الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمَسْبُوقِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ
عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» كَذَا فِي الْمُسْنَدِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَاقْضُوا وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ «فَأَتِمُّوا» ، وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ نَعَمْ «إذَا أَتَيْتُمْ
ــ
[طرح التثريب]
وَلَا أَكْرَهُ مَا أَطَالَ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ إلَى سَهْوٍ وَيَخَافُ بِهِ سَهْوًا انْتَهَى.
وَهَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا قُلْنَا إنَّ الْأَمْرَ بِالتَّطْوِيلِ لِلْمُنْفَرِدِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ قُلْنَا إنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ وَفَسَّرْنَا الْإِبَاحَةَ بِالْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ فَسَّرْنَاهَا بِمَعْنَى رَفْعِ الْحَرَجِ وَالْإِثْمِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا الْقَيْدِ إذْ لَا إثْمَ فِي ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا غَايَتُهُ الْكَرَاهَةُ وَيُوَافِقُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ تَعْلِيلِ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ بِمُبَادَرَةِ الْوَسْوَاسِ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ الْقَصْرُ وَالتَّطْوِيلُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ فِي مُبَادَرَةِ الْوَسْوَسَةِ إلَيْهِمْ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ فَمَنْ كَانَ سَرِيعَ الْوَسْوَاسِ لَا يُطَوِّلُ وَمَنْ كَانَ بَطِيءَ الْوَسْوَاسِ طَوَّلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} هَذَا التَّطْوِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَرْكَانِ الَّتِي تَحْتَمِلُ التَّطْوِيلَ وَهِيَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالتَّشَهُّدُ دُونَ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ {الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الرِّفْقِ بِالْمَأْمُومِينَ وَسَائِرِ الْأَتْبَاعِ وَمُرَاعَاةِ مَصْلَحَتِهِمْ وَأَنْ لَا يُدْخِلَ عَلَيْهِمْ مَا شَقَّ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
[بَابُ الْمَسْبُوقِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ]
[حَدِيث إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ]
{بَابُ الْمَسْبُوقِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ} عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» كَذَا فِي الْمُسْنَدِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يَسُقْ مُسْلِمٌ لَفْظَهُ وَسَاقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ «فَأَتِمُّوا»
الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» فَذَكَرَهُ لَمْ يَقُلْ الشَّيْخَانِ «فَاقْضُوا» وَإِنَّمَا قَالَا «فَأَتِمُّوا» زَادَ مُسْلِمٌ «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَك» قَالَ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ لَا أَعْلَمُ رَوَى هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ «وَاقْضُوا مَا فَاتَكُمْ» قَالَ مُسْلِمٌ وَأَخْطَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهَا وَقَالَ يُونُسُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَمَعْمَرٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «فَأَتِمُّوا» وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ «فَاقْضُوا» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «فَأَتِمُّوا» وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو قَتَادَةَ وَأَنَسٌ كُلُّهُمْ «فَأَتِمُّوا» وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «فَاقْضُوا» وَأَبُو ذَرٍّ رُوِيَ عَنْهُ «فَأَتِمُّوا وَاقْضُوا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَاَلَّذِينَ قَالُوا «فَأَتِمُّوا» أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ وَأَلْزَمُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ أَوْلَى وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ «فَأَتِمُّوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ..
ــ
[طرح التثريب]
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعُونَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» فَذَكَرَهُ لَمْ يَقُلْ الشَّيْخَانِ «فَاقْضُوا» وَإِنَّمَا قَالَا «فَأَتِمُّوا» .
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} فِيهِ الْأَمْرُ بِإِتْيَانِ الصَّلَاةِ مَشْيًا وَالنَّهْيُ عَنْ إتْيَانِهَا سَعْيًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِتُؤَدَةٍ وَوَقَارٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ أَنْ يَخَافَ فَوْتَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَوْ فَوْتَ رَكْعَةٍ أَوْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَخَافُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأَبِي ذَرٍّ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُجَاهِدٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْهَرْوَلَةَ إلَى الصَّلَاةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْأَسْوَدِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ مُسَارِعًا إلَى الصَّلَاةِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ بِالْبَقِيعِ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ أَحَقُّ مَا سَعَيْنَا إلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى الْإِسْرَاعَ إذَا خَافَ فَوْتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى حَتَّى ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يُهَرْوِلُ إلَى الصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الْإِسْرَاعَ وَاخْتَارَ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى تُؤَدَةٍ وَوَقَارٍ وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَا الْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ إِسْحَاقُ إنْ خَافَ فَوْتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْرِعَ فِي الْمَشْيِ انْتَهَى وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَدَّمْته عَنْ مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ أَطْلَقَ الْإِسْرَاعَ عَنْهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَمَا قَيَّدَهُ التِّرْمِذِيُّ فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ خُلَيْدَةَ قَالَ كُنْت أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ إلَى الصَّلَاةِ فَلَوْ مَشَتْ مَعَهُ نَمْلَةٌ لَرَأَيْت أَنْ لَا يَسْبِقَهَا.
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا الْإِسْرَاعُ إذَا خَافَ فَوْتَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ أَسْرَعَ وَقَالَ لَا بَأْسَ لِمَنْ كَانَ عَلَى فَرَسٍ أَنْ يُحَرِّكَ الْفَرَسَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالْمَاشِي لِأَنَّهُ لَا يَنْبَهِرُ كَمَا يَنْبَهِرُ الْمَاشِي وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ يُسْرِعُ إذَا خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِسْرَاعِ بِخَوْفِ فَوَاتِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَلَعَلَّهُ يَقُولُ بِالْإِسْرَاعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: بِالْإِسْرَاعِ إذَا خَافَ فَوْتَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْرِعُ الْمَشْيَ إلَى الصَّلَاةِ أَنَّهُ جَعَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» .
عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الصَّلَاةِ وَكَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا قَالَ وَقَوْلُهُ إذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلَاةِ يَرُدُّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ وَيُبَيِّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّ السَّكِينَةَ تَلْزَمُ مَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ كَمَا تَلْزَمُ مَنْ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ انْتَهَى.
وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِالْإِسْرَاعِ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
/ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالسَّعْيِ فِيهِ مُطْلَقُ الْمُضِيِّ أَوْ الْقَصْدِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ السَّعْيُ الْعَمَلُ وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ " الْمَشْيُ إلَى الْجُمُعَةِ " وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَمَنْ قَالَ السَّعْيُ الْعَمَلُ وَالذَّهَابُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19] انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ النَّسَائِيّ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ تَرْجَمَ الْإِسْرَاعَ إلَى الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَعْيٍ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى الْعَصْرَ ذَهَبَ إلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَيَتَحَدَّثُ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَنْحَدِرَ الْمَغْرِبُ " قَالَ أَبُو رَافِعٍ «فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْرِعُ إلَى الْمَغْرِبِ» .
وَذَكَرَ حَدِيثًا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّسَائِيّ فَهِمَ أَنَّ بَيْنَ السَّعْيِ وَالْمَشْيِ رُتْبَةً وَهِيَ الْإِسْرَاعُ وَأَنَّهَا مُلْتَحِقَةٌ بِالْمَشْيِ فِي عَدَمِ النَّهْيِ عَنْهَا لَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَلَا تُسْرِعُوا إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّعْيُ نَوْعٌ مِنْ الْإِسْرَاعِ فَيُحْمَلُ الْإِسْرَاعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ عَلَى السَّعْيِ مِنْهُ دُونَ مَا لَمْ يَكُنْ سَعْيًا بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَاعِ فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ عَدْوٌ دُونَ الشَّدِّ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَا الصِّحَاحِ وَالنِّهَايَةِ فَسَّرَاهُ بِمُطْلَقِ الْعَدْوِ وَمَنْ لَا يَنْظُرُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ السَّعْيِ وَالْإِسْرَاعِ وَيَمِيلُ إلَى التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا يَقُولُ حَدِيثُ الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ فَالْأَخْذُ بِهِ مُتَعَيَّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّانِيَةُ} قَوْلُهُ «إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالنِّدَاءِ الْأَذَانُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِقَامَةُ وَيَدُلُّ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ» .
وَسَوَاءٌ فَسَّرْنَاهُ بِالْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ فَلَيْسَ هَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرًا فِي الْحُكْمِ فَلَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ كُرِهَ لَهُ الْأَسْرَعُ أَيْضًا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ يَخَافُ فَوْتَ بَعْضِ الصَّلَاةِ. وَقَبْلَهَا لَا يَخَافُ ذَلِكَ فَإِذَا نُهِيَ عَنْ الْإِسْرَاعِ مَعَ خَوْفِ فَوَاتِ بَعْضِ الصَّلَاةِ فَمَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ أَوْلَى فَهَذَا مِنْ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَهُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّمَا ذَكَرَ الْإِقَامَةِ لِيُنَبِّهَ بِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ إذَا نُهِيَ عَنْ إتْيَانِهَا سَعْيًا فِي حَالِ الْإِقَامَةِ مَعَ خَوْفِهِ فَوْتَ بَعْضِهَا فَقَبْلَ الْإِقَامَةِ أَوْلَى قَالَ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِبَيَانِ الْعِلَّةِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» .
قَالَ