الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهَلْ ذَلِكَ كَإِيصَائِهِ؟ .
(وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُمَكَّنُ ذُو الْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ مِنْ الْقِصَاصِ بَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ الْقِصَاصَ، وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَيُدْفَعُ لِلْوَلِيِّ يَقْتُلُهُ وَيُنْهَى عَنْ الْعَبَثِ.
(بِأَجْرٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ) سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَجْرُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ.
(وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ وَيَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ) هَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاسْتِيفَاءِ دُونَ الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ فَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ وَوَقَعَ الْمُوَقَّعُ.
[فَصَلِّ تَأْخِير الْقِصَاص]
(وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ وَحَرٍّ. كَالْبُرْدِ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ الْقَتْلِ لِلْحَرِّ الْمُفْرِطِ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ وَمَرَضِ الْجَانِي.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إذَا وَضَعَتْ الْحَامِلُ الَّتِي وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ لَمْ تُؤَخَّرْ، وَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ لَمْ تَحُدَّ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ نِفَاسِهَا لِأَنَّ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ فَلَا يُحَدُّ فِي وَقْتٍ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ سَرَقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ قَطْعِهِ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: الْحَرُّ إنْ عُلِمَ خَوْفُهُ كَالْبَرْدِ.
وَفِي النَّوَادِرِ: الْمَرَضُ الْمَخُوفُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ وَلَا يُحَدُّ وَلَا يُنَكَّلُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى ضَعِيفِ الْجِسْمِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَيُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَنْ قِصَاصٍ رَجَعَ لِلدِّيَةِ وَفِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ عَلَى الْجَانِي خِلَافٌ. ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ: لَيْسَ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْخِتَانِ تَرْكُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ لَا يُتْرَكُ لِذَلِكَ.
(كَدِيَتِهِ خَطَأً وَلَوْ لِجَائِفَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُؤَخَّرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ حَتَّى يَبْرَأَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُقَادُ مِنْ جُرْحِ الْعَمْدِ وَلَا يُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ.
وَإِنْ طَلَبَ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ تَعْجِيلَ فَرْضِ الدِّيَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَوْ عَاشَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْضَحَهُ رَجُلٌ فَأَرَادَ تَعْجِيلَ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ فَلَا يُعَجَّلُ لَهُ شَيْءٌ إذْ لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ مَأْمُومَةً خَطَأً فَالْعَاقِلَةُ تَحْمِلُهَا مَاتَ أَوْ عَاشَ لَكِنْ لَا يُعَجَّلُ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَبْرَأَ، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ إلَّا بِقَسَامَةٍ، فَإِنْ أَبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يُقْسِمُوا كَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِمَأْمُومَتِهِ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الِاتِّبَاعُ وَالتَّسْلِيمُ لِلْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ مِنْ الْخَطَأِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ عَقْلِهِ كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ فَقَدْ وَجَبَتْ سَاعَةَ
جُرِحَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا مَحِيصَ لَهُمْ مِنْهَا عَادَتْ نَفْسًا أَوْ بَرِئَتْ.
(وَالْحَامِلُ وَإِنْ بِجُرْحٍ خَفِيفٍ لَا بِدَعْوَاهَا وَحُبِسَتْ كَالْحَدِّ وَالْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ فِي النَّفْسِ لَا بِدَعْوَاهَا. وَقِيلَ: فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ. وَيُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ لِوَضْعِ الْحَمْلِ عِنْدَ ظُهُورِ مَخَايِلِهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ دَعْوَاهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَفِي الْقِصَاصِ. الشَّيْخُ: يُرِيدُ فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ وَلَا تُؤَخَّرُ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَرْضِعُهُ وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ. وَلَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ بِقَتْلِهَا فَلَا غُرَّةَ لِلْجَنِينِ إلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا، فَتَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا.
اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ ".
(وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَّانِ حَدٌّ لِلَّهِ وَحَدٌّ لِلْعِبَادِ، بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ إذْ لَا عَفْوَ فِيهِ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُفَرَّقُ. وَلَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ شِمَالَ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ وَيَجْمَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِقَدْرِ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ.
ابْنُ شَاسٍ: وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُوَالَاةِ فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ قِصَاصًا خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ (كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: حَدُّ الْجَلْدِ فِي الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ حَتَّى يَكْمُلَ (وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَّانِ بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَجْمَعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ يُفَرِّقُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ.
(لَا بِدُخُولِ الْحَرَمِ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ: تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْحَرَمِ وَيُقْتَلُ بِقَتْلِ النَّفْسِ فِي الْحَرَمِ. ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا خِلَافُ مَا نَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ قُتِلَ فِيهِ إجْمَاعًا، وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يُقْتَلْ فِيهِ وَلَمْ يُخْرَجْ مِنْهُ وَلَكِنْ يُهْجَرُ وَلَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى حَتَّى يُضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلَ.
(وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي) ابْنُ شَاسٍ: إنْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ إنْ كَانَ الْعَافِي مُسَاوِيًا لِمَنْ بَقِيَ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ أَعَلَا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ دَرَجَةً لَمْ يَسْقُطْ الْقَوَدُ بِعَفْوِهِ. فَإِنْ انْضَافَ إلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا الْأُنُوثَةُ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْأَبَوَانِ فَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَتْلٍ، وَكَذَلِكَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مَعَهُ. وَأَمَّا
الْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ مَعَهَا، فَإِنْ اجْتَمَعَتْ الْأُمُّ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَةُ فَاتَّفَقَ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ مَضَى عَلَى الْأَخَوَاتِ، وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ لَمْ يَمْضِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَخَوَاتِ بَنَاتٍ لَمَضَى عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْبَنَاتِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَمْ يَجُزْ عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْأُمِّ عَلَى الْبَنَاتِ لِأَنَّهُنَّ أَقْرَبُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا تَحْصِيلُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةً وَإِخْوَةً فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَبِالْعَفْوِ. وَهَذَا إذَا مَاتَ مَكَانَهُ، وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَلْيَقْسِمْ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الِابْنَةُ فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ أَرَادَتْ الْقَتْلَ وَعَفَا الْعَصَبَةُ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ كَانَ جُلًّا لَا عَصَبَةَ لَهُ وَكَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَقْسَمَتْ أُخْتُهُ وَابْنَتُهُ وَأَخَذُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يَجِبْ الْقَتْلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَإِنَّ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نُظِرَ الْحُكْمُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ عَصَبَتُهُ فَقُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ مَكَانَهُ وَتَرَكَ بَنَاتٍ فَلَهُنَّ الْقَتْلُ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ، نَظَرَ السُّلْطَانُ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَدْلًا، فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَاهُ (وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بَعْضِهِمَا) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ " وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ يُرِيدُ أَوْ بِاجْتِمَاعِ بَعْضِ الصِّنْفَيْنِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ عَفَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى إلْزَامِ الْقَاتِلِ دِيَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الْقَاتِلَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ عَفَوْت وَلَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا ثُمَّ تَطْلُبُ الدِّيَةَ فَلَا شَيْءَ لَك.
رَاجِعْهُ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَدِيَةٌ لِعَافٍ ". وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي قَاتِلِ الْعَمْدِ يَقُولُ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ نَعْفُو وَلَمْ يَعْفُ بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ مَنْ لَمْ يَعْفُ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذْ لَا سَبِيلَ لِتَبْعِيضِ الدَّمِ فَزَالَ الْقَتْلُ وَصَارَ كَعَمْدِ الْمَأْمُومَةِ، وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ يَدْخُلُ فِيهَا الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا. الْبَاجِيُّ: فَإِنْ عَفَا الْبَنُونَ الذُّكُورُ كُلُّهُمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَسْقُطُ حَظُّ الْبَنَاتِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَقَالَهُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ.
(كَإِرْثِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ " مِنْ نَفْسِهِ " وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: مَنْ وَرِثَ قِصَاصًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ قِسْطًا مِنْهُ سَقَطَ الْقَوَدُ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ: مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثُهُ، بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ.
قَالَ
أَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ مَنْ قَامَ بِالدَّمِ مِنْهُمْ فَهُوَ أَوْلَى فَإِنَّ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَقْتُلُوا.
(وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي كَوْنِ إرْثِهِ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الِاسْتِيفَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ضَمِيرُ " إرْثِهِ " يَعُودُ عَلَى " الدَّمِ ". وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إنْ مَاتَ تَنْزِلُ كُلُّ وَرَثَتِهِ مَنْزِلَتَهُ دُونَ خُصُوصِيَّةٍ لِعَصَبَتِهِ عَلَى ذَوِي فُرُوضِهِ، فَتَرِثُ الْبَنَاتُ وَالزَّوْجَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ.
وَنَصُّ الْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمْ عَصَبَةٌ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ إلَيْهِ. وَمَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ وَرَثَةِ وَلِيِّ الدَّمِ إلَّا مَنْ يَرِثُهُ مِنْ الْمَقْتُولِ نَفْسِهِ. فَلَوْ تَرَكَ وَلِيُّ الدَّمِ ابْنًا وَابْنَةً وَأُمًّا وَزَوْجَةً لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ وَالزَّوْجَةِ حَظٌّ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِبِنْتِ الْقَتِيلِ وَزَوْجَتِهِ مَعَ ابْنِهِ شَيْءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ بِحَالٍ، فَلَيْسَ مُرَادُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فَهِمَهُ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ رَاجِعْهُ أَنْتَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ رَجُلٌ وَوَرِثَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ مَا لِلذُّكُورِ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا الدَّمَ عَمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ وَالْقَتْلُ فَهُمْ كَإِيَّاهُ. اُنْظُرْ إنْ مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا قِيَامَ لِلْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
(وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ جَنَى خَطَأً وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءَ عَاقِلَتُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ عَجَّلُوهَا، فَإِنْ تَأَخَّرَتْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَفِي الْعَمْدِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.
(وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ كَعَكْسِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ صَالَحَ الْجَانِي عَلَى الْعَاقِلَةِ فِيمَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَاضِحٌ لِأَنَّهَا فِيمَا يَلْزَمُهَا دُونَهَا كَأَجْنَبِيٍّ.
(فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا أَوْ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ إذْ عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنْهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ بِخِلَافِ
الْعَمْدِ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَفَا الْمَقْتُولُ خَطَأً عَنْ دِيَتِهِ جَازَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا فَلْيَتَحَاصَّ الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ دَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي دِيَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ مَالٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ وَعَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَمَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ بِهِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَمْ يُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي دِيَتِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِسَ نَفْسَهُ وَلَا يُعْرَفَ لَهُ بَعْدَ الضَّرْبِ حَيَاةٌ فَلَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي دِيَتِهِ. وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَقَبِلَ الْأَوْلِيَاءُ الدِّيَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا الْوَصَايَا وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَتُورَثُ عَلَى الْفَرَائِضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَهْلُ الدَّيْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ إذْ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقْتَلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ) ابْنُ يُونُسَ: لَوْ أَنْفَذَ قَاتِلُهُ مَقَاتِلَهُ مِثْلُ أَنْ يَقْطَعَ نُخَاعَهُ أَوْ مُصْرَانَهُ وَبَقِيَ حَيًّا يَتَكَلَّمُ فَقَبِلَ أَوْلَادُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَهَا فَأَوْصَى فِيهَا لَدَخَلَتْ فِيهَا وَصَايَاهُ لِأَنَّهُ مَالٌ طَرَأَ لَهُ وَعَلِمَهُ قَبْلَ زَهُوقِ نَفْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَجُوزَ فِيهِ وَصَايَاهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَنَّهُ أَوْصَى فَقَالَ: إنْ قَبِلَ أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا أَوْ أُوصِي بِثُلُثِهَا، لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَيِّتِ يَوْمَ