الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ
ــ
[طرح التثريب]
الْبَابِ حُجَّةٌ لِمَنْ تَعَلَّقَ بِهِ فِي تَسَاوِي الْجَمَاعَاتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: أَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْجَمَاعَةُ مُحَصِّلٌ لِلتَّضْعِيفِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَضْعِيفٍ آخَرَ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ شَرَفِ الْمَسْجِدِ أَوْ بُعْدِ طَرِيقِ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إلَّا رَفَعَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً» الْمَشْهُورُ فِي الْخَطْوَةِ فَتْحُ الْخَاءِ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ بِضَمِّهَا وَقَالَ إنَّهُ الرِّوَايَةُ كَذَا قَالَ وَهِيَ وَاحِدَةُ الْخُطَا وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ قَالَ فَأَمَّا الْخَطْوَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ فَهِيَ لِلْمَصْدَرِ وَالضَّمُّ لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَصْدَرِ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ الْخُطْوَةُ بِالضَّمِّ بُعْدُ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْمَشْيِ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ هَلْ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْخُطَا مَا كَانَ فِي الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ فَقَطْ أَوْ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَعَلُّقُهُ بِالذَّهَابِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ «حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ» وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِيمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَاحَ إلَى مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فَخُطْوَةٌ تَمْحُو سَيِّئَةً وَخُطْوَةٌ تَكْتُبُ لَهُ حَسَنَةً ذَاهِبًا وَرَاجِعًا» وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ «يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إلَى الْمَسْجِدِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَسَنَةِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ وَلَا اخْتِلَافَ حِينَئِذٍ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ
وَقَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَقَالَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» ..
ــ
[طرح التثريب]
تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَقَالَ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةِ صَدَقَةٌ وَقَالَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» .
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) السُّلَامَى بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مَقْصُورٌ وَهُوَ جَمْعُ سَلَامِيَّةَ وَقِيلَ: وَاحِدَهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ وَيُجْمَعُ عَلَى سُلَامَيَاتٍ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا فَقِيلَ: السُّلَامِيَّةُ الْأُنْمُلَةُ مِنْ أَنَامِلِ الْأَصَابِعِ وَقِيلَ السُّلَامَى كُلُّ عَظْمٍ مُجَوَّفٍ مِنْ صِغَارِ الْعِظَامِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ عَظْمٌ يَكُونُ فِي فِرْسِنِ الْبَعِيرِ.
(قُلْت) وَالصَّوَابُ أَنَّ السُّلَامَى هِيَ الْمَفَاصِلُ وَأَنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثمِائَةِ السُّلَامَى فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «يُمْسِي» فَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا أَنَّ السُّلَامَى هِيَ الْمَفَاصِلُ.
(الثَّانِيَةُ) مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عَظْمٍ أَوْ مَفْصِلٍ مِنْ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَدْ يُطْلَقُ فِي الْفِعْلِ الْمُتَأَكِّدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَقَوْلِهِ «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ» الْحَدِيثَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ مَجْمُوعَ هَذِهِ الْخِصَالِ وَاجِبَةً وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لِمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرَةِ «وَيُجْزِي مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى» وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّوَافِلَ لَا تُجْزِي عَنْ الْوَاجِبَاتِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ صَلَاةِ الضُّحَى عَلَى عُمُومِ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُؤَوَّلَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ عَلَى الْوُجُوبِ