الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيهِ حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ.
[فَائِدَةٌ استحباب الْإِبْرَاد بِالظُّهْرِ]
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
[طرح التثريب]
يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ لَا مُنَازِعَ فِيهِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَضَرِ فَالسَّفَرُ الَّذِي قُصِرَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ عَنْ هَيْئَتِهَا أَوْلَى بِذَلِكَ انْتَهَى.
[فَائِدَةٌ زِيَادَةِ التَّأْخِيرِ بِالْإِبْرَادِ]
(الثَّالِثَةَ عَشَرَ) قَوْلُهُ: حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ التَّأْخِيرِ بِالْإِبْرَادِ إذْ التُّلُولُ لَا يَظْهَرُ ظِلُّهَا إلَّا بَعْدَ تَمَكُّنِ الْفَيْءِ وَطُولِهِ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ الْمُنْبَسِطَةِ، فَإِنَّ ظُهُورَ ظِلِّهَا سَرِيعٌ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْإِبْرَادَ بِالظُّهْرِ يَكُونُ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ السَّاعِي لِلْجَمَاعَةِ قَالُوا: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَقْتِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْأُمِّ: وَلَا يَبْلُغُ بِتَأْخِيرِهَا آخِرَ وَقْتِهَا فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا مَعًا وَلَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مُتَمَهِّلًا فَيَنْصَرِفُ مِنْهَا قَبْلَ آخِرِ وَقْتِهَا لِيَكُونَ بَيْنَ انْصِرَافِهِ مِنْهَا وَبَيْنَ آخِرِ وَقْتِهَا فَصْلٌ.
وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ وَقَدَّرَ الْمَالِكِيَّةُ التَّأْخِيرَ بِزِيَادَةٍ عَلَى رُبْعِ الْقَامَةِ إلَى نِصْفِ الْوَقْتِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَنْتَهِي بِالْإِبْرَادِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَمْ لَا فَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لِأَشْهَبَ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا أَخَّرَ إلَى أَنْ كَانَ لِلتُّلُولِ، وَالْجُدْرَانِ فَيْءٌ يُسْتَظَلُّ بِهِ، وَذَلِكَ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي التُّلُولِ لَا يُسْتَظَلُّ بِهِ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَخَلْطُهُ الْجُدْرَانَ مَعَ هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي السَّفَرِ وَلَا جُدْرَانَ هُنَاكَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عُمَارَةَ قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَالظِّلُّ قَامَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إذَا زَالَ الْفَيْءُ عَنْ طُولِ الشَّيْءِ فَذَاكَ حِينَ تُصَلَّى الظُّهْرُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ تُصَلَّى الظُّهْرُ إذَا كَانَ الظِّلُّ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ الظُّهْرَ فَقِسْت ظِلِّي فَوَجَدْته ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ.
[حَدِيث اشْتَكَتْ النَّارُ إلَى رَبِّهَا عز وجل]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
ــ
[طرح التثريب]
(الْأُولَى) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ لِكَوْنِهِ صَرَّحَ فِيهِ بِشَكْوَى النَّارِ إلَى رَبِّهَا مِنْ أَكْلِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَإِذْنِهِ لَهَا بِنَفْسَيْنِ، وَأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ ذَلِكَ النَّفَسِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ، وَلَوْ حَمَلْنَا شَكْوَى النَّارِ عَلَى الْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهَا فِي التَّنَفُّسِ وَنَشْأَةِ شِدَّةِ الْحَرِّ عَنْهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّجَوُّزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةُ) إنْ قُلْت: قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ إلَّا مَا هُوَ أَشَدُّ.
(قُلْت) لَا يُرَادُ بِأَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَرِّ التَّحْقِيقُ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ لَا يُوجَدُ إلَّا فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَلَا يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِالْإِبْرَادِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِذَلِكَ التَّقْرِيبُ فَمَا قَارَبَ مَا هُوَ أَشَدُّ جُعِلَ مِنْ الْأَشَدِّ أَوْ يُرَادُ الْأَشَدُّ الَّذِي يَكُونُ غَالِبًا دُونَ الْأَشَدِّ الَّذِي لَا يُوجَدُ إلَّا نَادِرًا فَيَسْتَوِي حِينَئِذٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَأَشَدُّ الْحَرِّ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَمَا كَانَ مِنْ بَرْدٍ يُهْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا، وَمَا كَانَ مِنْ سَمُومٍ يُهْلِكُ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ حَرِّهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالشِّدَّةُ أَيْ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ انْتَهَى فَبَيَّنَ هَذَا الْكَلَامُ أَنَّ ضَابِطَ شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَالْحَرِّ مَا يُهْلِكُ شَيْئًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
" الثَّالِثَةُ " كَوْنُ شِدَّةِ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ هَلْ اقْتَضَى