الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّيَمُّمِ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْت رَسُولَ اللَّهِ
ــ
[طرح التثريب]
فِي حَضِيرَةِ الْقُدْسِ» انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ.
(السَّابِعَةُ) ذَكَرَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الصَّاعِ فِي الْغُسْلِ، وَالْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ هُوَ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ كَاعْتِدَالِ خَلْقِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَوْ كَانَ ضَئِيلَ الْخَلْقِ أَوْ مُتَفَاحِشَهُ طُولًا أَوْ ضَخْمًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي وُضُوئِهِ مَاءً نِسْبَتُهُ إلَى جَسَدِهِ كَنِسْبَةِ الْمُدِّ إلَى جَسَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ.
[بَابُ التَّيَمُّمِ]
[حَدِيث عَائِشَةَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ]
بَابُ التَّيَمُّمِ
هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُقَالُ تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْتُهُ وَأَمَمْتُهُ أَيْ قَصَدْتُهُ، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهُوَ الْقَصْدُ إلَى الصَّعِيدِ لِلطَّهَارَةِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ الْعَجْزِ الشَّرْعِيِّ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ كَذَلِكَ.
(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّاسُ لَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إلَّا مَكَانُ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا قَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْت عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ» .
فِيهِ فَوَائِدُ (الْأُولَى) هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيِّ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَالْبُخَارِيِّ وَحْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَسَمِ وَرَوَاهُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ جَوَازُ مُسَافَرَةِ الرَّجُلِ بِزَوْجَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْأَسْفَارِ قَالَ وَخُرُوجُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْغَزَوَاتِ وَغَيْرِ الْغَزَوَاتِ مُبَاحٌ إذَا كَانَ الْعَسْكَرُ كَثِيرًا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْغَلَبَةُ وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى» .
(الثَّالِثَةُ) يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ خُرُوجِ الرَّجُلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِزَوْجَتِهِ فِي سَفَرٍ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى فَأَكْثَرُ فَإِنَّمَا يَجُوز تَخْصِيصُ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ بِالْقُرْعَةِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا» .
الْحَدِيثَ فَقَوْلُ عَائِشَةَ خَرَجْنَا هَلْ أَرَادَتْ نَفْسَهَا فَقَطْ مَعَ جُمْلَةِ النَّاسِ أَوْ أَرَادَتْ نَفْسَهَا وَبَعْضَ زَوْجَاتِهِ صلى الله عليه وسلم يُحْتَمَلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ السَّفْرَةُ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهِيَ الْمُرَيْسِيعُ كَمَا قِيلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَقَدْ خَرَجَ مَعَهُ فِيهَا بِعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيَرِ.
(الرَّابِعَةُ) وَقَوْلُ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْيِينُ هَذَا السَّفَرِ الَّذِي أَبْهَمَتْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غُزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ فَإِنَّ مَشْرُوعِيَّةَ التَّيَمُّمِ كَانَتْ فِيهَا وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ غَزَاةَ الْمُرَيْسِيعِ كَانَتْ مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ بَيْنَ قُدَيْدٍ وَسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَهَذِهِ السَّفْرَةُ كَانَتْ مِنْ نَاحِيَةِ خَيْبَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ وَهُمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي تَعْيِينِ الْمَكَانِ الَّذِي ضَاعَ فِيهِ الْعِقْدُ كَمَا سَيَأْتِي.
وَكَانَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَلَّدَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الطَّبَقَاتِ جَازِمًا بِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَيْضًا لَا عَلَى طَرِيقِ الْجَزْمِ بَلْ قَالَ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِي غُزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَكَأَنَّهُ أَيْضًا عَنَى عَنْ ابْنِ سَعْدٍ.
وَلَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ كَمَا جَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزَاةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْمُرَيْسِيعِ كَمَا رَوَيْنَاهُ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ قَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ أَيْضًا عِقْدِي حَتَّى حَبَسَ الْتِمَاسُهُ النَّاسَ وَطَلَعَ الْفَجْرُ فَلَقِيتُ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ يَا بُنَيَّةُ فِي كُلِّ سَفْرَةٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَبَلَاءً وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرُّخْصَةَ بِالتَّيَمُّمِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاَللَّهِ يَا بُنَيَّةُ إنَّكِ كَمَا عَلِمْتُ مُبَارَكَةٌ» .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ نُزُولَ التَّيَمُّمِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمُرَيْسِيعِ وَكَانَ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهَا وَهَلْ مِنْ عِقْدِهَا الَّذِي سَقَطَ مِنْهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمُرَيْسِيعِ إلَى سُقُوطِ عِقْدِهَا فِي قِصَّةِ التَّيَمُّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهَا حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ هَكَذَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ عَلَى الشَّكِّ وَكَأَنَّهُ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ عَنْ عَائِشَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عَائِشَةَ تَرَدَّدَتْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ سَقَطَ عِقْدُهَا وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْبَيْدَاءُ مَمْدُودٌ.
وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَذَاتُ الْجَيْشِ بِالْجِيمِ، وَالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَآخِرُهُ شِينٌ مُعْجَمَةٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُمَا مَوْضِعَانِ قَرِيبَانِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا مَوْضِعَانِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ قُلْت: وَالْبَيْدَاءُ عِدَّةُ مَوَاضِعَ مِنْهَا بَيْدَاءُ ذِي الْحُلَيْفَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا ابْنُ عُمَرَ بَيْدَاؤُكُمْ الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَإِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَدْ رَوَاهُ فَقَالَ فِيهِ بِأُولَاتِ الْجَيْشِ لَمْ يَشُكَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَائِدَةِ بَعْدَهَا فَهُوَ أَوْلَى، وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فَذَكَرَ أَنَّهُ بِالْبَيْدَاءِ لَمْ يَشُكَّ، وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(السَّادِسَةُ) اخْتَلَفَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ فِي تَعْيِينِ الْمَكَانِ الَّذِي ضَاعَ فِيهِ الْعِقْدُ فَقَالَ مَالِكٌ مَا تَقَدَّمَ وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَأَكْثَرُ الرُّوَاةُ عَنْهُ لَمْ يَذْكُرُوا الْمَكَانَ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ فَقَالَ فِيهِ: إنَّهَا سَقَطَتْ قِلَادَتُهَا لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ كَذَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِ سُفْيَانَ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: وَكَانَ هَذَا الْمَكَانُ يُقَالُ لَهُ الصَّلْصَلُ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ.
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِيهِ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ إلَى الْمُعَرَّسِ يَلْتَمِسَانِ الْقِلَادَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ سُفْيَانَ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْأَبْوَاءَ جَبَلٌ بَيْنَ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَلْصَلٌ فِي جِهَةِ ذَاتِ الْجَيْشِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَيْسَ فِيهَا مُخَالَفَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِالْمُعَرَّسِ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ الْمَكَانُ الَّذِي عَرَّسُوا فِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ حَدِيثِهِ فَعَرَّسُوا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الْآتِي وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ وَيَشْهَدُ لَهَا حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ عَائِشَةُ زَوْجَتُهُ فَانْقَطَعَ عِقْدُهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارَ فَحُبِسَ النَّاسُ فِي ابْتِغَاءِ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَقَالَ