الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
إنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ، وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» الْحَدِيثَ.
[فَائِدَة الْهِجْرَةُ تَقَعُ عَلَى أُمُورٍ]
(السَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) قَوْلُهُ (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى آخِرِهِ) الْهِجْرَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِعْلُهُ مِنْ الْهَجْرِ، وَهُوَ ضِدُّ الْوَصْلِ، ثُمَّ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَرْضٍ إلَى أَرْضٍ وَتَرْكِ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْهِجْرَةُ تَقَعُ عَلَى أُمُورٍ:
(الْهِجْرَةُ الْأُولَى) إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ (الثَّانِيَةُ) مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ.
(الثَّالِثَةُ) هِجْرَةُ الْقَبَائِلِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (الرَّابِعَةُ) هِجْرَةُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
(الْخَامِسَةُ) هِجْرَةُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَحُكْمُهُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ غَيْرَ أَنَّ السَّبَبَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ الْهِجْرَةُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُمْ نَقَلُوا أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تُسَمَّى أُمِّ قَيْسٍ فَسُمِّيَ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ.
(قُلْت) : بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَقْسَامِ الْهِجْرَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، وَهِيَ (الْهِجْرَةُ الثَّانِيَةُ) إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّهُمْ هَاجَرُوا إلَى الْحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي السِّيَرِ وَلَا يُقَالُ: كِلَاهُمَا هِجْرَةٌ إلَى الْحَبَشَةِ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْهِجْرَةِ إلَيْهَا مَرَّةً، فَإِنَّهُ قَدْ عَدَّدَ الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ فِي الْأَقْسَامِ لِتَعَدُّدِهَا.
(وَالْهِجْرَةُ الثَّانِيَةُ) هِجْرَةُ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِبِلَادِ الْكُفْرِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ الدِّينِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا.
(وَالْهِجْرَةُ الثَّالِثَةُ) الْهِجْرَةُ إلَى الشَّامِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إبْرَاهِيمَ وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا» الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فَجَعَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: يُرِيدُ بِهِ الشَّامَ؛ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ الْعِرَاقِ مَضَى إلَى الشَّامِ وَأَقَامَ بِهِ انْتَهَى وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ إلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ» فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ لِلْهِجْرَةِ.
(الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْهِجْرَةِ هَلْ انْقَطَعَتْ بِفَتْحِ مَكَّةَ أَمْ هِيَ بَاقِيَةٌ؟ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» وَفِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
رِوَايَةٍ لَهُ «لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ الْهِجْرَةِ؟ فَقَالَتْ: " لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «انْطَلَقْت بِأَبِي مَعْبَدٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ: مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا، أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْجِهَادِ» وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَيْضًا «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» .
، وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ السَّعْدِيِّ مَرْفُوعًا «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا دَامَ الْعَدُوُّ يُقَاتِلُ» .
وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ مَرْفُوعًا أَنَّ الْهِجْرَةَ لَا تَنْقَطِعُ مَا كَانَ الْجِهَادُ وَجَمَعَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَرْضًا، ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ مَنْدُوبًا إلَيْهَا غَيْرَ مَفْرُوضَةٍ قَالَ فَالْمُنْقَطِعَةُ مِنْهُمَا هِيَ الْفَرْضُ، وَالْبَاقِيَةُ مِنْهُمَا هِيَ النَّدْبُ قَالَ: فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا، حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فِيهِ مَقَالٌ انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: إنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْهِجْرَةَ هِجْرَتَانِ: إحْدَاهُمَا الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِالْجَنَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيَدَعُ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ لَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ انْقَطَعَتْ هَذِهِ الْهِجْرَةُ.
(وَالثَّانِيَةُ) مَنْ هَاجَرَ مِنْ الْأَعْرَابِ وَغَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ انْتَهَى وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاقِيَةِ هَجْرُ السَّيِّئَاتِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْهِجْرَةُ خَصْلَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَهْجُرُ السَّيِّئَاتِ، وَالْأُخْرَى تُهَاجِرُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتْ التَّوْبَةُ وَلَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ