الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
سُنَنِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْ فُرُوضُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ «مَا يَخْفَى عَلَيَّ خُشُوعُكُمْ وَلَا رُكُوعُكُمْ» بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا مَا سَكَتَ عَنْ إعْلَامِهِمْ بِذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ الْبَيَانُ لِأُمَّتِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُمْ وَلَيْسَ لِمَنْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ لَمْ يَطْمَئِنُّوا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَاَلَّذِي وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ إنَّمَا هُوَ مُسَابَقَتُهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا تَرْكُ الطُّمَأْنِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمْ تَرْكُ الطُّمَأْنِينَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَأْمُومِينَ وَرَاءَهُ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَطْمَئِنُّ فِي صَلَاتِهِ قَطْعًا فَلَوْ تَرَكُوا الطُّمَأْنِينَةَ وَرَاءَهُ لَلَزِمَ مِنْهُ مُفَارَقَتُهُمْ لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يُسَاوِقُهُ أَوْ يُبَادِرُهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ بِالْإِعَادَةِ بِقَوْلِهِ «صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» وَبَيَّنَ لَهُ فَرْضَ الطُّمَأْنِينَةِ بِقَوْلِهِ «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ بِالْإِعَادَةِ وَقَوْلُ الْمُهَلَّبِ إنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ الَّتِي نَقَصَهَا إجْرَاءً عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُجْزِيك حَتَّى تُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَاةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنَّمَا عَلَّمَهُ كَيْفَ يُصَلِّي فِيمَا يَسْتَقْبِلُ كَلَامٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَقَدْ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ فِي آخَرِ مَرَّةٍ بِقَوْلِهِ «صَلِّ وَنَفَى صَلَاتَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» ثُمَّ عَلَّمَهُ كَيْفَ يَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ صَلِّ هَكَذَا فَإِنَّ أَمْرَهُ بِالصَّلَاةِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَى الْآنَ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَا يُجْزِيك حَتَّى تُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَاةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ» وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ مَرْفُوعًا «لَا يُجْزِي صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[فَائِدَة كَرَاهِيَةِ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ]
1
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
السَّابِعَةُ} إذَا قُلْنَا إنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ مُسَاوَقَتَهُ وَمُسَابَقَتَهُ الْيَسِيرَةَ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ كَانَ غَيْرَ مُفْسِدٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُسَابِقَةِ وَالْمُسَاوَقَةِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَاوَقَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّ الْمُسَاوَقَةَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا تُكْرَهُ وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ بِرُكْنٍ فَتُكْرَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَلَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّامِنَةُ} فِيهِ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا يَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعِلْمُ دُونَ الرُّؤْيَةِ كَمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرَاهُمْ بِمَا يُوحَى إلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ قَدْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَرَاهُمْ بِمَا خُصَّ بِهِ أَنْ زِيدَ فِي قُوَّةِ بَصَرِهِ حَتَّى يَرَى مَنْ وَرَاءَهُ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ قُلْتُ لَهُ إنَّ إنْسَانًا قَالَ لِي هُوَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا الْإِبْصَارَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إدْرَاكًا خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُحَقَّقًا انْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَةُ وَخُلِقَ لَهُ وَرَاءَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِدْرَاكُ الْعَيْنِيُّ انْخَرَقَتْ لَهُ الْعَادَةُ فَكَانَ يَرَى بِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَشْتَرِطُونَ فِي الرُّؤْيَةِ عَقْلًا هَيْئَةً مَخْصُوصَةً وَلَا مُقَابَلَةً وَلَا قُرْبًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا يَشْتَرِطُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ وَأَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ إنَّمَا هِيَ شُرُوطٌ عَادِيَّةٌ يَجُوزُ حُصُولُ الْإِدْرَاكِ مَعَ عَدَمِهَا وَلِذَلِكَ حَكَمُوا بِجَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مَعَ إحَالَةِ تِلْكَ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الْبِدَعِ إلَى أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ عَقْلِيَّةٌ اسْتَحَالَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ اللَّهِ فَأَنْكَرُوهَا وَخَالَفُوا قَوَاطِعَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي وَرَدَتْ بِإِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ وَخَالَفُوا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي هَذَا زِيَادَةٌ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا فِي حُجَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى