الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى قُبَاءَ فَيَأْتِيهِمْ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَشَدُّ مَا يَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ.
(فَإِنْ قُلْتَ) : فَلِمَ لَا أَخَّرْت الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ شِدَّةِ الْبَرْدِ كَمَا أُخِّرَتْ فِي وَقْتِ شِدَّةِ الْحَرِّ.
(قُلْت) : شِدَّةُ الْبَرْدِ تَكُونُ غَالِبًا وَقْتَ الصُّبْحِ وَلَا تَزُولُ إلَّا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَلَوْ أُخِّرَتْ الصَّلَاةُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ لَخَرَجَتْ عَنْ وَقْتِهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ.
[حَدِيثٌ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى قُبَاءَ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ]
(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ) وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى قُبَاءَ فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» .
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ الصَّحِيحَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ إلَى قُبَاءَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُونَ فِيهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْعَوَالِي، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ: ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى قُبَاءَ كَذَا رَوَاهُ الْمُوَطَّأُ عَنْهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا مِمَّا اُنْتُقِدَ عَلَى مَالِكٍ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ، وَقَالَ إلَى قُبَاءَ وَخَالَفَهُ فِيهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ فَقَالُوا الْعَوَالِي قَالَ غَيْرُهُ: مَالِكٌ أَعْلَمُ بِبَلَدِهِ وَأَمْكِنَتِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ أَثْبَتُ فِي ابْنِ شِهَابٍ مِمَّنْ سِوَاهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ مَالِكٍ إلَى الْعَوَالِي كَمَا قَالَتْ الْجَمَاعَةُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ إلَى قُبَاءَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ انْتَهَى.
وَبَيَّنَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْعِلَلِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي ذَلِكَ وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الْبَزَّارِ أَنَّهُ قَالَ: الصَّوَابُ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ مِمَّا يُعَدُّ عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ وَهَمَ فِيهِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَقَدْ رَوَى خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مَالِكٍ إلَى الْعَوَالِي كَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَلَمْ يَهِمْ فِيهِ مَالِكٌ انْتَهَى.
وَاَلَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا أَيْضًا انْتَهَى فَلَمْ يُحْكَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ مَالِكٍ إلَى الْعَوَالِي، وَإِنَّمَا خَالَفَ الْأَكْثَرِينَ فِي تَصْرِيحِهِ بِالرَّفْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ مَالِكًا وَقَفَهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ.
وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِنَاءً عَلَى الْمُرَجَّحِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُ بِإِضَافَةِ ذَلِكَ إلَى عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ ذَهَبَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ إلَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ كَمَا إذَا لَمْ يُضِفْ إلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (الثَّانِيَةُ) قُبَاءَ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَصْلُهُ اسْمُ بِئْرٍ هُنَاكَ، وَفِيهِ الْمَدُّ، وَالْقَصْرُ وَالصَّرْفُ وَعَدَمُهُ، وَالتَّذْكِيرُ، وَالتَّأْنِيثُ، وَالْأَفْصَحُ فِيهِ الْمَدُّ وَالصَّرْفُ، وَالتَّذْكِيرُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَوَالِي، فَإِنَّهَا الْقُرَى الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ أَعْلَاهَا وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ أَدْنَاهَا مِيلَانِ وَأَبْعَدَهَا ثَمَانِيَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَبُعْدُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ وَبُعْدُ بَدَلُ بَعْضٍ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ وَأَسْنَدَهَا الْبَيْهَقِيُّ وَبُعْدُ الْعَوَالِي أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَالْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بِصَيْرُورَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَصَلَ الْمُصَلِّي بِالْمَدِينَةِ إلَى قُبَاءَ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الشَّمْسِ وَآكَدُ مِنْ ذَلِكَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الَّتِي قَالَ فِيهَا إلَى الْعَوَالِي وَلَا سِيَّمَا الرِّوَايَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا، وَالْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ