الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ» فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَقُلْ «بِهِمْ» وَقَالَ «فَقَالُوا» مَوْضِعٌ «فَيَقُولُونَ» .
ــ
[طرح التثريب]
لِلْجِنْسِ، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةَ وَإِنْ أُرِيدَ الْجِنْسُ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ صَلَاةٍ يُشْرَعُ الْمَشْيُ إلَيْهَا كَالْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ أَيْضًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْمُرَادُ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ]
1
(التَّاسِعَةُ) الْمُرَادُ بِإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ إزَالَةُ مَا يُؤْذِي الْمَارَّةَ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَوْكٍ، وَكَذَا قَطْعُ الْأَحْجَارِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْوَعِرَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي طَرِيقٍ، وَكَذَا كَنْسُ الطَّرِيقِ مِنْ التُّرَابِ الَّذِي يَتَأَذَّى بِهِ الْمَارُّ وَرَدْمُ مَا فِيهِ مِنْ حُفْرَةٍ أَوْ وَهْدَةٍ وَقَطْعُ شَجَرَةٍ تَكُونُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي مَعْنَاهُ تَوْسِيعُ الطُّرُقِ الَّتِي تَضِيقُ عَلَى الْمَارَّةِ وَإِقَامَةُ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي فِي وَسَطِ الطُّرُقِ الْعَامَّةِ كَمَحَلِّ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّهُ مِنْ بَابِ إمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَرْتَفِعُ إلَى دَرَجَةِ الْوُجُوبِ كَالْبِئْرِ الَّتِي فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ الَّتِي يُخْشَى أَنْ يَسْقُطَ فِيهَا الْأَعْمَى وَالصَّغِيرُ وَالدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ طَمُّهَا أَوْ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْمَارَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ عَلَيْهَا
(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ)
عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» ، وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ» الْحَدِيثَ.
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) التَّعَاقُبُ هُوَ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا فِي عَقِبِ هَذَا وَهَذَا فِي عَقِبِ هَذَا عَلَى بَابِ الْمُفَاعَلَةِ وَقَوْلُهُ «يَتَعَاقَبُونَ» جَاءَ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ وَهِيَ أَنَّهُمْ يُلْحِقُونَ عَلَامَةَ الْفَاعِلِ لِلْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ مَعَ تَقَدُّمِ الْفِعْلُ وَهُمْ الْقَائِلُونَ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَعَلَيْهَا حَمَلَ الْأَخْفَشُ قَوْله تَعَالَى {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وَلَمْ يَحْمِلْ بَعْضُهُمْ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ، بَلْ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ {وَأَسَرُّوا} [الأنبياء: 3] عَائِدًا إلَى النَّاسِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ وَجَعَلَ {الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] بَدَلًا مِنْ الضَّمِيرِ فَيَكُونُ هَذَا بَدَلَ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ أَسْقَطَ مِنْهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ ذِكْرَ الْمَلَائِكَةِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ زِيَادَتُهَا الْمَلَائِكَةَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ» وَهَذَا وَاضِحٌ وَأَبْعَدَ الشَّيْخُ أَثِيرُ الدِّينِ أَبُو حَيَّانَ النُّجَعَةُ فَنَسَبَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إلَى مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ هَلْ هُمْ الْحَفَظَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ؟ فَحَكَى صَاحِبُ الْمُفْهِمِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَقَالَ: إنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ هُوَ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ حَفَظَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ حَفَظَةِ النَّهَارِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ.
(الثَّالِثَةُ) بَنَى صَاحِبُ الْمُفْهِمِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ فِي سُؤَالِ الْمَلَائِكَةِ فَإِنْ كَانُوا هُمْ الْحَفَظَةُ فَسُؤَالُهُ لَهُمْ عَنْ كِتَابَةِ أَعْمَالِهِمْ وَحِفْظِهَا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَهُمْ فَسُؤَالُهُ لَهُمْ إنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ لِمَنْ قَالَ {أَتَجْعَلُ فِيهَا} [البقرة: 30] وَإِظْهَارٌ لِمَا سَبَقَ فِي مَعْلُومِهِ إذْ قَالَ لَهُمْ {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] قَالَ أَوْ يَكُونُ سُؤَالُهُ لَهُمْ اسْتِدْعَاءً لِشَهَادَتِهِمْ لَهُمْ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا: «أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» .
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ فَضِيلَةُ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ بِاجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا وَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] كَمَا قَالَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حِين رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ الْآيَةَ» أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ سَمِعْت رَسُولَ