الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي رَزِينٍ عَنْهُ.
{الثَّانِيَةُ} قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: هَكَذَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا، بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَبِغَيْرِهِ عَلَى تَوَاتُرِ طُرُقِهِ وَكَثْرَتِهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ كُلُّهُمْ يَقُولُ: إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ وَلَا يَقُولُونَ شَرِبَ الْكَلْبُ، وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ انْتَهَى. وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْحَافِظَانِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ فَقَالَا: إنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ شَرِبَ وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرُوا فَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى قَوْلِهِ شَرِبَ مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ وَوَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظِ وَلَغَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ وَفِي بَعْضِهَا شَرِبَ.
وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرٍ الدَّانِيُّ فِي أَطْرَافِ الْمُوَطَّإِ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَنَفِيَّ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ وَلَغَ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ شَرِبَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ.
{الثَّالِثَةُ} فِيهِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ فِي أَنَّ حُكْمَ سَائِرِ الْكِلَابِ فِي الْغُسْلِ مِنْ وُلُوغِهَا سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ الْكَلْبِ وَغَيْرِ الْكَلْبِ وَفِي قَوْلٍ لِمَالِكٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إلَى التَّفْرِقَةِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْبَدَوِيِّ، وَالْحَضَرِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ الَّذِي أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ هُوَ الْمَأْمُورُ فِيهِ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا قَالَ: وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ الْمَعْقُولُ وَالنَّظَرُ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُبَحْ اتِّخَاذُهُ وَأُمِرَ بِقَتْلِهِ مُحَالٌ أَنْ يُتَعَبَّدَ فِيهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِقَتْلِهِ فَهُوَ مَعْدُومٌ لَا مَوْجُودٌ، وَمَا أُبِيحَ لَنَا اتِّخَاذُهُ لِلصَّيْدِ، وَالْمَاشِيَةِ أُمِرْنَا بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ.
[فَائِدَةٌ إذَا وَلَغَ الْكَلْبِ فِي مَاءِ مُسْتَنْقَعٍ]
1
{الرَّابِعَةُ} اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَغْسِلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ إذَا كَانَ وُلُوغُهُ فِي إنَاءٍ أَمَّا إذَا وَلَغَ فِي مَاءٍ مُسْتَنْقَعٍ، فَإِنَّهُ لَا يُغْسَلُ مِنْهُ وَلَا يُنَجِّسُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْقَيْدِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ كَوْنُ الْغَالِبِ وَضْعَ مِيَاهِهِمْ وَأَطْعِمَتِهِمْ فِي الْآنِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ غَسَلَ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ سَبْعًا وَاجِب أَوْ مُسْتَحَبّ]
1
{الْخَامِسَةُ} اسْتَدَلَّ بِالْأَمْرِ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ عَلَى نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ وَلُعَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فَلْيَرْقِهِ وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: تَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ: شَرِبَ، وَأَنَّ غَيْرَهُ كُلَّهُمْ يَقُولُ وَلَغَ، وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرُوا فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى لَفْظِهِ وَرْقَاءُ وَمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ..
ــ
[طرح التثريب]
وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَدَاوُد إلَى طَهَارَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: جُمْلَةُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ طَاهِرٌ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا تَعَبُّدًا وَاسْتِحْبَابًا أَيْضًا لَا إيجَابًا قَالَ: وَلَا بَأْسَ عِنْدَهُ بِأَكْلِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ مِنْ اللَّبَنِ، وَالسَّمْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُهْرِيقَ مَا وَلَغَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ.
وَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَا أَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ؟ وَضَعَّفَهُ مِرَارًا فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ إلَّا فِي الْمَاءِ وَحْدَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ يُغْسَلُ مِنْ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْكَلُ الطَّعَامُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ بَعْدَ تَعَبُّدٍ أَوْ لَا يُرَاقُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا لِيُهْرَاقَ الْمَاءُ عِنْدَ وُجُودِهِ لِيَسَارَةِ مُؤْنَتِهِ.
وَقَالَ دَاوُد: سُؤْرُهُ طَاهِرٌ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْهُ سَبْعًا فَرْضٌ وَيُتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ وَيُؤْكَلُ الطَّعَامُ، وَالشَّرَابُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ، وَيَرُدُّ قَوْلَ مَالِكٍ وَدَاوُد مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَرْقِهِ، ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» قَالَ النَّسَائِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ عَلَى قَوْلِهِ فَلْيَرْقِهِ.
وَكَذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ تَفَرَّدَ بِالْأَمْرِ بِالْإِرَاقَةِ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُ الْأَعْمَشِ الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ مِثْلُ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ. وَكَذَا قَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي قَوْلِهِ: فَلْيَرْقِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ قُلْت: وَهَذَا غَيْرُ قَادِحٍ فِيهِ، فَإِنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ