُمْ لَقَدْ جَرَحَهُ وَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ.
(فَيُقْسِمُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ) الْمُتَيْطِيُّ: تَمَامُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَشْهَدَ شَهِيدَانِ مَقْبُولَانِ أَنَّ الْجَرِيحَ لَمْ يُفِقْ مِنْ جُرْحِهِ فِي عِلْمِهِمْ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الْقَسَامَةُ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هَذَا عِنْدَ مَقْطَعِ الْحَقِّ وَيَقُولُ فِي يَمِينِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَضَرَبَ فُلَانٌ هَذَا يُشِيرُ إلَى الْمُدْمَى عَلَيْهِ أَيْ أَوْ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لَقَدْ مَاتَ مِنْ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ يُرَدِّدُهَا هَكَذَا (أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ) أَمَّا إذَا شَهِدَ عَدْلٌ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ فَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ. وَهُوَ اللَّوْثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ. وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ. هَذَا مَذْهَبُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي دِيوَانِهِ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ ابْنِ حَارِثٍ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْفَرْعِ بَعْدَ هَذَا (مُطْلَقًا) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ ثَبَتَ الْجُرْحُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيَنْبَغِي عَلَى
مَا صَحَّحْنَاهُ أَنْ يَفْتَرِقَ الْخَطَأُ مِنْ الْعَمْدِ اهـ. رَاجِعْ أَنْتَ هَذَا كُلَّهُ (إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) هَذَا فَرْعُ شَهَادَةِ الْعَدْلِ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ ذَكَرَهُ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَاكَ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَ عَدْلٌ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِجُرْحٍ خَطَأً (أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِجُرْحٍ عَمْدًا) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَمَّا إذَا مَاتَ وَقَدْ قَالَ فُلَانٌ جَرَحَنِي أَوْ ضَرَبَنِي وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمَيِّتِ إلَّا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يُقْسِمُ مَعَ شَهَادَتِهِ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَشَاهِدٍ فَلَا يَثْبُتُ قَوْلُهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَقَالَ: إنَّمَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ حَيْثُ تَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ انْتَهَى.
وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ بَلْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ. ابْنُ حَارِثٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَ فُلَانًا أَوْ ضَرَبَهُ فَعَاشَ الْمَجْرُوحُ وَالْمَضْرُوبُ فَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الدَّمَ، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَقَطْ الْمُدَوَّنَةُ: لِوَرَثَتِهِ الْقَسَامَةُ خِلَافَ مَا قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ يَحْلِفُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ وَلَا يَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ إلَّا لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَمَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ فَتُفَرَّقُ الثَّلَاثَةُ الْأَوْجُهُ فِي صِفَةِ الْأَيْمَانِ.
(كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدِهِ مُطْلَقًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَشَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ انْتَهَى.
وَلِأَجْلِ هَذَا النَّظَرِ أَتَى بِهَذَا وَإِلَّا فَسَيَأْتِي هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ ".
(أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) مِنْ فُرُوقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ أَقْسَمَ مَعَهُ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ لَمْ يُقْسِمْ مَعَهُ.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ شَهَادَةٌ عَلَى قَتْلٍ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَى نَفْسِ الْقَتْلِ لَوْثٌ يُقْسِمُ مَعَهُ وَالْإِقْرَارُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا
اثْنَانِ كَسَائِرِ الْإِقْرَارَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً فَلْيُقْسِمْ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً فَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، فَيُقْسِمُونَ مَعَهُمَا وَيَسْتَحِقُّونَ بِذَلِكَ الدِّيَةَ. يُرِيدُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ نَكِيرٌ.
قَالَ أَشْهَبُ: إذَا أَنْكَرَ الْقَاتِلُ قَوْلَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَهُوَ كَشَاهِدٍ قَدْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِ وَهُوَ يُنْكِرُهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ بِخِلَافِ مِنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِدَيْنٍ هَذَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ. الْمُتَيْطِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَاتَلِ بِالْقَتْلِ عَمْدًا.
وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ. وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْقَسَامَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا بِالسَّيْفِ وَقَالَ آخَرُ إنَّهُ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ، فَقَوْلُهُمَا بَاطِلٌ وَلَا يُقْسِمُ بِذَلِكَ. سَحْنُونَ: هَذَا إنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ شَهَادَتَهُمَا مَعًا وَإِنْ ادَّعَى شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ.
(وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الْقَسَامَةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَثَابِتَةٌ فِي الْمَذْهَبِ اتِّفَاقًا تُوجِبُ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ إذَا شَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ غِيلَةً لَمْ يُقْسِمْ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَا يُقْتَلُ هَاهُنَا إلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ مُعَايَنَةُ جَسَدِ الْقَتِيلِ فَيَشْهَدُونَ عَلَى مَوْتِهِ وَيَجْهَلُونَ قَاتِلَهُ كَمَا عُرِفَ مَوْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ (أَوْ يَرَاهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمُ قُرْبَهُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ)
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى رَوِيَّةِ الْقَتْلِ لَوْثٌ، وَفِي شَهَادَتِهِ يَرَى الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمَ نَحْوَهُ أَوْ قُرْبَهُ عَلَيْهِ آثَارُ الْقَتْلِ خِلَافٌ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: شَهَادَةُ النِّسَاءِ لَوْثٌ، وَمِثْلُهُ أَنْ يَرَى الْمُتَّهَمَ بِحِذَاءِ الْقَتِيلِ وَقُرْبِهِ وَلَمْ يَرَوْهُ حِينَ أَصَابَهُ وَوَجَبَتْ إنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ. ابْنُ الْحَاجِبِ: إذَا تَعَدَّدَ اللَّوْثُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ انْتَهَى.
وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا " كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا ".
(وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ أَحَدٌ وَتَبْطُلُ دِيَتُهُ وَلَا تَكُونُ فِي بَيْتِ مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ.
(وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ) سَمِعَ عِيسَى بْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فِي وَسَطِ النَّاسِ فَاتَّبَعُوهُ وَهُوَ هَارِبٌ فَاقْتَحَمَ بَيْتًا فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ هُوَ، وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ كَانَ الْعَقْلُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمْ كَانَ الْعَقْلُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَهِيَ عَلَى مَنْ نَكَلَ، كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ.
(وَإِنْ انْفَصَلَتْ الْبُغَاةُ عَنْ قَتْلَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَسَامَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَقِيلَ: لَا قَسَامَةَ فِيهِ بِحَالٍ لَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْقَتْلِ. رَوَاهُ سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى هَذَا فِي آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ فَقَالَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ رَاجِعْهُ فِيهِ.
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي صَفِّ الْعَصَبِيَّةِ وَالْبَغْيِ الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَاغِيًا وَالْآخَرُ مَظْلُومًا أَوْ مُتَأَوِّلًا طُلِبَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَيْسَ الْقَتِيلُ مِنْهُمْ بِعَقْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ صَفِّ الْبَاغِينَ كَانَ هَدَرًا، وَلَوْ تَعَيَّنَ قَاتِلُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُونَ مُتَأَوِّلِينَ أَوْ كِلَا الصَّفَّيْنِ مُتَأَوِّلًا فَمَنْ قَتَلَ الْآخَرَ مِنْهُمَا هَدَرَ (وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ عِيَاضٍ.
وَفِي سَمَاعِ عِيسَى إنْ كَانَ الْقَتِيلُ الَّذِي وُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إنَّمَا كَانُوا قَوْمًا يُقَاتِلُونَ عَلَى تَأْوِيلٍ قَالَ: فَلَيْسَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُ قَتْلٌ وَإِنْ عُرِفُوا وَلَا دِيَةَ، وَلَيْسَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُهُ فِي أَثَرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ وَمِثْلُهُ رَوَى أَشْهَبُ.
(كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ) الَّذِي لِلْبَاجِيِّ مَا نَصُّهُ: لَوْ مَشَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِالسِّلَاحِ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ
ضَمِنَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مَا أَصَابَتْ مِنْ الْأُخْرَى. وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ. قَالَ: وَلَا يَبْطُلُ دَمُ الزَّاحِفَةِ لِأَنَّ الْمَزْحُوفَ إلَيْهِمْ لَوْ شَاءُوا لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ وَاسْتُرِدُّوا إلَى السُّلْطَانِ. قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا إنْ أَمْكَنَ السُّلْطَانَ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ عَاجَلُوهُمْ نَاشَدُوهُمْ اللَّهَ، فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ. هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ حَرْبُهُمْ لِثَائِرَةٍ وَتَعَصُّبٍ، فَإِنْ كَانَ لِتَأْوِيلٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْفِتَنِ قَوَدٌ فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَلَا تِبَاعَةَ فِي مَالٍ إلَّا فِيمَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَفُتْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ عَلَى الْقَاتِلِ قَتْلٌ وَلَا دِيَةٌ وَإِنْ عُرِفَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ.
(وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا) ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَسَامَةُ حَلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ جُزْئِهَا عَلَى إثْبَاتِ الدَّمِ (مُتَوَالِيَةً) ابْنُ الْحَاجِبِ: يَحْلِفُ الْوَارِثُونَ الْمُكَلَّفُونَ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً (بَتًّا وَإِنْ أَعْمَى وَغَائِبًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَمِينُ الْقَسَامَةِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ. سَحْنُونَ: لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ (يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا) اللَّخْمِيِّ: يَحْلِفُهَا الْوَاحِدُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدِّيَةِ كَابْنٍ أَوْ أَخٍ (وَامْرَأَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَدَّعِ الْمَيِّتُ إلَّا ابْنَةً بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ (وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ
كَسْرِهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُجْبَرُ كَسْرُ الْيَمِينِ عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْ الْكَسْرِ.
مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَزِمَ وَاحِدًا نِصْفُ الْيَمِينِ وَآخَرَ ثُلُثُهَا وَآخَرَ سُدُسُهَا حَلَفَهَا صَاحِبُ النِّصْفِ فَصُوِّرَتْ بِبِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ وَعَاصِبٍ (وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْكَسْرُ الَّذِي يَصِيرُ فِي حَظِّهِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا (وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَابْنٌ غَائِبٌ لَمْ تَأْخُذْ الْبِنْتُ ثُلُثَ الدِّيَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِذَا قَدِمَ الِابْنُ الْغَائِبُ حَلَفَ ثُلُثَيْ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ (ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: ثُمَّ مَنْ نَكَلَ أَوْ غَابَ فَلَا يَأْخُذُ غَيْرَهُمَا حَتَّى يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ مَنْ حَضَرَ حَلَفَ حِصَّتَهُ (وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ عَلَى الْآخَرِ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ نَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ أَوْ بَعْضُهُمْ فَخَامِسُ الْأَقْوَالِ إنَّ الْأَيْمَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ، وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ فَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ.
فَمَنْ حَلَفَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَصَحُّهَا (وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ادَّعَى الْعَمْدَ لَمْ يُقْتَلْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ فَصَاعِدًا. ابْنُ شَاسٍ: وَيَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَلَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْعَمْدِ بِوَجْهٍ (وَإِلَّا فَمَوَالٍ) الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ عَمْدًا
إنَّهُ إذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ أَوْ مَوَالِيه فَقَالُوا نَحْنُ نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا فَذَلِكَ لَهُمْ (وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا اسْتَعَانَ بِبَعْضِ عَصَبَتِهِ وَيَجْتَزِئُ فِي الْمُعَيَّنِينَ بِالْوَاحِدِ (وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ الَّذِي لَهُ الْعَفْوُ رَجُلًا وَاحِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَسَامَةٍ إلَّا أَنْ يَجِدَ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْ الْعَشَرَةِ مَنْ يُقْسِمُ مَعَهُ فَمَنْ يَلْقَاهُ إلَى أَبٍ مَعْرُوفٍ، فَإِنْ وَجَدَ رَجُلًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَإِنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قُسِّمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَإِنْ رَضُوا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ رَضِيَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (وَوُزِّعَتْ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا أَوْ أَكْثَرَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ وُزِّعَتْ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ اُجْتُزِئَ بِالْخَمْسِينَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الِاجْتِزَاءِ بِاثْنَيْنِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ وُلَاةُ الدَّمِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَطَاعَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِحَمْلِ الْخَمْسِينَ يَمِينًا جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يُعَدُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ نَاكِلًا لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ قُيِّدَ بِهِ.
(وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعُدَ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " وَلَوْ " فَسَيَأْتِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إنْ كَانُوا أَعْمَامًا وَأَبْعَدَ مِنْهُمْ فَإِنَّ مَالِكًا حَلَّفَهُمْ مَرَّةً كَالْبَنِينَ، وَمَرَّةً قَالَ: إنْ رَضِيَ اثْنَانِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَسْتَحِقَّا حَقَّهُمَا مِنْ الدِّيَةِ. ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا اسْتَعَانَ بِبَعْضِ عَصَبَتِهِ ثُمَّ نُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَأَمَّا نُكُولُ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ فَمُسْقِطٌ لِلْقَوَدِ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَثُرَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ أَجْزَأَ أَنْ يَحْلِفَ اثْنَانِ إذَا تَطَاوَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ بَاقِيهِمْ الْيَمِينَ نُكُولًا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ الَّذِينَ يَجُوزُ عَفْوُهُمْ إنْ عَفَوْا فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ، كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ نُكُولِ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْقَسَامَةِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ أَوْ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ جَمَاعَتُهُمْ فَقَالَ: إنْ نَكَلَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ الْعَفْوُ قَبْلَ الْقَسَامَةِ فَلَا قَسَامَةَ لِبَقِيَّتِهِمْ وَلَا دَمَ وَلَا دِيَةَ وَيَحْلِفُ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا إنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ عَصَبَتِهِ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْدَ يَمِينِ جَمَاعَتِهِمْ لَمْ يَسْقُطْ حَظُّ مَنْ بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ، وَنُكُولُ هَذَا كَعَفْوِهِ رَاجِعْهُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ نُكُولُ الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ وَاضِحٌ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ.
(فَيُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ) قَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ نَكَلَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ عَفَا وَالْأَوْلِيَاءُ بَنُونَ أَوْ إخْوَةٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلِمَالِكٍ أَيْضًا: إنْ بَقِيَ اثْنَانِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَسْتَحِقَّا حَظَّهُمَا مِنْ الدِّيَةِ. وَاخْتُلِفَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَعْمَامًا أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ فَنَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَجَعَلَ الْجَوَابَ مَرَّةً كَالْبَنِينَ وَهُوَ أَبْيَنُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْقَعْدَةِ.
(وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) الْجَلَّابُ: إذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ لِلدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُمْ تُرِكُوا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ.
(وَلَا اسْتِعَانَةَ) لَيْسَ هَذَا مَشْهُورُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ نَكَلَ وُلَاةُ الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ وَكَانَتْ الْقَسَامَةُ وَجَبَتْ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ أَوْ بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ يَحْلِفُ عَنْهُ رَجُلَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا إنْ طَاعُوا بِذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ هُوَ مَعَهُمْ.
قَالَ هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَا يَتَعَيَّنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَحَدٍ مِنْ وُلَاتِهِ. اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ فَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا قَوْلًا ثَالِثًا وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ إنَّمَا وَجَبَتْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَا مَاتَ مَنْ ضَرْبَتِي.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ إنْ حَلَفَ يَمِينٌ غَمُوسٌ.
(وَإِنْ كَذَّبَ بَعْضٌ نَفْسَهُ بَطَلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الدَّمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْقَسَامَةِ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْقَسَامَةِ فَثَالِثُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ إنْ عُفِيَ كَانَ لِمَنْ بَقِيَ حُظُوظُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ أَكْذَبَ
نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ قَبَضُوهَا رَدُّوهَا. هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. وَسَاوَى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ وَالْعَفْوِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ، وَفَرَّقَ بَعْدَ الْقَسَامَةِ بَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، فَجَعَلَ تَكْذِيبَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ كَعَفْوِهِ عَنْ الدَّمِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ لَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
(وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ أَوْلَادُ الْمَقْتُولِ صِغَارًا وَكِبَارًا، فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ (بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ) نَحْوُ هَذَا عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَكَبِيرُ فَإِنْ وَجَدَ الْكَبِيرُ رَجُلًا مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ حَلَفَا خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ، فَإِذَا بَلَغَ حَلَفَ أَيْضًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدَّمَ.
(وَوَجَبَتْ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ يُعَيَّنُ لَهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدًا خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ مُعَيَّنًا بِالْيَمِينِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُوجِبُ الْقَسَامَةِ الْقَتْلُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا يُقْسِمُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ بِكُلِّ حَالٍ.
وَقَالَ فِي ثَلَاثَةٍ احْتَمَلُوا صَخْرَةً وَرَمَوْهَا عَلَى رَجُلٍ قَتَلُوهُ بِهَا وَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ: لَا يُقْسِمُ إلَّا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُقْسِمُونَ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ لَا مِنْ ضَرْبِهِمْ. وَخَالَفَ فِي هَذَا سَحْنُونَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ شَاءُوا أَقْسَمُوا عَلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَقْتُلُونَ إلَّا وَاحِدًا مِمَّنْ أَدْخَلُوهُ فِي قَسَامَتِهِمْ. وَانْظُرْ لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ اثْنَانِ.
(وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ) أَمَّا مَسْأَلَةُ قِيَامِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى جُرُوحٍ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: بِلَا قَسَامَةَ فِي
الْجِرَاحِ وَلَكِنْ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا عَلَى جَرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلْيَحْلِفْ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُ الْعَقْلَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ؟ قَالَ: قَدْ كَلَّمْت مَالِكًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ شَيْءٌ اسْتَحْسَنَّاهُ وَمَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْكَافِرِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي نَصْرَانِيٍّ قَامَ عَلَى قَتْلِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ مُسْلِمٌ فَيَحْلِفُ وُلَاتُهُ يَمِينَهَا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ فَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ إنَّهُ إذَا أُصِيبَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً ثُمَّ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ، وَلَيْسَ فِي الْعَبِيدِ قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ، فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِ الْمَقْتُولِ قَسَامَةٌ وَلَا يَمِينٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ السَّيِّدُ أَوْ يَرْضَى سَيِّدُ الْمَقْتُولِ بِأَخْذِ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْجَنِينِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ضُرِبَتْ امْرَأَةٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَقَالَتْ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَفِي الْمَرْأَةِ الْقَسَامَةُ وَلَا شَيْءَ فِي اثْنَيْنِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثَابِتَةٍ لِأَنَّهُ كَجُرْحٍ مِنْ جِرَاحِهَا، وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجُرْحِ وَلَا