الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
خِلَافٍ نَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالْعَرَبِيَّةِ، وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ فِيهَا لُغَةً غَرِيبَةً بِالتَّنْوِينِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ.
وَسَبَبُ الْغَلَطِ أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ رَوَاهُ بِالتَّنْوِينِ، وَهُوَ أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُشْمِيهَنِيُّ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ يَحْكِي ذَلِكَ لُغَةً كَمَا وَقَعَ لَهُمْ نَحْوُ ذَلِكَ فِي خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ فَحَكَوْا فِيهِ لُغَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُ أَهْلُ اللُّغَةِ الضَّمَّ، وَأَمَّا الْفَتْحُ فَرِوَايَةٌ مَرْدُودَةٌ لَا لُغَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي حَقِيقَةِ الدُّنْيَا]
1
(الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ) اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي حَقِيقَةِ الدُّنْيَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْهَوَاءِ، وَالْجَوِّ، وَالثَّانِي أَنَّهَا كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْجَوَاهِرِ، وَالْأَعْرَاضِ.
[فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَ كَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الدُّنْيَا]
1
(الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ) مَا فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَ كَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الدُّنْيَا؟ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَجْوِبَةٍ:
أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ دُخُولُهَا فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ دُنْيَا نَكِرَةٌ، وَهِيَ لَا تَعُمُّ فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا يَلْزَمُ دُخُولُ الْمَرْأَةِ فِيهَا.
وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى زِيَادَةِ التَّحْذِيرِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ جَاءَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ أَيْضًا عَنْ ابْنِ سِرَاجٍ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْمَرْأَةَ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتَزَوَّجُ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ وَلَا يُزَوِّجُونَ بَنَاتَهمْ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ فِي النَّسَبِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَوَّى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَنَاكِحِهِمْ وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُفُؤًا لِصَاحِبِهِ فَهَاجَرَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَتَزَوَّجَ بِهَا حَتَّى سُمِّيَ بَعْضُهُمْ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ.
[فَائِدَة أَسْبَابِ حَدِيثِ الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ]
(الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: شَرَعَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي تَصْنِيفٍ فِي أَسْبَابِ الْحَدِيثِ كَمَا صُنِّفَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَوَقَفْتُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى يَسِيرٍ لَهُ قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْحِكَايَةِ عَنْ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَبِيلِ.
(الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ) مَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ الشُّرَّاحِ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ سَبَبَ قِصَّةِ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ بِإِسْنَادِ رِجَالٍ ثِقَاتٍ. مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ فِينَا رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قَيْسٍ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ حَتَّى يُهَاجِرَ فَهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا فَكُنَّا نُسَمِّيهِ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ.
(السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ) لَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرُوا أَنَّهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
كَانَ يُسَمَّى مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ فِيمَا رَأَيْته مِنْ التَّصَانِيفِ.
وَأَمَّا أُمُّ قَيْسٍ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ أَنَّ اسْمَهَا قَيْلَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ) إنْ قِيلَ مَا وَجْهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ فِي تَرْجَمَةِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ خَطَبَهَا مُشْرِكًا فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا إلَّا بِالْإِسْلَامِ أَسْلَمَ وَتَزَوَّجَهَا وَحَسُنَ إسْلَامُهُ.
وَهَكَذَا رَوَى النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكَانَ صَدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الْإِسْلَامَ أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ: إنِّي قَدْ أَسْلَمْت، فَإِنْ أَسْلَمْتَ نَكَحْتُك فَأَسْلَمَ فَكَانَ صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا، بَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ (التَّزَوُّجُ عَلَى الْإِسْلَامِ) وَرَوَى النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا قَالَ خَطَبَ أَوْ طَلْحَةُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا مِثْلُك يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ وَلَكِنَّك رَجُلٌ كَافِرٌ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَك، فَإِنْ أَسْلَمْت فَذَاكَ مَهْرِي فَلَا أَسْأَلُك غَيْرَهُ فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا سَمِعْت بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ (الْإِسْلَام) .
فَدَخَلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ لِيَتَزَوَّجَ بِهَا فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْهِجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ كَوْنِ الْإِسْلَامِ أَشْرَفَ الْأَعْمَالِ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَسْلَمَ لِيَتَزَوَّجَهَا حَتَّى يَكُونَ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ مِنْ تَزَوُّجِهِ حَتَّى هَدَاهُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ لَا لِيَتَزَوَّجَهَا وَلَا يُظَنُّ ذَلِكَ بِأَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَمَ لِيَتَزَوَّجَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَدْ كَانَ مِنْ أَجَلِّ الصَّحَابَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّغْبَةِ فِي نِكَاحِهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِسْلَامُ رَغْبَةً فِيهِ فَمَتَى كَانَ الدَّاعِي إلَى الْإِسْلَامِ الرَّغْبَةَ فِي الدِّينِ لَمْ يَضُرَّ مَعَهُ كَوْنُهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ نِكَاحُ الْمُسْلِمَاتِ وَلَا مِيرَاثُ مُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ وَلَا اسْتِحْقَاقُ الْغَنِيمَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَاعِثُ عَلَى الْإِسْلَامِ الرَّغْبَةَ فِي الدِّينِ.
وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ عِنْدَ حَدِيثِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ مَنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ نِيَّةَ الْأَعْمَالِ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَضُرَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا عَرَضَ فِي نَفْسِهِ وَخَطَرَ بِقَلْبِهِ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَوَسْوَاسِ الشَّيْطَانِ وَلَا يُزِيلُهُ عَنْ حُكْمِهِ إعْجَابُ اطِّلَاعِ الْعِبَادِ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّهِ إلَى مَا نَدَبَهُ اللَّهُ إلَيْهِ وَلَا سُرُورُهُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ أَنْ يَبْدَأَ بِنِيَّةٍ