الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يَتَحَاكَمُ النَّاسُ فِيهَا مِمَّا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ أَهْلِ الْبَصَرِ لَهَا فَلَا بَأْسَ بِرُؤْيَةِ الْعَوْرَاتِ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِإِثْبَاتِ الْعُيُوبِ فِيهِ وَالْمُعَالَجَةِ انْتَهَى.
وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ هَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ فِيهِ جَوَازُ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْبَالِغِينَ لِإِقَامَةِ حَقٍّ وَاجِبٍ كَالْخِتَانِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَظْهَرُ وَمُجَرَّدُ تَسَتُّرِ مُوسَى عليه السلام لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ مُوسَى أَمَرَهُمْ بِالتَّسَتُّرِ وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ التَّكَشُّفَ وَأَمَّا إبَاحَةُ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ لِلْبَرَاءَةِ مِمَّا رُمِيَ بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الْعَيْبِ حُكْمٌ كَفَسْخِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ.
فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ عَيْبًا يَفْسَخُ بِهِ فِي الْعَوْرَةِ جَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ لِيُرَتَّب عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَوْ مَنْعُهُ وَأَمَّا قَضِيَّةُ السَّيِّدِ مُوسَى عليه السلام فَلَيْسَ هُنَاكَ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ مُلْزِمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْلَا إبَاحَةُ النَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ لَمَا مَكَّنَهُمْ مُوسَى عليه السلام مِنْ ذَلِكَ وَلَا خَرَجَ مَارًّا عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا اغْتِسَالُهُ خَالِيًا فَكَانَ يَأْخُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِالْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ وَخَرَجَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ عُرْيَانًا لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ وَهِيَ إظْهَارُ الْبَرَاءَةِ مِمَّا اخْتَلَقُوهُ عَلَيْهِ مَعَ إبَاحَةِ ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي الشَّرْعِ الْأَوَّلِ مَا وَقَعَ لَهُ عليه الصلاة والسلام وَقْتَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ مِنْ جَعْلِ إزَارِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ بِإِشَارَةِ الْعَبَّاسِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِيَكُونَ أَرْفَقَ بِهِ فِي نَقْلِ الْحِجَارَةِ وَلَوْلَا إبَاحَتُهُ لَمَا فَعَلَهُ لَكِنَّهُ أَلْزَمَ بِالْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ إبَاحَةِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ فِي حَالَةِ الِاغْتِسَالِ]
1
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ أَيْ عُرْيَانًا» فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ فِي حَالَةِ الِاغْتِسَالِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَذَهَبَ إلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «لَا تَدْخُلُوا الْمَاءَ إلَّا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ لِلْمَاءِ عَامِرًا» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَلِ، وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ جَهَالَةٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ يَغْتَسِلُ فِي بَحْرٍ وَلَا نَهْرٍ إلَّا وَعَلَيْهِ إزَارُهُ فَإِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ إنَّ لَهُ عَامِرًا