الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْأَذَانِ
عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فَيَقُولَ لَهُ: اُذْكُرْ كَذَا وَاذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِنْ قَبْلُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ» الْحَدِيثَ وَقَالَ «فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ أَقْبَلَ حَتَّى إذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ» وَلَمْ يَقُلْ مِنْ قَبْلُ، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ سَوَاءٌ،
ــ
[طرح التثريب]
[بَابُ الْأَذَانِ]
[حَدِيث إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ]
ِ) (الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ) عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ وَيَقُولَ لَهُ اُذْكُرْ كَذَا وَاذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِنْ قَبْلُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ» الْحَدِيثَ وَقَالَ «فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ أَقْبَلَ حَتَّى إذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ» وَلَمْ يَقُلْ مِنْ قَبْلُ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ سَوَاءٌ فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) النِّدَاءُ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ الْأُولَى أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ الْأَذَانُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى «لِلصَّلَاةِ» وَفِي الثَّانِيَةِ «بِالصَّلَاةِ» وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ.
يُقَالُ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ وَبِالصَّلَاةِ وَإِلَى الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 58] وَالتَّثْوِيبُ: بِالثَّاءِ الْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ الْمُرَادُ بِهِ هَهُنَا: إقَامَةُ الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَإِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ» وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُنَا قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ الصَّلَاةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى تَثْوِيبًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِأَذَانِ الصُّبْحِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي كُلِّ أَذَانٍ وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّثْوِيبَ يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ فَصْلٌ يَحْضُرُ فِيهِ الشَّيْطَانُ، وَالتَّثْوِيبُ الَّذِي فِي الصُّبْحِ لَا فَصْلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ بَلْ هُوَ فِي أَثْنَائِهِ.
وَأَصْلُ التَّثْوِيبِ أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مُسْتَصْرِخًا فَيَلُوحَ بِثَوْبِهِ لِيُرَى وَيُشْتَهَرَ فَسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيبًا لِذَلِكَ، وَكُلُّ دَاعٍ مُثَوِّبٌ وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ يَثُوبُ إذَا رَجَعَ فَالْمُؤَذِّنُ رَجَعَ بِالْإِقَامَةِ إلَى الدُّعَاءِ لِلصَّلَاةِ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
فَحَنَتْ نَاقَتِي فَعَلِمْت أَنِّي
…
غَرِيبٌ حِينَ ثَابَ إلَيَّ عَقْلِي
وَقَالَ غَيْرُهُ:
لَوْ رَأَيْنَا التَّأْكِيدَ خُطَّةَ عَجْزٍ
…
مَا شَفَعْنَا الْأَذَانَ بِالتَّثْوِيبِ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ يُقَالُ ثَوَّبَ الدَّاعِي إذَا كَرَّرَ دُعَاءَهُ إلَى الْحَرْبِ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ
فِي فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الْهِنْدِ أَوْجُهُهُمْ
…
لَا يَنْكُلُونَ إذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي
وَقَالَ آخَرُ
لَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْكُمْ
…
إذَا الدَّاعِي الْمُثَوِّبُ قَالَ يَا لَا
وَقَوْلُهُ قُضِيَ النِّدَاءُ وَقُضِيَ التَّثْوِيبُ أَيْ فُرِغَ مِنْهُ.
1 -
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ يَخْطُرُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ. قَالَ: ضَبَطْنَاهُ عَنْ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وَسَمِعْنَا مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِالضَّمِّ قَالَ: وَالْكَسْرُ هُوَ الْوَجْهُ وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَطَرَ الْفَحْلُ بِذَنَبِهِ إذَا حَرَّكَهُ يَضْرِبُ بِهِ فَخْذَيْهِ. وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَمِنْ السُّلُوكِ وَالْمُرُورِ أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَيَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ وَبِهَذَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُونَ لِلْمُوَطَّأِ فَقَالَ الْبَاجِيَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ إقْبَالِهِ عَلَى صَلَاتِهِ وَإِخْلَاصِهِ وَبِالْأَوَّلِ فَسَّرَهُ الْخَلِيلُ.
1 -
(الثَّالِثَةُ) الْمَرْءُ الْإِنْسَانُ وَفِيهِ سَبْعُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْمِيمِ وَضَمُّهَا وَكَسْرُهَا وَتَغَيُّرُهَا بِاعْتِبَارِ إعْرَابِ اللَّفْظَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً فَالْمِيمُ مَضْمُومَةٌ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «مَا يَدْرِي» وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «لَا يَدْرِي» بَدَلَ «إنْ يَدْرِي» وَإِنْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِلنَّفْيِ
ــ
[طرح التثريب]
وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً فَالْمِيمُ مَفْتُوحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَجْرُورَةً فَالْمِيمُ مَكْسُورَةٌ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ امْرُؤٌ بِزِيَادَةِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَمَعَ فَتْحِهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَمَعَ تَغَيُّرِهَا بِاعْتِبَارِ حَرَكَاتِ الْإِعْرَابِ حَكَاهُنَّ فِي الصِّحَاحِ إلَّا اللُّغَةَ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ فَحَكَاهُمَا فِي الْمُحْكَمِ وَأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي خِرَاشٍ
جَمَعْت أُمُورًا يُنْفِدُ الْمَرْءُ بَعْضَهَا
…
مِنْ الْحِلْمِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْحَسَبِ الضَّخْمِ
وَقَالَ هَكَذَا رَوَاهُ السُّكْرِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةُ هُذَيْلٍ انْتَهَى.
وَيُثَنَّى فَيُقَالُ: الْمَرْءَانُ، وَلَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبَا الصِّحَاحِ وَالْمُحْكَمِ وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ: وَالْجَمْعُ مَرْءُونُ وَمِنْهُ فِي الْحَدِيثِ «أَيُّهَا الْمَرْءُونُ» وَذَكَرَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ تَبَعًا لِلْهَرَوِيِّ حَدِيثَ الْحَسَنِ أَحْسِنُوا مَلَأَكُمْ أَيُّهَا الْمَرْءُونُ وَقَالَ هُوَ جَمْعُ الْمَرْءِ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ لِطَائِفَةٍ رَآهُمْ أَيْنَ يُرِيدُ الْمَرْءُونُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ هَذِهِ مَرْأَةٌ صَالِحَةٌ وَمَرَّةٌ أَيْضًا بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَتَحْرِيكِ الرَّاءِ بِحَرَكَتِهَا وَهَذِهِ امْرَأَةٌ مَفْتُوحَةَ الرَّاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(الرَّابِعَةُ) : الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ «حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى» بِفَتْحِ الظَّاءِ مِنْ يَظَلُّ وَكَسْرِ إنْ فَيَظَلُّ إحْدَى نَوَاسِخِ الِابْتِدَاءٍ تَرْفَعُ الِاسْمَ وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ.
وَمَعْنَاهَا فِي الْأَصْلِ اتِّصَافُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِالْخَبَرِ نَهَارًا وَهِيَ هُنَا بِمَعْنَى يَصِيرُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 58] وَقِيلَ بِمَعْنَى يَبْقَى وَيَدُومُ وَإِنْ نَافِيَةٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «لَا يَدْرِي» وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «مَا يَدْرِي» وَالثَّلَاثَةُ حُرُوفُ نَفْيٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الرِّوَايَةُ فِي أَنْ هَهُنَا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ بِالْفَتْحِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ لَا يَدْرِي، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ «حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى» وَمَنْ رَوَاهَا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَمَعْنَاهُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، وَإِنْ بِمَعْنَى مَا كَثِيرٌ انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَنْ لَا تَكُونُ نَفْيًا وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ النَّحْوِيِّينَ حَكَى ذَلِكَ الْوَجْهَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَدْرِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ يَدْرِي وَتَكُونُ أَنْ
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْوَجْهُ
ــ
[طرح التثريب]
هِيَ النَّاصِبَةَ لِلْفِعْلِ، وَيَكُونُ يَضِلُّ بِضَادٍ غَيْرِ مُشَالَةٍ مِنْ الضَّلَالِ الَّذِي هُوَ الْحَيْرَةُ كَمَا يُقَالُ ضَلَّ عَنْ الطَّرِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَحَارُ الرَّجُلُ وَيَذْهَلُ عَنْ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى فَتَكُونُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِسُقُوطِ حَرْفِ الْجَرِّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الضَّلَالِ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ الْخَطَأَ فَتَكُونُ الضَّادُ مَكْسُورَةً كَقَوْلِهِ {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه: 52] وَتَكُونُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ ضَلَّ الَّتِي بِمَعْنَى أَخْطَأَ لَا يَحْتَاجُ تَعَدِّيهَا إلَى حَرْفِ الْجَرِّ قَالَ طَرَفَةُ
وَكَيْفَ يَضِلُّ الْقَصْدُ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ
…
وَلِلْحَقِّ بَيْنَ الصَّالِحِينَ سَبِيلُ
قَالَ وَلَوْ رُوِيَ حَتَّى يُضِلَّ الرَّجُلَ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى لَكَانَ وَجْهًا صَحِيحًا يُرِيدُ بِهِ حَتَّى يُضِلَّ الشَّيْطَانُ الرَّجُلَ عَنْ دِرَايَةِ كَمْ صَلَّى وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ كَذَا لَكِنَّهُ لَوْ رُوِيَ لَكَانَ وَجْهًا صَحِيحًا فِي الْمَعْنَى غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ مُرَادِهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى.
وَمَا أَدْرِي مَا وَجْهُ تَفْرِقَةِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بَيْنَ لَا وَمَا فَجَعَلَ رِوَايَةَ الْفَتْحِ بِمَعْنَى لَا وَرِوَايَةَ الْكَسْرِ بِمَعْنَى مَا مَعَ أَنْ لَا وَمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ثُمَّ إنَّهُ أَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ لَا يُعْرَفُ قَوْلُهُ يَظَلُّ إلَّا بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَلَا يُتَّجَهُ مَعَ ذَلِكَ فِي إنْ إلَّا الْكَسْرُ وَلَا يُتَّجَهُ فِيهَا الْفَتْحُ إلَّا مَعَ الضَّادِ السَّاقِطَةِ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَهِيَ رِوَايَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ حَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُ رَوَى يَضِلُّ بِالضَّادِ بِمَعْنَى يَنْسَى وَيَذْهَبُ وَهْمُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] وَمَا حَكَيْتُهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ ضَبْطِهِ أَنْ هُنَا بِالْفَتْحِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْأَصِيلِيُّ فَضَبَطَهَا بِالْفَتْحِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمَا حَكَيْتُهُ عَنْ الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ أَيْضًا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ: وَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ النَّفْيِ وَتَقْدِيرُ لَا مَعَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِمَعْنَى مَا، وَالنَّفْيُ مَعَ الْكَسْرِ.
قَالَ: وَفَتْحُهَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى «يَضِلُّ» بِالضَّادِ فَيَكُونُ أَنْ مَعَ الْفِعْلِ بَعْدَهَا بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَمَفْعُولُ ضَلَّ أَيْ يَجْهَلُ دِرَايَتَهُ وَيَنْسَى عَدَدَ رَكَعَاتِهِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى الْفَتْحِ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى الْكَسْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ، وَمَا حَكَاهُ وَالِدِي رحمه الله عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ الْوَجْهُ