الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا أَعْطَاهُ اللَّهُ عز وجل أَجْرَ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئًا» .
وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّ أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا شَكٍّ فَهُوَ مَرْدُودٌ اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَمَرْدُودٌ نَقْلًا بِمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَالرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ حُصُولِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ لَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْعَدَدِ الَّذِي تَفْضُلُ بِهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ]
(الْخَامِسَةُ) قَدْ اخْتَلَفَ الْأَحَادِيثُ فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَفْضُلُ بِهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ «بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ» وَفِي الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَقِيَّةِ الْبَابِ «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ» وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ؟ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ:
(أَحَدُهَا مَا قِيلَ) إنَّ الدَّرَجَةَ أَصْغَرُ مِنْ الْجُزْءِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَةَ وَعِشْرِينَ جُزْءًا إذَا جُزِّئَتْ دَرَجَاتٌ كَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْجَوَابُ يَرُدُّهُ مَا ذُكِرَ فِي بَقِيَّةِ الْبَابِ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ، وَكَذَا مَا ذُكِرَ مِنْ عِنْدِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» .
(وَالثَّانِي) أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِيهَا أَنَّهَا أَفْضَلُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، ثُمَّ تَفْضُلُ بِزِيَادَةِ دَرَجَتَيْنِ.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ فَيَحْصُلُ التَّضْعِيفُ لِبَعْضِهِمْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِبَعْضِهِمْ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ بِحَسَبِ مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى آدَابِ الْجَمَاعَةِ.
(وَالرَّابِعُ) أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى أَعْيَانِ الصَّلَوَاتِ فَيَفْضُلُ بَعْضُهَا بِخَمْسٍ وَبَعْضُهَا بِسَبْعٍ حَكَاهَا كُلَّهَا صَاحِبُ الْمُفْهِمِ فَذَكَرَ حَدِيثَ أُبَيٍّ فَهُوَ شَكٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَقَدْ حَفِظَ غَيْرُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسَةُ) ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» فَقَالَ وَقَدْ أَفَادَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ يَكُونُ لَهُ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ الَّذِي زِيدَ عَلَيْهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَيَكُونُ لِلْمُصَلِّي وَحْدَهُ جُزْءٌ وَاحِدٌ.
(السَّابِعَةُ) هَلْ هَذَا الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ لِلْجَمَاعَةِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ التَّضْعِيفُ حَاصِلٌ بِمُطْلَقِ الْجَمَاعَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ حَكَى صَاحِبُ الْمُفْهِمِ فِيهِ خِلَافًا قَالَ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ.
(قُلْت) وَلَكِنْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ فِي آخَرِ الْبَابِ يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ بِالْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْإِشَارَةِ إلَى الْعِلَّةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهَا «تَفْضُلُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا أَوْ بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» قَالَ «وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَعَلَّلَ مَا ذَكَرَ مِنْ الثَّوَابِ أَوَّلًا بِمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا وَفِيهِ الْخُرُوجُ إلَى الْمَسْجِدِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ «تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ» وَرُبَّمَا كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي سُوقِهِ جَمَاعَةً فَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْفَضْلَ بِالتَّضْعِيفِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّامِنَةُ) تَكَلَّفَ بَعْضُ شَارِحِي الْبُخَارِيِّ وَهُوَ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنْ عَيَّنَ الدَّرَجَاتِ السَّبْعَ وَعِشْرِينَ مِنْ أَحَادِيثَ ذَكَرَهَا هِيَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ وَالْخُطَى إلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَإِدْرَاكُ النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالتَّهْجِيرُ وَاجْتِمَاعُ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةِ النَّهَارِ فِي الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَإِجَابَةُ دَاعِيَ اللَّهِ وَالسَّكِينَةُ فِي إتْيَانِ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرُ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهَا وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَتَرْكُ الْخَوْضِ فِي الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِجَابَةُ الدُّعَاءِ بِحَضْرَةِ النِّدَاءِ وَاعْتِدَالُ الصُّفُوفِ وَالتَّرَاصُّ فِيهَا وَاسْتِمَاعُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَقَوْلُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَمُوَافَقَةُ الْمَلَائِكَةِ فِي التَّأْمِينِ وَشَهَادَةُ الْمَلَائِكَةِ لِمَنْ حَضَرَ الْجَمَاعَةَ وَتَحَرَّى مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ وَفَضْلُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ بِجَنْبِهِ وَفَضْلُ دُعَاءِ الْجَمَاعَةِ، وَالِاعْتِصَامِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ سَهْوِ الشَّيْطَانِ، قَالَ فَتَمَّتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً.
(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد «فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ» هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ صَلَّاهَا فِي الْفَلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَكَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ مَعَ الِانْفِرَادِ فَقَالَ قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْفَلَاةِ تُضَاعَفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
(قُلْت) وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ بَلْ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْجَمَاعَةَ فِي الْفَلَاةِ فَإِنَّمَا ضُعِّفَتْ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ الْجَمَاعَةُ كَمَا تَتَأَكَّدُ عَلَى الْمُقِيمِ حَتَّى ادَّعَى النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْمُسَافِرِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ أَوْ فَرْضَ عَيْنٍ لِشُغْلِهِ.