الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالْأَمْرِ فَائْتَمِرُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَقَالَ الشَّيْخَانِ: «فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، اُسْتُدِلَّ بِهَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ فَيَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ..
ــ
[طرح التثريب]
الْبَرْدِ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فَقَالَ: يَغْتَسِلُ وَإِنْ مَاتَ وَلِذَا قَالَ الْحَسَنُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْهُمَا وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي خَوْفِهِ مِنْ الْبَرْدِ وَتَيَمُّمِهِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَاسْتِدْلَالِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ إلَّا أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ لَمْ يُجِيزَا ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عُذْرًا عَامًّا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ وَقِيلَ لَا يُقْضَى فِي السَّفَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ]
{الْحَدِيثُ الثَّالِثُ} عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتَمِرُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
وَقَالَ الشَّيْخَانِ «فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فِيهِ فَوَائِدُ: {الْأُولَى} أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ.
{الثَّانِيَةُ} قَوْلُهُ: ذَرُونِي أَيْ اُتْرُكُونِي، وَقَدْ أُمِيتَ مِنْ هَذَا الْفِعْلُ الْمَاضِي، وَالْمَصْدَرُ فَلَا يُقَالُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَذَرَهُ وَلَا وَذَرَا؛ وَلِهَذَا قَالَ مَا تَرَكْتُكُمْ وَلَمْ يَقُلْ مَا وَذَرْتُكُمْ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: دَعَوْنِي إلَّا أَنَّ دَعْ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ الْمَاضِي عَلَى قِلَّةٍ وَقُرِئَ بِهِ فِي الشَّاذِّ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3] بِالتَّخْفِيفِ {الثَّالِثَةُ} فِيهِ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ عَنْ سُؤَالِهِ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا الْحَدِيثَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّؤَالَ رُبَّمَا كَانَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَفَرَ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ وَثَبَتَ فِي التَّنْزِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ مُطْلَقٌ عَنْ السُّؤَالِ وَإِنَّمَا فِيهِ النَّهْيُ عَمَّا هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَكِنْ قَدْ أَطْلَقَ أَنَسٌ النَّهْيَ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَالَ: نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ. الْحَدِيثَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ أَبِي قَالَ: أَبُوك حُذَافَةُ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] » .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ فَقَيَّدَهُ وَلَمْ يَعُمَّ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ إلَيْهِ قَالَ: «كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِهْزَاءً فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِي وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ أَيْنَ نَاقَتِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ» .
وَقِيلَ: إنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالُهُمْ عَنْ الْحَجِّ أَيَجِبُ فِي كُلِّ عَامٍ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: لَا وَلَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] » . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ