الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
نَصَّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُطَهِّرُ بَوْلَ الرَّجُلِ دَلْوٌ كَبِيرٌ، وَبَوْلَ الرَّجُلَيْنِ دَلْوَانِ وَهَكَذَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُكَاثَرَةِ، وَالْغَلَبَةِ، وَمَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُكَاثَرَةُ، وَالْغَلَبَةُ عَلَى بَوْلِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ لَا تَحْصُلُ بِهِ الْغَلَبَةُ، وَالْمُكَاثَرَةُ عَلَى بَوْلِ الِاثْنَيْنِ، وَالْجَمَاعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ النَّجَاسَةَ لَا يُطَهِّرُهَا الْجَفَافُ]
1
(الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّ فِيهِ حُجَّةً لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُطَهِّرُهَا الْجَفَافُ بَلْ الْمَاءُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَوْ أُخِّرَ فَجَفَّ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَقُلْنَا بِطَهَارَتِهِ بِذَلِكَ جَوَازُ تَأْخِيرِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْإِزَالَةُ عَلَى الْفَوْرِ فَقَدْ يَقُولُ الْقَائِلُ: إنَّمَا بَادَرَ إلَى إزَالَتِهِ خَشْيَةَ تَنَجُّسِ أَحَدٍ بِهِ أَوْ أَنْ يَتَنَقَّلَ بِالْمَشْيِ عَلَيْهِ إلَى مَكَان آخَرَ مِنْ الْمَسْجِدِ.
وَقَدْ خَالَفَ زُفَرُ فِي ذَلِكَ أَبَا حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فَقَالَ لَا تَطْهُرُ بِجَفَافِهَا بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَنَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ مَا أَصَّلَاهُ فِي طَهَارَتِهِمَا فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ التُّرَابِ مَعَ حُكْمِهِمْ بِطَهَارَتِهِ وَمِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِطَهَارَةِ النَّجَاسَةِ بِزَوَالِ أَثَرِهَا بِالشَّمْسِ، وَالرِّيحِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ زَادَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وَرَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَأَجَابَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَسْجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ لَا بِقَوْلِهِ تَبُولُ يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ وَرُبَّمَا تَرَشَّشَتْ بِالْبَوْلِ وَتُقْبِلُ مَعَ ذَلِكَ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونُوا يَغْسِلُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَجَاسَةَ بَيْنَ جَافَّيْنِ وَلَمْ يُنْقَلْ لَنَا أَنَّهَا مَرَّتْ فِي حَالِ الْبَلَلِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي أَجْسَادِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَإِنَّمَا إقْبَالُهَا وَإِدْبَارُهَا فِي أَوْقَاتٍ نَادِرَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَسْجِدِ أَبْوَابٌ تَمْنَعُ مِنْ عُبُورِهَا فِيهِ (الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَوْلُهُ: دَلْوًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سَجْلًا وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَأَتَى بِالذَّنُوبِ مَوْضِعَ الدَّلْوِ وَهَلْ الْمَجْمُوعُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ خَيْرُ الْمَأْمُورِ بَيْنَ السَّجْلِ، وَالذَّنُوبِ أَوْ أَنَّ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَشُكُّ بَعْضُ الرُّوَاةِ؟ .
وَالظَّاهِرُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ قَالَ ذُنُوبًا مِنْ مَاءٍ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ شَكًّا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ ذِكْرُ الذَّنُوبِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذِكْرُ الدَّلْوِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَجْلٍ مِنْ مَاءٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ.
وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَالذَّنُوبُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ، وَهِيَ الدَّلْوُ الْمَمْلُوءَةُ مَاءً وَقِيلَ هُوَ الدَّلْوُ الْعَظِيمُ وَقِيلَ لَا يُسَمَّى ذَنُوبًا حَتَّى يَكُونَ فِيهَا مَاءٌ، وَالسَّجْلُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الدَّلْوُ الْمَلْأَى مَاءً أَيْضًا وَفِي الدَّلْوِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ، وَالتَّأْنِيثُ.