الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُصَلِّي أَحَدُنَا فِي ثَوْبٍ؟ قَالَ أَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَتَعْرِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَثِيَابُهُ عَلَى الْمِشْجَبِ لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ الْبُخَارِيُّ " ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ صَلَّى رَجُلٌ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إزَارٍ وَقَبَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ..
ــ
[طرح التثريب]
يَكُونَ بِإِلْقَائِهِ فِي قَلْبِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كِفَاحًا كَمَا وَقَعَ لِلسَّيِّدِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام وَفِيهِ بُعْدُ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَائِدَةِ الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُصَلِّي أَحَدُنَا فِي ثَوْبٍ]
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُصَلِّي أَحَدُنَا فِي ثَوْبٍ قَالَ أَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَتَعْرِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَثِيَابُهُ عَلَى الْمِشْجَبِ. لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) قَوْلُهُ «أَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِهِ لَفْظُهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا كَانَ يَعْلَمُهُ مِنْ حَالِهِمْ فِي الْعَدَمِ وَضِيقِ الثِّيَابِ يَقُولُ وَإِذَا كُنْتُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ثَوْبَانِ وَالصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ جَائِزَةٌ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي ضِمْنِهِ الْفَتْوَى مِنْ طَرِيقِ الْفَحْوَى ثُمَّ اسْتِقْصَارُ فَهْمِهِمْ وَاسْتِزَادَةُ عِلْمِهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبًا وَالصَّلَاةُ لَازِمَةً وَلَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبَانِ فَكَيْفَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ جَائِزَةٌ انْتَهَى.
وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ «أَوَ لِكُلِّكُمْ» بِوَاوٍ مُحَرَّكَةٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ وَاوُ الْعَطْفِ وَأَصْلُ الْكَلَامِ وَأَلِكُلِّكُمْ لَكِنْ قُدِّمَ الِاسْتِفْهَامُ لِأَنَّ لَهُ صَدْرَ الْكَلَامِ وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْطُوفُ وَلَا تَقْدِيمَ وَلَا تَأْخِيرَ فَالتَّقْدِيرُ هُنَا أَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ وَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَوْلَى وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ أَسْهَلُ مِنْ الْحَذْفِ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ الْإِعَادَةَ إذَا كَانَ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا أَعْلَمُ صِحَّتَهُ (قُلْت) لَهُ عَنْهُ أَرْبَعُ طُرُقٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ اخْتَلَفَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ أُبَيٌّ ثَوْبٌ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ثَوْبَانِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ قَالَ اخْتَلَفَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فَذَكَرَهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ.
وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَا تُصَلِّيَنَّ فِي ثَوْبٍ وَإِنْ كَانَ أَوْسَعَ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهَذَا إسْنَادٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(قُلْت) وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تُصَلِّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ لَا تَجِدَ غَيْرَهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ: إنَّ الْعَمَلَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ.
(الثَّالِثَةُ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ أَكَانَ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَمْ لِمِقْدَارِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ سَوَاءٌ أَوَضَعَ بَعْضَهُ عَلَى عَاتِقِهِ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَجَبَ جَعْلُ بَعْضِهِ عَلَى عَاتِقِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ «مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ» وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَعَلَ النَّهْيَ هُنَا لِلتَّحْرِيمِ وَالْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَاتِقِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّتْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَجَعَلَهُ شَرْطًا وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ يَأْثَمُ بِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ رِدَاءٍ وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ صَحَابِيٍّ أَنَّهُ كَانَ إذَا لَمْ يَجِدْ رِدَاءً وَضَعَ عَلَى عَاتِقِهِ عِقَالًا ثُمَّ صَلَّى وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ إعْرَاءَ الْمَنَاكِبِ فِي الصَّلَاةِ.
وَاخْتَارَ الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ رحمه الله مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ وُجُوبَ ذَلِكَ وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لَكِنَّهُ اسْتِحْبَابٌ مُتَأَكِّدٌ بِحَيْثُ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَحَمَلُوا النَّهْيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ إذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَاحْتَمَلَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارًا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ فَلَمَّا حَكَى جَابِرٌ مَا وَصَفْت وَحَكَتْ «مَيْمُونَةُ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ بَعْضُهُ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ عَلَيْهَا» دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِيمَا صَلَّى فِيهِ مُؤْتَزِرًا بِهِ لَا يَسْتُرُهُ أَبَدًا إلَّا مُؤْتَزِرًا إذَا كَانَ بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ؟
فَعَلِمْنَا أَنَّ نَهْيَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ اخْتِيَارٌ انْتَهَى.
وَأَخَذَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَقَالَ بِالْوُجُوبِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَحَمَلَ الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْوُجُوبِ لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ وَاسِعًا وَأَجَازَ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الضَّيِّقِ مِنْ غَيْرِ جَعْلِ شَيْءٍ