الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ بِفَتْحِ أَنْ النَّاصِبَةِ وَبِالضَّادِ الْمَكْسُورَةِ..
ــ
[طرح التثريب]
حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ بِفَتْحِ " أَنْ " النَّاصِبَةِ وَبِالضَّادِ الْمَكْسُورَةِ لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ إنَّمَا تَعَرَّضَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي أَنْ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَ الضَّادِ سَاقِطَةً هَذَا هُوَ الَّذِي وَقَعْت عَلَيْهِ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَالتَّمْهِيدِ.
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ وَقَفَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي فَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ يَكُونُ يَضِلُّ بِالضَّادِ السَّاقِطَةِ، وَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ إذْ لَا يُمْكِنُ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ أَنْ يَكُونَ يَظَلُّ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ.
[فَائِدَةٌ مَعْنَى إدْبَارِ الشَّيْطَانِ وَهُرُوبِهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَان]
1
(الْخَامِسَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى فِي إدْبَارِ الشَّيْطَانِ وَهُرُوبِهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: إنَّمَا يَهْرُبُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْإِعْلَانِ بِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ وَإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ كَمَا يَفْعَلُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِمَا يَرَى مِنْ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى شَهَادَةِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ فَيَيْأَسُ أَنْ يَرُدَّهُمْ عَمَّا أَعْلَنُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَيُوقِنُ بِالْخَيْبَةِ بِمَا تَفَضَّلَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ مِنْ ثَوَابِ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَمُضَادَّتَهُ أَمْرَهُ فَلَا يَمْلِكُ الْحَدَثَ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْخَوْفِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ نَحْوَهُ، وَقِيلَ: إنَّمَا أَدْبَرَ عِنْدَ الْأَذَانِ لِئَلَّا يَسْمَعَهُ فَيَضْطَرَّ إلَى أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَهَذَا قَدْ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلًا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لَهُ.
وَقَالَ لَا يُقْبَلُ هَذَا مِنْ قَائِلِهِ لِمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ مِنْ خِلَافِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الذُّعْرِ وَالْخِزْيِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْأَذَانِ تُفَزَّعُ مِنْهُ الْقُلُوبُ مَا لَا تُفَزَّعُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْرِ بِالذِّكْرِ وَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَيُدْبِرُ الشَّيْطَانُ لِشِدَّةِ ذَلِكَ عَلَى قَلْبِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ سَبَبُ إدْبَارِهِ عِظَمُ أَمْرِ الْأَذَانِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ وَإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ وَإِعْلَانِهِ، وَقِيلَ لِيَأْسِهِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ عِنْدَ الْإِعْلَانِ بِالتَّوْحِيدِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا السُّجُودُ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ لَمَّا أُمِرَ بِهِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام -