الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الشَّمْسُ فَصَلُّوا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.
(خَامِسُهَا) أَنَّ الْإِبْرَادَ أَفْضَلُ وَحَدِيثُ خَبَّابُ فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ اسْتِحْبَابَ الْإِبْرَادِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ نَحْمِلْ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ لِحَدِيثِ خَبَّابُ لَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ خَبَّابُ الْمَنْعُ مِنْ التَّأْخِيرِ أَوْ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّقْدِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْإِبْرَاد بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ]
1
(الرَّابِعَةُ) لَفْظُ الصَّلَاةِ عَامٌّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ، وَاللَّامِ لِلْعُمُومِ فَيَتَنَاوَلُ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ كُلٍّ مِنْهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ فِي الظُّهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بِهِ أَشْهَبُ وَحْدَهُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ تُؤَخَّرُ رُبْعُ الْقَامَةِ وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَرَأَى تَأْخِيرَهَا فِي الصَّيْفِ وَتَعْجِيلَهَا فِي الشِّتَاءِ وَعَكَسَ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فَرَأَى تَأْخِيرَهَا فِي الشِّتَاءِ لِطُولِ اللَّيْلِ وَتَعْجِيلَهَا فِي الصَّيْفِ لِقِصَرِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِالْإِبْرَادِ فِي الْمَغْرِبِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلَا فِي الصُّبْحِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا أَبْرَدُ الْأَوْقَاتِ مُطْلَقًا.
فَلَا مَعْنَى لِلْإِبْرَادِ بِهَا وَجَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ تَرْكِ الْقَوْلِ بِالْإِبْرَادِ فِي الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا صَلَاةُ الظُّهْرِ كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فَقَالَ:«أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَتَكُونُ الْأَلِفُ، وَاللَّامُ فِي الصَّلَاةِ لِلْعَهْدِ وَأَيْضًا فَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ وَأَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ لَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ أَشَدَّ حَرًّا مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ، فَإِذَا فُعِلَتْ الظُّهْرُ فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَفِعْلُ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَالْعِشَاءِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهُمَا أَقَلُّ حَرًّا أَوْلَى بِذَلِكَ وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي خَبَرِ الْإِبْرَادِ لَا بِالْعَصْرِ وَلَا بِالْعِشَاءِ بَلْ كَانَ يَأْتِي بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً، وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ الْعِشَاءَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَهُوَ إمَّا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ أَوْ لِمَا فِي تَأْخِيرِهَا مِنْ الْفَضْلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِبْرَادِ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الصَّيْفِ، وَالشِّتَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْإِبْرَادِ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
1
(الْخَامِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِدُخُولِهَا فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ وَأَيْضًا، فَإِنَّهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَقَائِمَةٌ مَقَامَهَا، وَالْعِلَّةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْإِبْرَادِ
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ» يَعْنِي الْجُمُعَةَ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ» ؛ وَفِي عِلَلِ الْخَلَّالُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ " مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ " قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ فَوْحُ غَيْرَ الْأَعْمَشِ
ــ
[طرح التثريب]
بِالظُّهْرِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ مَوْجُودَةٌ فِي وَقْتِهَا، وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، وَهُوَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ» يَعْنِي الْجُمُعَةَ، وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَرِّدُ بِهَا وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الظُّهْرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِبْرَادِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ أَنَّهُ لَيْسَ النَّظَرُ لِمُجَرَّدِ شِدَّةِ الْحَرِّ بَلْ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْمَشَقَّةُ فِي الْجُمُعَةِ لَيْسَتْ فِي التَّعْجِيلِ بَلْ فِي التَّأْخِيرِ، فَإِنَّ النَّاسَ نُدِبُوا لِلتَّبْكِيرِ لَهَا، وَإِذَا حَضَرُوا كَانَتْ رَاحَتُهُمْ فِي إيقَاعِ الصَّلَاةِ لِيَنْصَرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَسْتَرِيحَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ لَا فِي التَّأْخِيرِ، فَإِنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِطُولِ الِاجْتِمَاعِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَانْعَكَسَ الْحُكْمُ، وَعَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَقْلِ الصَّحَابِيِّ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَهْمِ الرَّاوِي؛ وَلِهَذَا قَالَ يَعْنِي الْجُمُعَةَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ أَنَسٍ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ يَعْنِي وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ وَجَبَ مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى وَمُلَاحَظَتُهُ، وَالْمَعْنَى مُقْتَضٍ لِلتَّعْجِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي كَوْنِهِ لَيْسَتْ الْعِلَّةُ عِنْدَهُ فِي الْإِبْرَادِ شِدَّةَ الْحَرِّ بَلْ الْمَشَقَّةُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وَلِهَذَا شُرِطَ فِي الْإِبْرَادِ أَوْ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ كَوْنُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَكَوْنُ الْمُصَلِّينَ يَقْصِدُونَهَا مِنْ بُعْدٍ وَلَا يَجِدُونَ كِنًّا يَمْشُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ: فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ يَحْتَمِلُ عَنْ هُنَا أَوْجُهًا: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا أَنَّ الْبَاءَ تَكُونُ بِمَعْنَى عَنْ فَمِنْ الْأَوَّلِ