الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
[طرح التثريب]
الْأَفْضَلُ تَقْدِيمَهَا لِغَلَبَةِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي تَرَكَهُ لِخَشْيَةِ الْمَشَقَّةِ لَيْسَ مُسْتَوِيًا فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ الْأَمْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسِّوَاكِ أَمْرُ إيجَابٍ وَفَرْضٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ لَفَرَضْتُ عَلَيْكُمْ السِّوَاكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّمَا تَرَكَ الْأَمْرَ الدَّالَّ عَلَى الْفَرْضِ وَأَتَى بِهِ وَأَمَرَ بِهِ إنْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ قَطْعًا لِمَا ثَبَتَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ فِعْلِهَا مِنْ أَوَّلِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَلَوْ أَمَرَهُمْ بِتَأْخِيرِهَا إنَّمَا كَانَ يَأْمُرُهُمْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي لَوْ وَقَعَ لَكَانَ نَدْبًا وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ بَلْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِ تَقْدِيمَهَا فَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَفْضَلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الرِّفْقِ بِأَمَتِهِ.
[فَائِدَةٌ السِّوَاكُ الْمَأْمُورُ بِهِ هَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ يُبَاشِرُهُ الْمُسْتَاكُ بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ]
1
(الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) السِّوَاكُ الْمَأْمُورُ بِهِ هَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ يُبَاشِرُهُ الْمُسْتَاكُ بِيَمِينِهِ أَوْ بِشِمَالِهِ؟ ذَكَرَ بَعْضُ مُتَأَخِّرَيْ الْحَنَابِلَةِ مِمَّنْ رَأَيْته أَنَّهُ يَسْتَاكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ «كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَطَهُّرِهِ وَسِوَاكِهِ» وَسَمِعْت بَعْضَ مَشَايِخِنَا الشَّافِعِيَّةِ يَبْنِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ، وَالتَّطَيُّبِ أَوْ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ؟ .
فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ التَّطَيُّبِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَلِيَهُ بِشِمَالِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ «كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ» وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ بِالْيَمِينِ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ فِي التَّرَجُّلِ، وَالْبُدَاءَةُ بِلُبْسِ النَّعْلِ، وَالْبُدَاءَةُ بِالْأَعْضَاءِ الْيُمْنَى فِي التَّطَهُّرِ، وَالْبُدَاءَةُ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ الْفَمِ فِي الِاسْتِيَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْأَذَى كَالِامْتِخَاطِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ بِالْيُسْرَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ فِي الْمُفْهِمِ حِكَايَةً عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَتَسَوَّكُ فِي الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْقَذِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) : وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولِ
وَقَالَ سُفْيَانُ (مَرَّةً) رِوَايَةَ «خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ، الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ»
ــ
[طرح التثريب]
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً رِوَايَةَ «خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ» فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فَرَوَوْهُ خَلَا التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ. عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي عَنْ الصَّحَابِيِّ رِوَايَةً مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْحَدِيثِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا صَرَّحَ مَرَّةً بِالرَّفْعِ وَأَشَارَ إلَيْهِ أُخْرَى بِقَوْلِهِ رِوَايَةً، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ فِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
(الثَّالِثَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْفِطْرَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا السُّنَّةُ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي ذِكْرُهُ عَشْرٌ مِنْ السُّنَّةِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةُ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَطَرِيقَتِهِمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا وَاجِبٌ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى الْخِلَافِ وَمَنْ لَا يَرَى وُجُوبَ شَيْءٍ مِنْهَا يَحْمِلُهَا عَلَى السُّنَّةِ الَّتِي تُقَابِلُ الْوَاجِبَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ هُنَا الدَّيْنُ.
وَأَمَّا أَصْلُ الْفِطْرَةِ فَابْتِدَاءُ الْخَلْقِ وَاخْتِرَاعُهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 1] وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا كُنْت أَدْرِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى احْتَكَمَ إلَيَّ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا أَيْ ابْتَدَأْتُ حَفْرَهَا وَمِنْهُ بَعِيرٌ فَاطِرٌ إذَا ابْتَدَأَ خُرُوجَ نَابِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِبِلَّةُ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا ابْنُ آدَمَ وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ فِي خُطْبَتِهِ جُبَارُ الْقُلُوبِ عَلَى فِطْرَتِهَا أَيْ عَلَى خَلْقِهَا وَجِبِلَّتِهَا، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ:«كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَقِيلَ الْفِطْرَةُ الْإِسْلَامُ وَمِنْهُ قَوْلُ حُذَيْفَةَ لَوْ مِتَّ عَلَى هَذَا مِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَخَذَ