الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْجُمْهُورُ حَتَّى صَاحِبَاهُ فَقَالُوا بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِصَيْرُورَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ بَلْ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِصَيْرُورَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ.
[فَائِدَةٌ اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا]
1
(الرَّابِعَةُ) وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَالْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلْحَنِيفَةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا وَذَهَبَ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَحَاوَلَ الطَّحْطَاوِيُّ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْجِيلِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً قَدْ اصْفَرَّتْ.
فَرُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ «مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ تَعْجِيلًا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ كَانَ أَبْعَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ دَارًا مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَأَبُو عَبْسِ بْنِ حَبْرٍ أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ دَارُ أَبِي لُبَابَةَ بِقُبَاءَ وَدَارُ أَبِي عَبْسٍ فِي بَنِي حَارِثَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَا لَيُصَلِّيَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، ثُمَّ يَأْتِيَانِ قَوْمَهُمَا، وَمَا صَلَّوْهَا لِتَبْكِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا» .
ثُمَّ رُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ هَذَا، ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي الْأَبْيَضِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ، ثُمَّ أَرْجِعُ إلَى قَوْمِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فَأَقُولُ لَهُمْ قُومُوا فَصَلُّوا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى» .
ثُمَّ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ مَا رَوَى عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الْأَبْيَضِ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْجِيلِ بِهَا؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرُوا فَيَجِدُهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا إلَّا قَبْلَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فَهَذَا دَلِيلُ التَّعْجِيلِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَدْ اصْفَرَّتْ فَقَدْ اضْطَرَبَ حَدِيثُ أَنَسٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا رَوَى إِسْحَاقُ وَعَاصِمٌ وَأَبُو الْأَبْيَضِ عَنْهُ هَذَا كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ يَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مُرْتَفِعَةٌ قَدْ اصْفَرَّتْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ كَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ دَاسَةَ عَنْ أَبِي دَاوُد وَقَالَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ فَيَأْتِيهَا، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ انْتَهَى.
وَحَيَاتُهَا بَقَاءُ حَرِّهَا وَلَوْنِهَا، وَهَذَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ قَدْ اصْفَرَّتْ.
ثَانِيهِمَا لَوْ لَمْ تَرِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَكَانَ ارْتِفَاعُهَا لَا يُنَافِي صُفْرَتَهَا عَلَى مَا قَرَّرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ فَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ إذَا وَصَلَ إلَى قُبَاءَ الَّتِي هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَذَلِكَ دَلِيلُ التَّعْجِيلِ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّمْسُ مُصْفَرَّةً وَلَا سِيَّمَا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا الْعَوَالِي وَقْتُهَا أَنَّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ وَفِي رِوَايَةٍ سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْعَصْرِ أَوَّلَ وَقْتِهَا لَمَا وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْمَسَافَةِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ (ثَالِثُهَا) كَيْفَ يَجْعَلُ حَدِيثَ أَنَسٍ مُضْطَرِبًا مَعَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ اخْتِلَافُهَا وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ تَحْتَمِلُ مُخَالَفَةَ رِوَايَةِ الْبَاقِينَ.
وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ قَدْ اصْفَرَّتْ وَمَعَ احْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ، وَالْمُوَافَقَةِ لَا يَكُونُ اضْطِرَابًا بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ الْمُحْتَمِلَةِ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُصَرِّحَةِ وَجَعْلُهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهَا وَلَا تَضَادَّ وَكَيْفَ نَجِيءُ إلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَنَرُدُّهَا بِوُرُودِ رِوَايَةٍ أُخْرَى تَحْتَمِلُ أَنْ تُخَالِفَهَا احْتِمَالًا مَرْجُوحًا بَلْ لَوْ كَانَ احْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ رَاجِحًا لَكَانَ الْوَاجِبُ الْحَمْلَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِيُوَافِقَ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ فَكَيْفَ وَاحْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ هُوَ الْمَرْجُوحُ أَوْ الِاحْتِمَالَانِ مُسْتَوِيَانِ إنْ تَنَزَّلْنَا.
وَالْوَاقِفُ عَلَى كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَفْهَمُ مِنْهُ التَّعَصُّبَ بِبَادِئِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ مُحْتَمَلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ اصْفَرَّتْ، ثُمَّ إنَّهُ نَزَّلَ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَنْزِلَةَ الْمَجْزُومِ بِهِ، وَقَالَ فَقَدْ اضْطَرَبَ حَدِيثُ أَنَسٍ، ثُمَّ جَزَمَ بِأَنَّ مَعْنَى مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمُخَالَفَةَ فَقَطْ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ أَبِي الْأَبْيَضِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُحَلِّقَةٌ، وَقَالَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُؤَخِّرُهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ قَدْرَ مَا يَسِيرُ