الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْإِنَاءِ غُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَعْدَ هِرَاقَةِ مَا فِيهِ قَالَ وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِرَّةِ لَيْسَتْ تُنَجِّسُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْحَيَوَانِ مِنْ الْبَهَائِمِ مَا هُوَ نَجِسٌ، وَهُوَ حَيٌّ، وَمَا يُنَجِّسُ بِوُلُوغِهِ قَالَ وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا الْكَلْبَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخِنْزِيرَ هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْهِرَّةِ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا نَجِسًا وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ مَشْهُورٌ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى زِيَادَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفُقَهَاءِ فِي تَصَانِيفِهِمْ، وَهِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي دَارَ قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَدُونَهُمْ دَارٌ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي دَارَ فُلَانٍ وَلَا تَأْتِي دَارَنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ فِي دَارِكُمْ كَلْبًا قَالُوا، فَإِنَّ فِي دَارِهِمْ سِنَّوْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» . فَلَوْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ هَكَذَا كَانَ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ مَشْهُورًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَصْلًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ هَكَذَا، وَقَدْ رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَقُولَا فِيهِ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، وَإِنَّمَا قَالَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السِّنَّوْرُ سَبُعٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْحَاكِمُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَعِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ يَنْفَرِدُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ إلَّا أَنَّهُ صَدُوقٌ وَلَمْ يُجَرَّحْ قَطُّ (قُلْت) : بَلَى جَرَّحَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْكَلْبِ، وَإِنَّمَا فِيهِ اجْتِنَابُ دُخُولِ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا كَلْبٌ، وَفِيهِ أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِسَبُعٍ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا طَهَارَةَ سُؤْرِ السِّبَاعِ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْهِرَّةَ سَبُعٌ لِيَعْلَمُوا طَهَارَةَ فَمِهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِسَبُعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ حُكْم الِاكْتِفَاء فِي الْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ]
1
{السَّابِعَةُ} فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي اكْتِفَائِهِ فِي الْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَاعْتَذَرَ أَصْحَابُهُ عَنْ الْحَدِيثِ بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ الرَّاوِي لِلْغَسْلِ مِنْ الْوُلُوغِ سَبْعًا فَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُمْ بِمَا رَأَى لَا بِمَا رَوَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ عَنْ مُخَالَفَةِ النَّصِّ فَعَمَلُهُ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ دَالٌّ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّسْخِ وَخَالَفَهُمْ الْجُمْهُورُ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ فَقَالُوا: الْعِبْرَةُ بِمَا رُوِيَ إذْ لَا حُجَّةَ فِي الْمَوْقُوفِ مَعَ صِحَّةِ الْمَرْفُوعِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ مَا رَوَى فَأَفْتَى بِخِلَافِهِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ يُغْسَلُ بِلَا حَدٍّ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُق حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ يَغْسِلُهُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا قَالُوا: فَلَوْ كَانَ التَّسْبِيعُ وَاجِبًا لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسِ، وَالثَّلَاثِ، وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَرِوَايَةُ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَلَمَّا نَهَى عَنْ قَتْلِهَا نُسِخَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالْحَدْسِ، وَالرَّأْيِ بَلْ ظَاهِرُ سِيَاقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَمْرُهُ بِالتَّسْبِيعِ مِنْ وُلُوغِهَا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ:«أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْكِلَابِ، ثُمَّ قَالَ مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ؟ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَالْغَنَمِ وَقَالَ: إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيعِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا إذْ الْأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ حَتَّى يَصْرِفَ عَنْ الْوُجُوبِ صَارِفٌ وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إلَى وُجُوبِ التَّسْبِيعِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ قَالَ: وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ بِالطُّرُقِ الصِّحَاحِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُد، وَالطَّبَرِيُّ.
1 -
{الثَّامِنَةُ} احْتَجَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتْرِيبُ فِي الْغَسْلِ مِنْ الْوُلُوغِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ فَقَدْ حَفِظَهُ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ حُجَّةً عَلَى مَنْ حَفِظَ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
{التَّاسِعَةُ} اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَسْبِيعِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ