الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَعْنَى أَرَدْت ذَلِكَ وَدَعَوْت بِهِ وَلَنْ تَبْلُغَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ جَاهِلَ الْحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ لَا يعذر بِشَرْطِهِ]
{الثَّامِنَةُ} وَفِيهِ أَنَّ جَاهِلَ الْحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ إذَا خَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ لَا يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ فِيهَا حَدٌّ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ هَذَا أَعْرَابِيٌّ نَشَأَ بِالْبَادِيَةِ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَسَاجِدَ لَا يَجُوزُ الْبَوْلُ فِيهَا فَلَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُؤَنِّبْهُ، ثُمَّ عَلَّمَهُ الْحُكْمَ وَنَهَاهُمْ عَنْ الْوُقُوعِ بِهِ وَعَنْ الصِّيَاحِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: وَيْحُك أَوْ وَيْلُك، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ ذَلِكَ وَلَا تُرِيدُ بِهِ الدُّعَاءَ بَلْ قَدْ وَرَدَ أَنَّ وَيْحَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{التَّاسِعَةُ} وَقَوْلُهُ: فَأَسْرَعَ النَّاسُ إلَيْهِ أَيْ بَادَرُوا إلَيْهِ وَمُبَادَرَتُهُمْ إلَيْهِ إمَّا لِلْوُقُوعِ بِهِ كَمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ فَثَارَ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: دَعُوهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، وَإِمَّا أَسْرَعُوا إلَيْهِ لِزَجْرِهِ، وَالصِّيَاحِ عَلَيْهِ فَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَزَجَرَهُ النَّاسُ وَلِمُسْلِمٍ فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَهْ مَهْ فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم اللَّهِ: لَا تَزْرِمُوهُ دَعُوهُ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ» الْحَدِيثَ.
[فَائِدَةٌ الرِّفْقُ فِي إنْكَارِ الْمُنْكَرِ]
1
{الْعَاشِرَةُ} فِيهِ الرِّفْقُ فِي إنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَتَعْلِيمِ الْجَاهِلِ بِاسْتِعْمَالِ التَّيْسِيرِ وَتَرْكِ التَّعْسِيرِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدَ أَنْ فَقِهَ فَقَامَ إلَيَّ بِأَبِي وَأُمِّي صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُؤَنِّبْ وَلَمْ يَسُبَّ فَقَالَ: إنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يُبَالُ فِيهِ، وَإِنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ هُنَا هَذَا الْمَسْجِدُ أَرَادَ بِهِ جِنْسَ الْمَسَاجِدِ لَا خُصُوصِيَّةَ مَسْجِدِهِ عليه السلام كَمَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
[فَائِدَةٌ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَشَدِّهِمَا]
1
{الْحَادِيَةَ عَشَرَ} فِيهِ احْتِمَالُ أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَشَدِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى يُتِمَّ بَوْلَهُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ لَا كَثِيرُهُ وَلَا قَلِيلُهُ وَأَمْرُهُمْ بِتَرْكِهِ فِيهِ فَائِدَتَانِ (إحْدَاهُمَا) أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ أَصْلُ التَّنْجِيسِ قَبْلَ قِيَامِهِمْ إلَيْهِ فَلَوْ قَطَعُوا عَلَيْهِ بَوْلَهُ وَأَخْرَجُوهُ لَأَدَّى إلَى تَنْجِيسِ مَوَاضِعَ مِنْ الْمَسْجِدِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِلَى تَنْجِيسِ ثِيَابِهِ وَبَدَنِهِ فَكَانَ إكْمَالُهُ لِلْبَوْلِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَنَجَّسَ أَخَفَّ ضَرَرًا.
(وَالْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
حَبْسَ الْبَوْلِ يُحَصِّلُ لِصَاحِبِهِ ضَرَرًا فَكَانَ فِيهِ زِيَادَةُ ضَرَرٍ عَلَى تَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهَذَا مِنْ رِفْقِهِ صلى الله عليه وسلم بِأُمَّتِهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ لَهُمْ وَرُبَّمَا اُبْتُلِيَ مَنْ تَجَاوَزَ أَمْرَهُ وَتَأْدِيبَهُ بِأَشَدَّ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الْجَاهِلُ كَمَا حَكَى لِي صَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ صِدِّيقٍ الْجَنَانِيُّ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ قَالَ: كُنْت فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَيْت رَجُلًا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظْتُ عَلَيْهِ وَزِدْت فِي تَعْنِيفِهِ، ثُمَّ أَلْزَمْتُهُ أَنْ حَمَلَ ذَلِكَ الْحَصْبَاءَ الَّذِي تَنَجَّسَ بِبَوْلِهِ فِي ثَوْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَحْمَةِ الْمَوْسِمِ فَخَشِيت أَنْ يَطَأَهُ النَّاسُ وَيَتَنَجَّسُوا بِهِ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ قَالَ: ثُمَّ تَذَكَّرْت قَوْلَهُ: صلى الله عليه وسلم لَا تَزْرِمُوهُ فَنَدِمْت عَلَى إفْحَاشِي عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ جَاهِلًا أَوْ سَبَقَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ قَالَ: فَابْتُلِيت فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِأَنْ سَبَقَنِي الْبَوْلُ فِي إزَارِي وَرِدَائِي وَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ عِنْدَهُ تَحَرُّزٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَرُبَّمَا جَاوَزَهَا إلَى الْوَسْوَسَةِ قَالَ فَخَرَجْت مِنْ الْمَسْجِدِ وَبَقِيت حَائِرًا أَيْنَ أَتَطَهَّرُ وَأُطَهِّرُ إحْرَامِي مَعَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَكَثْرَتِهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ بِمَكَّةَ فَذَهَبْت إلَى فَسَاقِي بَابِ الْمُعَلَّى، وَالزِّحَامُ عَلَيْهَا فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ مِنْ السَّقَّايِينَ الَّذِينَ فِي الرَّكْبِ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَذْكُرُ أَنِّي رَأَيْته قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي أَهْلًا وَسَهْلًا بِحُبِّنَا الْمُوَسْوِسِ كَأَنَّك تُرِيدُ تَتَطَهَّرُ؟ فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ فَأَعْطَانِي شَيْئًا اسْتَتَرْت بِهِ، ثُمَّ نَزَعَ إزَارِي وَرِدَائِي وَدَعَا صِبْيَانَهُ فَأَمْسَكَ بَعْضَهُمْ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَأَمَرَ بَعْضَهُمْ فَطَهَّرَ بَدَنَهُ وَأَفْرَغَ بِالدَّلْوِ مِنْ مَاءٍ كَثِيرٍ عَلَيْهِمَا حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِتَطْهِيرِهِمَا وَوَقَفَ الصِّبْيَانُ بِهِمَا فِي الْهَوَاءِ حَتَّى جَفَّا وَأَمَرَهُمْ فَصَبُّوا عَلَيَّ حَتَّى طَابَتْ نَفْسِي بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَلْبَسُونِي إحْرَامِي وَقَالَ لِي آنَسْتنَا الْيَوْمَ وَرَحَّبَ بِي فَصِرْت مُتَعَجِّبًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِ هَذَا مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَعَلِمْت أَنَّ ذَلِكَ بِنَدَمِي عَلَى إفْحَاشِي عَلَى الَّذِي سَبَقَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
{الثَّانِيَةَ عَشَرَ} قَوْلُهُ هَرِيقُوا عَلَيْهِ هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَإِثْبَاتِ الْيَاءِ بَعْدَ الرَّاءِ وَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ أُهْرِيقُوا بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَهَكَذَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ بِزِيَادَةِ الْهَمْزِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُحْذَفُ الْهَمْزُ مِنْهُ فِي حَالَةِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْمَاضِي مِنْهُ لُغَاتٌ أَفْصَحُهَا أَهَرَاقَ الْمَاءَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالْهَاءِ مَعًا يُهْرِيقُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ هَرَاقَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ