الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّطْبِيقِ فِي الرُّكُوعِ وَنَسْخِهِ
عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ فَخِذَيْهِ وَلْيَجْنَأْ، ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ كَفِيهِ فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى اخْتِلَافِ
ــ
[طرح التثريب]
أَصْحَابِنَا إنَّ الْفَرْضَ هِيَ النَّاقِصَةُ وَلَا شَكَّ أَنَّ صَلَاةَ مُعَاذٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْمَلُ مِنْ صَلَاتِهِ بِقَوْمِهِ فَلَا يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فَرْضَهُ الثَّانِيَةُ هَكَذَا أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا هَذَا الْخِلَافَ وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَنَوَى بِهِ الْفَرْضَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْقَلِبَ نَفْلًا بَعْدَ تَمَامِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ، أَوْ كَيْفَ يُوصَفُ الثَّانِي بِالْفَرِيضَةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْفَرْضُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ.
نَعَمْ الْخِلَافُ لَهُ وَجْهٌ فِيمَا إذَا صَلَّى وَفِي نِيَّتِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَقِصَّةِ مُعَاذٍ هَذِهِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُعَلَّقَ الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِالْأُولَى الْفَرْضَ فَالْفَرْضُ هِيَ الثَّانِيَةُ قَطْعًا وَإِنْ نَوَى بِالْأُولَى الْفَرْضَ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ فَرْضًا وَالْفَرْضُ وَاحِدٌ،.
(السَّابِعَةُ) فِي قَوْلِهِ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ» دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ لَا يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ بَلْ يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا وَهُوَ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي الْفَرِيضَةَ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَوَّلُ لَا جَرَمَ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّ هَذِهِ هَفْوَةٌ.
(الثَّامِنَةُ) فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُكْرَهُ الصَّلَاةُ بَعْدَهَا بِأَنْ تَكُونَ صُبْحًا أَوْ عَصْرًا أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ جَابِرٍ أَنَّهُ «كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ» وَفِي وَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً، فَالصَّلَاةُ مَكْرُوهَةً فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ، وَفِي وَجْهٍ آخَرَ يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ وَلَا يُعِيدُ بَقِيَّةَ الصَّلَوَاتِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ.
[بَابُ التَّطْبِيقِ فِي الرُّكُوعِ وَنَسْخِهِ]
[حَدِيث إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ فَخِذَيْهِ وَلْيَجْنَأْ]
بَابُ التَّطْبِيقِ فِي الرُّكُوعِ وَنَسْخِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ فَخِذَيْهِ وَلْيَجْنَأْ، ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى اخْتِلَافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ
أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ " قَالَا: أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ فَقَالَ أَصَلَّى هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ؟ فَقُلْنَا لَا، قَالَ قُومُوا فَصَلُّوا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِأَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، قَالَ وَذَهَبْنَا لِنَقُومَ خَلْفَهُ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا فَجَعَلَ أَحَدَنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، قَالَ فَلَمَّا رَكَعْنَا وَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا، قَالَ فَضَرَبَ أَيْدِيَنَا وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ إنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا وَيَخْنُقُونَهَا إلَى شَرَقِ الْمَوْتَى، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً، وَإِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَصَلُّوا صَفًّا وَإِذَا كُنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَؤُمَّكُمْ
ــ
[طرح التثريب]
صلى الله عليه وسلم وَطَبَّقَ بَيْنَ كَفَّيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَنَّ الْأَسْوَدَ لَيْسَ مِنْ الْأَسَانِيدِ الَّتِي ذَكَرْتهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الْمُسْنَدِ رِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ مَعًا فَذَكَرْتُهُ مَعَهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرْته وَلَمْ أَحْذِفْهُ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا كَانَ عَنْ رَجُلَيْنِ فَلَا يَحْسُنُ حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ لِأَحَدِهِمَا وَحُمِلَ لَفْظُ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ هُوَ الَّذِي لَهُ لَفْظُ الْحَدِيثِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَحَذْفُهُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِمَا ثِقَتَيْنِ أَقْرَبُ وَأَخَفُّ ضَرَرًا مِمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا وَحَذَفَ الضَّعِيفَ وَأَبْقَى الثِّقَةَ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى أَنْ يُذْكَرَ لَفْظُ الضَّعِيفِ مَعْزُوًّا إلَى الثِّقَةِ.
وَقَدْ أَرَادَ مُسْلِمٌ رحمه الله فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ الِاحْتِرَازَ عَنْ هَذَا فَمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إلَى الِاحْتِرَازِ وَالِاحْتِيَاطِ فَيَقُولُ مَثَلًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَذَكَرَ آخَرَ مَعَهُ وَيَكُونُ الَّذِي ذَكَرَ مَعَهُ وَحَذَفَهُ مُسْلِمٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ فَلَا يُسَمِّيهِ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ وَلَا يُحِبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثِّقَةِ فَيُشِيرُ إلَى أَنَّ مَعَهُ آخَرَ، وَأَكْثَرُ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَنَبَّهَ بِذِكْرِ الْآخَرِ
أَحَدُكُمْ " الْحَدِيثَ. وَالتَّطْبِيقُ مَنْسُوخٌ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ «صَلَّيْت إلَى جَنْبِ أَبِي فَطَبَّقْت بَيْنَ كَفَّيَّ، ثُمَّ وَضَعَتْهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ فَنَهَانِي أَبِي قَالَ: كُنَّا نَفْعَلُهُ فَنُهِينَا عَنْهُ وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ» .
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ «أَمْكَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ» وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عُمَرَ قَالَ " إنَّ الرُّكَبَ سُنَّتْ لَكُمْ فَخُذُوا بِالرُّكَبِ.
وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ " إذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَصَلُّوا صَفًّا " رَفَعَهُ أَبُو دَاوُد وَفِيهِ ضَعْفٌ وَتَأَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ «صَلَّيْت أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمِّي خَلْفَنَا» وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ لَوْ ثَبَتَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى فِعْلِهِ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ. ..
ــ
[طرح التثريب]
مُبْهَمًا عَلَى أَنَّهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مَحَلَّ نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ لِابْنِ لَهِيعَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةُ) فِي غَرِيبِهِ (قَوْلُهُ فَلْيُفْرِشْ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ رُبَاعِيٌّ لِكَوْنِهِ عَدَّاهُ إلَى مَفْعُولَيْنِ تَقُولُ فَرَشْت الثَّوْبَ أَفْرُشُهُ وَأَفْرَشْت الضَّيْفَ بُسُطًا إذَا عَدَّيْتَهُ إلَى اثْنَيْنِ (وَقَوْلُهُ وَلْيَجْنَأْ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَبِالْجِيمِ وَالنُّونِ مَهْمُوزٌ عَلَى أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ هَكَذَا فِي الْأُصُولِ الصَّحِيحَةِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْيَاءِ فَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا وَهُوَ الْمَيْلُ بِالرَّأْسِ وَالْإِكْبَابُ فَكَأَنَّهُ خَشِيَ مِنْ التَّقَعُّسِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلِيَحْنِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ مِنْ الِانْحِنَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
(وَقَوْلُهُ: ثُمَّ طَبَّقَ) وَالتَّطْبِيقُ هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَجْعَلُهَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ وَعُلِمَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ كَمَا ذَكَرْته فِي بَقِيَّةِ الْبَابِ. .
1 -
(وَقَوْلُهُ فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَيَخْنُقُونَهَا إلَى شَرَقِ الْمَوْتَى) هُوَ مِنْ خَنَقَ يَخْنُقُ وَيَخْنُقُ خَنْقًا وَالْمُرَادُ تَضْيِيقُ وَقْتِهَا وَمِنْهُ خِنَاقُ الْمَوْتِ وَشَرَقُ الْمَوْتَى بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقِيلَ: هُوَ مِنْ شَرَقَ الْمَيِّتُ بِرِيقِهِ إذَا غَصَّ بِهِ فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ مَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ مَنْ شَرَقَ بِرِيقِهِ وَقِيلَ: شَرَقُ